••
العودة   منتدى وندر لاند > القصص والروايات > روايات مكتملة.


لا يجب قول لا لفّخامته

روايات مكتملة.


إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 03-10-2020, 12:55 AM   #51
JAN
مِرأة وٓاحدة … إنعِكاسات شٓتى !

الصورة الرمزية JAN
JAN غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 115
 تاريخ التسجيل :  Mar 2020
 العمر : 23
 المشاركات : 9,849 [ + ]
 التقييم :  23316
لوني المفضل : Black
شكراً: 0
تم شكره 6 مرة في 6 مشاركة

مشاهدة أوسمتي





الشـّابتـّر الـ 26 -

ابتسامة موناليزا

تلكّ الكلماّت التي نتوقّ إلى سماّعها لمّ يّقدر اللسّان أبدّا علىّ نطّقهاّ هذّا ما كّانت ماريّ تّفكر به و عينيهاّ الواسّعتين
تّراقّبان حبّات الثّلج المتسّاقطة بكثّرة على شّرفتهاّ، أمسكتّ بمعطّفها الأحمرّ لترتديه بكلّ هدوء ثمّ ألقت نـظرّة على سوزيّ
التي تحضرّ حقّائبها مستعدةّ لرحيّل بينماّ فرانسوا يّقف بجاّنبها يتحدثّ بّنبرة خاّفتة معهاّ ، فّتنهدتّ بأسى و قد صّارت تشتاقّ
بشدةّ لإجراءّ حديّث مع أحدّهم دونّ أن ينتهيّ بّحربّ كلامية كماّ يحدثّ كلماّ حاولتّ الكلام معّ نايت ، لماذاّ دوماّ ماّ يفهم كلّماتها
بكلّ سوء نية ؟ كأنهاّ تّتعمد إثّارة أعصّابه ؟ بالرّغم من أنهاّ تحاول بّشدة أنّ تفوز بّقلبه ،
أدارتّ عجلات كرّسيها بكلّ خفة كيّ لا تلفت انتباه فرانسوا الذيّ صّار كّظلها ماّ إن التفتت تجّده خلفهاّ فأخذتّ تّسير بّكل بطءّ
عندّما اقتربت منّ البّاب و فتحتّه بخفّة محاّولة عدّم إصدارّ الضجّة ، أغلقته خّلفها لتتنهدّ بكل راحّة ، ثمّ ابتسمتّ بّرحابة صّدر
قّالت بحماسّ
ـ و الآن هاهي أجراسّ الحرّية ترنّ ،
أسرعتّ بإدّارة العجلاّت مغّادرة الـردّهة بينماّ و فيّ تلكّ الغـّرفة كانتّ سوزي تضحكّ بكلّ قوة علّى محاولة ماّري فّإقترب فرانسواّ
من السّرير ليجلسّ عليه بكلّ ضجرّ و عينيهّ تّراقّبان شّاشة هاّتفه حيثّ كلّ كاميراّت القصرّ موصولة به يتتبعّ حركاتّ ماريّ ،
فعلتّ تقطيبه حاّجبي سوزيّ قّائلة
ـ ماّ هذاّ ؟ دّعها تتجّول بّراحةّ ثمّ ألا تّظن نفسكّ تبالغّ بّمراقبتكّ لهاّ ؟ إنكّ تخنقهاّ و أناّ لا أظنّ أن مّكروها سيصيّبها فيّ القـصرّ ،
أومأّ فرانسوا بكلّ ضجرّ موافقاّ إياهاّ فقطّ لكيّ تصمتّ و لاّ تحدثّه أكثرّ لكنّ من يّستطيع أنّ يسكتّ النساءّ ؟ فهاهي تجلسّ بجّانبه
تنـظرّ بكلّ فّضول إلىّ تلكّ الشّاشات العديدّة عندّما جذبّ إنتباههاّ إليزابيثّ و هي فيّ غـرفة المعيشة الرئيسية تتحدثّ عبرّ الهاتفّ
بمّلامحّ عصبية قّلقة نوعاّ ماّ ، فّقالت بكره مشّمئزة من جلبّ سيرة إليزابيثّ على شفتيهاّ
ـ أعتقدّ أن تلكّ الحربّاء هيّ السببّ الرئيسيّ فيّ إندّلاع الحريقّ و إلاّ فكيفّ تفسرّ إصّابات الكلّ عداها هيّ ؟ أعنيّ السيد كايلّ قدّ
أحرقت كلّ أصّابعه و السيد نايتّ جرّح من ذّراعه و صدّره أيضّا الآنسة ماريّ فقدتّ قّدرتها على السيرّ ، أماّ هي فّأصيبّت بالإغماءّ فقط
ركزّ فرانسوا أنـظاّره على إليزابيثّ و حركّاتها فقدّ كانتّ مليئة بالتـّوتر و العّصبية كّأنها تعاني من مّشكلة ماّ لذّلك بدّا لهّ كلام
سوزي مقّنعا جداّ لأنه حتىّ هو يجدّ إليزابيثّ إمرأةّ متّقلبة كالحرّباء تماماّ بالّرغم من أنهّ لا يكّرههاّ لأنه لاّ يفضلّ خلطّ المشّاعر بالعملّ
لكنه لا يقدّر على تجاّهل هذّا الحقدّ الغريبّ إتجاهها فأجاّبها
ـ لاّ أظن ذلّك سوزيّ فهيّ كانتّ فيّ حلبة الرقصّ بّرفقة السيدّ نايت لذلّك الأمرّ غيرّ مرجّح غيرّ أنهاّ تبدّوا كّنوع ماّ من النسّاء
بالنسبة ليّ لاّ أريدّ ذّكره
هـزّت كتّفيهاّ بعدم مبّالاةّ ، يّقصد سّافلة لكنه يتكلم بّلهجةّ محترمةّ ثمّ عـّادت لّتقومّ بّترتيبّ ملابس ماريّ باهتمام شديدّ ، حينّ أغلقّ
فرانسواّ هاتفه و تحدثّ بنبرة مهتمة
ـ ألمّ تخبريني أنّ السيدّ ويليام أمرّك بّالتحريّ عن عاّئلة غلوري؟ ماّ الذيّ وجدتّه ؟
وضّعت يدّها فيّ جيبّ مريلتها البيضّاء و أخرجتّ هي الأخرى هاتفهاّ من التقّنية المتطّورة الحديّثة ، لحّظات حتىّ قدّمت لهّ صّورا
عـديدّة لكّل من كليرّ و آرثر يبدوا كلاهماّ عاّديين جداّ ، ثمّ تحدثّت بكلّ هدوء
ـ لقدّ قمتّ باستقصاء الوضعّ جيداّ و لاّ أرى أنهماّ يشكلّان تهديدا على الآنسة ماري بعد الآن ، إذ أن آرثر قد عـاد إلى رشده
و لقد قدمتّ تقريري إلى السيدّ ويليام لكن يبدوا أنّ الشكّ لم يّغادّره بعدّ
وضعّ فرانسوا يدّه على خدّه بضجرّ مفّكرا بكلّ تأكيدّ لن يّغادره الشكّ بعد تّحريات بسّيطة فّآرثر حاول عدّة مّرات تهديد ماّري عبرّ
وثائقّ رسميةّ تّخص عّقودها بنايتّ لكنّ الأمرّ الذيّ يثيرّ حيرته كيفّ لوثائق بمثّل هذه السرية أنّ تصّل إلى ديميتري ؟ ألا يعني
أنّ آرثرّ قدّمها له ؟ لكن هذاّ غيرّ مرجح علىّ الإطلاّق و لاّ يبدواّ منطقّيا له ، إنّ آرثرّ يعتبرّ صديقّ عاّئلة روبرت و حتىّ لو أنه
حاّول تّهديد ماري إلاّ أنه سّرعان ماّ تراجّع فيّ قّراره حالماّ رأى إصّابتها الشديدّة ، تنهدّ و وقفّ قّائلاّ ببرود
ـ سّأقوّم بجّولة تفقدّية ،
فيّ الجـّهة الأخرى كّانت ماريّ قدّ وصلتّ أخيراّ إلىّ وجهتهاّ ، الحـديّقة الأمامّية و الثلجّ يحيطّ بها من كلّ جّهة معيقاّ إياهاّ فّمدتّ
يدّيها بّكل حماسّ و رمتّ نفسها عليه حيثّ كان سمكّه عميقاّ ثمّ نـظرتّ إلى السماّء غيرّ مبّالية بّهبوب الـرياحّ و لا البّرودة ،
رفـعتّ قّبعتها الحـّمراء للأعلىّ لتقهقه بكلّ مرح بّعد لحظاتّ سكنتّ حركتهاّ جميعاّ و أغّلقت عينيهاّ العسليتين بّهدوء واضعةّ يدّها
علىّ قلبها تستمعّ إلىّ دقاّته ، كانّ ينبضّ و ينبضّ دون توقفّ فهمستّ محدثّة نفسهاّ
ـ لوّ أنكّ تّحاول فقطّ لوجدتّ أنّ العـّالم بأكمله يّحتاج إلىّ دقّات قّلبه للعيشّ فلماذاّ نثقله بّالهموم ؟
فجأةّ إنتقلّ إلى مسّامعها صّوت سيّارة لتزمّ شّفتيها بكلّ إنزعاجّ فلمّ تمضيّ إلاّ القّليل ليكتشفهاّ أحدّ سكان القصّر ، أدارتّ أنّ تجلسّ
لوحدّها لكن يبدواّ أن هـذاّ أمرّ مستحيلّ ، خـطّواتّ كسّولة بطّيئة بّعد أن ركّن سيّارته بكّل خفّة ثمّ خرجّ مرتديّا معطّفه الأسودّ و
وشاحّه الرماّدي كانّ يسيرّ بخطّوات بطيئة و ذّلك لّعرقلة الثّلج لحركتهّ ، عندّما أصدرّت ماريّ آهة متألمة و هي تمسكّ بّيدّها ثمّ
نـظرتّ إلى نايت ذّو الملامحّ البّاردة قـّال بكلّ حدة
ـ ما الذيّ تفعلينه هناّ ؟
فكـّرت لوهلةّ كمّ أنّ هذاّ الجـّو البّارد و عّينيه الفّارغتين مّتشابهين لّدرجة كبيرّة جداّ لماّ قاّم نايتّ بّضربهاّ مجدداّ علىّ وجههاّ
بّواسطّة كرة ثّلجية و الغضبّ باديّ عليه ، فّضحكتّ بتوتر محدثّة إيّاه
ـ مرحبّـا بّعودتك عـزيزي ، كيفّ كان يومكّ ؟
عبّس بمللّ و وضعّ يدّيه حولّ خصّرها ليّقوم بّرفعها فّأحاطتّ رّقبته بذّراعيها بّإبتسامة حماّسية سّعيدة ، إذّ أنّ طرّيقة حمله
لهاّ تّشبه طّريقة حملّ الأميرّات و قدّ كانتّ أفكارهاّ واضحـّة علىّ ملامحّ وجههاّ فّقطبّ نايت حاّجبيه متنهداّ بأسىّ ، قـّال بّإرهاق
ـ أكادّ أصّاب بنوبة قّلبية منكّ ،
رفـعّ كرّسيها عندّ وصّوله إلىّ البّوابة وضّعها على الكرسيّ بينماّ ماريّ مبتسمةّ غيرّ آبهة بّنظراته الحادةّ النـّارية التيّ تحتلّ
تعبيره الغاّضب ، دفّعها بّقوة فّتمسكتّ بّيدّ الكرسيّ كاّتمة ضحكاّتها حينماّ فتحّ الخدم البّوابة لّيدخل كلاهماّ ، سّارع نايتّ في خـطّواته
كيّ يّتجه إلىّ مكـّتبه لّيحضرّ ملفّات ماّ تاّركا ماّري خلّفه لحـظةّ ماّ لمح إليـزابيث و قد كاّنت تقفّ فيّ أعلى الّسلالم مرتدّية سرواّل
جينز قّصيرّ يصل إلىّ ما فوقّ ركبتيها بّقليلّ معّ قميصّ قطنيّ أصفّـر اللون مّائل تنـظرّ إليهّ بّعينينّ حـّزينتين ، فّزفر بكلّ كره
و نـظرّ إلىّ ماريّ قـّائلا بّبرود
ـ اذهبي إلى المصّعد
و صّعد الّسلالم مدّركا أنّ المشّاكل آتية لاّ محالة لذّلك حـّاول تفاديّ المرور بجـّانب إليزابيثّ متجـّاهلا وجودّها أو منـّاديتها المسّتمرة
