••
العودة   منتدى وندر لاند > القصص والروايات > روايات الانمي_ روايات طويلة

روايات الانمي_ روايات طويلة لجميع أنواع الروايات " الحصرية، العالمية، المنقولة والمقتبسة"


هفوات ، خطايا ، ذنوب

روايات الانمي_ روايات طويلة


موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 03-04-2020, 07:26 PM   #1
ورده المودة
في جوار ربها ، اللهم ارحمها واغفر لها وتجاوز عنها


الصورة الرمزية ورده المودة
ورده المودة غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 104
 تاريخ التسجيل :  Apr 2012
 المشاركات : 221 [ + ]
 التقييم :  277
لوني المفضل : Cadetblue
شكراً: 0
تم شكره 0 مرة في 0 مشاركة
هفوات ، خطايا ، ذنوب


























“الحسد يقتل صاحبه”





نفوس مريضة ، و نتائج عقيمة تندرج تحت خطايا البشر...

و الكل لا يدرك أنه ينحدر في منحدر لا نجاة منه إلا بتحكم جيد بمقود الخلق و الوعي و التعقل...

لكن النفس تهوى الخطيئة...

و القلب يخدع بما تهواه النفس...

ما بال عين طامعة تنظر للشهرة و المال و الطلة البهية قد اجتمعت بحياة شخص واحد...

لن تكون النتيجة سوى...خطيئة الحسد..!

تنحنح أمامي و حاجبيه الكثيفين قد ارتبطا ارتباطة تشير بغضب يحاول كتمانه دون جدوى، و ليته يزول تاركا لعقله مساحة من التأمل بما لديه...

أنفاسه المتثاقلة قادتني للضجر ...
حقا أنا متعطشة للراحة بعيدا عنه كما هو متعطش للحصول على مالدى صديقه فيكتور ...

منظره...يغيظني بالفعل ....

ارتشف قهوته التي قدمتها برشفة واحدة لا ثاني لها ثم أطلق صوته مخرجا ما أثقل همومه اللامعنى لها: أنا لا أفهم.. ما الخطأ الذي فعلته...لمَ هو يملك كل شيء و أنا في الحاشية.. لم هو الرئيس و أنا التابع.... لم هو المعروف أمام النواظر و أنا مجهول كنكرة لا أساس له...ألم نكن معا...؟!...في الدراسة ...ثم العمل ...كنا بخطى متتابعة واحدة...لم دوما هو المتقدم إذا...ما السر؟!

تأففت جالسة على مقعد مكتبي النيلي رافعة رجلي اليسرى على اليمنى بحكم أني عسراء ثم أجبته بما زاده غيضا و انزعاجا لم يكن يهمني بالحقيقة : إسمع رونالد، لا تراقب غيرك و دعه و شأنه، من راقب الناس مات هما...خذها قاعدة لك و احفرها معلومة في ذهنك علّها ترتكز و تخلصك من شؤم أفكارك هاته...

جاب تلك الغرفة الواسعة دون قرار ، بل كل مناه هو الفرار من واقع يمقته...أن رفيق أيامه أعلى منه درجة و منزلة، لا أعلم ما نفع ذلك التفكير العقيم ...

ليته توقف عن إصدار ذلك الصوت المنرفز بصك أسنانه ، بل صرخ بعد ذلك و هو يرمقني بنضرات الإشمئزاز تلك: أنت لا تفهمين شيئا... أنا أحسده، أحسده لأنه بلغ كل ما يتمناه شخص مثلي.... هو أصبح رئيسي، و أنا تابعه ..هو ذو الصيت و أنا الذي يكد خلف الستار... لم يحصل ذلك و لم يحصل العكس...

تبا، يكفيني هموماً في الآونة الأخيرة لأتكفل بهم هذا الأهوج...

وقفت تاركة مكتبي لأخرج ناوية أن أستنشق هواء عليلا من نافذة الممر الكامن يمناي لولا أنه أوقفني: أين..؟؟

رمقته بعين ساخطة و يدي قد تراصتا حولي و كأنهما تضماني عن التهور و توجيه لكمة تفسد تخطيط وجهه المتناسق: ماذا...لست موكلة بالإجابة ، دعني و شأني و لا تتحدث معي عن مشاكلك ...فلدي ما يكفي للتفكير به..
أكملت بتمتمة خفيفة ساخطة :سحقا لك و لذلك الفكتور..

استدرت نحوه موجهة جملتي الأخيرة قبل أن أخرج و أصفق ذاك الباب ذو اللمعة الخضراء خلفي لأنفس عن غضبي منه: و إن أردت أن تعرف سر جلوسه بذلك المكتب الخاص فاعرف..أنه العزيمة و التواضع... أنت، بعقلك الصغير هذا و الطمع الذي تحمله، لن تتقدم قيد أنملة ...

تبا، لا راحة البتة...

أخرجت أنفاسي بشهيق و زفير ..شهيق و زفير ، علّني أهدأ....

كنت أحاول التخلص من الكلمات التي تراود عقلي منذ الأمس...فذلك الحديث الذي حدثني والدي به ينذرني بشؤم قدري...لاغير!
" ابنتي...زواجك بلورانس سيكون سبب خلاصي مما أنا فيه من ضائقة مالية... و هو ليس بالسيء، شاب عشريني من عائلة عريقة و صحة جيدة و خلق رفيع... ماذا تطلب الفتاة أكثر..."
حركت وجهي يمنى ثم يسرى بسرعة لأنفض هذه الأفكار التي لا خلاص منها...

نظرت للأسفل بشرود ، أناس عدة...منهم الأزواج السعداء المتضللون بالأشجار الزهرية المحيطة بهذا المبنى..
~~~~~~
~~~~~~


كنتت أتمعن بإبتسامة تلك الفتاة المرحة التي تقفز و تدور بسعادة بادية على وجهها الثلجي ...
كانت تنعكس من تحركاتها سعادة لكونها بجانب قمحي الشعر الذي يمشي خلفها بخطى ثقيلة...

لحظات مضت ، و أنا...أؤمل نفسي مكانها...يبدوا أني و رونالد، متشابهان...
كلانا نود اكتساب ما ليس من حقنا..

أطلقت تنهيدة خفيفة قبل أن أعود أدراجي، فذاك هو التصرف السليم قبل مجيئ رئيسنا فكتور
......
دخلت لأراه منهمك في العمل بصمت و كأنه استسلم لواقعه ثانية .. لولا ربطة العنق المفتوحة التي أبدت رغبته في إبعاد أفكار خانقة ...

تقدمت نحوه ببطء ، أوجه له كلماتي بصوت خفيف لكنه مسموع: رونالد...
التفت إلي بعينيه السماويتان لأبحر في غموضها الذي بين أمواج عاتية تخفي الكثير تحت مدها و جزرها..

فكرت لحظة أن هذه هي حدودي ، لن أستطيع الإبحار في عالمه قريبا... و لن يجرأ هو الآخر على إخراج مكنوناته...
فنحن في حافة سنهوى بها .. و ليتها هاوية واحدة..

كنت أود الإفصاح له بما يجري حولي، لكني تراجعت...
نضرته المتفحصة لي جرتني للتراجع و القول: ما رأيك بفنجان آخر من القهوة؟..مريح للأعصاب.

لا أعرف، هل نجحت في التمويه عن نيتي الواقعية أم أنه أفلح في كشف بواطن أفكاري ...

لكنه همس لي مستوعبا شيئا آخر و بواد آخر أيضا: آسف على إزعاجك كاترين، أنا بخير الآن.
إجابة شافية أنَّ علي التوجه لمكتبي المجاور له ففعلت، و بينما أقلب بين صفحات الإنترنت على الشاشة التي تقابلني ..كنت أتصفح كلماتي التي يجب أن أفصحها له....

نحن لم تتواعد ، و لم نبدي اهتماما كبيرا ببعضنا ..إلا أن الأعين تفهم أن اتصال الفكر و اندماج الروح بتآلف كائن منذ فترة غير وجيزة...

انتهى العمل و لم أنطق بنت شفه بعد ما حصل...

هو و عناده و تكبره و حسده الذي أعماه عن روابط الصداقة بينه و بين فكتور ...
و والدي و طلبه الذي سيسلب مني سعادة لا يراها...

كالعادة تكفل هو بإيصالي بالسيارة التي استأجرها، و تبادلنا أطراف الحديث الجزئي حتى وصلنا...

ترجلت مودعة لكنه فاجأني بأنه ترجل معي!

حدقت به ببلاهة قبل أن أستوعب أن سر نظراته هو رغبته في الحديث معي..خارج نطاق العمل..

أبديت تساؤلي له بعيدا عن حدرد المجاملة: هل هناك ما أستطيع مساعدتك به؟

رأيت توتره في مقلتيه الغير ثابتتان ، كان يلملم شتات كلماته لتكن الأنسب على ما يرى حتى أسمعني جملته تلك: كاترين، أنا.. أريد أن أتحدث مع والدك..إن سمحت لي.

ارتعش جسدي...خوفا من تفكيره، و حزنا على نفسي و عليه...لم تحدث بهذا الآن..
لم يتكلّم عن ذلك؟!...
ادعيت عدم وصول الفكرة و أنا أضبط أعصابي : ما الذي ترمي له رونالد؟

أظهر إبتسامة لا أعرف ماهيتها ثم صرَّح و ليته لم يفعل: أنا..أنوي أن أضمك لحياتي ، نتشارك بسرائها، ضرائها ...لقد اتخذت هذا القرار من فترة.. أنت أنسب شخص لي .

شفتي مطبقتان..
أود أن أخرجه من دوامته ...لكن كيف...كيف أخبره بشيء للتو قال أنه قرار له فترة ما...

كيف لي أن أقطع بوابة آماله بجملتي القاسية..؟!!

وددت لو يخبرني أحد...كيف يجب علي أن أتعامل..

رفع كفيه لتطوقان عنقي ، بشيء بارد الملمس بين دفء كفيه...

لم أستطع الحراك، حتى للنظر نحو هديته هذه...

الدنيا بدأت تدور حولي، و عقلي يحاول استيعاب ما يجري...

يستوعب حروفه الأخيرة لي: لا تعرفين كم انتضرت هذا اليوم، وددت افتتاح الموضوع معك بعيد ميلادك.. عيد ميلاد سعيد كاترين.

خلخل أصابعه بين خصلاتي الطويلة متما: عرفت أنها ستناسبك ..

اكتفى بذلك بعد ثوان صامتة كادت تقتلع قلبي من مكانه، مبعدا كفه عن رأسي خاتما حوارنا ذو الطرف الواحد: فكري بالأمر مليا...لن أجبرك على شيئ و سأحاول تفهمك إن رفضت هذا القرار .
أخرجت سؤالي اللذي سيطر علي و لا أستطيع تجاهله: لم ..تحادثني بهذا الآن؟..بعد عامين للتو تعرف...