لهّ بينماّ كانتّ ماريّ فيّ الأسفلّ تّراقبّ الموقفّ و نيّران الغّيرة تّأكلّ قلبهاّ الّصغيرّ ، فّأمسكتّ إليزابيثّ بذّراع نايت مقّتربةّ منه كفّاية
لكيّ لاّ يفصلّ بينهماّ شيئاّ ثمّ همست له بّنغّمة صوتهاّ الـّرقيقّ ذّو تّعبيرّ حّزين و شديدّ الأسىّ
ـ نّايت لماّ تتجّاهلنيّ ؟ هلّ هـذاّ بسببّ اعترافي ؟ إنّ كان حبيّ يّزعجكّ فسوفّ أغـّادر القصرّ على الفّور
ابتـسمّ بّسخرية لاذّعة و لف ناّحيتها لّيرمقهاّ بنـظرّات باّردة إذّ أنّ محاولاتهاّ لإغرائه قدّ باءت بالفّشل الذريع فّسحبّ ذّراعه
و دفّعها بّهدوء إلىّ الخلفّ لكنهاّ كانتّ مصممّة علىّ الكلامّ معه لذّلك عـّادت لتّقف أمامهّ مانعة إيّاه منّ إكّمال سيّره حينهاّ تحدثّ
نايت بنّبرة تـّهكمية استهزائية
ـ حّقا ؟ أكان هذاّ بّعد أنّ علمتّ أن نسبةّ التصّويت لأكونّ وريثّا لشّركة تفوق كايّل بّأربعين بالمّائة أمّ قّبل ؟ لأننيّ يّا إليزابيثّ
أجدّ نوع الحبّ الذّي تكنينه فيّ قلبكّ يتعلقّ فقطّ بّالشخصّ الذيّ يّصعد على عرشّ لبيّر
تنهدّت و اقتربتّ منهّ أكثرّ لتّلامسّ أناملهاّ خّصلات شعرهّ الحريريّ الأسودّ بكلّ تّلاعبّ، قّبلته بّرقّة على خـدّه بينماّ لمّ يظهر
عليهّ أيّ تعبيرّ ، لفّت بذّراعيها حولّه ثمّ ابتسمت لتهمسّ بنبرتهاّ المثّيرة الّرقيقة
ـ أناّ أريدّك أنتّ، أنتّ فقطّ و لاّ أحدّ غّيرك
نـظرّ إليهاّ لوهلة دّون أنّ يظهر أيّ ردّة فعلّ ، كـّانت إليزابيثّ شديدّة الجمالّ بّخصّلات شعرهاّ الأسودّ الطّويل و قـّامتها الممشوقّة
أماّ جسدّها فّكان منحوتاّ بكلّ إتقانّ إذّ أنهاّ عـّارضة أزياءّ ، راّقبت ملامحّ وجّهه البّاردة فشّعرت بالأسىّ لأنه لاّ يبدواّ مبالياّ بهاّ
حتىّ بّعد كّلماتهاّ الغـّرامية هذّه و التيّ لوّ أنهاّ ألقتها علىّ شّباب لّوقع جميعّهم رأسّا على عقب فيّ حبهاّ ، لكنّ لماذاّ يبدوا لا
مباليّا هكذاّ ؟ حينّ رفّع يدّه و نـّزع أناملها التيّ تعبثّ بّشعره بّكل حـّرية و عـّنفوان ثمّ رمّقها بّنظرّة مشّمئزة منّ أعلى رأسهاّ إلىّ
أخمصّ قدّميها لّيبتسمّ بعدّها بكلّ مكرّ و خـّبث إقتربّ منهاّ فّهمس فيّ أذنهاّ بنبرةّ مبحـّوحة ذاّت نـّغمة حاقدّة
ـ آسفّ فالسافلاتّ لسن نوعّي المفضلّ،
سقطتّ ذّراعيهاّ بجّانبها و علتّ الصدّمة مّلامحهاّ غيرّ مصدّقة لماّ تفوه نايتّ به الآن ، أحقّا وصّفها بالّسافلة ؟ ذلّك الـشابّ
الذيّ كان واقّعا بّغرامهاّ قدّ فتحّ قلبهاّ له يبتسمّ لها فقطّ ، ذلّك الشابّ تغيرّ ليصبّح قاسيّ حاقدّا لاّ يسعى لشّيء سوى الانتقام ،
فّاستدارتّ و ركضّت للأسفلّ عندّما كّادت أن تّعبرّ منّ أمامّ ماريّ وضّعت الأخيرّة يدّها كّحاجزّ يّمنعها من المرورّ ، حدقت بهاّ
إليزابيثّ بّدهشة لّتتحدثّ ماريّ من بينّ أسّنانها و الغضبّ بّادي على ملامحّ وجههاّ
ـ حـاّوليّ مجدداّ تّقبيلّ زوجيّ و أقسّم لكّ أنّ آخر ماّ تّرينه قبّل أنّ تفقديّ وعيك هوّ قدميّ المحشوّ بّفمكّ هـذاّ ،
ثمّ هـزتّ ماريّ رأسهاّ بكلّ قهر لتتـجهّ إلىّ المصـعدّ فيّ حين التزمتّ إليزابيثّ مكانهاّ بّعدم إدّراك ، هلّ حاولتّ الآن فتاة مّقعدة
أنّ تهددّها ؟ لاّ بلّ و حتىّ أنه تمّ رفّضها من قبّل نايت ؟ لمّ تعدّ ركبتيها تستطيّع حملهاّ بعدّ الآن فّسقطتّ أرضّا ، حبّـها رفّضه ؟
هيّ ؟ لاّ يعقلّ
بّعد خـّروجهاّ من الـمصّعد أحكمتّ القبضّ علىّ أناملهاّ و أطرّقت رأسهاّ للأسفلّ بّقلة حّيلة بّعد مغّادرتها لندن ستتسنى الفـّرصة
لإليـزابيثّ كيّ تحـّوم حولّ نايتّ و تثبّت له أنّ حبّها لهّ حقيقيّ حينهاّ ربماّ سينسىّ نايتّ فكرّة أنّ ماريّ فيّ يومّ ماّ كانتّ زوجـّته ،
سينساّها للأبدّ و لنّ يتذّكر وجودهاّ كأنهاّ لم تكنّ هناّ قطّ هذاّ يعذّبها أكثّر هيّ تحبه و تّريده لهاّ لوحدّها ، أصدرتّ آهة متألمة
عندّما تذّكرت اقتراب نايت من إليزابيثّ و إبتسامته السـّاحرة نحوهاّ بينماّ هو يّهمس بأذنهاّ ، ما الذيّ قـاله لهاّ ؟
لقدّ تأملت و لوهلةّ لو أنهّ دفّعها جاّنباّ و أشـّار عليها قّائلاّ أنهاّ زوجته هيّ من يحبّ ، استـداّرت لتعودّ أدراجّها عندّما لمحتّ
كايلّ يقفّ مستنداّ على الجـّدار ملامحّه السّاخرة الداّئمة اختفتّ كأنهاّ لمّ توجدّ قط بينماّ هناكّ هالاتّ سوداءّ تحتّ عينيه الخضّراوتين ،
بشّرته شّاحبة و بالكاّد يستطيعّ الوقوفّ علىّ قدّميه فأدرّكت حينهاّ ماريّ أنهاّ ليستّ الوحيدةّ التيّ تعانيّ من هذاّ الحبّ الغيرّ متبادلّ
و أرادتّ أنّ تخفف ألامّ كايلّ لكنهاّ لم تجدّ الكلّمات المناسّبة فّكيفّ لهاّ أنّ تهدئه و زوجتّه التيّ يعشقهاّ بكلّ جنون تّخونه أمامّ نـّظريه
غيرّ آبهة بّمشاعره أو حتىّ بمكانتهاّ ، تحدثّ فجأةّ بكلّ هدوء
ـ ماريّ أخبرينيّ ما الذيّ يتوجبّ عليّ فعله و أناّ أراهاّ تّغازل إبن عمتيّ ؟ أخبرينيّ فأنتّ الوحيدّة التيّ أثقّ بهاّ الآن ،
نـظرتّ إليه بّدهشة، أقّال أنهاّ الوحيدة التيّ يثق بهاّ ؟ إنهاّ المرة الأولى التيّ يضعّ أحدّ ما ثقّته بهاّ و أنّ يكون عـّاجزة عنّ
مسّاعدةّ شيءّ يّثقل كاّهلها أكثّر و أكثّر لوهلةّ من الزمنّ التزمتّ الصمتّ ثمّ تحدثّت بّأسى
ـ أودّ لوّ كاّن بإمكانيّ إخباركّ لكنّ أناّ مثلكّ تماماّ أحاّول إيجادّ الحلّ الذيّ ينقذّني
أومأ بالإيجابّ دّلالة على فّهمه مقّصدهاّ فزفرّ بكلّ أسى و انحنىّ واضّعا رأسه بينّ يدّيه ، كانّ الأمرّ بالنسبةّ له مّؤلماّ ، موجعاّ كسّم
ينسابّ بينّ عروقه يّقتل فيّ كل لحظةّ نبضّة منّ نبضّاته ، بالرغّم من وصّفه باللعوبّ أوّ رجلّ النساءّ إلاّ أنها كانتّ الوحيدة التيّ أحبهاّ
و التيّ رغب بهاّ و التيّ تزوجّها ليّوقف بّعدها جميعّ ألاعيبه ، حدقتّ ماريّ به ثمّ وضعتّ يدّها على كتفه قـّالت بنبرة حانيةّ
ـ لاّ تفقدّ الأملّ أبداّ كايلّ، تماماّ مثلّما أحبتكّ يوماّ سّتعودّ لتحبكّ مجدداّ
نـظرّ إليهاّ بّكلّ بّرود لاّ يستطيعّ أن يصّدق كلماتها مهماّ بدتّ صّادقة له فّأمسكّ بذّقنها بينّ أنامله و اقتربّ منهاّ بّسرعة خيّالية لكيّ لا يفصلّ
بينهماّ إلاّ القليلّ ، حدقتّ فيه بّنـظراتّ مندّهشة و مصّدومة عندّما سّحب نفسه إلىّ الخلفّ بهدوء ، أشّار على قّلبه و تّحدث بنبرة مّؤلمة
ـ إنه يّؤلم ، يّحرقنيّ يّقتلني و يّعذبنيّ ماريّ أناّ لاّ أقوى على العيشّ بعد الآن انتقامّ من نايتّ يسريّ كسريان الدمّ بّعروقيّ و أريدّ أنّ أجّعله
يّتذوق نفسّ مرارة الألمّ
مدتّ يدّها بّترددّ ثمّ ربتت علىّ ظهره ، أجلّ هوّ عدّوها الذيّ يّرغب بالانتقامّ من زوجهاّ و أجلّ هوّ من حاّول قّتلها فيّ يومّ من الأيّام لكنّها
لا تستطيّع إلاّ أن تشّفق عليهّ ، نـظّراته البّائسةّ و هالاتّ السوداّء التيّ تحتّ عينيهّ تخبرهاّ بّمدى ألمهّ ، ألمّ الحبّ الغيّر متبادلّ فّسحبتّه
ناّحيتهاّ و وضّعت ذّراعها على كتّفه لتّقول بّنبرة حاّنية
ـ أناّ أيضّا كاّيل ، أناّ أيضّا لكنّ باّلرغم منّ هذاّ الألمّ الغيرّ محتملّ حاّول جاهداّ أنّ تفوزّ بّحبكّ ، ما نـّاضلت بّشدة لأجلهّ لن يختفيّ فيّ لمحة
تنهدّ كايلّ ليرسمّ ابتسّامة هادّئة على شفتيهّ ، وقفّ و نـظرّ إلىّ ماريّ الجّالسة على الكرسيّ المتحركّ تؤازره فيّ محنته فّتدّريجّيا
تّسلل الأملّ إلىّ قلبه ، لاّ يعلم لماّ لكنهّ أرادّ أن يحدثّها بّشدة و الآنّ بّعدّ أنّ تكلمتّ معه شّعرّ بّقليل من الراحّة لماذاّ ذلكّ ؟ و بّيدّه
خربّ تّسريحةّ شعرهاّ البنيّ المتموجّ قاّئلاّ بكلّ مرح
ـ تّبدين كخبيّرة فيّ الحبّ ، أيّعقل أنكّ تملكينّ خبّرة ؟
شّهقت بصدّمة و قدّ إحمرتّ وجنتيهاّ بإحراجّ شديدّ ، أومأتّ نفيّا متّلعثمة فيّ كلماتّها ثمّ أخفضتّ رأسهاّ محاّولة العّثور على جملّة
مفيدّة لتّصرخ بّخجلّ
ـ ما الذيّ تقوله ؟
ضحكّ على ملامحّها الخجلّة لّيقومّ بّسحب كرّسيهاّ إلىّ الأمامّ مكملينّ حديّثهما و هماّ يعبران الّرواق ، كـّانت ماريّ تّبدوا هيّ بدورهاّ
مختلفة بّفستانهاّ الأزرقّ الأنيقّ إلىّ ركبتيهاّ بّلا أكمامّ و شّعرهاّ البنيّ الذيّ صّار يّصل إلىّ ماّ فوقّ منتصفّ ظهرهاّ بّقليلّ بينماّ شفتيهاّ