صمت أراجع صحة كلماتي الساخطة على حظنا قبل كلّ شيء و هو واجهتني و أجاب على بعد الأمتار التي بيننا و عينه الحانية زلزلت مشاعري و كلماته الصريحة زادت وجدي : ماذا.لأعترف لك، وقعت بغرامك منذ الأسبوع الأول إن لم يكن النظرة الأولى، و أجزم أن أي شاب سيرى طباعك، خلقك، بالإضافة لمحياك سيقع بشراكك...إنما أموري لم تكن مهيأة...!
حقا
لم يود تعذيبي بهذا الكلام الفارغ، هو فارغ..و لا نتيجة له..
يجب أن أوصل له المعلومة ، بشكل لا يراني المقصرة به!!!




توجهت نحو غرفتي فوراً لأغلق بابها الزيتي رامية نفسي على سريري...لا أريد رؤية أحد...لا أريد محادثة أحد...

حتى نفسي..!

لم أنا مضطربة...

لا قرار لي ...
لا يجب على والدي أن يعرف، ذلك الرجل سيتشارك مع والدي في صفقاته و سيتناول عن ديونه مقابل زواجي بإبنه...
يجب أن أفعلها...
يجب أن أتخلى عن أنانيتي...
قلبت نفسي و أغمضت جفني، بودي فقط...لو أصرخ مخرجة المكبوت في صدري...

يا إلهي...

كنت أظن أن لاشيء بيننا ، أنا و رونالد...
صديقين جيدين، متفاهمين...نتفهم ضروف بعضنا و نحاول حلّها...
نجر البسمة وسط فوضى عارمة في داخلنا...

لكن...

لم تتسارع دقات قلبي...و لم اضمحل تركيزي...
و لم جملته تعيد صياغتها مثبته صحة حديثه...

عضضت شفتي السفلى غضبا من نفسي التي غرقت في أوهامها...

أنا أعلنت ما لدي بالأمس و لن أغيره...
"مادام ذلك سيسرك لا مانع لدي أبي"

حاولت أن أنطقها علّ عقلي اللاواعي يستوعبها لكن...

برودة ذلك السلسال حوّل لهج لساني لأنين خافت...

أنين بينه خرج اسم.."رونالد"

~~~~~~~~
~~~~~~~~

جلسَت متأففة بضجر، يبدوا أنها غطت في النوم دون تبديل ملابسها حتى...!
سترتها الحارة ذات اللون الناصع بينت ذلك،فذا تصبب العرق إثر ذلك
حاولت لم شتات شعرها المبعثر و كأن خصلاتها الذهبية كانت تهرب من بعضها!
لاحظت صوت صرير وجَّه مقلتيها الزرقاوين نحو مصدره..و هو الباب. .

تلك الإمرأة الخمسينية الهزيلة و شعرها المبيض، لها الفضل عليها ما دامت تستنشق الهواء في رئتيها...

نطقت كاترين: ماذا هناك أمي؟
اقتربت الأم من إبنتها لتبان نظرتها الحنون التي اتسمت بغرابة لونها الرمادي : هذا السؤال يجب أن أوجهه لك عزيزتي.

فهمت كاترين أنها سببت القلق لوالديها ، وذلك زادها كرها لنفسها و لاستلامها لمشاعرها ...

حتى أنها أضاعت عيد مولدها الثالث و العشرون في وحدةٍ لا تزيح هواجسها، و انقلاب رأيها

قادت نفسها لتظهر كونها طبيعية عكس الحرب المتأججة بأعماقها و هي تنهض من السرير تحتظن رمز حنانها: لا تقلقي أمي... كل ما هناك أني متفاجأة مما يحصل لي في الآونة الأخيرة .
شدت الأم ذراعيها حول صغيرتها هامسة بأذنها: كاترين، إتبعي قلبك فقط ... نحن لا نريد سوى سعادتك...إن كان هناك شخص تشعرين بالسعادة قربه وتجدين قلبك أسير حبه ،أخبريني و سأتكفل الأمر .

توسعت حدقتيها... لم تفهم كلمات والدتها توا...هل حقا ، تقرأ أفكارها أم ترافق بوابة مشاعرها...

انتبهت لنفسها تكاد توشك على الإستسلام فابتعدت مبتسمة: أمي...أنا بخير، لا شيء يعوضني عن سعادتكما
و راحتكما.

~~~~~~~~
~~~~~~~~


"آخٍ كم أتوق لرؤيته يعود بسيارة أجرة اليوم.."
هذا ما قاله رونالد و إبتسامة غامضة تعلوه...إبتسامة أزعجتني..كثيراً ...
تركت الملف الزهري الذي أمامي مدققة على ما يرمي له حديثه: رونالد..ما الذي تخطط له؟..أرجوك أوقف تفكيرك السلبي هذا...

عرضت إبتسامة شفتيه و كأنه يتجاهل إنذاري : مزحة لاغير...لن أفعل شيئا له...بل لسيارته..

أخذت نفسا ًلأدقق النظر نحوه مبينة أن المزاح بعيد عن حديثي: لا أعرف سر أفكارك الغريبة هاته، منذ تنصيب فكتور للرئاسة و أنت غريب عني..لا أفهمك، و كأنك لا تطيق رؤية الخير الذي يناله...

شعرت لوهلة أني أصبت الهدف...عينه التي لمعت بحزن أكدت ذلك...

تنهدت تنهيدة عميقة قبل أن أُخرج حقا ارتئيته: رونالد، أنت جيد كما أنت عليه... لا أظن أنك تحتاج اكتساب المزيد، رجل عامل..مرموق السمعة، شاب مثقف و بصحة جيدة...و أيضا، ..

سلبتني الغبنة حروفي الأساسية... لا حق لي في إبداء رأيي به أكثر ..لا يجب أن أدخله في قائمة العذاب تلك. .
هو قال بعد ثوان يسيرة:ماذا هناك؟!..لا تبدين طبيعية، هذا واضح عليك منذ الأمس...

حسنا، ليس بالأمر الغريب أن يكتشف ذلك بعد عامين من المعرفة..
لكني اكتفيت بإجابة خفيفة: مشاكل في الآونة الأخيرة..لا تكترث.

قطبت حاجبي لأجره الكلام بعد استيعابي أنه قلب دائرة الإستجواب نحوي أنا:عوضا عن المراوغة ، أخبرني في ماذا تفكر؟...

خلخل شعره البني و هو ينهض متجها نحو مكتبي : إبتسمي و سأخبرك.

إستفزازٌ لأعصابي لا أكثر جعلني أتكتف لأظهر صرامة ظاهري الرسمي: تحدث..

وجه ناظريه نحو النافذة الواسعة التي تطل لأشعة الشمس علينا: قلت لأحدهم أن يصدم سيارة فكتور بعدما يدخل الشركة...أريد تذكيره بأيامه السالفة لاغير.
برودة لحنه، جمود عيناه التي طالما أبحرت بزرقتها الصافية ...
" هل هذا أنت رونالد..؟!"
صمته قتل لحظاتي التي تأملت بها أن يعدل عن رأيه... طفولية بدت في تصرفاته ، كنت أظنه طامعا ، متشوقا للحصول على ما حصل عليه صديقه..لكن الآن، هو يود محو ما يراه لدى فكتور...!

استقمت حاملة حقيبتي لأهرب منه، يبدوا أني كنت مخطأة...هو ليس سوى شخص غريب عني...
وجهت له جملتي التي بدت ساحقة له، خاصة و أنا أنزع ماطوقني من هديته الغالية على كلينا: آسفة، لا أظن أني أتأقلم مع أفكارك البدائية هذه ..إبحث عن غيري.

أسرعت بالخروج لأستقر بأبعد مكان عن ناظريه، و لأمضي وقتا لنفسي بخلوة تريحني...لكنه لم يدع لي فرصة ذلك...

تبعني من فوره ..

أنا أنزل المدرجات و هو ينزلها خلفي...
أمسك السور الذهبي جانبي تارة و أتركه أخرى ، حتى وصلنا الطابق الأخير...

أوقفنا من تشاجرنا بسببه بنظرات متعجبة : ما بكما أنتما الإثنان؟

زجره رونالد بغضب: لا شأن لك، إذهب لمكتبك فقط.
كنت أقاوم لهاثي و أنا ألاحظ عدم رضا الرئيس الجديد ليقل: حسنا، و أنا آمر بأن..تعودا لعملكما...
ضيق عينيه متما: فورا.

كانت فرصة رونالد ليسحبني معه بصمت من جانبي ...
لكن أوقفنا بل أوقف رونالد صوت فكتور و هو بحادث مقابله: إنتظر، يبدوا أني نسيت هاتفي في السيارة..سآتي به.

ألوان رونالد الشاحبة أفهمتني أن موعد ما هو مخطط الآن..!
و ردة فعله صرحت بصحة توقعي، فهو قد ترك معصمي مهرولا خلف صديقه...ناعتا بإسمه بإنفعال شديد: فكتور..انتظر.

انقبض قلبي و دفعني شعور مجهول للحاق بهما...

كان فكتور يدخل رأسه بتلك السيارة الذهبية المصفوفة لدى الرصيف ليجد ضالته بينما سيارة قاتمة تتطلع القرب منها..و كأن سائقها أعمى!!
شعرت و كأن أحبال رونالد الصوتية تنقطع و هو يصرخ...

لم أعي ماحصل...و كيف حصل ..و متى ..حصل...؟!

تحرك جسدي مستجيبا لدقاته التي تكاد تتوقف...
هويت ساقطة على قدمي أتحسس تلك الزوجة القانية التي تراقصت تحتي ...لتجرني للجنون...

أردت أن أرفع رأسه بين يدي لكن.. قوتي الخائرة خانتني لأظل بحسرة ذلك أيضاًً...

لم يكن بدهشة المرتمي جانبا أثر ألحظه ..فأنا، مذهولة بخطب جلل بلحظتي هذه...

لساني يلهج بكلمات لا أكاد أفهمها...و كفي مشغولة بمسح تلك الدماء التي تردعني للنظر لملامحه ..

رفعُْ قلادتي الفضية بين أصابعه أحرق لي فؤادي ...
لسانه لا يكاد ينطق و هو في حرب ليحادثني: إنها تناسبك...

تمسكت بكفه، كانت دافئة...مازالت دافئة...

قلت له بصوتي الذي يشوبه ونين خافت:أصمت وتوقف عن الحراك..ستصل الإسعاف الآن.
لكنه أبى أن لا يمسح دموعي التي انحدرت على وجنتي المصفرتين: سحقا...كنت أريد أن...أس...عدك...

أحترق..أشعر بحريق يلهب أحشائي و فؤادي معا... كنت أهيئ كلماتي للبعد منه..لكن ليس فراقه...ليس رحيله عني هكذا...

ليس مهما لمَ...
سواء كان لأني صادفت حادثا مهولا ، أم لأني اعتدت قربه، أم لأني لا أقوى على الحراك الآن ...
أنا...لا أرغب بفراقه...

مررت بكفه العريضة فوق دموعي الباقية و أنا أهمس له: أعرف...رونالد أعرف...لذا أصمت و حاول أن تبقى معي..

وضع ما تبقى له من قدرة ليجلس مستندا علي راسما على شفتيه الحمراوين بسمة يائسة موصيا لي..وصيته!...: لست شخصا يجب عليك البكاء لأجله...إبتسمي فقط

قادني انفعال قلبي لإجابته بصراحة أودت بأوجاع قلبي للظهور: أنا أود البكاء...و أنت أصمت..
هدأت ثورتي قليلا و أنا أكمل: أصمت فقط... ستنجوا..لأجلي على الأقل أيها الوغد... ألم تقل أنك تريدني ..إذا ، لا تفارقني ..أحمق...

حشرجة صوته الغليظ و الحانِ أثارت في نفسي هلعا و رعبا لايُدركان...

" حسدي هو قاتلي..لذا لم أستحقك.."

شعرت برعشته ..توسعت حدقتي و تلعثم لساني...هو لا يستحقني..!

جاهدت في التمسك به و هو يقذف دماءً من فمه...
حاولت التشبث بروحه علّ روحي ترافقه...
لن أدع لتلك الزجاجة التي اخترقت جنبه أمامي فرصة سرقته بعيداً....

لا..

لن أكون لغيره

وعدٌ إن فتح عينيه
أن أحارب قدري لأجله...


هزني فكتور من خلف كتفي
يريد مني أن أتركه

بالطبع لن أفعل...
همس بأذني ما جرني للصراخ...
صرخة تلو صرخة..
أنة تلو أنة...

مستحيل...مستحيل...لن يرحل هكذا...
لن...يموت و يتركني


~~~~~~
~~~~~~



الحسد ، هو قاتله...
لو لم يطمع بما لدى فكتور...
لو لم يسعى لرؤية انتكاسة بحياة صديقه...
و لو لم يجهد لتحطيم سيارته، لكان ..حياًّ...

غريبة حكاية الحسد ، بدأ بصاحبه فقتله ..
بشكل أو بآخر...




 
 توقيع : ورده المودة

















إخوتي
إني أغضب لأجلكم و منكم
و أحزن لأجلكم و بسببكم
و أبتهج لأفراحكم و تفائلكم

فتحملوا أخوتي هذه
هي كل ما لدي لكم



التعديل الأخير تم بواسطة جلنار | Gulnar ; 03-05-2020 الساعة 01:37 AM

قديم 03-04-2020, 07:27 PM   #2
ورده المودة
في جوار ربها ، اللهم ارحمها واغفر لها وتجاوز عنها


الصورة الرمزية ورده المودة
ورده المودة غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 104
 تاريخ التسجيل :  Apr 2012
 المشاركات : 221 [ + ]
 التقييم :  277
لوني المفضل : Cadetblue
شكراً: 0
تم شكره 0 مرة في 0 مشاركة

























السلام عليكم و رحمة الله و بركاته


كيفكم أهل عيون

عسى اموركم تمام و ما تشكون من شي...

أتيت لكم بجديد فرضته على نفسي

مشاركة بمسابقة وسام

هذه الفترة سيكون انزال البارتات اسرع من غيرها من الروايات

لأني متأخرة كثيرا عن المشاركة

لأقول الصدق هذه الرواية هي مقطتف أفكار من رواياتي و أفكاري السابقة

لان الوقت لدي بالتفكير في فكرة مميزة...

و مع ذلك ..

أرى أنها رواية جديدة بأسلوب مختلف...

أتمنى أن تستمتعوا بها


و هنا

روابط الفصول



"الحسد يقتل صاحبه"

"كذبتي..حطمتني"

"غضب في طيِّ ذكرى"

"جشع يقطع وصال القلوب"

"تشتهي الأنفس،تشتهي القلوب..تلك هي الشهوة"

"لاتستحق قلباً مادامت لاتراه"

"و ما الظلم إلا هفوة و خطيئةٌ و ذنب"






 
 توقيع : ورده المودة

















إخوتي
إني أغضب لأجلكم و منكم
و أحزن لأجلكم و بسببكم
و أبتهج لأفراحكم و تفائلكم

فتحملوا أخوتي هذه
هي كل ما لدي لكم



التعديل الأخير تم بواسطة جلنار | Gulnar ; 03-05-2020 الساعة 01:39 AM

قديم 03-04-2020, 07:28 PM   #3
ورده المودة
في جوار ربها ، اللهم ارحمها واغفر لها وتجاوز عنها


الصورة الرمزية ورده المودة
ورده المودة غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 104
 تاريخ التسجيل :  Apr 2012
 المشاركات : 221 [ + ]
 التقييم :  277
لوني المفضل : Cadetblue
شكراً: 0
تم شكره 0 مرة في 0 مشاركة


























"كذبتي.. حطمتني"

اخترق الضوء حجاب الظلمة المسدل على غشاء ناظريها لتبدوا الصورة الضبابية لها بوضوح، بياض حولها من كل شيء...
هي مستلقية على فراش عال و يسراها نافذة ما...
أسدلت جفنيها ثوان تصب بها تركيزها لتتلامس أناملها اليمنى بكف شخص ما...
كف حانية تقود كل من يجهل أن يعرف أنها لتلك المرأة الحنون قلبها ، المرهف حسها، و النبع حنانها...

لم يكن هناك داع لتنطق عادة حتى تجذب إنتباه صغيرتها التي مهما كبرت تبقى طفلة في نظرها ، لكن هناك حاجب يحجب عن عقلها الوعي لتدرك قربها رغم تلامس الكلام..!
حركت يسراها لتمسح على رأس المستلقية بشرود : بنيتي، إستيقظتِ؟

شعرت الأخرى بشيء يشدها للنظر نحوه، لترى ذات الشيب الوقور بنظرة متفحصة قلقة ...
أرادت أن تتحدث لكن أبت أن تخرج الحروف من مخارجها ...
لا تعرف لمَ ، تشعر أنها فقدت القدرة على النطق...
هناك ثقل غريب تستشعره ، و وزن كبير تحمله داخلها
هي غافلة...
أن ذلك وزن الهم الذي أثقلها بَعْد وزن ..رونالد!

جابت بمقلتيها الزرقاوين تلك الغرفة لتقع حدقتيها نحو رجل متكوِّرٍ حول نفسه ...
رجل فحمي الشعر، بزته الرسمية التي أبدت تناسقها مع خصلاته متطجعة ...لم تفهم لمَ هذا الشاب مطأطأ الرأس جالس بفوضوية في غرفتها هي...
لكن هناك شعور قادها لنطق حروف هو يفهم كيف يلتقطها: فيكتور، أين رونالد...؟!....

تمتمت بصوت خافت تشبع بالحزن دون أن تدرك السبب في مواجهته مقلتيها بعين محمرة..

هو بدورة كان حائراً..

بالكاد تمالك نفسه و أوقف دموعه التي انسابت فوق خديه السهلين ، لتخرق قلبه بسهم قطع نياطه..
بماذا يجيبها، أليس هو من أخبرها بالواقع المرير ...؟!
أليس هو من كان سبب تحول صديقه لجثة هامدة...؟

ألا تذكر حقا كيف أصبح ضحية تضحية لأجله...؟!
مازال يشعر بيد رونالد الخاطفة التي بدلت موقعهما في لمحة بصر ليكن هو بجانب باب سيارته!

صورته و زجاج ذلك الباب يتناثر مخترقا جسده لازالت تعاود ظهورها أمامها ...
فشعور الذهول يلازمه الحظة...

حقا، من أين لرونالد الهزيل قدرة جر ثقله هكذا..؟!

بعد ثوان استوعب أنَّ المحادثة الأخيرة بين هذين الإثنين كانت وداعا حاراً على قلبها...لذا هي تحت صدمة لا يتصوَّر مداها...

صوّب عينه نحو مجاورتها التي أحاطتها بصمت ، وكأن ذلك هو حديثها التام في هذه اللحظة..!

لا يفهم لمَ رونالد قد فضَّل الموت على البقاء قرب كاترين...

لقد ختم حياته بالحديث معها، جوارها...
الغبي
أوقعه في عراك مع نفسه فليته كان من رحل ...

هو بالكاد يتمالك نفسه و العقل يحتم عليه التماسك ، لأجلها...
لأجل من دوما يُهَدّدُ في صدد حمايتها، البقاء درعها...
بحكم أنه رفيق تلك الجثة الهامدة حاليا لخمسة عشر عاما متوالية ، هو علم من تصريح لسان رفيقه أنها استقرت بعرش قلبه...
تاه في ديجور عتمة أفكاره التي لم تصل لبوادر النور و الهدى ليصوب نظره نحو والدتها ثم لها بحيره. .

وقف ليعيد لها الواقع الذي تاهت عنه بعدما وصل جوار سريرها، جلس على طرفه و هي بدورها استقبلت تقربه بمحاولة جلوسها ..
و أعانتها على ذلك أمها الصامتة بينما ملامحها تحكي صراخ ألم على فلذة كبدها...

هي لم تتصوّر أن فراق صديق كرونالد سيكون قريبا و أمام ناظري هذه الفتاة بجانبها..
يبدوا أن ذهولها بما جرى من حدث فضيع كان شديدا...

ليتها تعلم فقط ، أن أنياط قلب هذه الفتاة قد تمزق و أخرج منه كافة المشاعر ...

كاترين...محتارة في سلك سبيل العقل الذي يرشدها لشؤم لا تذكره..بل لا تود أن تستذكره، هي كانت تحلم حلما فضيعا ...

حلم سيئ فقط ..

ثبات حدقتي فيكتور الحادتين أبدا الجدية التي تجاهلتها بجملتها التي توحي بفقدان ذاكرتها : قلت لك..خذني لرونالد.

يكفي...يكفي...هو لم يشأ أن يمضي لحظة مقابل حياة عزيز كرونالد، لو كان بإرادته فهو يود تنفيذ طلبها بدوره...أن يلحق صديقه لدار أخرى ليوسعه ضربا لكل دمعة ذرفها أسفا عليه و ليعيده لهذه الروح المذهولة شابحة عينيها على أمل واه..

ازدرأ ريقه الناشف و بسط كفه فوق رأسها قائلا كلماته بصوته الدقيق علّه يعينها في فهم ما يجري: لقد رحل بعيداً ...رونالد رحل عنا كاترين، أرجوك...إفهمي هذا.

دفعته لتنزل من السرير متجهة نحو ملاذها ...أملها و قلبها الذي يدلها على كذب هذا الشاب...

تبعتها والدتها لكن خطاها كانت أسرع ...
ذلك المعبر الطويل ذو الخط الزهري لم يمثل لها شيئا سوى وهم...
إنها في وهم...
أطلقت عنان صوتها ليتدارج للعلو و الصراخ: رونالد...رونالد أين أنت...رونالد هذه أنا كاترين...

عدم توازن هو مصاحبها و هي تتماسك بما حولها باحثة عنه ... فمن سيصدق أنه تركها بعدما صرّح بمكنون لا جواب له...متى قالت هي مالديها..؟!

لسانها كان يتحرك بعفوية أثارت إستغراب من حولها: ...كف عن العبث رونالد..ليست مزحة جيدة..ليست مزحة جيدة بتاتا...

لم تجد جوابا، رونالد لا يستجيب لها
..!
رونالد الذي لطالما فاجأها ...أغضبها ..أفرحها... أحزنها ..يتجاهل ندائاتها....

وصلت للمخرج الذي أطل عليها بنور الشمس..
و أظهر لها رصيفا كالذي تناسته...