التيّ دوماّ ما كانتّا مبتسمتينّ بّحماسّ ذّبل كلّ شيءّ بّهماّ فّصّارتّا تجاّملان الغيرّ بّبسمة قصيرةّ المدىّ ، عّينيهاّ الواسعتينّ كالمـرآة
تّعكسانّ صدقّ مشاعرهاّ صّارتاّ مثّقلتينّ بّهمومّ و الأحزانّ ، باّلرغم منّ ذلكّ هيّ لاّ زالتّ تكافحّ منّ أجلّ حبهاّ حتىّ لو لمّ يعدّ لديهاّ الأملّ ،
عّندّ وصولهماّ إلىّ بّابّ غّرفتهاّ ، ودّعها كايلّ بابتسامةّ مرحة مغّادرا لّيقومّ الحراسّ بّفتح البابّ لهاّ بكلّ إحترامّ لتّدير عجلاتهاّ
إلىّ الأمامّ حينماّ وجدتّ نايتّ يقفّ وسطّ الغـّرفة و بجّانبه فّرانسواّ يتحدّثان بكلّ جديّة بينماّ نبّرة نايتّ تّعلو تّارة بّحدةّ و تنخفضّ تاّرة ،
لحـّظة دّخولهاّ توقفّ الإثنينّ عنّ الكلامّ ، انحنى فرنسواّ بّكل هدوء و غـّادر مسّرعاّ لّيزفرّ نايتّ بكل حدةّ بينماّ أناملهّ تلامسّ خصّلات
شعرهّ الأسودّ ، رنّ هاتفهّ فّأمسكّه لتحتدّ عينيهّ بحقدّ حالماّ رأىّ شّاشة قّام بّرميه جاّنباّ ثمّ جلس علىّ طرفّ السريرّ ،
نـظرتّ إليه بكلّ أسىّ غيرّ قّادرة علىّ تّقدم خطّوة واحدةّ إلىّ الأمامّ ، أجلّ هيّ تّريد أنّ تّضع يدّيها حولّه تّهمسّ فيّ أذنه بكلماتّ
حنونةّ أنّ كل شيءّ سيكونّ بّخيرّ و بأنهّ لاّ داعيّ للقلقّ فحتىّ لو تّخلى عنهّ الكلّ هي ستبقى دوماّ بجاّنبه ، لكنهاّ لاّ تستطيعّ ليسّ
و هو يّبعدهاّ مسافاتّ للخلفّ ، فّكادتّ أن تعودّ أدراجّها عندّما نادىّ اسمها بنبرة مّبحوحة خافّتة
ـ مـّاري، أيمكنكّ القدومّ للحّظة
استدارتّ نـّاحيته و ضغّطت علىّ عجـّلاتهاّ لتتقدّم نحوهّ مسّرعةّ ثمّ تّوقفتّ أمامّه بينماّ ملامحّ نايتّ غيرّ ظاّهرة لهاّ عنـدماّ رفعّ
رأسه و بّادرهاّ بنـظراتّ فـّارغةّ منّ أيّة مشّاعرّ قدّ كانّ البرودّ دوماّ غطاّءا لهّ ، تحدثّ بنبرةّ هادئة
ـ لقدّ حجزت لكّ الليلةّ تذّكرة لذّهاب إلىّ فرنساّ و أمرتّ سوزيّ بتحضيرّ أشيائكّ البّاقية سّريعاّ سيغاّدر فرانسواّ برفقتكّ لذلكّ لاّ داعيّ للقلقّ ،
أحكمتّ القبضّ علىّ يدّهاّ لماذاّ يّقرر من تلقّاء نفسه بّشأن بّقائها من عدّمه ؟ ألاّ تملكّ الحقّ لّرفضّ حتىّ ؟ فّوقفّ نايتّ و بخـطّوات
هادئّة إتجّه إلىّ الأريكةّ لّيقومّ بحملّ حاّسوبه مسّتعداّ للمغـّادرة ، فّنـظرتّ إليه ماريّ بّعينينّ تّنطقّان مدىّ ألمهاّ إنهّ لاّ يأبه بهاّ بتاّتاّ
و هاهوّ يسرعّ ناحيةّ المـّخرج غيرّ مهتمّ بهاّ ، حينماّ وضعّ يده علىّ المقبضّ صّاحتّ هيّ بكلّ ألمّ
ـ أتّريد منّي أنّ أصدقّ أنكّ تّريدّ أن ترسلنيّ لفّرنساّ منّ أجلّ معـّالجتّي ؟ هـذاّ أسّخف عذرّ بنظريّ ، كلناّ نعلمّ نايت كلناّ لكنناّ نتظاهرّ
بّالغباءّ فقط لّكي لاّ تجرح مشّاعرناّ للأسفّ حتىّ لو تّظاهرت بّالغباءّ لاّزلت أتألم ،
تّوقفتّ أنامله عنّ الضغطّ علىّ مقبضّ البّاب ، بقيّ للحظات على حاله تلكّ معطياّ إياها ظهره الشيءّ المثيرّ لسّخرية فيّ هذاّ القصّر
أنهّ حتى الماّل ، حتىّ تلكّ الشّركة التيّ يتنافسّ الكلّ لأجلّها لنّ تّجعلهما سّعيدين و بالّرغم من أنهمّا يّعلمان هذاّ جيدّا إلاّ أنهماّ يّدفّعان
بكلّ شيء جاّنبا للفّوز بهاّ ، سّابقا لمّ يكن يهتم ما ثمن الذيّ يتوجب عليه دفعه لّلحصول على شركاتّ لبيرّ بأكملها لاّ زال لاّ يهتم لكن الآن ..
استدار ناحيتهاّ و نـظرّ إليهاّ بعينينّ خاّليتين باّردتين كعّادته ثمّ ابتسمّ بّكل سخريةّ فّارتجفتّ شّفتي ماريّ بّرغبة عّارمة فيّ البكاءّ
حينماّ اقترب منهاّ بخـطّوات هادئّة كسّولة ، تحدثّ بنبرةّ مبحـّوحةّ بّاردة
ـ ماّ الذيّ تعلمينه ماّري ؟ مجردّ أنكّ تّعرفين اسميّ فّهذاّ لا يعني أنكّ تعلمين كلّ شيء عنيّ،
إنهاّ لاّ تصدقّّ نفسهاّ أبداّ كيفّ استطاعتّ أنّ تقّع فيّ حبه بينماّ هو لمّ يظهرّ لهاّ غيرّ الألمّ و الحزنّ ، لماّذا اختارهّ قلبها من بين الجميّع ؟
حتىّ لوّ أنهاّ نادّمة لكّن لقدّ فاتّ الأوان علىّ ذلكّ إنهاّ واقعّة فيّ غرامه منّ أعلىّ رأسهاّ إلىّ أخمصّ قدميهاّ و لنّ يتركهاّ هذاّ الحبّ
إلاّ بّموتهاّ ، تحدثّت بنبرةّ واهنةّ ضّعيفة
ـ كيفّ ليّ أن أعلمّ و أنتّ تّبعدني عنكّ آلالاف المسافاتّ إلى الخلفّ ؟
زفرّ بّغيضّ شديدّ لّتتخلل أنامله خصّلات شعرهّ الأسودّ مبعدةّ إياه عنّ مرمى نظرّه بحركّة عّصبية ، كّان يحاّول الحفّاظ علىّ أعّصابه
لكنّ ماريّ تستمرّ بّالحديثّ فّرد بحدةّ
ـ بحقّ الله لماذا تّستمرين بّالتصرف هكذاّ ؟ بأيّ حق تّردين أن تّعلمي أيّ شيء عني ؟ ألاّ تدركين أن كل هذاّ مجرد تّمثيلية ؟
أحكمتّ القبضّ علىّ فستانهاّ و قدّ احمرتّ وجنتيهاّ ليسّ خجلاّ و لاّ إحراجاّ و إنماّ ألماّ و حنقاّ من تجّاهله المستمّر لهاّ فّأجاّبته
بكلّ يأس هيّ الأخرى
ـ لأننيّ أحبكّ أليسّ هذاّ بالسببّ الكافيّ ؟
زفرّ بّكره منّ مزاجهاّ الثائرّ و حاّول المغاّدرة لكنهاّ أمسكتّ بّقميصه منّ الخلفّ و حـّاولت أنّ تجذبّه ناحيتهاّ لكنهاّ نستّ عدمّ قدرتها
على السيرّ ليختلّ توازنّ كرسيهاّ و تّسقطّ أرضاّ ، نظرّ إليهاّ نايتّ بّصدمة ثمّ أرادّ أنّ يساعدهاّ لولاّ أنهاّ دفعتّ بيده جاّنباّ بينماّ هيّ تكتمّ
دموعهاّ أجاّبته بّنبرةّ متحشرجة
ـ أناّ أسفة لقدّ كنتّ كريماّ جداّ بمساعدتيّ و تسديدّ ديون والديّ بينماّ .. أناّ أسفةّ لاّ يحقّ ليّ قول هذاّ لكننيّ فعلاّ أحـبك .. صدريّ يّؤلمنيّ
بّشدة كلماّ رأيتّك برفقةّ إليزابيثّ و أشتاقّ إليكّ حتىّ لو كنتّ أماميّ ، أشتاقّ لسماعّ صوتكّ و أحبّ كيفّ تّفعل المستحيلّ لتحقيقّ أحلامكّ ،
أنـّا أحبكّ نايت و هذاّ مؤلم .. مؤلمّ
عمّ السكونّ تّخللهّ شهقات ماريّ المكتومةّ فيّ حين كانّ نايت يقفّ أمامهاّ ، مدّ يدّيه ليضّعهما حولّ خصرهاّ ثمّ رفعهاّ بكلّ خفة و جعلهاّ
تجلسّ على السريرّ لّيستند هوّ على ركبتهّ بينماّ كانتّ ماريّ تحاول جاّهدة إخفاءّ وجههاّ ، تحدثّ بنبرةّ مبحوحةّ غـّامضة استطاّعت
أنّ تسمعّ اليّأس بهاّ
ـ كيّف أمكنكّ أنّ تحبيّ رجّلا مثّلي ؟ أنـّا لستّ من تخالينني أكونّ ماريّ بلّ على العكسّ تماماّ فّلا يمكنناّ أن نلتقيّ و لاّ يمكننيّ أنّ
أبادّلك هـذاّ الحبّ أبداّ ، إنّ ما تـّبحثينّ عنه لاّ أستطيّع تّقديمه لكّ حتىّ لو أردتّ لذّلك تّخلي عن هـذّه المشّاعرّ
ارتجف جسدّها بأكملهّ أحقاّ قالّ الآن أنه لنّ يحبهاّ أبداّ ؟ حتىّ لو حاولت جاهدةّ هوّ لن يحبهاّ ؟ كلّ شيء فّعلته منذ البّداية كانّ حماقّة منهاّ ،
كيفّ تخلتّ عنّ مبّادئها من أجلهّ و كيفّ كافحتّ لّنيلّ اهتمامه ، كلّ هذاّ مجردّ تفاهة أجلّ فّنظرتّ إليه للمرّة الأخيرةّ بّصمتّ لكنّ عينيهاّ تنطقاّن
بمدىّ غورّ جرحهاّ لذلّك استجمعتّ شّجاعتهاّ و أجاّبته بّنبرةّ صـّادقة
ـ إننيّ أحبكّ و قدّ فّات الآوان علىّ تحذيريّ نايتّ فّحتى لو أردتّ لاّ أستطيّع أنّ أمحوكّ من باليّ ، إنكّ الآن تمثّل كلّ حيّاتيّ بكّ يّنبضّ قلبيّ
لمّ يتحدثّ بلّ إكتفى بّصمت مطبّق ثمّ صدرتّ آهة عميّقة منه ناّبعة منّ أعماقّ صدّره كأنهّ و بّتلكّ الآهة يستطيّع إخراجّ كلّ همومهّ معهاّ
بينماّ أخذتّ ماريّ تنظرّ إليهّ بّصمت هيّ الآخرى ، لوّ أنه فقطّ يلتفت نحوهاّ لّعلها تستطيعّ جعله يّرى العالمّ من نظرتهاّ هي ، بّسمائه صّافية
و ربيـّعه الدافّئ ليتها فقطّ تجعله يّرى أنّ الدنياّ ليست ظّلاماّ فقطّ ، حينماّ ردّ بنبرةّ هادّئة
ـ ارتدي معطفاّ فالجوّ بّارد هناكّ أيضّا،
ثمّ غّادر بخطّوات خافّتة غيرّ مسموعةّ بينماّ اندّفعتّ الدموعّ منّ عينيهاّ مشّكلة خطّوطاّ علىّ وجنتيهاّ الحمّراوتين ، لقدّ حاولتّ و للمرّة
الأخيرّة قّبل أنّ ترحلّ جّعله يدّرك مشّاعرها لكنه تجاّهلها كعّادته لتّدرك هيّ الآخرى أيضّا شيئّا حاولتّ بشدّة نكرانه ، نايت لن يكونّ لهاّ أبداّ
كماّ قّال تماماّ هماّ فيّ طّريقين مّختلفين ، هيّ ترّى النورّ حتىّ لو كانّت الغّرفة مظلمةّ و هوّ يرى كلّ شيءّ مغطىّ بالسّواد حتىّ لو كاّن
النورّ ظاهراّ ، إنه الظّلام و هي عكسه





 

رد مع اقتباس
قديم 03-10-2020, 12:56 AM   #52
JAN
مِرأة وٓاحدة … إنعِكاسات شٓتى !

الصورة الرمزية JAN
JAN غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 115
 تاريخ التسجيل :  Mar 2020
 العمر : 23
 المشاركات : 9,849 [ + ]
 التقييم :  23316
لوني المفضل : Black
شكراً: 0
تم شكره 6 مرة في 6 مشاركة

مشاهدة أوسمتي





فيّ تلكّ الغّرفة الصّغيرة كاّنت فّلور مسّتلقيةّ تمسكّ بالوثائّق الرّسمية لّمنزل والدّها بينماّ يبدواّ الترددّ واضحاّ علىّ معالمهاّ ،
بالّرغم منّ أنهاّ بحاّجة ماّسة للماّل لكنّ أنّ تّقوم ببيعّ منزل والدّها يبدواّ أمراّ خاطئّا فّهزتّ رأسهاّ بشدةّ نافيّة هذّه الفكرةّ من
باّلها و محاولّة أنّ تركز علىّ كسبّ المالّ ،
لقدّ قامّ آرثرّ بّترك رّسالة صّوتية علىّ هاتفها الخاصّ يطلبّ منهاّ شراءّ المنزلّ بالتقسيطّ و ذّلك لعدمّ امتلاكه المالّ هوّ الآخرّ
لكنهّ سيدّفع مبّلغاّ لا بأسّ به فيّ البدّاية أيضّا تّواجدّ آرثرّ بمنزلهم يمنحهاّ القّليل من الّثقة فربماّ قدّ تستطيعّ أن تشتريه مجدداّ
فيّ المستقبلّ
أمسكتّ رأسهاّ بّقلة حّيلة عندّما داّهمتّها الكثيرّ من الأفكارّ من كلّ جّهة و كادتّ أنّ تستلقي على السّريرّ لولاّ أنهاّ فيّ حافتهّ
فّسقطتّ على رأسهاّ لتتنهدّ بّضجرّ حينماّ فتحّ البّاب على وسّعه و ظهرّ منه ويّليامّ مرتدياّ قميصّا أبيضّ اللونّ و رّبطة عنقّ معّ
سّروالّ جينز عاّدي بينماّ شعرهّ الأشقرّ مرفوعّ للأعلىّ كعادتّه ، نـظرّ إليها بّعينيه الزرقاوتين ثمّ قّال بّحدةّ
ـ أصحيحّ ما سمعته ؟
زفرّت فلورّ بّكل كره عندّما اضطربت دّقات قّلبها حالّما وقّعت عينيها عليهّ فّاعتدّلت فيّ جلستهّا و نـظرتّ إليهّ ، إنهاّ واثقةّ أنّ
السيدّة فرانسيسّ أخبرّته شيئّا و إلاّ لماّ أتىّ بهذّا الشّكل الثّائرّ لكن ما الذيّ قّالته تلكّ العجوز ؟ فّهزتّ فلور كتّفيها دون إهتمامّ قّائلة
ـ هذاّ يّعتمد علىّ الأمرّ الذيّ سمعّته أيضّا هلاّ قّرعت البابّ قّبل دّخولك ؟
صمتّ علىّ مضضّ ليقتربّ منهاّ ، نـظرّ إلىّ كميةّ الأوراقّ الكثّيرة التيّ احتلتّ الغّرفة ثمّ إلىّ إعلانات الجّرائدّ الملّصقة فيّ كل
زاويةّ ليتأكدّ حينهاّ أنّ فلور ليستّ تّفكر فيّ الرحيلّ و إنماّ هي مغّادرة فّعلاّ فّرفعّ وثيقةّ منزلهاّ و قّال بّإنزعاج
ـ لاّ تقوليّ أنكّ تردين الرحيلّ فقطّ لأجلّ إبعاّد ماريّ عنّ نايت ؟
سّحبت الّوثائق بعصبيةّ من بينّ يدّيه ثمّ وضّعتها فيّ الملفّ الذيّ أمامهاّ ، سحبتّ سترتهاّ و ارتدتها على عجّل عندّما أغلقّ ويّليام
البّاب بّقوة يرمقّها بّكلّ غيضّ،فصاحتّ فلورّ بّكل غضب
ـ و ماّ شأنكّ أنتّ ؟ هلّ أنتّ حّزين لأننيّ سآخذّ ماريّ و لنّ تستطيعّ رؤيتها بّعد الآن ؟ حسناّ أناّ لاّ أهتمّ
زفرّ ويّليامّ بّعصبية هوّ الآخرّ فّكلما حاولّ أن يتحدثّ معهاّ ينتهيّ الأمرّ بينهماّ بإفتعالّ شجارّ كبيرّ هيّ عنيدّة جداّ و غبيّة أيضّا مندّفعة ،
هذاّ ما يجّعلها تخطأ فيّ كل شيءّ تحاول فّعله لذّلك تماسكّ بّكل هدوء للحفّاظ على أعّصابه و ردّ عليهاّ بنبرة هادئةّ
ـ فلّور إنّ ماريّ متزوجةّ الآن لاّ يمكنكّ اختطافها هكذا أيضّا حتىّ لو أرادتّ ماريّ الذّهاب معكّ هل تستطّيعين دفّع تكاليفّ عّلاجّها ؟
علىّ الأقّل و هيّ بّالقصرّ نايت يحرصّ على صحتهاّ و يريدّ مصّلحتهاّ ، بالّرغم من أنه أنانيّ متعجرفّ بّارد غيرّ أنه إذّ تّعلق الأمرّ
بّصديقّ له فّهو سيفعل المستحيلّ لأجلّه ، و نايت يّضع ماريّ فيّ خانة الأصّدقاء أظن ربماّ لاّ أعلم
رمقّته بحدةّ جّعلته يّغلقّ فمه بكلّ توتر ، أقّال أن نايتّ يّعتبرّ ماريّ صدّيقة ؟ هوّ بالكادّ يّعتبرهاّ شخصاّ فّحملتّ وثائقّها بّكل عصبيةّ و
كـّادت أنّ تغّادر عندّما تنهد ويّليام بأسى و هو يمسكهاّ من ذّراعهاّ
ـ لحـظةّ سأخبركّ بشيء،
تّوقفتّ فقطب ويليام حاجبيه بّقليل منّ الترددّ يقوم بمسحّ عرقّ زائفّ من جبّهته لوّ علمّ نايتّ بماّ سيفعله لّسوف يّقتله دون شّفقة
لكنّ لا بأسّ هي أختهاّ فيّ النهاية و هيّ بحاجّة لأن تكونّ إلىّ جانب أختهاّ ، تحدثّ بتوتر
ـ فيّ الحقّيقة فلورّ ، إنّ نايت يخططّ لإرسّال ماريّ برفقة فرانسواّ إلى فرنسّا و ذلّك لّكي يعالجّها ، أيضّا يريدّها أنّ ترحلّ الليّلة
و هي موافقةّ
شّهقت فلوّر بصدمة أيّعقل أنّ نايت يخططّ لإرسّال ماريّ بّعيداّ عنهاّ ؟ لكن لماذاّ لم يّخبرهاّ ؟ و لماّ لم تخبرهاّ ماريّ ؟ يّا ألهي لابدّ أنهاّ
غاضبةّ لأنهاّ لم تزرهاّ أبداّ منذّ أن فتحتّ ماريّ عينيهاّ من الغّيبوبة لكنّها ستتفهمّ إنّ علمتّ أنهاّ كانتّ تبحثّ عن المالّ ليغاّدرا لندن
لكن أيّن المالّ الآن ؟ أمسكتّ برأسهاّ لماّ داّهمها صدّاع و سّارعت بالمغّادرة ّ، إتجّهت إلىّ منزل آرثرّ و قـّامتّ بّطرق البابّ بكلّ قوة
تملكهاّ لكيّ يّفتح آرثرّ و ملامحّ الّرعب ظاّهرة على وجههّ ، فّدّفعتّ فلور الوثائقّ إليه و قاّلت بحدةّ
ـ سّأقوم ببيعكّ المنزل أحتاجّ إلىّ دفّعة مسّبقة أيضاّ ،
أومأّ آرثرّ بّصدمة و سّار بخطّوات مسّرعة ناّحية غّرفته ثمّ قّام بإحّضار وثائقّ آخرى و قّدمها إلىّ فلور التيّ تبعته ، قّال بّدهشة
ـ يجبّ عليكّ توقيعّ هذّه الأوراقّ لتّ
قـاّطعته وسّحبت فلّور القلّم منّ جيبّ سترته و وقعتّ دونّ مباّلاة بينماّ وقعّ آرثرّ بدّوره و عّلاماتّ الحيّرة بّادية على وجههّ فيّ حين كانّ
ويّليام يّقف خّلفهماّ لاّ يصدقّ أنهاّ قامتّ ببيعّ المنزل هكذاّ دونّ أيّ ترددّ و بلّ دون أنّ تباليّ لماّ توقعه ، ثمّ قدمّ آرثرّ لهاّ شيكاّ بسيطاّ
فأخذتّه فلورّ و سـّارعت بالركضّ خاّرجاّ غيرّ مهتمة لّويّليام المناديّ بإسمهاّ و لاّ لّطلبه المترجيّ لهاّ بالتوقفّ ،
أسّرع ويّليامّ خلفهاّ بينماّ بقي آرثرّ يّراقبّ المنظرّ أمامهّ بّنظرّات حاّئرة غيرّ مصدّقة ، حينماّ أمسكّها منّ ذّراعها و جّعلها تستديرّ نحوهّ ، قـّال بّحدة
ـ لاّ يمكنكّ فعلّ هذاّ فلورّ ، لاّ يمكنكّ أنّ تّجبريها على البقّاء لقدّ فات الآوان فّهي مغّادرة
رمقّته بّنـظراتّ غاّضبة حاّنقة و متألمةّ أيضّا ، كيفّ لأختهاّ الفّرد الوحيدّ المتبقيّ من عّائلتها أنّ تغّادر و تتركّها هكّذا ؟ صمتّت لوهلةّ
ثمّ حاّولت أن تسحبّ ذّراعها لكنّ قوتها ضّعفت فجأةّ فّقالتّ بّنبرةّ متحشرجة
ـ كيفّ لكم أن تخفواّ هذاّ عنيّ ؟
أخفضّ رأسهّ بقليلّ من الإحراجّ و الندّم الشديدّ يّعلم تماماّ مدىّ خوف فّلور علىّ أختهاّ لكنّ و لّشخصيتهاّ المندّفعة أرادّ أنّ يبعدهاّ عنّها ،
فّتحدثّ بنبرةّ متوترةّ
ـ فلوّر بالّرغم من أنّ نايتّ متعجرفّ لكنه يّفعل المستحيلّ لمعالجّة ماريّ و حتىّ لو لمّ يرد الاعتراف إلاّ أنهّ حاّليّا هوّ الذيّ يحتاجّ ماريّ
إلىّ جانبهّ أكثرّ مناّ جميعّا ، أرجوكّ أعطه فّرصة
زمتّ شّفتيهاّ بّكل عصّبية فهيّ تكرّه نايتّ كرهاّ لاّ يقدرّ أحدّ على وصّفه و بالّرغم من أنهّ بالنسبةّ لهاّ لاّ يعتبرّ إنسّانا كيفّ ذلكّ و قدّ
تجردّ من كلّ معالمّ الإنسّانية ، قدّ وصّفته الصّحافة بمدمر الإقتصادّ ؟ إنهاّ تّعلم أشّياء عديدّة عنه ، كثّيرة و مخيفةّ لكنهاّ لم تتجرأ علىّ قولهاّ
لماريّ ، أختهاّ التيّ تعشّقه بجّنون فّاستسلمتّ هذّه المرّة لأنهاّ تعلم حتىّ لو أنهاّ عملتّ لآخرّ رمقّ بّحياتهاّ لما استطاعتّ دّفع تّكاليفّ علاجّ ماريّ
فقالت بّنبرة حادةّ
ـ حسناّ أناّ أفعل هذاّ فقطّ لماريّ لكن و لماّ تعودّ سوفّ أحرصّ علىّ جّعلها تعيشّ معيّ أتفهم ذلكّ ؟ أناّ فلور روبرت لا أرضخّ لأحدّ
و ليكنّ نايت واثقّا من هذاّ ،
أومأّ بالإيجابّ موافقاّ ثمّ أمسكّها منّ ذّراعها سّاحبا إياهاّ نحوّ سيّارته بينماّ وقعّ كل هذاّ تحتّ أنظار آرثرّ المتعجبّة و الحاّئرة ، فـّلور تكرهّ نايتّ
و ماريّ مغّادرة إلىّ فرنساّ للعّلاجّ ؟ سيكونّ الأمرّ جيداّ إنّ شفيت فّهز كتفيه بّعدم إهتمام و اتجّه إلىّ شّقته
الآن بّعدما حصّل علّى منزلّ جوناثّان سوفّ يّضمن مسّامحةّ والده رويّ له فّهو يمتلكّ خطةّ تكادّ تكونّ ناجحةّ يحتاجّ فقطّ إلى وجودّ كلا من
فلورّ و ماريّ إلىّ جاّنبه ثمّ تنتهيّ مشكلتهّ العويصّة هذّه ،