شدت أصابعها على جانبي رأسها الذي يكاد ينفجر ...صور غير معقولة تظهر دون أن ترغب...
وجهت ناظريها لما ترتديه، ملابسها الأقحوانية مغطاة بزخرفة غريبة من لون قان مألوف...

إنها...
إنها...دماء تطاشرت من جسد استقرت بجانبه قبل ساعات قليلة...!

قرب جسدها الممشوق من الهوي لولا كفي من توجهت لها بضعف و أسى ..

نظرت لها كاترين متمسكة بها و بمأمنها: أمي... لقد كان معي... يتحدث حتى أغضبني... و أنا...
أحرقت قلبه...

همسة فيكتور وصلت مسامعها من الخلف بعدما لاحظ مابلغته هذه الفتاة : قال أن إبتسمي...

~~~~~~~~
~~~~~~~~


لا أصدق...أني أقف على ثراه ...
أناس قلّة تحوم حولي بألبستها القاتمة التي تكبتني أكثر و لا أحد منهم يشكل له دائرة الأسرة
أين و هو وحيد والديه المتوفيين...
أنا..هي أسرته التي رآها خفاء عن نفسي
آه...
كم من المهول فقده، كم من العصيب إخفاء زفرات و شهقات وددت لو تخرج...
أكبتها و سوف أستمر بذلك ...فأنا منذ اخترقت جسده تلك الحدود الزجاجية الحادة...
عندها فقدت إدراكي و وعيي و روحي معا. ..
منذ أن تلطخ قميصه الناصع و بنطاله القهوائي
بدأت أدرك شيئا واحدا...أنه لايريد بكائي و نحيبي...
وأنّى للميت بكاء و نحيب
ربت مرتدي السواد القاتم قربي على كتفي ، رمقت قامته التي بدت أقصر لوهلة ثم قلت ببرود يغلف آهات غير مسموعة: لا تلم نفسك فيكتور ، لم يكن لك يد بما حصل... هو اختار ذلك ...

كلمات قالها ... حفرت آثارها في أعماقي
" هل... حدثك بالأمس عن نواياه"
أطبقت عيني لأنظر نحو الممتد في فراشه الأبدي...
أنظر لمن حادثني عن مصير غير مسموح لي...
يبدوا أن هذا المستلقي أخبره عن تخطيطات حياته التي لم تبدُ لي يوما..

بالتفكير بالأمر
لا أستطيع إدراك تكفيره ذنبه بهذا الشكل...!
قد يعرف فيكتور و قد يجهل واقع ماجرى ...؟!

لكن رونالد لخص الحادثة بجملته التي لن أنساها ما حييت...
حسده
هو قاتله...

جلست أبعد الزهور التي وضعت بترتيب عشوائى على صدره ، لم يرق لي تدخل صوت قارئ الأدعية ذاك و هو ينهرني بإنفعال من لمس رونالد...من هو ليردعني ...
لكني استجبت بصمت بعدما همست في أذنٍ لا تسمع كلماتي الأخيرة: قلادتك... بالفعل تناسبني، فهي من بين كفيك طوقت جيدي.
نهضت مديرة ظهري ، و جسدي يصارع رعشة لا يجب أن تهد قواي...
نطقت بجفاف لفيكتور الذي بدأ حائرا في تهدئتي لكونه يعلم عن الثورة التي بداخلي: سأعود، هل توصلني؟

صوته الخافت بدى مخافة جلب انتباه المجاورين لنا : كاترين، هل أنت بخير؟

بخير..؟!
أنَّى للخير أن يدنو مني...؟!
أشعر و كأن الموت أرحم على هذا الصمود الذي أدعيه

لكني ، تفوهت بخطيئة لم أظن أنها ستكلِّفني الكثير : أنا بخير ..لنعد.

إبتعدت...
بين تلك القبور المصفوفة اتخذت خطى خروجي ، بينما تركت مشاعري تندثر تحت رمال قبره

و تركت لنفسي ذكرى تطوق جيدي لأجله...


~~~~~~~
~~~~~~~


أدخلني فيكتور منزلي و سلَّمني مفتاح داري قبل أن يودعني ليرحل...

شكرته ثم توجهت للمطبخ لأشرب كأسا من الماء ليبعد عني الجفاف المستوي على حلقي..

والدتي و والدي ، لم أحادثهما منذ يومين و ذلك يضايقهما فعلا...
لكن ما أفعل و الكلمات تمتنع عن الإفصاح عما سيضايقهما لا غير ...
ما الذي سيفعلانه لو تكلمت عن ألمي ..؟!
هما لن يفعلا شيئا و لن يعيدا لي من رحل...و بالتأكيد ..إن سمحت لشفتي بالنطق فسوف أسترسل و أفصح عن المكبوت لدي ...

جيد على الأقل، أنهما احترما قرار تركي أذهب لوحدي دونهما لمراسم الدفن..
و ما ساعد ذلك، أن لأبي لقاء بأب المدعوا لورانس..للتحدث عن زواجي!!

سكبت الماء في الكأس و رفعته ، لكن.. لم أستطع تقريبه نحو شفتي الذابلتان

لا شيء يعبر من مجرى حلقي منذ ما حدث و هذا ليس بإرادتي...

سمعت والدي الذي دخل دون ملاحظتي : عدتِ؟
أومأت إيجابا و أنا أواجه قامته المستوية أحدق في ملامحه المهيبة و الوقور، هو بدوره كان ينظر لكفي المتشبثة بفستاني الضيق ليكرر سؤاله عله يحثني على الكلام: متأكدة.؟.لا تبدين كذلك.

ربما استنفذت طاقتي بتلك الإبتسامة التي أظهرتها ليقتنع بكذبتي : أجل، سأصنع لنفسي قهوة...هل تريد فنجانا؟

بان الإرتياح لترتخي ملامحه و أجابني و هو يتجه لحيث يريد : فنجانان رجاء...ثم تعالي لمكتبي، فهناك شخص يود لقائك.

رحل من أمامي لأسرع بالتمسك بالخزانة السكرية يسراي... ندمت حقا لما تفوهت به، ما ضير التصريح عن علة تعبي و إرهاقي و أني أحتاج بعض الراحة و الوقت ...
التفكير بلقاء ضيف والدي يفقدني حواسي...

ما الذي سأفعله لنفسي الآن بعد كذبة بيضاء واهية؟!!!

~~~~~~~
~~~~~~~


نفذت ما طُلب منها و اتجهت للطابق العلوي حيث مكتب والدها...

وضعت الفنجانين أمام والدها و أمام الرجل الذي يقابله ، كان رأسه مليئ بالشيب كوالدها و وجهه الطويل يحوي ملامح تنم عن الصرامة...
لم تتفرس ملامحه كثيرا بل جلست على الأريكة الحمراء المسورة بحواف ذهبية تستمع لحديثهم بصمت ، كان حديثاً بدأ بإعجاب السيد أندريان بالمكتبة الممتلئة بالكتب حتى الثقافة و إيجابياتها في المجتمع...

لم تستمتع بشيء لكنها كانت مجبرة على إنتظار دورها في محادثتهما و هذا حصل بعد فترة كما هو متوقع...

أطلّ عليها بنظرة فاحصة قبل أن يبتسم لها مبديا رأيه بها : أنتِ حقا جميلة أيتها الصغيرة.

نظرته و إبتسامته الغريبة تلك كادت لتكون إشارة أنه الرجل الذي سيكون زوجها لولا تصريح والدها أنه شاب عشريني ...

أمالت رأسها قليلا لتنطق ممتنة بجفاف لم يتسنى لها إخفاءه : ذلك لطف منك أن تراني بهذا الجمال.

ازدادت حدة نظراته وهو يشير ببنانه نحوها بهزل خفيف: أخطأت ..فبعد حديثك أرى أنك فاتنة و لست جميلة فقط.

صكت على أسنانها لتمحوا فكرة رغبتها بالذهاب و الإختفاء من أمامه، من هو ليبدي رأيه بها بهذه الوقاحة...!

سألها بعض الأسئلة عن نفسها و عن حياتها ،لتجيبه بما لديها ...فكلّها كانت جزئية و سخيفة ...

لكن سؤالا ما جعله تجفل مفتكرة ...
"هل ترغبين بهذا الزواج؟"

مزحة...يمزح ...
من يرغب بذلك، هي كذبت كذبة ستقيدها طيلة العمر... لا مانع لديها ...لا مانع لديها من دخول حياة كاذبة ككذبتها الحالية...

فلا يهم... رونالد ليس موجودا لتبدي حق أفكارها...

كذبتها هذه لن تضر غيرها هي ، و لا بأس بكل شيء...

بعد رونالد ، لا سعادة تلوح لها لتنتظرها...

لذا لا بأس بالكذب...

أكثر و أكثر

على نفسها

~~~~~~
~~~~~~


" لا أمانع .."

لاحت السعادة جلية على وجهه ، حتى أن نشوتها ظهرت في لمعة بؤبؤيه الخضراوين : رائع.

وجه حديثه الأخير لأشعر بصعقة لفتني و صفعة آلمتني...

كان ينطق حروفة ببهجة تقصم ظهري : غدا ستلتقين بإبني لورانس، أنا على وشك السفر الأسبوع القادم و سيطول غيابي لذا سنتم كل شيء و آخر هذا الأسبوع سيكون الزفاف...

لحظة...ما هذا الهذيان، هل عاقبة كذبتي عذاب هذه اللحظة..؟!!

أنا ..مازلت أرتدي سواد الحزن على رونالد، فكيف لي أن أقوم بتجهيز لزفاف الأسبوع القادم مع غيره...

هل هناك طرفة مؤلمة كهذه في الحياة!!!!

رمقته بنضرة زاجرة: ألا ترى أن ذلك تسرع... لأخبرك..أنا لست بمزاج لهذا الحديث الآن، يبدوا أن والدي لم يخبرك بظروفي الحالية...

أجاب قائلا : بلى، أنا آسف لزميلك...لكن ذلك لا يمنعنا...لا صلة لنا به ، و أنت يجب أن تتعدي صدمتك بوقت وجيز، لا أن تعيشي صدمة توقف مسيرة حياتك.

كم هذا الوضع مزري؟!!!

حولت نظراتي لوالدي مسترجية المعونة لكنه أشاد بصواب ما قاله هذا السيد: إنه على حق، رونالد رحل و لا نستطيع فعل شيء، و موته لا يردع زواجك...هو ليس من العائلة.

ليس من العائلة...!!!

لكنه...لكنه...عائلتي التي طوقتني بهذه القلادة الفضية..


سحقا، كذبتي هاته كنت أعرف أنها ستسحقني و هذا هو ما أردت ، لكن لم أتصور أن يبدأ مفعولها منذ الآن ، و بهذه الفضاعة....