/

عندّ بّلوغ السّاعة الـحاديّة عشّر و نصفّ ليلاّ كـّانت تجلسّ على كرّسيها المتحركّ بّقلة حيّلة و يبدواّ العـجزّ واضحاّ عليهّا بجانبهاّ كانّ نايتّ
جـّالسا يّرتديّ وشّاحاّ أسودّ و قّفازاتّ يّخفيّ ملامحـّه مرّاقباّ الأوضّاع بّعينينّ حاّدتينّ لاّ تكادّ تّفوتان أيّ شيءّ ، خلّفهما كـّان فّرانسوا يقفّ
ممسكاّ بجـّواز سّفر ماريّ الذيّ تمّ وضعّ هويةّ جديدّة لهاّ و ذلّك لحماّيتها من تّعقبّ ديميتري ،
ألقتّ ماريّ نـظرّة على نايتّ الذيّ يبدواّ مركزاّ بشدّة ثمّ تنهدّت بأسىّ اعترافهاّ حبّها و كلّماتهاّ الصـّادقة لمّ تّؤثرّ به ، دّق قّلبهاّ بّقوة فّوضـعتّ
يدّها مكانه بّقلق و قدّ شحبّ وجههاّ تماماّ فيّ حين أخذتّ أناملهاّ ترتجفّ كذلّك شّفتيها حدثّ هـذاّ لماّ تمّ الإعـّلان الأخيرّ عنّ رحلّتها فّتقدم
فّرانسوا منهاّ و قـّال بّنبرة هادّئة
ـ سيدتيّ لاّ نستطيعّ البّقاء أكثرّ يجدرّ بناّ الـذّهاب الآنّ
أومأتّ نفياّ غـّير مسّتعدةّ لكنّ فرانسواّ تقـدمّ على آيّ حالّ داّفعا كرّسيهاّ للأمامّ عنـدّما تّشبثت ماريّ بّمعطفّ نايت بكلّ قوتهاّ ، احتـّضنته
و بدأتّ دموعهاّ بأخذّ وجنتيهاّ مأوى لهما ككّل مّرة قـّالت بنبرة بّاكية
ـ لاّ أريدّ رحيلّ ، أرجوكّ نايتّ .. أنـّا لا أستطيّع ، هناكّ خطّب ماّ أنّا أعلم . أرجوكّ لّن أزعجكّ بعدّ الآن فقطّ دعنيّ أبقّى ، أنـّا أسفة نايتّ لا تتركنيّ
إرتبكّ كلاّ الرجلّين و كمّ تمنىّ فرانسواّ لو أنهّ أحضرّ سوزيّ لعلهاّ كانت لتهدأ منّ روعها فيّ حينّ لمّ يعلمّ نايت ما الذيّ قدّ يفعله لّيخفف
من سّوء الـوضعّ حينّ تقدمتّ منهمّ سيدةّ كبيرّة فيّ العـمرّ ثمّ أخذتّ تنـظرّ إلىّ ماريّ التيّ ترفضّ تركّ نايت بالّرغم من محـّاولاتّ العـديدّ من
الأشخاصّ الذّين حـّاولوا الـتدّخل فقّالت السيدّة بتسّاؤل
ـ هـّل أنتّ صديقهاّ ؟
أومأّ نايت بكلّ ارتباك لّتّهز السيدّة رأسهاّ دلاّلة على أنهاّ فهمتّ كل شيءّ ، ثمّ أشّارت له بيدّيها علىّ أنّ يضمهاّ فشحبّ وجهّه بأكمله غيرّ قـّادر
على استيعابّ إشـاراتهاّ أنّ يقدمّ هو علىّ ضمّ ماريّ شيءّ غيرّ معـّقول ؟ هوّ لن يستطيّع حتىّ لو حاولّ ذلّك ، لمّ يّفعل ذلّك قّبلاّ فّرفعت السيدّة
ذّراعيه و لفتهماّ حول ماريّ إرتبكّ نايت فيّ الـبدّاية لكنهّ اعتاد على الأمرّ إذّ أن ماريّ دوما ماّ كانتّ تّضمه برغبته أوّ بدونها لذّلك انحنى و
وضع يدّيه على وجنتيهاّ ينـظرّ إلىّ عينيهاّ بهدوء ، ثمّ تحدثّ بنبرة باردة
ـ مـاريّ إنهاّ ليست نهايةّ الـكونّ، أنتّ ذاّهبة للعـلاجّ لاّ للمشاركة فيّ حـربّ ماّ لذّلك تماسكّي قّليلاّ
نـظرتّ إليه السيدّة بسّخرية أهذاّ أفّضل ماّ يتستطيع فعله لكنّ الذيّ آثار دّهشتها هوّ أنّ ماريّ توقفت فّعلا عنّ البكاءّ و أخذتّ تّمسحّ دموعهاّ
لكيّ تومئ لهّ بالإيجّاب ، فّسحبّ فرانسواّ الكرسيّ للأمامّ مغـّادرين بّرفقتهماّ تلكّ السيدّة التيّ صّارت تتحدث بّلؤم عنّ تّصرف نايت البّارد عندّما
أوقفتهماّ ماريّ مجدداّ ثمّ أداّرت عجلاّت كرسيهاّ مستديّرة بّسرعة ، لاّ لا تستـطيعّ أنّ تـرحلّ هـكذاّ ليسّ بهـذّه الطـّريقة ، لمّ تردّ أنّ يكون وداّعها
الأخيـّر هـكـذاّ .
كـّاد فرانسواّ أنّ يمسكّها لولاّ أن تلكّ السيدّة أوقفته و هي تؤنبه كيّ يتركّها تودّع حبيّبها ، عنـدّما اقتربت منه كّفاية نـظرّ نايت إليهاّ بّإستغّراب
أشـّارت لهّ أن ينحنيّ لّيفعل ذّلك ظّنا منه أنهّا سّتهمسّ بّشيءّ ّ غيرّ أنهاّ وضعتّ ذّراعيها حـّول رّقبته و قـّبلته بّهدوء على شفتيه ثمّ سّارعت
بالابتعاد عنه قد شحبّ وجـهه بأكمله غـيرّ قّادر علىّ التحـركّ بينماّ حدقتّ ماريّ به و إلىّ ردةّ فّعله المصدّومة إذ أنه سرعان ما وقف فّأشارت
على خـده الأيسر و قـالت بّتصميمّ محاولة إخفاءّ ضحكتها
ـ تعـال لقدّ أخطأت الهدفّ أريد أن أمحيّ أثـار إليزابيث ،
رمقّها نايت بحدةّ واضحـةّ فقدّ جذبّت إنتباه المارين بينماّ تظاهر فرانسوا بالتحدثّ في الهاتف كاتماّ ضحكتّه على وجه سيدّه المصدّوم بشدةّ ،
ما الذيّ تتوقعه ماري من شخصّ اعتاد إخفاء مشاعره حتى في صغره ؟ فّقام نايت بمسح خـدهّ بّعصبية بّالغة و قـال ببحة
ـ هلّ هذاّ كافي ؟
عـّاد الإعـلان عنّ رحلّتهم فّأومأت ماريّ نفياّ إذّ أنها عازمةّ على تّنفيذ ماّ برأسهاّ و لن تغاّدر إلاّ و هيّ قد نفذّته ، حينهاّ تنهد نايت بتعبّ شديد
و فّضل لوّ أنهاّ تبكيّ على أن تتصّرف بّمثل هـذاّ الحزم كأنهاّ طّفلة لذّلك إنحنى مجددا ناحيّتها فقبلته علىّ خده لتبتسم بّعدها بّرضا قّائلة
ـ أجلّ هـكذاّ ، لاّ تدّعها تّقترب منك خذّ حذركّ فّهي ماكرّة أيضّا كايلّ حاولّ أنّ تتفهمه خلالّ هـذه الفترة إنهّ يتألم بّشدة لذّلك مهما قّال لكّ لاّ تأخذّ كلامه
على محملّ الجـدّ و إن إقتربت منك إليزابيثّ فّسوف أعود أتفهم ؟ فأناّ أيضّا أملكّ جواسيسّ فيّ القصرّ ، أنـّا أراقبكّ
استمرت بالكلامّ بينماّ فرانسواّ يّدفع كرسيهاّ للأمامّ ، من يصدقّ أن هذه الفتاة كانتّ تبكيّ منذّ قليل ؟ تنهـدّ بّقلة حـّيلة مراقّبا إيّاها و هي تبتعـدّ
خـطّواتّ عنه زمّ شفتيه بّعبوس متذّكرا بّكائها الشديدّ و تّوسلاتهاّ المستمرةّ كانت على وشكّ الدّخول و المّضيفة تّرحب بهماّ عندما استدارت ناحيته
، ابتسمتّ بّرحابة صّدر ثمّ رّفعت يدّها مـّودعة إيّاه فّلا إراديا رفّع يدّه هو الآخر مودّعا لماّ صـرختّ ماري بّقوة
ـ أنـا أحبكّ ، أحـبكمّ جميـعّا .. أخبـرّ فلور أننيّ أحبّها و لاّ داعيّ للقلق ، نايت أحـبك
سحبّ فرانسواّ الكرسيّ إلىّ الأمامّ و هو يّؤنبهاّ علىّ صّوتها العـّالي إذ أنهم يّحاولون جاهـدّين إخفاّء رحيّلها بينماّ هيّ تكشفّ كل شيءّ فيّ
ظرفّ ثانية بالّرغم من أن فرانسوا فيّ البدّاية كانّ يّحاول معّاملتها بّرسمية إلاّ أنهاّ تّثيرّ أعصّابه كأنهاّ طفّلة صّغيرة ، فيّ حين إزدادّ وجه
نايت شّحوباّ إذّ أن الجميّع قدّ إلتفت إليه ضاحكاّ على حبيبته المجّنونة كماّ يّعتقدون غيرّ أنهّ يعلم تمامّا أنّ ماري تسعى لّجعلّ وداعهماّ هـذاّ
ينتهي بإبتسامةّ حتىّ لو كانتّ الدموعّ تنهمرّ من عينيهاّ بدونّ توقفّ لحظّة ماّ غاب هو عن أنـظاّرها إلاّ أنهاّ استمرّت بالإبتسام لأجله ، بّعـدّ
أنّ غـّابت ماريّ عن أنـظاّره سّار بّخـطّوات هـّادئة بطّيئة إلىّ المـخرجّ فجأةّ إرتطّم بّه شخصّ ما ليّكمل نايت طّريقه غيرّ آبه لماّ أمسكّه منّ
ذّراعه ، نـظرّ نايت إلىّ فلورا التيّ تّحاول جاّهدة إخفاءّ دّموعها لتسأله بّحدة
ـ أينّ ماري ؟
عندّما لمّ تجدّ جّواباّ منه عّلمت تماماّ أنّ ماريّ قدّ غـّادرت لندّن بدّون أنّ تودّعها حتىّ فّأخفضتّ فلور رأسهاّ فتـّرة منّ الزمنّ لماّ آتى ويّليام
مسّرعا بّعد أنّ ركن سيّارته ، نـظرّ إليهماّ بّقليل من الحـّسرة إذّ يبدوا أنّ ماريّ غّادرت و لمّ يتسنى لهمّ الوقت بّتوديعهاّ حتى ، تحـدث ويليام
بّندم لكنّه أسّرع بتغيير نبّرته لّنغمة أشدّ حنانّ لماّ لاحظّ ارتجاف جسدّ فلور كأنهاّ تقاوم بّشدة رّغبتها فيّ البكاءّ
ـ لقدّ أخبرتكّ أنهاّ ستكون فيّ المطّار لكنكّ أصررتّ على الذّهاب للقصرّ ، أرأيتّ ؟... آ فـّلورا لاّ بأسّ أعنيّ يمكنناّ دوما أنّ نـحدّثها على الهاتفّ
رفّعت فلورا رأسهاّ لّيرى الاثنين مدىّ حدّة ملامحّها فّكادتّ أن تسددّ لكمة قّوية لّنايت لولاّ أنّ ويلياّم أمسكّها من خصّرها مبعـداّ إياها عنهّ ،
كاّن ويّليام بّدّوره مرتبكاّ و هوّ يرى النـظرّة الحـّادة النـّارية و الخـطيرةّ التي اعتلت ملامحّ نايت كذلّك شتائمّ الـعديدةّ التي أخذتّ فلورا تتفّوه
بهاّ كماّ لو كأنّ فمهاّ هذاّ قد خلقّ لّشتم فقطّ ، قـّال ويّليام بنبرة مّتوترة
ـ هياّ كلاكماّ إنّه ليس بالوقت المناسّب لّشجارّ و ما الذيّ قدّ يفيدّ الكلام الآن ؟ فلورّا اهدئي قليلا ، نايتّ أنتّ كذلكّ تّمالك أعصاّبك ،
تّوقفت فلوراّ فعلا عنّ المقاومة و رتبتّ ملابّسها الفّوضويةّ بّعصبية واّضحة ثمّ أومأتّ بالإيجابّ و هي تقومّ بّسحبّ نايت منّ ذّراعه
بالّرغم من أنهّ لمّ يتحركّ قيدّ أنملة إلاّ أنها استمرت بّسحبه غيرّ مستوعبّة لماّ يحدثّ حولهاّ و هيّ تتكلمّ بنبرةّ مصـدّومة تّخللهاّ الرجاءّ
ـ نعمّ أنتّ محقّ ، ياّ رجلّ لنذّهب لإيقافّ الطاّئرة أنتّ مشهور أليسّ كذلّك ؟ أعنيّ أنتّ تملكّ شّركات لبيرّ بأكملها ّقريباّ ؟ أليسّ كذلكّ ؟
هياّ أطلّب منهم إيقاف الطاّئرة و لنجلبّ ماري ، أناّ أعلمّ أن ماريّ لاّ تريد الذهابّ هيّ تتألمّ أرجوكّ أعدّها إليّ ، عـزيزتيّ ماريّ أعدّها إليّ
إلتزمّ نايت الصّمت فّعادّ ويليام لّيسحبها ناّحيته ، وضعّ يدّيه على كتفيهاّ و قّرب وجّهه منهاّ لكيّ ينظرّ إلى عينيهاّ العسليتينّ الغّاضبتين
بّنـظرّات هـّادئة رقيّقة و حـّنونة ، لفّ ذّراعيه حـّولها ثمّ همسّ بّنبرة صّادقة
ـ أرجوكّ لا تكونيّ هـكذا فّلورا ، كونيّ كما عهدتكّ دوماّ قّوية منّ ماريّ و منّ أجلّي أرجوكّ منّ أجلناّ جميعا
حينّها بكتّ فلورّ فيّ حضّنه كأنهاّ طـّفلة صّغيرة تسّعى للأمانّ ، بكتّ و بكتّ كماّ لمّ يسبقّ لها أنّ فعلت ، لقدّ بذّلت كلّ جهدّها لحماية آختهاّ
لكنّها بـاءت بالفّشل ، لماذاّ هي فّاشلة هـكذاّ ؟ لماّذا لمّ تستطعّ حماّية الشخصّ الوحيدّ الذيّ تأبه لأمرّه ؟ بينماّ كان ويّليام يّواسيهاّ بكّلماتّ
هـّادئة حنونةّ كعـّادته غيرّ أنّ قلبه تجّرع ألمّ بّسكون و بطّء لرحيلّ ماريّ و لألم فلوراّ ، فيّ حينّ غـّادر نايتّ المكانّ بصـمتّ مطبقّ ،
اتجـه إلى سيّارته و صّعد على متنهاّ ، وضـعّ رأسه علىّ المقودّ ثمّ ضّربه بّأقصى قوته هوّ كذلّك لمّ يستطعّ حمّاية الفتاة الوحـيدةّ التيّ
وقفتّ إلى جاّنبه أحبـته بّصدق ، كيفّ له أنّ يكون بمثّل هـذاّ الضّعف ؟ أليسّ هو نايتّ لبيرّ الذيّ يخـّاف الكلّ من تعامل معه ؟ أليسّ هوّ منّ
يسـعىّ للإنتقـّام فّكيفّ له أنّ يفشلّ فيّ منتصفّ الطـّريق ؟ لماّ رفعّ خصّلات شعرّه الأسودّ كيّ تـّظهر عينيه الدّاكنتين بشدّة تّنبـآن بّمدى شدّة
خـطّورتهماّ ، حيّنها ابتسـمّ بّكل سخريّة قـّائّلا بنبّرة حـّاقدة حـّادة
ـ لقدّ أغضبتّ شخصاّ أتىّ فيّ غنى عنّ غضـبهّ ديميتري

آنتهـّى



 

رد مع اقتباس
قديم 03-10-2020, 12:57 AM   #53
JAN
مِرأة وٓاحدة … إنعِكاسات شٓتى !

الصورة الرمزية JAN
JAN غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 115
 تاريخ التسجيل :  Mar 2020
 العمر : 23
 المشاركات : 9,849 [ + ]
 التقييم :  23316
لوني المفضل : Black
شكراً: 0
تم شكره 6 مرة في 6 مشاركة