حبل كذبي أقصر من من أي حبل...فقد بتره حكم الحياة بلحظة




 
 توقيع : ورده المودة

















إخوتي
إني أغضب لأجلكم و منكم
و أحزن لأجلكم و بسببكم
و أبتهج لأفراحكم و تفائلكم

فتحملوا أخوتي هذه
هي كل ما لدي لكم



التعديل الأخير تم بواسطة جلنار | Gulnar ; 03-05-2020 الساعة 01:43 AM

قديم 03-04-2020, 07:28 PM   #4
ورده المودة
في جوار ربها ، اللهم ارحمها واغفر لها وتجاوز عنها


الصورة الرمزية ورده المودة
ورده المودة غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 104
 تاريخ التسجيل :  Apr 2012
 المشاركات : 221 [ + ]
 التقييم :  277
لوني المفضل : Cadetblue
شكراً: 0
تم شكره 0 مرة في 0 مشاركة



























"غضب في طي ذكرى"






لا أعرف كيف آل أمري لما أنا عليه، أرتدي فستانا أبيض أنتظر عريسا فرضته على نفسي ...!

أشعر بدوار و صداع شديدين...
لا أعلم إن كان فكتور سيحظر أم لا، فهو غاضب لأقصى حد مني ، مازلت أذكر ردة فعله حين أخبرته بما جرى...
لا أستطيع إدراك مشاعره، صديق يرى محبوبة صديقه ستتزوج في أيام حداده..

رفعت رأسي نحو والدتي التي كانت مدموجة المشاعر من فرح لزفاف إبنتها و حزن بمكانها الخالي في المنزل الذي استشعرته منذ اللحظة، أنا بدوري لا أنكر أني أفتقد حياتي الحرة منذ الآن ، دلال و غنج في كنف حنونين يقودان حياتي ... فمنذ اللحظة أنا مسؤولة عن بناء حياة لم أرغبها و إسعاد شخص للتو التقيته ...

هواجس تتوالى في عقلي ، لكنها لم تحتجز مكانتها بإستقرار بينما رونالد يكتسح ساحة حيرتي و حزني ...

جلست والدتي بجانبي على تلك الأريكة الفخمة تقبل رأسي و تحاول تعديل أطراف ثوبي المزركش بماسات ناصعة : لا أصدق أنَّ هذا اليوم وصل ، أنا حقا فخورة بك عزيزتي .

لم أجد كلمات مناسبة تحثني على إجابتها ، لذا قلت شيئا آخر من ناحيتي: أمي ، شكرا لكونك بجانبي.
ضحكتها الخفيفة زادت سكينة قلبي و بؤبؤيها الرمادية احتضنتي قبل ذراعيها : كاترين، أي أم لن تحظر زفاف إبنتها ..أي جملة هاته؟

أمي، حقا مبتهجة...لحنها يبين ذلك، ثوبها الأزرق الداكن ذو الخطوط الفضية أظهر رشاقة قوامها و تلك التسريحة التي رفعت بها شعرها زادتها بهاء فوق ما هي عليه...

دخل والدي و هو يرتدي بزته الفضية و خلفه فتاتين قد شقتا إبتسامة وددت لو تكون بشكل آخر...

لم أستطع مجاراة إبتهاج من حولي كما ينبغي من أي فتاة في يومها المميز...

رصصت أصابعي داخل بتلات الزهور الأرجوانية التي أحملها لأقوى على الترحيب بهما كما يجب: كريستينا، سيمري ...شكرا لمجيئكما.

تقدمت سيمري قبل رفيقتها لتحتظني ناطقة حروفها المباركة لي : مبروك عزيزتي، عسى أن تكون سعادة دائمة.

سعادة
...غشيت عيني صورة سعادتي لتمحوها ظلمة واقعي ...

اقتربت الأخرى و هي تصلح شعرها اللولبي الأشقر : يبدوا أنك تعانين من توتر شديد يا كاترين، حتى أنك لا تسلمين..خففي على نفسك، الوضع لا يستدعي كلَّ هذا الإرتباك.

أه، حقا...ظنون الناس لا تغنيك شيئا و لا تفيدك بشيء...دعها تظن ما تريد ، لأتخلص من كلمات ما لا أريد ...
لم أنتبه لما حدث من حديث قبل إنطلاق ضحكة جهورية في غرفة إستراحتي هذه، كانت ضحكة صديقتي التي جرتني للتساؤل: ماذا...؟

أجابت كريستينا بلهجتها العفوية و الصبيانية نوعا ما: لا شيء فتاتنا كانت تسأل عن فتاها...

"فتاها..!"

قلتها بتعجبٍ غير واعية لما سينتابني من شعور عند استدراك الحقيقة التي نطقتها كريستينا: أنسيتي أن سيمري معجبة بزميلك فيكتور؟..أظن بدأت تندب حظها لأننا سبقناها في المسير..

أكملت جملتها المرحة لتنطلق منها ضحكة عابثة مرة أخرى، بينما أنا شردت في فيكتور، هل سيأتي... صرخاته التي وجهها غضبا مازالت تتردد في ذهني... لم يجد فتاة بوقاحتي.. و كأن لي يد بكل ما يجري..؟!

أخرجني خجل سيمري الذي حوّر منحنى الحديث لواقع مزعج آخر : كاترين، كيف هو شكل زوجك الموقر هذا..؟

قطبت حاجبي دون إدراك مني، ففكرة أن يكون زوجي شيء يثير الغضب...قلت لها مستفسرة: ألم تريه..؟!

أومأت الأخرى بنفي و هي تعود للعبث لخصلاتها المصبوغة بمزيج الزيتي و الذهبي : لا، فهو لم يأتِ بعد..منذ الآن يخبرك أنه سيئ في المواعيد عزيزتي.

لم أكترث فعلا لتأخره و لا لتعليقها بل استرسلت في همي الجزئي حول ذلك الشاب : هو شخص يثير أعصابي...شعره أشقر و عيناه عسليتان، طويل نسبيا و عريض الأكتاف ...هزلي و يجد لكل لحظة مزحة سخيفة ، منظره لا يطاق...

قاطعتني كريستينا بشغف: يبدوا وسيما فتانا المحظوظ هذا .

شردت أفكر، أي صدق تفوهته بجملتها هذه: أي وسامة تقصدها و أي حظ أعثر من حظه...

مازلت أذكر ذلك اللقاء الذي جمعنا معا في الأسبوع الماضي ⬅⬅⬅



~~~~~~
~~~~~~



تشبثت بقلادة رونالد و كأنها الملاذ و منهل قواي حاليا ، لم أكن لأتخيل كيف سألقى ذلك الشخص المجهول...

حاولت كثيرا الهرب مما أنا فيه ، لكن .. الحارس المعين لمرافقتي يرمقني بنظراته الجامدة كل لحظة و أخرى من خلف نظارته الشمسية و كأنه يرتقب أي خطأ مني ...

زفرات غيضي، ثم استيائي لم تكن تخفى بين تلك الدقائق ، حتى وصل هو...
منظره، جعلني أشمئز من حضوري حقا...أي زوج سأحصل عليه ...

على الأقل، ليعتني بنفسه لهذا اللقاء ...
حسنا، ليس بتلك الأهمية لحاقي برونالد غصة سيكون أسرع هكذا فأنا لن أطيق طيلة البقاء معه...!

ملابسه رثة و كأنه قد لعب بالطين قبل حظوره ، و لحيته الغير مرتبة بادية بشكل خفيف تحت ذقنه المدبب ، شعره الأشقر مبعثر و بزاوية شفتيه اليسرى هناك عود سجائر يتلاعب به بينما عينه الساخرة نوعا ما ترمقني لتزيدني ازدراء من هذا الإجتماع...

أين الحمامات..أود غسل وجهي لأتيقن من استيقاظي و عدم توهم هذا الكابوس المقرف...

مدَّ كفه لي و أنا مازلت أرمقه بإستصغار ...
لفتني الحارس بجملته الحادة بأني أسأت إحترام سيده الصغير: آنستي ،إنه يمد يده للترحيب بك.

كفي...بالفعل مازالت متمسكة بما حول جيدي !!

كأني سأتخلى عن صاحبها بمد يدي لهذا اللورانس ، لا... هي مازالت تطوقني
أبعدت تلك الأفكار السلبية لأرحب به أنا الأخرى: أهلا بك سيد أندريان، أنا كاترين قلاوس .

أجابني بلسانه المتلاعب ذاك ليظهر لي صوته الناعم إن صح القول: شكرا لحظورك آنستي.
جلس مقابلي مشيرا للحارس الذي زادني تقيدا بالرحيل : أتركنا لوحدنا.

استجاب الرجل بصمت ، و بقينا نحن نحدق ببعضنا دون إبداء شيء مهم ...حتى تجرأ هو و قال لي

"قلادة جميلة، تناسبك"

أعاصير عادت للهيجان ، أ أوّل ما أسمعه من هذا الشخص آخر ما أسمعه من رونالد ...

أظنه لاحظ كفي المرتعشة و هي تمسك حافة الطاولة البيضاوية الشكل التي تفصل بيننا ، لكنه تجاهل ذلك بقولي كلمتي الصريحة : أعرف.

رمى بسيجارته بفوضوية و كأنه يتم مرحلة الهزل : آنسة كاترين، بصدق...لم وافقتي على الزواج بشخص لم تريه سابقا ..

أطلقت تنهيدتي الضجرة لأعبث بشعري مصرّحة له : ما تظن؟.. تحطيم ذاتي .
يبدوا أن إجابتي أثارت فضوله بشكل غريب ، فهو يحاول استدراج ما وراء غموض هذه الإجابة التي تلقاها: تحطيم ذاتك..!..كيف؟

أفسحت المجال لنظري للتجول بزوايا ذلك المطعم الفخم، ثم أشرت لها بسبابتي...
ستائر ذهبية و معها قماش فحمي من حرير ، السقف مليء بالكريسالات المحيطة بالزخارف المتماثلة الستائر ...
: أنظر، أنا لم أدخل مكانا كهذا سابقا ... لأننا لا نملك النقود لتضييعه بساعة هنا، و قد زاد الأمر سوءا أن والدي استدان من والدك بعض الملايين و لا يستطيع ردها...حاليا ، قد جعل أبيك زواجنا رد اعتبار والدي و التنازل عن ديونه المتراكمة ..

أنهيت حديثي مع ثبات سبابتي نحوه بينما كفي الأخرى بسطتها تحت ذقني : أوضحت الصورة؟

متعجرف فعلا...

كيف له أن يرفع قدميه على الطاولة لتقابل وجهي، أهذا تقليل من مقامي و استهزاءٌ بي ..!

هذا ما التقطه من جملته : أجل، أوضحتها...بتصريح غبي أنك طامعة بأموالي.

إعتدلت بجلستي و أنا أمد يسراي لأشرب رشفة من عصير الليمون البارد ليبرد غليلي المحترق أسى على وضعي : لا أطالب أكثر من راحة والدي ، أنا لا أريد قرشا أكثر... بل لا أريد سوى أن تكون الأسوء في تحطيمي.

لحظة
ما هذه الزلة الغبية ...زلة لساني هذه ، ما ستؤول له ..أنا أراه وسيلة تعذيبي لأشعر كأني آخذ جزاء فعلتي و موافقتي عليه...

قرب وجهه نحوي حتى شعرت بأنفاسه التي تلفحني: الأسوء في تحطيمك... ؟!... أنت فتاة مثيرة للإهتمام، لكن لا رغبة لي لتضييع وقتي بذلك... يكفي أنك حطمتي نفسك لحظورك ، فأنا لا قدرة لي على رفض طلب أبي بالزواج منك.. و واضح أنك أجبرت نفسك...

إبتعد مطلقا قهقهة أثارت عجبي و ذهولي ، فهو قد بدا لي جدّيا لوهلة ، جملته الأخيرة حوت من الصدق ما لم أستطع إنكاره: أول نقطة مشتركة بيننا...كلانا محطّمان .

هو فعلا يبدي رأيه بشكل غريب ، و استفزازي بشكل مفرط...

خاصة بختام جلستنا البسيطة و هو يرفع أحد حاجبيه الغير مرتبين بدورها : أليس..هذا إشتراكا مميزا..؟


~~~~~~
~~~~~~


حصلت فوضى عارمة لعدم حظور لورانس حتى اللحظة، لا أعرف ما غŒجري ، أنا الوحيدة المرتاحة البال هنا بينما نظرات التوتر التي تمر من أعين جميع من يحيط بي تظهر جلية ...

كانت لحظات فراغ لي ، فالجميع قد ذهب ليتحسس سر تأخر العريس،
استغللت فرصة خلوِّي بنفسي لأخرج هاتفي النقال من حقيبتي و أتجه لملف الألبومات ...

مررت بصور عديدة و كل واحدة منها ترسم في نفسي سعادة ممزوجة بحزن بأسلوبها الخاص...صور لي وحدي ، أمتطي حصانا...أتسوق مع أصدقائي ، مع عائلتي ...و صور لي مع زميلَيَّ رونالد و فيكتور...

لست بصدد التعبير عن حزني ، فلا داعي له ...ولا ثمرة ، فقد أبديت رأيي لوالدي عدّة مرات لكنه صرّح بعدم رغبته لسماع طلبي ، فقد تم الإتفاق على كلّ شيء و لا يمكن النكث به ...
تمعنت بتلك الملامح التي فارقتها منذ عشرة أيام لاغير ، ستقتلني هذه الغصة التي لا يجب أن أخرجها احتراما لرغبته هو...
يجب أن أقوى على الإبتسام...

كنت ألف عنقه بذراعي بهلع بينما هو يلوح بإصبعيه الكاميرا بإبتسامة شقية شقها حتى بانت أنيابه الناصعة، فهو كثير الإهتمام بمظهره على عكس من كتبه القدر لي ...

تلك المروج الخضراء قادت ذكرياتي للحظور ، عطلة عمل قادتنا نحن الثلاثة للذهاب لماليزيا ...

هذه الصورة بالذات لها ذكرى لن أنساها ، فقد كدت أقتل فيكتور مصورها بلحظة غضب ..!

الأيام تمضي لترسم لوحة ذكرى قد عشتها قبل عام...


~~~~~~
~~~~~~


سعيدة..
أدور و أدور حول نفسي حتى سقطت فوق ذلك العشب...

بالفعل هواء عليل و منظر جميل ...

لم أكن أتصور أن لدولة كماليزيا طبيعة خلّابة كالتي أتمعنها الآن...

ممتنة لرونالد أخذنا لهذا اىمكان حقا

هي، لحظة...
..عن رونالد و فيكتور. أين هما؟!

لا تقل لي...أني تهت بسبب حماستي و ركضي بعيدا عنهما...

وقفت أعبر الصخور الحجرية التي عبرتها في طريق مجيئي و قلبي مملوء بالتوتر..أنا حتى لا أفهم لغة أحد هنا...و هل هم يعرفون لغتي...؟!

من الأفضل أن أبعد هذه الأفكار السلبية و أبحث عنهما...

مرّت نصف ساعة...

و لا أثر لمرافقيّ !

الأجواء اشتدت حرارة مما جعلني أرفع شعري بكبلة خضراء اللون ، إن استمر الوضع هكذا سأنهار إثر هبوط في الضغط تسببها ضربة الشمس هاته التي تأبى إلا أن تطل على هذه الغابة بلفحاتها و ضوئها...

صوت ضحكات مألوفة أراحتني.. يبدوا أني وصلت لهما، يا إلهي..حتى أنهما لم يبحثان عني...!

من أرافق من الرجال أنا..يعتمد عليهما..

أبعدت الحواجز التي أمامي ,و بصدق.. لم يكن هناك حواجز إلا أغصان الأشجار طبعا ، فهي طويلة كآذان فيل أو أكويلا..و ذلك يزيد منظرها هيبة فوق ماهي عليه...

كان فيكتور يلقي بخشبة كسرها في بحيرة قربهما بينما رونالد مشتغل بصيد سمكة بيديه الخاليتين، و كلاهما يطلق مزحة أسخف من الأخرى..يا إلهي، وددت لو يسأل أحدهما عن المفقودة هنا!

انتبه فيكتور ناحيتي ليقل : كاترين، هذه أنتِ؟

ضربت جبيني بإنزعاج يائس منهما : لا، بل شبحي .

خرج رونالد من البحيرة منزلا بنطاله الجينز المزرق و أكمامه الرمادية: راحة بعد طيلة عناء، أشعر بالإمتنان للسيد راند .

ارتميت و أنا مؤيدة: أه، عطلته جاءت في وقتها.

دهشت فعلا لذراع رونالد التي أوقفتني دون مبرر مشيرا لفيكتور بالإقتراب أيضا. .
"ماذا هناك رونالد؟!"

هذا ما قلته مستفسرة علة تصرفه ، بينما هو أخرج من بنطاله هاتفه السوني مجيبا : صور للذكرى...

إبتسامة فيكتور المشاغبة لم تبشر بخير ،و هو يوجه هاتفه نحونا شعرت أن هناك ما هو خفي عني و أعينهما تتسامر به ...

لم أستطع كبت صرختي المرتعبة حين رفعني رونالد من على الأرض، هو خير من يعلم أني أخشى المرتفعات مهما كانت و لو شبرين!

بينما أنا متشبثة بعنقة بخوف أشتمه ، تم تصويرنا...!

أطلقت صرختي المعترضة لرونالد صاحب الإبتسامة المشاغبة: سحقا لك رونالد.

أما فيكتور فهو بات ينظر لإنجازهما و كأنه النصر الذي لا عوض له ، ثم قال و هو يوجه الصورة تجاههنا: صورة مثالية رون، علقها بغرفتك و اسهر بالتحديق بها.

أنزلني رونالد بعد سماعه وابل الشتائم من أحمق و غبي و نذل و .....
ليتجه نحو فيكتور يهدده بحديث مبطن: إياك و التفكير بواحدة بغرفتك..سأقتلع عيناك.

لم أستطع تجاهل ما فعلاه بي...كيف يجرئا على أخذ صورة كهذه...

ركضت نحو فيكتور ليهرب هو و أنا ألاحقه : تعال إلى هنا فيكتور، إمح تلك الصورة فورا.

لم يأبه بما أقول و لا بغضبي الثائر ، و كل ما يفعله هو مجاراة رفيقه بالقهقهة التي تزيدني غضبا و سخطا عليهما...

نجحت في الوصول له بعد مدة غيَّبتنا عن أنظار رونالد و ليتنا لم نغب عنه

كان يقف على حافة منحدر ينظر بتمعن نحو عجب الخلائق أمامه ، لأصرخ أنا وأقطع أوتار نغمة الهدوء لديه : فيكتور ..

نظر لي دون اكتراث مما جعل إستفزازه لأعصابي يزداد دون مبرر ، لا أعرف حقا لم غضبت بالأساس لشيء غبي كهذا...

غضب لأجل صورة لم ترقني ، و كأنهما قد أرادا رؤية فزعي و تمسكي برونالد ...ماذا إذن...لم غضبت حتى بت أحاول سلبه ما بيده...: إئتني به...

أما هو كان يرفع الهاتف لألا أصله بقامتي القصيرة نسبة له و يقول بشغب: عزيزتي...إنها صورة تذكارية جيدة...خاصة لرون...صدقيني لن ينساها مادام حيا...كم كنت لطيفة و أنت تتمسكين به ، كنت خائفة من أن يفلتك لكن...من يرى الصورة..

لم أسمح له إتمام جملته ، بل أغمضت عيني و دفعته صارخة: أصمت ، لا داعي لتهياتك السخيفة ...

فتحت ناظري لأتفاجئ بعدم تواجده..عرفت فورا غلطتي، يبدوا أنه سقط ...من المنحدر نحو الأسفل...!

جلست صارخة بإسمه أنضر للأسفل حيث هوى ساقطا...

و من حسن حظي أنه استطاع التمسك بصخرة بيمناه و أسمعني صوته المستفز حتى في هذه اللحظة: كاترين، ستزجين في السجن بتهمة قتلي .

مددت يدي علني أستطيع رفعه بقواي رغم أن احتمال ذلك لا يتعدى الأربعين بالمئة إن وصل : لن يحصل ذلك ، تمسك بي ..

رفع يسراه لأحاول إمساكها ، و لكن...
عجزت عن ذلك، رغم محاولتي و دوامها عجزت عن التمسك به بل شعرت أني سأهوي القاع و أنا أنظر الأسفل... فعلى كل ،نحن على مرتفع أخشاه. ...

كنت في ضياع أفكاري و أشتم نفسي لعدم تسلطي على أعصابي بسبب شيء سخيف كصورة..
بالتفكير بذلك، أستطيع رمي الهاتف الذي سقط بجانبي ليتحطم و أتخلص من الصورة المزعجة..

آه منك كاترين، فيم تفكرين الآن...؟!!

شعرت بجسد يحيطني من الخلف لينجح صاحبها بإمساك يد فيكتور، أبهجني ظهوره دون شك...
كان رونالد الذي جر فيكتور من كم قميصه الرملي ليرفعه ...

و بعد أن رفعه سارع بخطف الهاتف قبل أن يتحدث حتى ، ثم قال بإبتسامة و هو يريني الصورة : لن أتخلى عن صورة غالية كهذه...أرسلتها لنفسي.

ثم رمى الهاتف علي متما: تستطيعين محوها أيتها الغاضبة ...

عبر مني ليهمس تحت نظرات فيكتور الساخطة علي: لا تدعي أنها لا تعني لك الكثير ، فكذبتك لن تنطلي علي.

لا أعرف، أ أكون سعيدة لكونها غالية عليه ، أم حزينة لتسلط الغضب علي، أم أضحك لما يحوم حولي من حدث غريب..

مهما كان ، هي ذكرى باتت عزيزة علي ..خاصة الآن...

~~~~~~
~~~~~~


لا أعرف كم من الدقائق أعلنت مضيها و أنا أنظر لتلك الصورة، بهجة لا توصف بدت جلية على رونالد لكوني بقربه ...و لا يخفى أني كنت كذلك و إن لاحت علي ملامح الغضب ، و هو قد كشفني ...
ربما من دقات قلبي المتوترة و ربما من عدم إفلاتي لنفسي بعيدة عنه و ربما لسحر لديه لا أعرف سره...

أجهل إدراك ما مر عليه حتى تحوّل من شخص لا يضر حشرة أن يضر أعز أصدقائه رغبة في زوال ما لم يحصل عليه هو. .