مشاهدة أوسمتي




الـشّابتر الـسابع و العـّشرون

ـ فقطّ إذّا كنتّ ملكاّ ليّ ـ


تلكّ الأنوار المتلألئةّ بتأنقّ تّلمعّ فيّ الأفقّ منيّرة بـاريس عـّاصمة فرنساّ بأكملها قدّ جالتّ ماريّ بعينينّ واسـعتينّ
منّ شّرفتهاّ كلّ ماّ التقطتّه و كلّ ماّ جذبّ إنتباههاّ ، حينّ تّساقطتّ حبّات ثّلج على حضّنها لتّرفع يدّها للأعلى نـّاحية السماءّ
الشيءّ الوحيدّ الذيّ يذّكرها بلندنّ هوّ هـذّا الجـّو البّارد كّقلب نايت تماماّ أماّ الأمرّ الوحيدّ الذيّ يّقلصّ من وحدّتهاّ هوّ أنهماّ
تحتّ نفسّ السمـّاء لكنّ المنـّاظر تّختلفّ فقطّ ،
تقّدم فرانسواّ منهاّ بخـطّوات هـّادئة و وضـعّ غطاّءا على كتفيها لّيقيها منّ الإصّابة بالّرشح بينماّ لمّ تظهرّ أيّ ردّة فعلّ
بلّ إكتفتّ بّالنـظرّ صّامتةّ نـّاحية الأفّق ، ليتنهدّ فرانسواّ بّقلة حيلةّ إذّ أنهّ قدّ مر أسّبوع على وصّولهماّ لباريسّ و هماّ الآن
يقّطنانّ بهـذاّ المـّستشفى فيّ الجـّناح الخاصّ حيثّ يّعتبر فرانسوا مّرافقاّ لهاّ ، تّحدث بنبّرة عـّملية بّها قّليل من الحـّنان
ـ سيدتيّ يجدرّ بك الـدّخول للغـّرفة هـذاّ أفضّل لصّحتك
لمّ تتحركّ قيدّ أنملةّ فّعـّاد فرانسواّ لّيتنهد بّيأسّ أينّ تلكّ الفتاة التيّ كانتّ تودع نايتّ بإبتسامةّ و ضحكاّتها تّملأ المطّار ؟
لكنّه سّرعان ماّ تفهمّ حزنهاّ و قدّ إنهالتّ إلىّ مسامعه كلمّات البّروفيسورّ المعـّالج لماريّ ، لقدّ قّال بّوضوحّ تامّ أنّ أملهاّ فيّ
استعادة قّدرتها على السيّر ضئيل جدا أيضّا لقدّ أخبرتهاّ طّبيبة النفّسانيةّ أنّ صدّمة التيّ تلقتها إثرّ الحريقّ هوّ العـّامل الأسّاسيّ
فيّ جّعلها تفقدّ السيرّ لذلّك يجبّ عليها أن تبذلّ جهدّها لّتتخلى عنّ حزنهاّ هـذاّ ، حكّ جبينه بقّلة حيّلة إذّ أن الأمرّ يسترعي الكثيٍّر
من العـملّ الجـّاد و الكثيرّ من الوقت أيضّا لكنّ كلاهماّ لا يمتلكّان الاثنين معـّا فّفرانسوا بالـرغم منّ أن مهمته الأسّاسية هي
حرّاسة ماريّ لكنه قّلق علىّ نايتّ و ماريّ بالّرغم منّ أنّ الأمرّ كله لأجّلها لكنهاّ لا تستطيّع أنّ تعيشّ بدّونهمّ ، إنهّم المصدرّ
الذيّ تستمدّ منهّ قّوتهاّ ،
فتحتّ الممـّرضة بّاب غـّرفتها بكلّ هدوء ثمّ تّقدمت منهاّ بّخطّواتّ رشيّقة ، وضـعتّ حبّة الدواءّ أمامّ ماريّ و طـّلبت بّلهجةّ شديدةّ
التهـذيبّ فيّ غـّاية الحـذرّ أنّ تشّربها لكنّ ماريّ تجاّهلتها و هيّ تراقبّ الضّوضاء بّلا مبّالاة ، حينهاّ أخذّها فرانسواّ و شكرّها
ليّضع الدّواء أمامّ ماريّ قـّائلاّ بّتأنيبّ
ـ سيدّتي لقدّ احترمتّ الممرضةّ حزنكّ و لمّ تطلبّ منكّ العودةّ للغـّرفة لكنّ أنّ لا تأخذيّ الدواءّ هذّا أمرّ مبّالغّ فيه، أرجّوك كافحيّ
كّي نعـّود بّسرعة إلىّ لندن
تنهـدتّ ماريّ بأسىّ هذاّ ليسّ منصّفا بحقّ فرانسواّ أيضّا إذّ حتىّ هوّ لمّ يرغبّ فيّ أنّ يأتيّ إلىّ فرنساّ ، لذّلك أمسكتّ بكأسّ الماءّ
بكلّ غـّيض رافّضة أنّ يتمّ معّاملتها كالعـّاجزة و وضعتّ حبةّ الدواءّ بّفمها لترتشفّه فيّ ظرفّ ثّانية فجأةّ رنّ هاتفّ فرانسواّ كاسّرا
ذلكّ الصمتّ الموحشّ لتستديرّ ماريّ ناحيّته بّسرعةّ و قدّ ظهرت علىّ ملامحّها الحزينةّ ابتسّامة مشّرقة مليّئة بالشّوق و الحماسّ
بينماّ ترددّ فرانسواّ فيّ الردّ حالماّ رأىّ ردّة فعلهاّ المبالّغ بهاّ لذلّكّ مد الهاتفّ ناحيّتها قّائلاّ بّتردد
ـ سيدتيّ يمكنكّ الردّ إنّ أردتّ
اتسعتّ ابتسامتهاّ إشّراقاّ لماّ لمحتّ إسمّ نايتّ يّعلوا شّاشته فاستنشقتّ أكبرّ كميّة من الهّواء تستطيعّ رئتيها أخذّها و وضعتّ يدّها
علىّ قلبهاّ بّمحاولة فّاشّلة فيّ تخفيفّ دقّاته المسّرعة قدّ حدثّ كلّ هـذاّ أمامّ أنـظارّ فرانسواّ الذيّ كتمّ ضحـّكاته بينماّ أجّابت الأخيرّة بسّعادة
ـ نـّايت ، لقدّ اشتقتّ إليكّ ..
ثمّ صمتتّ بإحراجّ عندّما تذّكرت ماّ فّعلته آخر مّرة فيّ المطاّر و لمّ تستطعّ أنّ تتفوهّ بأكثرّ من هـذّه الكلّمات ، بينماّ وضـعّ نايت نّظاراته
جاّنباّ فّلعلمه بّشخصية ماريّ منّ المستحيلّ أنّ تصمتّ الآنّ لذّلك تّوقف عنّ التركيزّ فيّ أوراّقه الموجودّة أمامهّ بمكتّبه و أجـّابهاّ بنبرةّ هـّادئة
ـ حسناّ ، أعـلمّ .. ماّ الذيّ قـّاله الأخصّائيّ عنّ حالتكّ ؟
لدىّ سماّعها لّصوته الهـّادئ المخّمليّ شّعـّرت بّقطّرات حاّرة تّنهمر علىّ وجّنتيهاّ لقّد مرّ هذاّ الأسبوعّ عليهاّ كّدهر بدّونه ، مجردّ فكرّة
تّركه بّعد إنهائهاّ لدورهاّ تحطمّ قلبهاّ لأشلاءّ فّحبّها نـّحوه لاّ يستطيعّ أحدّ تّقديره لاّ حملّه بالّرغم منّ دموعهاّ إلاّ أنّ ابتسّامة رقيّقة علتّ
شفتيهاّ فقدّ سّألهاّ نايتّ و لأولّ مرةّ منذّ رحلّتهما معاّ عنّ حالّتها ألاّ يستحقّ الأمرّ الثّناء ؟ صّمتت لوهلةّ ثمّ أجـّابته بنبرةّ مرحةّ
ـ لقدّ أخبرنيّ أنّ سببّ عدمّ قدرتي على السيرّ لاّ يعود لّخلل بجسديّ بلّ لصّدمة أثرّ الحرقّ لذلّك سّوف لذّلك يجبّ علي الحصّول على استشارة
نفسيّة أو شيءّ من هذاّ القبيلّ ، يمكننيّ العودةّ إلى لندنّ
قطبّ نايت حاّجبيه غيرّ قّادر على استيعابّ كلامهاّ فأيّ علاجّ هذاّ يدوم لغاّية أسبوعّ و ماذاّ عن تلكّ الحّروق الخطيرّة التيّ أصيبت بّها ؟
فقدّ سقطّ الفولاذّ على قدّميها ، بينماّ ضحكّ فرانسوا بخفّوت فقدّ حرفتّ ماريّ جميعّ أقواّل الأخصائيّ قبلّ أن تحاولّ بثّ الأملّ فيّ نايت
يجدرّ بهاّ أن تبثّ الأمل فيّ قلبها فيّ حين تحدثّ نايت بّإستنكارّ
ـ ما هذاّ الذيّ تقولينه ؟ أعطيّ السّماعة لفرانسوا
زمتّ ماريّ شفتيهاّ بّإنزعاجّ منّ ردّه المفحمّ بّشتى أنواعّ البّرود كأنهاّ لّم تغّادر جاّنبه قطّ ، كأنّ هذاّ الأسبوعّ لمّ يّمضي عليه أبداّ
لذلّك علاّ ملامحّها عبوسّ و يأسّ منّ شخصّيته السّاكنة فتّرددتّ كثيراّ قبلّ أنّ تتحدثّ لكنهاّ قّاومت ضّعفها قـّائلة بنّبرة خجلة
ـ نـّايت أريدّ فقطّ أنّ أخبـّرك .. أنـّا أحـ
قّاطعهاّ نايتّ و هو يّعيدّ جّملته بكلّ برودّ طالبّا منهاّ إعطاءّ السّماعة لفرانسواّ فمدتّ الهاتفّ ناحيّة فرانسواّ بّهدوء حينّ سمعّ صّوت
ناّيت كادّ أنّ يسقطّ الهاتف من بينّ يدّيه لولاّ أنهّ تداّرك نفسهّ ، تحدثّ بنبرةّ مرتبكةّ
ـ أهـلاّ سيديّ ، .. أجـّل أناّ أسمـعكّ .. حسناّ
ثمّ سّار بخـطّوات سريعـةّ مغـّادراّ الغـّرفة بينماّ اتجّهت ماريّ إلىّ سريرّها و بـّعد محاّولات عـّديدةّ استطاعتّ أخيـراّ أنّ تضّع جسّدها عليهّ ،
أسندتّ رأسها على وسّادتها و أغّلقت عينيهاّ بّشدة رافّضة أنّ تسبحّ فيّ بحرّ دموعهاّ مجـدداّ ، بالّرغم منّ أنّ نايتّ لمّ يقلّ شيئاّ جّعلها تّبكيّ
لكنّ فقطّ الضّغط الذيّ تتعرضّ إليهّ يّضعها فيّ حزنّ دائّم ، إنهاّ تّرغبّ أنّ يّخبرهاّ نايتّ كلمةّ لطيّفة رقيقّة لعلهاّ تستعيدّ ثّقتها بنفسهاّ حتىّ فلورّا
أختهاّ لم تقمّ بمراسلتهاّ أو الاتصال بهاّ للاطمئنان عنهاّ ، ويّليامّ كذلّك و أيضّا السيدّة فرانسيسّ .. الوحيدّ الذيّ اتصلّ هو نايتّ بّعد مرور أسّبوع
علىّ وصولهاّ لفرنسّا ليسّ للاطمئنان على حالّتها و إنماّ مجردّ أعمالّ ، هـذاّ يجّعلها تعتقدّ أنهاّ لاّ تعنيّ شيئاّ لهمّ ،

/

بينّ ثّناياّ فسّتانهاّ الأسودّ المخمليّ قدّ انسّدل بّانسجامّ متناغّما معّ تفاصيلّ جسدّها النحيلّ المثّاليّ تنـظرّ بعينيهاّ الواسعتينّ الّساحرتين
نـّاحية ذلّك الإسمّ الذيّ له مكانةّ مميزةّ بداّخل قّلبها الصّغيرّ فرّسمت علىّ شفتيهاّ المثيرتينّ ابتسـّامة رقيقةّ لطيّفة لتضغطّ علىّ زرّ الإرسّال
كأنهاّ مراّهقة فيّ السّادسة عشرّ من العمرّ ، إنهاّ تلكّ المرأةّ الذيّ عشقهاّ يجريّ كسّريان الدماءّ فيّ عـّروقه ، المرأةّ نفسهاّ التيّ أخذتّ روحه
و كيّانه معهاّ ، عنـدّما لمحّ ضحكاّتها الخافتةّ رسمّ على شفتيهّ دونّ إدراكّ ابتسّامة وله و حبّ شديدّ متناسياّ خيانتهاّ العظيمةّ لهّ ، فجـأةّ تداركّ
نفسهّ فّسارع بّإخفاءّ مشاعرهّ الواضحةّ بقناعّ منّ الجمودّ و منّ أحسنّ تمثيلاّ للبرودّ أكثرّ منّ عـّائلة لبيّر ؟
نـّزع أنـّظاره عنهاّ مرغماّ علىّ تجاّهلهاّ و رفعّ ملفّا أحمرّ اللونّ كانّ قدّ وجدّه بداّخل مكتّبه اليومّ صّباحاّ ، كمّ هـذاّ غريبّ فّقد أخبرهّ سكرتيرهّ
أنّ هـذاّ الملفّ عندّ قدومه كانّ موجوداّ و لمّ يرى أحداّ يدّخله كماّ أنّ الكاميراّ لمّ تلتقطّ شيئاّ ، فتحـّه بكلّ فضولّ لتتسّع عينيهّ بصّدمة
لاّ مثيلّ لهاّ كيفّ لاّ و قدّ أحتل الملفّ مقاّلات عديدّة عنّ نايتّ ، رفّع الورقةّ الأولىّ ليجدّ صورةّ لنايتّ بّعمرّ الثّامنة عشرّ قدّ كانّ محتوى
المقّالة بّلغةّ غيرّ الإنجليزيةّ و ليستّ حتماّ فرنسيةّ لكنّ ما هـذاّ الذيّ يّراه أمامه ؟
كيفّ استطاع أحدّ أنّ يجلبّ معّلومات فيّ غاّية السّرية عنّ نايتّ ؟ و الأهمّ منّ أيّ بلدّ هذّه المقّالاّت ؟ ركزّ كايلّ نـظرّه و قدّ علتّ ملامحـّه
الجديّة و التصميمّ عندّما سقطتّ قطعّة ورقّ صّغيرة حمّراء اللونّ ألتقطها بّإستغرابّ ليّجدّ ملاحظة كتبّ عليهاّ بلونّ أسودّ [ إنّ كنتّ تّري
د خلعّ نايتّ منّ سلطّة لبيّر بّأكملها فّأناّ أملكّ المزيدّ ، معّ تحياتيّ صديقكّ ] شعـّر كايلّ بالصّدمة أشدّ عمقاّ ، ما هذاّ ؟ يبدواّ أنهاّ وثائقّ تّمنعّ
نايتّ من أخذّ منصبّ رئيسّ شركـاتّ لبيرّ لكنّ من هذاّ الرجلّ الذيّ يملكّ شيئاّ كهذاّ ؟ و لماذاّ يّساعدّه هوّ ؟ أيعقلّ أنّ لنايتّ أعداءّ غيرّه ؟
زفرّ كايلّ بّعدم استيعاّب هـذّه الوثائقّ الموجودّة بينّ يدّيه و باّلرغم من أنهّ الآن غيّر قّادر على قّراءة محتواهاّ إلاّ أنهاّ النقطّة الفاّصلة بينه
و بينّ نايتّ بّهذا الملفّ يستطيعّ أنّ يبعد نايتّ عنّ طريّقه دونّ أيّ عناءّ ، يّمكنه القّول رسمياّ أنهّ قدّ ضمنّ منصبّ شركّة لبيرّ ، يمكنهّ القولّ
دونّ أيّ خوفّ أنّه سوفّ يصبحّ مديراّ بعدّ جدّه ، هـذاّ .. هـذاّ لاّ يصدقّ، رفـعّ الملفّ بّسرعة و بخـطّوات متوترةّ قطعّ مسّافة جناحّه خلالّ دقيّقة،
اتجـهّ إلىّ مكتبّ جدّه مسّرعا ثمّ فتحّ البابّ بأقصى قّوته ، دّخلّ ليجدّ بيترّ يّحتل مكتبهّ بهدوء و بينّ يدّيه ملفاتّ عدةّ يستعدّ لتوقيعهاّ لماّ رأىّ
تـّصرف كايلّ الغريبّ توقفّ عنّ ما كانّ يّفعله لينـظرّ إلىّ حفيدّه و علاماتّ الاستغرابّ تعّـلوا وجههّ فمنذّ حادثةّ فلادميرّ لمّ يّأتيّ أحدّهما لهّ
، كادّ أنّ يسأله لولاّ أنّ كايّل دفّع بكومةّ المقاّلاتّ تلكّ إلىّ جـدّه واضعاّ إيّاها أمامّه قـّال بّنبرة حـّادة
ـ ما هـذاّ جديّ ؟
رفعّ الجدّ حاجبه بّإستنكارّ ثمّ أمسكّ بّمقالة ماّ بينّ يديّه لكيّ يشحبّ وجههّ تماماّ فّيصبحّ كأنهّ خاليّ منّ أيّ دماءّ ، أمسكّ بّقلبه الضّعيفّ غيرّ
قادرّ على احتمال الأمرّ و أخـذّ يّستنشقّ كميةّ معتبرةّ من الهواءّ كيّ يّهدأ نفسهّ عنـدّما عـّاد كايلّ يتحدثّ بكلّ غضبّ
ـ لقدّ سألتكّ عنّ محتوى هـذّه الأوراقّ ؟ ما هذه اللغة ؟ جديّ يستحسن بكّ أن تخبرني بالحقيّقة
نـظرّ الجـدّ بّصّدمة واضحـّة إلىّ تلكّ المقّالة التيّ احتوتّ على صّورة لنايتّ و هو بالّثامنة عشرّ من العمرّ ، شّعر أسودّ حريريّ و بشّرة
بيضّاء صّافية مـعّ عينينّ حـّادتينّ ذاّت فّطنة و ذّكاءّ تعّلوا شّفتيه ابتسّامة سّاخرة ، حينهاّ كادّ أنّ يغمى علىّ بيترّ فّكيف وصّلت أخبارّ مثلّ
هذه إلىّ كايلّ ؟ لمحّ تلكّ الرسّالة الحمراءّ الصّغيرة ليّقرأهاّ بعدم استيعاب ، ما هـذاّ ؟ هلّ هناكّ شخصّ يستهدفّ نايت ؟ فكـّاد كايلّ أنّ
يصيّح مجدداّ معرباّ عنّ انزعاجه عنـدّما قّال الجدّ بعصبية باّلغةّ
ـ منّ أعطاكّ هذاّ الملفّ كايّل؟ أخبرنيّ فوراّ ،
زفّر كايلّ بكلّ غيضّ ثمّ هز كتفّيه دّلالة علىّ عدمّ المعّرفة ليمسكّ الجدّ رأسه بّقلة حيّلة و آثارّ الدّهشة لاّ تزالّ على محيّاه ، إنّه الوحيدّ
الذيّ بجاّنب نايتّ يّعلم مدىّ خطورة هـذّه المقاّلاتّ فلو انتشرت هناّ بإنجلترا لرّبما قدّ تنتهيّ سيّرته المهنيةّ فيّ ظرفّ ثّانية ، هلّ يعلمّ نايتّ
بهذاّ ؟ حاولّ أن يتمالكّ أعصّابه فالتزم الصمتّ لعدةّ دقّائق ، ثمّ تـحدثّ بنبرةّ هـّادئة خافّتة
ـ كـّايلّ عدنيّ أنهّ و مهماّ تطلّب الأمرّ فإنكّ لن تستخدمّ أبداّ هذّه الوثائقّ ، أنـّا أعلمّ أنكّ لست علىّ وفاق معّ نايتّ لكنّ أرجوكّ مهماّ حدثّ
فّلاّ تستخدّمها لأنكّ لو فّعلتّ .. أرجوكّ
اتسعتّ عينايّ كايلّ بّعدم تصديقّ فجدّه بّوقاره بّكرامته العّالية و بّفّطنته السّريعةّ يترجاه هوّ فقطّ لأجلّ نايتّ ؟ هـذاّ يجّعله يّسعى لمعّرفة ما تّخبأه
هذّه الوثائّق أكثرّ و أكثرّ فإصّراره الشديدّ علىّ إخفاءّ الأمرّ أيقضّ شيئاّ كانّ كايلّ دوماّ ما يتّجاهله لطّبيعته اللامبّالية ، مـاضيّ الذيّ يّقبع خلفّ
نايتّ أسّراره كلّها لاّ يعلمهاّ غيرّ أنهّ ابن سكارليتّ عمته أيضّا أنّ والدّه قدّ توفيّ فّلا شيءّ آخرّ ، لذلّك جذبّ كايلّ كرسياّ إلىّ الأمامّ و جلسّ عليه
واضّعا قدّما على الآخرى لتعلواّ الجديّة مّحياه ، أسندّ ذّراعيه علىّ ركبتيه و قـّال بّنبرة بّاردة
ـ جديّ إنّ لم تقّنعني فّسوف أكونّ أناّ من ينشرّ هذه المقّالات على الانترنيتّ فوراّ ،
عـّاد الصّمت يّعم المكانّ إذّ أنّ تّردد الجد بدى واضحاّ فّتنهدّ بّقلة حـيّلة مجدداّ إذّ أنه لا يملك خياراّ آخراّ ، ليناديّ بّصوته على سوزي فإقتربتّ
الآخيرة و أغلقتّ بابّ المكتب خلفهماّ لتقفّ أمامهّ فيّ الرواقّ مراّقبة بعينينّ فّطنتين الخـدّم ، حكّ الجدّ جبهته ثمّ قّال بّأسى
ـ فقطّ عدنيّ كايلّ أنكّ ستكونّ إلىّ جانبّه إنّ وافتنيّ المنيةّ، أرجوكّ سوفّ يحتاجّ إلىّ الكثيرّ من الأشخاصّ لجانبهّ إنّ أرادّ أنّ يمضي بّمستقبلّه ..
تّردد كايلّ فيّ إبداّء موافقتّه لكنّ تلكّ النـظرّة اليّائسة و الحـّزينة التيّ علتّ ملامحّ وجّه جدّه أجبّرته علىّ الموافقّة ، فّتنهدّ بيترّ بّآهةّ مليئّة بشّتى
أنواعّ الألمّ ثمّ ألقىّ بّعينيهّ علىّ نـّافذته الواسّعة التيّ احتلت الجدارّ بأكمله ، لمّ يكنّ ليتخيلّ أبداّ أنهّ و فيّ هـذاّ العمرّ سّوف يجبرّ علىّ محـّاربة
مجدداّ .. لمّ تعدّ يدّيه تقوى علىّ حملّ أيّ شيءّ فكيفّ له أنّ يحميّ حفـّيده العّزيزّ ؟
بينماّ و خلفّ ذلّك الباّب كانتّ سوزي تّقف بّكل صّرامة فيّ حينّ أنهاّ تراقبّ الرّواق بّعينينّ حادتّين عندّما لمحتّ إليزابيثّ بطّلتها السّاحرة
كعاّدتها تّقدمتّ نحوهاّ فكشرتّ سوزيّ معربةّ عنّ عدمّ رضاهاّ لتّتحدثّ إليزابيثّ بنبرةّ متكبرةّ كونهاّ الآنّ تتكلمّ معّ شخصّ أقلّ مستوى عنهاّ
ـ ابتعدي دعيني أمرّ ..
نظرتّ إليهاّ سوزي مّن أسفلّ قدميهاّ إلىّ أعلى رأسهاّ بنظراتّ مستفزةّ مثيرّة للأعصابّ ثمّ ابتسمتّ بكلّ سخريةّ لتثبتّ قدميهاّ أكثرّ على الأرضّ
كأنهاّ لمّ تسمعّ كلماتّ إليزابيثّ منذّ قليلّ مماّ جعلّ الأخيرّة تشعرّ بالإهانةّ العّميقة فكشرتّ عنّ أسنانهاّ لتـظهرّ شخصيّتها الحادةّ قّائلة بّكل عصبيةّ
ـ أيتهاّ السّافلة لقدّ أمرتّك بالإبتعادّ لذاّ غادريّ قبلّ أنّ أطرّدك
تجاّهلتهاّ سوزيّ فّرفعت إليزابيثّ يدّها لتصّفعها عنـدّما أمسكتّها سوزيّ بكلّ خفةّ ثمّ أداّرتها لخلفّ ظهرهاّ بّعدها ثّبتتها علىّ الجـداّر فّصّرخت
إليزابيثّ بّألم و هي تشعرّ بذّراعها تطّحن تحتّ آثرّ ضغطّ سوزيّ التيّ اقتربتّ منهاّ أكثرّ لتهمسّ فيّ أذنهاّ بّنبرةّ بّاردة
ـ أنـّا أيتهاّ السّافلة لاّ أخضعّ لأوامرّ غيرّ تلكّ التيّ يطلّبها سيدّ نايتّ أوّ السيدّ لبيرّ لذّلك لاّ تحاوليّ تهديديّ فّأناّ و كماّ ترينّ
الآن أناّ أفقدّ أعصابيّ بسّهولة .
دّفعتهاّ جاّنبا و عـّادت تقفّ أمامّ الباّب كماّ لو كأنّ شيئا لمّ يكنّ مما جّعل إليزابيثّ تندهش لذّلك ابتعدتّ قّليلاّ إلىّ الخلفّ و عـّادت أدّراجّها بالفّعل
فّسوزي لاّ تخضّع لأوامرّها و كذلّك فرانسواّ لكنّ أن تّقدم علىّ تّصرف مثّل هـذاّ يجعلها تتسّاءل إن كانتّ سوزي بالفعلّ مجردّ خادمة أمّ أكثرّ من هذاّ ؟
توقفّت فجأةّ مترددةّ إذّ أنهاّ إنّ لم تدخل الآن إلىّ مكتب الجدّ فربماّ لن تّعلم ماّ الأسّرارّ التيّ تخبأهاّ تلكّ المقّالات لكن تواجدّ سوزيّ هناكّ يمنعهاّ
، زفرتّ بّعصبيةّ و غـّادرت مسّرعة لا بأسّ سوفّ تلحّ على كايلّ ليخبرهاّ عنّ تلكّ الأسّرار ماّ إن يّعود .. ابتسمتّ بكلّ غرورّ بالطّبع فّهو لنّ
يرفّض لهاّ أيّ طلبّ، إنهاّ ملكـّته
بّعد رّحيلها زمتّ سوزيّ شّفتيها بّكل غيضّ كم تمنتّ أنّ تكسرّ ذّراعها فيّ تلكّ اللحـّظة منّ الجيدّ فعلاّ أنهاّ تمالكتّ أعصّابها ، حكتّ جبّهتهاّ بّتوترّ إذّ
ماّ علم فرانسواّ فسوفّ يّصرخ و يصّرخ حتىّ تّصابّ بالصممّ إذّ أنهما الحـّرس لاّ يسمح لهمّ بّممارسةّ أيّ حركةّ عنيفّة ضدّ أيّ شخصّ إلاّ لغّاية
الضّرورة أوّ لحمايةّ سيدّهم ، هزتّ كتفيهاّ بلا مبّالاة فلاّ بأسّ لنّ يعلم لأنهّ ليسّ هناّ ..