الكل لو سمع الحق سوف يمقته، سواي أنا...
فأنا أيضا لا أجزم أني لن أنزعج من نجاح من عاش ما عشته ، من يتم و فقد و فقر ، ليكون غنيا موهوبا رائعا و أنا لاشيء رغم الجهد ذاته...

ترى رونالد، لو كنت مكانك هل كنت سأتنازل عن حياتي أيضا مقابل أن أثبت أني إنسان...
إنه إمتحان ربحته ، ربحته رغم شؤم النهاية التي تجعلني أحتفظ بأناتي لنفسي...

هذه الصورة ، تحدثني عن أشياء كثيرة منها، أنك لست سوى شخص كغيرك ارتكب ما ترتكبه الكثير من العقول ...
و منها، أني كنت غبية لأني لم أفهم مدى حبك الأعمى لي...

أوقفت غصتي بيدي التي حركتها حول عنقي...

هناك فراغ آخر أشعر به ، فراغ قلادته!

رغم أن هناك قلادة ثقيلة لمعانها يملئ عنقي و صدري معا ، إلا أني أشعر بالفراغ...
لقد اعتدتها، مرافقتي حتى بالنوم ...

نظرت نحوها و قد لففتها مرتين حول معصمي، يبدوا مكانها خاطئا...

تلبستني الحيرة من موقفي، هل يتوجب علي الجلوس و الرضوخ لما أنا به، أنا لا أستطيع فعلا..كلما مرت لحظة ، يقل صبري و يذهب تجلدي...

و الآن، أعلن لنفسي أني لا أستطيع الدخول في حياة لا يرغب بها لورانس و لا أنا... حتى لو كنت أنوي تحطيم نفسي ، ليس بكوني مع لورانس حاليا... ليس الآن و قلبي متعلق برونالد...

نهضت من فوري أرفع أذيال ثوبي متجهة نحو الباب الخلفي بغرفتي... سأخرج منها...لا يهمني شيء غير الخروج الآن...

الخلاص من فكرة تؤرقني ، كيف لي أن أختار حياة دونه... فيكتور محق، أنا حمقاء... أعلنت وفائي لرونالد منذ الأسبوع الأول من رحيله...

حاولت فتح الباب الناصع لكن دون جدوى ، فهو مقفل...

بدأت أبحث عن مخرج...النوافذ لا تسمح بالخروج لوجود الشبك عليها...

لا مفر إلا من ذلك الباب الأساسي..لكن كيف...

أطلقت برأسي أفكر... كيف لي أن أبتعد عن هذه القاعة المشومة لي ؟

اتخذت قراري في النهاية، سأخرج طبيعية و أستغل فرصة للخروج...مهما كان ،فزوجي المزعوم قد تأخر...و أنا قلقة عليه..

فتحت الباب لأخرج بين أنظار الجميع ، يسلمون علي و يباركون لي بينما أنا أتطلع لفرصة للخروج ، السيد أندريان ليس على ما يرام بتاتا ..ذلك واضح...زوجته تكاد تبكي لما يحصل من أمر جسيم...

الهمسات تعلوا شيئا فشيئا لتأخره ذلك النبيل!..كم ذلك مثير للعجب و الذلة معا...

لا أعرف كيف يفكر الناس من أجل ليلة زفاف ، هم ساعات و يغادرون فلا داعي لإثارة الجلبة...

سهوت قليلا مع تبريكات الحظور و همساتهم و استفساراتهم ، يا للصبر الذي تمتلكه النساء بهذه الليلة...

قطع تلك اللحظات صوت أسكت له الحيطان بزواياها ، لم أستوعب ما جرى ... هل توا تم صفع أحدهم؟؟؟

اخترقت الجموع في تلك الزاوية التي علت منها الهمسات خاوية المعنى لأرى شابا أشقر الشعر يعطيني ظهره و يده فوق وجنته...يبدوا، أنه لورانس..
و الذي صفعه والده و عيناه محمرتان غضبا ...!

غضبه، بالتأكيد أثر في لورانس... فهو قد أهين تماما أمام عروسه و الجمع الغفير هذا...

لقد أثارت تلك الصفعة مشاعر سخط لم أستطع إزاحتها...

مهما كان غاضبا، لا داعي لتصغير قدره أمام العامة...
شاب في الثامنة و العشرون يبقى مطأطأ الرأس أمام هذا العدد من البشر لتبقى له ذكرى مهانة لن تمحى قريبا..لا من ذاكرتهم و لا من نفسه هو...

اقتربت و أنا متيقنة أن تصرفي بهذه اللحظة سليما و نطقت حروفي الخاتمة لما مضى بصوت يدعي النعومة والقلق : لورانس ، هل أنت بخير؟




قراءة ممتعة

~~~~~
~~~~~



 
 توقيع : ورده المودة

















إخوتي
إني أغضب لأجلكم و منكم
و أحزن لأجلكم و بسببكم
و أبتهج لأفراحكم و تفائلكم

فتحملوا أخوتي هذه
هي كل ما لدي لكم



التعديل الأخير تم بواسطة جلنار | Gulnar ; 03-05-2020 الساعة 01:49 AM

قديم 03-04-2020, 07:29 PM   #5
ورده المودة
في جوار ربها ، اللهم ارحمها واغفر لها وتجاوز عنها


الصورة الرمزية ورده المودة
ورده المودة غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 104
 تاريخ التسجيل :  Apr 2012
 المشاركات : 221 [ + ]
 التقييم :  277
لوني المفضل : Cadetblue
شكراً: 0
تم شكره 0 مرة في 0 مشاركة



























"جشع يقطع وصال القلوب"




النتيجة مضمونة بعد جملتها
لقد أحسنت كاترين التفكير و التصرف، فهي عروس قلقة على عريسها كما ترى الأعين
و بالنسبة للورانس فقد وصلته الرسالة ..نطقها بحروف إسمه يعني أنها تود منه أن يقطع هذا الوضع بمجاراتها و مجاراة إدعائها قلقها...

إستدار لها بينما هي منزلة رأسها لسبب يجهله ، بانت كفتاة خجلة و قد تكون ..لكن بالنسبة له ، هو يجزم أنها تهرب من النظر لملامحه بعد أن رأته ذلك اليوم...

و هو محق
كانت تمَنِّي نفسها أن لا تواجهه أمام هذا الملئ، فهي لن تتحمل أن ترى عريسها قبيح المنظر و الذي يثير اشمئزازها، هي بالكاد تريد أن تتحامل على نفسها لتصلح الأمور و إن رأته قد تلكمه كما تفعل عند غضبها عادة ..فالأفضل أن تتهرب من ذلك...

إقترب ممسكا يدها مبينا إعتذاره الذي جعل القلوب تنحني تبجيلا لخشوع روحه لها: كاترين، أعتذر منك عزيزتي.. لم أكن أقصد إقلاقك، لقد صادفت مشاكل قبل مجيئي...أرجوا أن تتفهمي ذلك .

تمتمت له بخفوت يثبت له كم هي حاقدة عليه لإمساكها : أبعد يدك .
واه كم هي عنيفة ... و بيانها صريح في تبيان هذه الحقيقة...هذا ما طرأ ببال عريسها الواصل توا..

لكن هو تصدى التمويه و إبتعد يدعي الشكر لها و الإمتنان : ممتن لك هذا التسامح، أعدك أن أعوض ما حصل .

حقا ، انقلبت الأجواء رومنسية في الظاهر بينما في الباطن كل منهما يخاطب الآخر بعدم فعل ما يزيد الأمور سوءا...

مضى كل شيء على خير إن كان يُرى خيراً

بلغت اللحظة التي ستقطع كل خطوط النزاع العقلي و النفسي لكليهما...

ذلك السؤال الحاسم من العاقد
ماجوابه...نعم أم لا...؟

شعرت بتصلب أطرافها و حواسها معا...كل ما تسمعه هو همهمة ما لا تدرك معانيها ، بينما لم يبدوا هناك تردد في لحن لورانس الذي أبدى كلمته القاطعة
"نعم،أقبل"

وصل أوانها هي لتقلها لكنها كانت تلوذ بالصمت..!
صمت سره في عدم استيعابها أنها على أهبة دخول حياة مع الذي يقف جوارها يرتدي البزة الناصعة ...هي حتى لم تسمع الخطاب و تعرف أنه وصل لخطابها ...

جيد أن لورانس تفَهم وضعها و أمسك كفها ليوقضها من غياب وعيها هامساً بإسمها الذي يحثها على فعل ما فعل : كاترين، هيا. ..

شعرت بقشعريرة تكفلت بإطلاق لسانها بما نطق به زوجها توا...ليعلوا التصفيق و التصغير و التبشير معا...

اكتضت القاعة بتلك الأصوات التي يصعب التقاط أحدها على انفراد لتسمعها بينما انهمرت دموع الأم أخيرا بتلك اللحظة التي هيجت مشاعرها و الأب ترقرت عينيه الخضراوان بدموع نجح في إخفائها..

بينما عائلة العريس كانت على العكس حيث مازالت حمرة عين السيد أندريان محتفظة بمكانتها بتلك العين الحادة و زوجته الشابة مبتسمة و نظرة غامضة تعلوا محياها و لم يكن هناك سعادة بادية إلا على ملامح أخاه الصغير ذو الحادية عشر عاما ربما...

إبتسم لورانس للحظور و انتبهت زوجته لصديقتيها الواقفتان أمامها، لم يغب عنها سر تلميحات كريستينا و تورد وجنتي سيرمي...هي تود منها أن ترمي باقتها
حقا، هل هناك حقيقة لهذه الخرافة!
لكنها ما لبثت أن رمتها، فهي تشعر بثقل عبر كل شيء يرمز لهذا الزفاف

لم يكن يهم هذا الإعتقاد أن من ستلتقط هذه الباقة هي التالية

فهذا خير سبيل للتخلص من جزءٍ من ذلك الثقل...

لمح لورانس فتاة واقفة مستندة على جدار القاعة الزهري ، بدأ أنها بكت طيلة ساعات قبل أن تأتي...
جهل من حوله كان يرمي سهامه بكل تبريك يتلقاه لحظة رؤيتها، فتلك كستنائية الشعر فتاته ...
بل كانت فتاته ، فهو يمسك بمعصم فتاة أخرى و يبتسم لها لأنها حضرت ...زفاف من كانت ترتقب..

أما كاترين فقد تكفل فيكتور بزيادة جرعة الحزن بمجيئه، فهو لم يخرج إلا بعد أن تقدم نحو العروسة ذات الطلة البهية بحليها و مكياجها الخفيف و ثوبها الطويل الناصع ذو اللمسات البراقة..

مد كفه نحوها قائلا بلحن غاضب شد لورانس للنظر نحوة نظرة نارية : مبروك لك زفاف في حداده...
ماذا...؟
و كأنه يتحدث أنها قامت بجريمة قتل!
تدخل لورانس ليقطع ما جعل زوجته تبسط كفها أمام شفتيها المصبوغتان بالأرجواني الصارخ محييا به : مرحبا بك فيكتور..
لم الصدمات تتوالى ، كيف للورانس أن يعرف فيكتور...؟!
و لم فيكتور ضرب كفه معلنا أنه في نطاق سخطه أيضاً...

و لمَ وجه له مقولته
"أنت لا تقل دناءة منها .."



مهما كانت الضروف...

ها قد انتهت مرحلة لتنتقل كاترين بكنف شخص لا تعرف منه سوى اسمه و شكله الذي لا يروق أي فتاة ..

~~~~~~
~~~~~~


وقت التصوير...

أم وقت الإرتباك ..
أم كما أسميه أنا...وقت الإشمئزاز...

بالكاد أتنفس و هذا اللورانس يستجيب لكل ما تطلبه تلك المصورة..

يا إلهي، ألبسني الخاتم و ألبسته ، ألبسني ساعتي و كذا فعلت أنا. ...ألبسني العقد و الحلق المقارن له ، رفع تلك الشيفونة ، صنعنا قلبا بكفينا و لم يبق شيئٌ سخيف لم نفعله . .!

يا لمزاجها، و يا لتسلط لورانس..أنا طوع تحركاته التي تقودني دون إدارة من عقلي على جسدي...

تحملت كلّ ذلك على أمل أن تأتي لحظة أحظى بها براحة بعيدة عنه ، و لكن ....

حصل شيءٌ غير متوقع بتاتا...

قالت تلك المصورة الثلاثينية و هي تشير لنا...كفيكما، ابسطاها فوق بعض و كلٌّ منكما يحدق بعيني الآخر..هيا.

لهجتها الآمرة هذه جعلتني أنطق حروفي الحاقدة : سوف أقتلع لسانها هذا...فالتأتي و تصور معك.

أطلق ضحكة خفيفة تثبت لي أنه سمع ما قلت ثم رفع كفي اليمنى ليطبق ما قالته تلك الآمرة ذات الشعر الخشن و الشفتان الضخمتان: كوني مطيعة لفترة لا غير.

رفع وجهي نحوه لِ..لِ....لِ...لأصرخ مبتعدة ثلاثة أمتار على الحد الأدنى مشيرة له بسبابتي : من أنت؟!!

رفع حاجباً من حاجبيه الدقيقان: ما الذي تهذين به؟..جننتِ، من سوف أكون..!!!

لا أصدق ، حقا لا يصدق أن يكون هذا الرجل هو ذاته من لقيته...

أبديت رأيي دون مجاملة، يبدوا في الأمر إشتباها كبيرا: لحظة، لورانس يملك لحية ...أين هي، حاجبيه و شعره مبعثران...و هو..غير مستوي القامة، أين هو..أخبرني أين ذلك الأحمق...؟!

لن أنسى ذلك الإحراج ما حييت، يضحك على ماذا.. إن الذي رأيته مسبقا كان مسخا على طلّة بشر و هذا...بدون مبالغة يكاد يكون ملكا ما .. لكن هذا...

عرفته ، إنه هو بحق...عندما رفع حاجب استفزاز بانت لي ملامحه الفعلية عن طريق نظرته تلك...

لكن أنًى لي أن لا أبدي ما يجول في ذهني من أفكار: هذا ليس عدل، تزوير..تدليس...أنت مخادع.

و هكذا بدأت صفحة أخرى ذات لون مجهول حقا

~~~~~~
~~~~~~



أغلقت حزامها و نظراته تتفحص إن كانت أحكمت إغلاقه ، بدى أنه لا يعتمد عليها بأي شيء و لو كان قليلا و ذلك طبيعي و هي طيلة الوقت شاردة مشغولة البال أو تواجهه بكلمات لا يعرف من أين تأتيها...

استقرت تنظر لنافذة الطائرة حتى قبل أن تقلع، هي فعلا لا تود حتى الحديث معه حيث أنها لم تسأله عن الوجهة التي تجعلها !

هو لا ينكر أن هذا أفضل له...ليرتب أفكاره على الأقل ، فهو منذ قرر والده هذا الزواج لم يقر له جفن...

والده
شخص يكرهه و إن كان كرهه غير مسوَّغٍ له ، و هذا ما حصده هو بما زرع في قلب إبنه، دوما يطمع و يطمع بتجميع ما يريد ...
حتى باتت أمه ضحية ذهابه للعب قمار يربح منه...

و الآن أصبح هو ضحية لطمع والده بسمعة السيد قلاوس أب زوجته كاترين..


قد لا تعلم هي كم كانت صدمته شديدة عندما لقيها، لم يتخيّل يوما أن مزحة من لقيه مرة واحدة قبل أشهر أن تتحقق الآن، كيف سُلمت له هذه الزهرة الذابلة بعد رونالد..!
تنهد مستندا على ظهر المقعد الجلدي يبحث عن ماضيه الذي ترك بصمة على حاضره، ، من تلك الفتاة التي حضرت زواجه ليرى تهديدا حارقا بعينيها الكهرمانيتين ، و سلام فيكتور الذي أطلق إهانة لمجاورته بتلك الجملة الساخطة: مبروك لك زواج في حداده..!
لا يعرف أين رمى قوسه السهم ، لقد نشب في قلبه هو الآخر...من قد يتصوّر أنه سيكون أداة عذاب هذه الفتاة ...

أخرجته من شروده ببيان استياءها : ألا تستطيع الإبتعاد قليلا؟

فكرة عابرة جرته لإبتسامة ..على ما يرى ،لقد ملت زوجته الشابة و ترغب بالتسلية بالشجار معه...

و هو قد استغلّها لصالحه: ماذا بعد؟ .....
مللت من جملتك هذه منذ لقيتك و أنت تكررين ابتعد،ابتعد..أليس لديك حديث آخر؟

أجابته و هي تخرج قارورة ماء صغيرة لتشرب منها: لا مزاج لي بالتحدث معك.

أبدى سخرية منها و هو يرفع قارورتها ليشرب منها: على ما أظن، أنت شاردة بالتفكير بحبيبك الذي هجرته بسبي...أليس كذلك؟


~~~~~
~~~~~



تصنمت لحظة و كأني قد قرأت فكرة من أفكارها ، لكن ..إن كان صحيحا فبمن تفكر... ؟!
لا أظنه رفيق فيكتور ذاك فهو متوفٍ و عندما لقيته لم يكن قد صرّح لها بما لديه..

" هو من هجرني.."

لحظة، هل تقصد رونالد فعلا..!
هل سبب شرودها من توفي قبل أيام..؟!

أدعوا حقا أن لايكون كذلك، أن لا أكون سبب جحيم كونَّه والدينا ...

أبديت لها أن جملتها لم تهمني رغم أنها أثارت بنفسي الفضول و القلق و الإرتباك ، وقلت : حسنا، أنا أيضا قد فقدت الفتاة التي أحببت و ها أنا هنا معك ، فتاة تود لو تجد فرصة لرميي من النافذة الي بجانبها...

توسعت حدقتيها كياقوتة زرقاء بدت في مدها لتبدي نوعا من الأسى لأجلي: أنت خسرتها بسببي؟!

تلبكت للحظة ، ربما لمواجهتها عيني لأول مرة ..لا أعرف..و ربما لطيبة قلب ظهرت في مقلتيها قبل حروفها...

تداركت نفسي أحاول أن أخفف عنها ما لا سبب لها به فصرحت: لا تلومي نفسك كاترين...كلانا ضحية جشع والدي .


~~~~~
~~~~~



"جشع والده.."
أي جشع يقصد...المصلحة هنا لوالدي لاغير...!

نطقت ما لم أفهمه له : لا أفهم، عن أي جشع تتحدث ؟...كل ما هناك أن والدك سيتنازل عن ديون أبي.
قطب حاجبيه بجدية ، و بات يحادثني و عيناه مصوبة للأمام و كأنه يهرب خجلا من ناظري : والدي..يتنازل عن أمواله للاشيء ؟!..ذلك لم يحصل قط... كل ما هنالك أنه يود استغلال شهرة والدك حسن الصيت و السمعة للدخول بصفقات أخرى معه...ما سيربحه نتيجة هذا القران أضعاف ما سلمه لأبيك .

لا أصدق ، هل اتخذنا والد هذا الفتى سلعته التجارية ؟!..كيف سمح له لورانس بذلك..تلاعب بحياته، مستقبله لأجل منافعه الشخصية من طمع و رغبة في أموال أكثر...

بانت الحدة في لحني و لم أرَ استغرابا من قِبلِه: أتقصد، أننا سلعته التجارية؟..كيف له أن يفعل هذا بك..

أجاب و كأنه آلة يكرر ما يشاء مرة تبعا لمراتٍ سابقة : هذا هو ما عرفت عليه والدي ، حتى أن أمي توفيت جراء مرضها في المنزل أمام ناظري و هو ذاهب يلعب القمار ليربح...

بدى حزينا بالفعل، عينيه تتلألآن دموعا لا أستطيع إدراكها و لسانه يرتجف و هو يخبرني بتلك الذكرى المثقلة على صدره بإسترسال : للآن أذكر، كيف كانت السماء تمطر بغزارة... ماذا بحق الله طفل في الثامنة قد يفعل ، والدتي لا تكاد تتنفس، والدي أغلق الهاتف دون أن أتم حديثي معه... خرجت بنفسي علًني أرى شخصا يعينني ، الخدم بأمر من والدتي غائبون ..لا أحد غيري أنا... كنت تائها لا أعرف صوابا أم خطأ..المهم هو أن أنقذ أمي المرتمية على أرض الغرفة... بالفعل، بعد مدة رأيت شخصا توجه معي للمنزل ...

صمت بغصة استشعرت وجودها في حلقه، غصة خرجت بصمت ...على الأقل خرجت لأفهم ماجرى من خلال صمته...كان يريد إنقاذها لكنه واجه جثة هامدة...

نظرت له و أنا أفكر بسهولة بكاءه و ذرف دموعه، حقا أنا في عذاب لا ينكر...أود البكاء بصوت عال و النحيب مكررة مدى ألمي ...

مددت كفي لأواسي لورانس الذي صمت و تحدثت دموعه، لم يبد بخير بتاتا ...
لكني ارتدعت، أنا عاجزة عن فهمه، إدراك عمق آلامه... أنا حتى لا أستطيع مواساة نفسي..

ربما هذه غلطة فادحة، أعلم كم هي قسوة أن لا تواسي المرأة زوجها ..لكن هذا الإعتبار أقسى على قلبي...

كلُّ ما فعلته أني نطقت بجملة واحدة : أنا آسفة لورانس.

فاجأني هو برد لم يكن يتوجب عليه نطقه، لكنه بدى يقوله بين نوم و يقظة : لورانس...بدى إسما رائعا بين شفتيك.

قالها و غط في نوم عميق ، أتصور أني سأخبره غدا بعدم تعذيبي بسوط لسانه .....


~~~~~~
~~~~~~



قراءة ممتعة





 
 توقيع : ورده المودة

















إخوتي
إني أغضب لأجلكم و منكم
و أحزن لأجلكم و بسببكم
و أبتهج لأفراحكم و تفائلكم

فتحملوا أخوتي هذه
هي كل ما لدي لكم



التعديل الأخير تم بواسطة جلنار | Gulnar ; 03-05-2020 الساعة 01:55 AM

موضوع مغلق


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
هفوات أنانية *مكتملة* JAN روايات عامية 41 06-27-2020 07:09 PM


الساعة الآن 07:49 PM