/

كـّانت فلورا روبرتّ تجلسّ بكلّ هدوء علىّ الكرسيّ بينّ يدّيها يوجدّ كتـّاب ماّ باللغـّة الفّرنسيةّ يتحدثّ عنّ الشـعرّ و أنواّعه إذّ كـّان
ملكاّ لّماريّ أختهاّ أمـّامها سيدةّ فرانسيسّ التيّ تحضرّ القـّهوة بّنوع من الهدوءّ حينماّ رنّ جرسّ شّقتهاّ لكيّ تتقدّم الآخيرةّ ببطّء شديدّ نحـّوه ،
وضّعت يدّها على المقبضّ و أداّرته لتجدّ كليرّ تّقف بأنـّاقتها و شّعرهاّ الأشقرّ الطّويل مموجّ مرّفوع علىّ شكلّ ذيلّ حصّان فّأثّار الأمرّ استغرابّ
فلورّ إذّ أنّ كليرّ دوماّ ما تفادت مواجّهتها لكنّ هاهي الآن تقفّ أمامهاّ دونّ مبالاّة لذّلك اعتقدتّ أنّها هناّ للبحثّ عنّ أخيهاّ فقـّالت بّنبرة جـّافة
ـ أنـّا لاّ أعلمّ مكانّ آرثرّ فّلا فائّدة من سّؤاليّ ،
ثمّ تركتهاّ بّكل بّرود لتعـّود كيّ تجلسّ علىّ الأريكـّة حينّ دّخلت كليرّ منّ بّحلتها البّهية و حـّضورها الطاّغي المشٍّرق تّضع نـّظارتين و سـّاعة
رولكسّ غـّالية الثّمن فّزمتّ فلورا شّفتيها بّتعاسّة مفكرّة لوّ أن كليرّ تّعطيّ القليل من المالّ لأخيهاّ لكان هـذاّ أفضلّ لهم جميعاّ و لّعله كان قدّ
استطاعّ أنّ يّبدأ مشروعه ، لماّ رمقتها كليرّ ببرودّ لولاّ أنها توقفت لوهلة حيثّ بدى عليهاّ الترددّ الشديدّ ، بّعد فترةّ تحدثتّ بنبرةّ متوترةّ مرتبكّة
ـ هـذاّ ليسّ من عـّادتيّ و أناّ لاّ أهتمّ فيّ الكثيرّ من الأحيّان لكنّ فجأةّ وجدتّ نفسيّ قّلقة لذاّ أرجواّ..
أخـذتّ نفسّا عميقاّ حيثّ قدّ إحمرتّ وجنتيهاّ من الخـجلّ لتشعرّ فلورّ بّقليل من الدّهشة فّإعتدلتّ فيّ جلستهاّ محاولةّ الإنتباهّ لحديثّ كليرّ
و أشـّارت لهاّ أنّ تجلسّ مقّابلة لهاّ بينماّ كانتّ فرانسيسّ تّراقبهماّ بكلّ حذرّ بطرفّ عينهاّ ، تحـدّثت كليرّ بّإحراجّ
ـ أنـّا أعلمّ أنهّ لا يحقّ ليّ أنّ أسّأل لكّن.. هلّ ماريّ بخيرّ ؟ فهيّ لمّ تعدّ تأتيّ للمحاضّرات و الكثيرّ من الأساتذّة يّتساءلون عنّ حالتهّا بعدّ
حفّلة فلادميرّ ،
نـظرتّ إليهاّ فلورّ بّحدةّ حالماّ ذّكرت إسمّ ماريّ على لسانهاّ لكنّ سّرعان ماّ ارتسمتّ صّفات الحزنّ و الألمّ عليهاّ إذّ تذّكرت أنهّ لم يتسنى لهاّ
وداعّ أختهاّ تمنتّ لوّ رأتّها لّثانية فقطّ لكنّ يبدواّ أنهاّ دوماّ متأخرّة خـطّوات للخلفّ ، لماّ لاحظتّ أنهاّ تأخرتّ فيّ الـردّ سّارعت
بالإجاّبة بّنبرة هـّادئة مبحوحةّ
ـ ليسّ تماماّ، إنهاّ مقعدةّ لا تستطيعّ السيرّ فكيفّ لها أنّ تكون بخيرّ ؟ و أعتقدّ أنهاّ سّوف تّدرس عنّ بـعدّ بطّريقة المرّاسلة أوّ شيءّ من
هذاّ القـّبيلّ لكنّ لماذاّ تسألين ؟
أومـأّت كليرّ بالإيجـاّب دّلالة على أنهاّ تتفهمّ سببّ عدمّ رغبة ماريّ فيّ الـعودةّ لمقـّاعد الدّراسة ، هيّ مقعدةّ فيّ النهـّاية و أنّ ترى نفسهاّ
عـّاجزة أمامّ جميـعّ زملاّئهم شيءّ مثيّر لشّفقة فّهزت كتفيهاّ و قـّالت
ـ هـكذاّ فقطّ ، لقدّ سمعتّ أنكّ قمتّ ببيعّ منزلكمّ لأخيّ ؟ هلّ هـذاّ صحيحّ ؟
زفـّرت فلّور بّحدةّ إذّ أنهاّ تكرّه أنّ يتدّخل أحدّ فّشؤونهاّ و بهـذّه الفّترة يوجدّ العديدّ من الأشخاصّ الذّين يحشّرون أنوفهمّ فيّ حيّاتهاّ كّويليام
مثّـلاّ و آرثرّ أيضاّ إلىّ جـّانب أخـّته كليرّ ، لكّن بالّرغم منّ ذلكّ أومأتّ بالإيجـّاب علىّ سّؤالهاّ و حـّملت آلة التحكمّ عنّ بعدّ بين أناّملها لتديرّ
القنواتّ بكلّ مللّ فّتّقدمت كليرّ أكثرّ و جـّلست بجّانبهاّ ، تنحنتّ لوهلةّ من الزمنّ غيرّ قاّدرة على التخلّص منّ خجلّها ثمّ قـاّلت بّتردد
ـ فلورّ ، أنـّا لاّ أعلمّ كيفّ أخبركّ بهذّا لكـنّ ..
نـظرتّ إليهّا فّلورا بّنظرّاتها النـّارية المشّهورة التيّ تنبّأ بّإقترابها الشديدّ من فقّدانها لأعصّابها فّحـّاولت جاّهدةّ أنّ تّحافظّ على هدوئهاّ و
هي تستمعّ لحديثّ كليرّ التيّ تجرأتّ بالّرغم من العدّاوة التيّ بينهماّ إلىّ طلبّ المسّاعدةّ بلّ حتىّ أنّ تظهرّ أمامهاّ ، هلّ نستّ من تكون
فلوراّ روبرت ؟ هزتّ فلور رأسهاّ نفياّ لتطرّد هذه الأفكارّ السوداءّ و حـّاولت التركيزّ لتقولّ كليرّ بّنبرة مرتبكةّ
ـ أنتّ تذّكرين أنكّ قلتّ بأنكّ سوفّ تساعدّين آخي على العودةّ للمنزلّ من أجلّ معرفّة مكان والدّتك ؟ و بماّ أنّك قدّ نـفذتّ وعدّك و قدّ صّار
آرثرّ جاّهزا للعـّودة إلىّ المنـزلّ أريدّ أنّا أيضاّ أنّ أفيّ بوعديّ ..
وضـعّت فرانسيس صّينية الشّاي علىّ المـّائدة و قدّمت واحدّا لكليرّ إذّ أنهاّ شعرتّ بمدى توترّ الجوّ حالما ذّكرت كليرّ على لسانهاّ والدّة
فلوراّ فّجلست بجانبهاّ مسّتعدة لسماعّ الاسوءّ عنـدماّ قـّالت كليرّ بّتردد أكبرّ
ـ فلورّا ربـماّ سوفّ تكذّبين مّا أتفوه بهّ لكنّني أقسمّ أننيّ أقولّ الحـّقيقة و لاّ شيءّ غيرّ الصدّق ، فـّلورا والدّتك سيليا يبدوا أنهاّ كانتّ تعيشّ
طّوال فّترة تركهّا لكماّ هنا لكنّ و بـعدّ أنّ إنتهى زفافّ ماريّ غـّادرت إنجلترا نهاّئياّ و بّصّراحة نحنّ لا نعلمّ أين هيّ
رفـعتّ فلور حاجبّها بسخريةّ فلاّ أحدّ يفوقّ والدّتهما أنانّية بلّ غباء كيفّ لها أنّ تتركهماّ بّهذه المحنةّ ؟ بالتفكيرّ في الأمرّ فحتىّ بّعد أنّ
احتلّ خبرّ عدّم قدرةّ ماري على سيرّ و الحروقّ التيّ أصابتّ قدّميها الجّرائدّ إلاّ أنهاّ لمّ تّقم بالإتصال لذاّ هي تّوقفت عنّ البحثّ عنها منذّ مدةّ
ليسّ لأنهاّ استسلمتّ بلّ تيقنتّ إذّ كانتّ والدّتهما تحبّهما فّعلا فلنّ تتركّ جانبّ والدّهما منذّ البدّاية فّهزت فلورا كّتفيهاّ دلالة على عدمّ الإهتمامّ
و هي تتحدثّ بكلّ تهكم و نبرةّ جـّافة
ـ منّ يهتمّ ؟ و إنّ كانتّ وجّهتهاّ هي الجحيمّ نفسهّ فلن أهتمّ ، حسناّ شكراّ على إخباريّ لكن كماّ تريّن لقدّ توقفتّ منذّ زمنّ عنّ محاولةّ البحثّ عنهاّ ،
هيّ لا تستحقّ قطّرة من تعبيّ
نـظرتّ إليهاّ كليرّ بدّهشة لكنهاّ تمالكتّ نفسهاّ ثمّ وقفتّ لتّشكر سيدّة فرانسيسّ على الشايّ و لإستقبالهاّ أيضاّ بّعد ذلّك غـّادرت بّخـطّوات هـّادئة
مـطّمئنة الآنّ نفذتّ دّين فلوراّ نحوهمّ و الآن فقط تستطيعّ أن تطّمئن على مسّتقبلّ عـّائلتها فّآرثر سوفّ يعودّ بالّرغم منّ أنها تشعرّ بالقليلّ من
الشّفقة نحوّ عـّائلة روبرتّ التيّ و طـّوال فترةّ عّيشها لمّ تعرفّ السّعادةّ فمنّ تّرك سيلياّ لهمّ إلىّ غـّاية إصّابة جوناثانّ بسرطاّن الدمّ و محاولتهّ
اليائّسة فيّ تأمين مسّتقبلّ ابنتيه ثمّ و أخيراّ عجزّ ماريّ و فقدّانهم لمنزلهمّ الذيّ لطالماّ احتواهم ،
فيّ حينّ زفّرت فلورّ بكلّ غيضّ لتّغـّادر هيّ الأخرى المبنى و قدّ وضعتّ سماعاتّ على أذّنيهاّ مشّغلة الموسيقىّ دونّ أن تـأبهّ لكميةّ المّعلومات
التيّ قدّمتها كليرّ لهاّ عنّ والدّتهاّ سيليا ، أخذتّ تسيرّ في الطـّرقاتّ دونّ مبّالاة و يديّها فيّ جيّبها مفكرّة .. لاّ تصدقّ أنهاّ قامتّ ببيع منزلّ والدّهم إلى
آرثرّ الـرجلّ الذيّ تـكرّهه ، لكنّها تّحاول مّواساة نفسهاّ و ذلكّ بّجعلها تّظن أنّ آرثرّ قدّ عـّاد لّشخصيته القّديمة ، ذلكّ الـرجّل اللطيفّ المحبّ
لعـّائلته الذيّ كانّ صديقاّ لها فيّما مضى لكنّ و بالّرغم منّ أنهاّ تصدقّ تغيّره إلا أنّ هناكّ شيءّ يثيرّ قّلقهاّ ، أيّعقلّ أن كلّ هـذاّ الألمّ و القلقّ الذيّ
تشعرّ به فقطّ لأنه لم يتسنى لهاّ وداعّ ماري ؟
شّتمتّ بنـّبرة حـّادة محدّثة نفّسها فكيفّ لها أن تكونّ بهاّ الضـّعف ؟ أيّن اختفت فلوراّ المرأةّ الصّلبة التيّ تدافعّ عنّ عـّائلتها دون كلّل أو مللّ ؟
فجأةّ لمحتّ سيّارة ويّليامّ قـّادمة فوقفتّ أمامّه ملّوحة لهّ ليّضغط على الفّرامل بّكل قّوة ، وضـعّ ويّليام يدّه على قّلبه بكلّ ذّعر بينماّ تمسكّ أوسكارّ
الذيّ كان يجلسّ بجانبه بالكرسيّ و ملامحـّه كّانت لا تّقدر بثمنّ ، حينّ تقدّمت فّلورا منهماّ فتحتّ البّاب بلا مبّالاة و حّيته قـائلة
ـ ويلّ لقدّ أتيتّ فيّ الوقت المناسبّ ، أريدّ منكّ أن توصّلني إلىّ مقّر عـمليّ
لفترة من الزمن بّقي ويليام على حاله ممسكا بّقلبه و وجـهه شّاحب جداّ حتىّ استدارّ ناحيّتها راسمّا على شّفتيه ابتسـّامة مرتبـكّة
لكنهاّ جـذّابة فيّ نفسّ الوقتّ ، أشـّار على المقعدّ الخلفيّ بّإصبعّ مرتجف و قالّ
ـ بالطـّبع تفضلّي
بينماّ وضـعتّ فلورا ذّراعها علىّ سقف السّيارة بحركةّ صبياّنية لا مبّالية و هي ترمقّ أوسكارّ المندّهش بّنـظرّات حـاّدة نارّية ، أيـعقلّ أن يتعرفّ
ويليام على أشخاصّ مثلهاّ ؟ إنهاّ مجنونة بالكاّمل فقدّ رمتّ نفسهاّ أمامّ سيّارة ؟ لكنّ و من النـظرّ إليهاّ فّهيّ لا تّبدوا عـّاقلة تماماّ ، أيضاّ كيفّ
لوليامّ أن يتعاملّ معها بهـذّه الطرّيقة ؟ كماّ لو كأنّ شيئا لمّ يكن ؟ فتحدثّت فلور بحدةّ
ـ يّا رجلّ ماذاّ بك تتصرفّ مثلّ الفتيات ؟
قطبّ أوسكارّ حاجبّيه بغيرّ رضا و كادّ أنّ يردّ عليهاّ لولاّ أنّ ويّليام أمسكّ بمّعصمهاّ لّيقودّها ناّحية المقعدّ الخلفيّ مثلّما أشّار سابقاّ فدّفعهاّ
و أغلقّ البابّ خلفهاّ ليّعودّ إلىّ مكانه ، أدارّ السّيارة متجهاّ إلىّ مقرّ عملهاّ عندّما توسطتّ فلورّ المقاعّد و جذبّت أوسكارّ منّ حلقّه الموجودّ فيّ
أذنه فصّرخ متّألماّ و إلتفت ناحيّتها صّارخاّ بّقهر
ـ ماذا تّريدين ؟
أخذّ ويليامّ يقودّ بكل تّوتر فّتصرفاتّ فلورّ غـّريبة منذّ أنّ غاّدرت ماريّ و هي على هـذّه الحـّال ، حينماّ اقتربتّ فلورّ من وجـهّ أوسكارّ أكثرّ
و رسمتّ على شفتيهاّ ابتسامة حـّاقدة
ـ ذلّك مكاني الذيّ تجلسّ عليه، إنه ملكي
استنكرّ أوسكارّ ردّة فعلها و نـظرّ إلىّ ويليامّ الذيّ يشيرّ له بأنّ لاّ يأخذّ كلامها على محملّ الجـدّ فّيبدوا واضحاّ له أنّ فلور تّبحثّ عنّ الشجـّار
لاّ غـيرّ ، إنهاّ تّريد الحـّصول علىّ شيءّ تفرغّ فيهّ حزنها و ألمهاّ حيثّ و خـّلال هـذاّ الأسبوعّ صّارتّ فلور تّعود متأخرةّ للمبنى تّدخل إلىّ شقته
بلاّ مبالاةّ ، بلّ حتىّ أنهاّ قامتّ بلكمّ موصلّ البريدّ لإزعاجّها فيّ الصباحّ الباكرّ و لو لمّ تكن فرانسيسّ هناكّ لّصار الحيّ حلبّة مصّارعة ،
بعّد مرورّ نصفّ سّاعة تّوقفّ ويّليام أمامّ مقّر عملّ فّلورا فّنزلتّ الأخيرّة منّ السيّارة بملامحّ بّاردة ، نـظرتّ إلىّ أوسكارّ الذيّ لاّ يزالّ
يّرمقهاّ بّكل حدةّ فّرفعّت حاجبهاّ دلاّلة علىّ رغّبتها الشديدةّ فّلكمه لّيديرّ أوسكارّ رأسهّ متأفّفا ، اقتربت فلوراّ من ويّليام و ربتتّ على كتفه
بكلّ سخرية قّائلة
ـ اعتني بّحبيبتكّ جيداّ قّبل أنّ تنقضّ عليناّ حسناّ ،
ثمّ استـدارتّ راحـّلة غيرّ مبّالية بينماّ تنهدّ ويليّام بأسىّ ، متىّ سوفّ تعودّ إلىّ رشدّها؟ متىّ ستكفّ عنّ إثاّرة الصخبّ فيّ كل مكان تذّهب إليه ؟
نـظرّ إليهاّ لوهلةّ من الزمنّ و هي تعبرّ الطريقّ بّبرودّ فجأةّ استدارت ناحيّته لتّرمقـّه بنظراتّ غّامضة لمّ يستطعّ أنّ يجدّ لهاّ تفسيراّ ثمّ
رفعـتّ يدّها ملوحـّة له بّالوداعّ ،
بينماّ شـعرّ ويليامّ بّيأسّ شديدّ تنهدّ ويليامّ بأسى حالماّ إختفتّ فلوراّ من مرمى عينيهّ ليّضع رأسه علىّ المقودّ بّقلة حيّلة ، فتاتيّ روبرتّ تثيرّان
جنونهّ فـّأحدّهما ضّعيفة لدرجّة الهشـّاشة يّخافّ عليهاّ منّ ملمسّ القطّن الناّعم بينماّ الآخرى مجنونةّ تّفقدّه عقّله مندّفعة بكلّ ما أوتيتّ من قوةّ
لاّ تأبه منّ عدوهاّ حتىّ لو كانّ رئيسا و بالّرغم منّ قوتهاّ المثيرّة للإعجابّ إلاّ أنه يجدّ نفسّه قّلقاّ عليهاّ ، ماّ الأمرّ معّ عـّائلة روبرتّ ،
ما الذيّ يتوجبّ عليه فعله ؟ لإنقاّذهما ؟




 

رد مع اقتباس
قديم 03-10-2020, 12:58 AM   #54
JAN
مِرأة وٓاحدة … إنعِكاسات شٓتى !

الصورة الرمزية JAN
JAN غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 115
 تاريخ التسجيل :  Mar 2020
 العمر : 23
 المشاركات : 9,849 [ + ]
 التقييم :  23316
لوني المفضل : Black
شكراً: 0
تم شكره 6 مرة في 6 مشاركة

مشاهدة أوسمتي




الـشّابتر الـسابع و العـّشرون

ـ فقطّ إذّا كنتّ ملكاّ ليّ ـ


تلكّ الأنوار المتلألئةّ بتأنقّ تّلمعّ فيّ الأفقّ منيّرة بـاريس عـّاصمة فرنساّ بأكملها قدّ جالتّ ماريّ بعينينّ واسـعتينّ
منّ شّرفتهاّ كلّ ماّ التقطتّه و كلّ ماّ جذبّ إنتباههاّ ، حينّ تّساقطتّ حبّات ثّلج على حضّنها لتّرفع يدّها للأعلى نـّاحية السماءّ
الشيءّ الوحيدّ الذيّ يذّكرها بلندنّ هوّ هـذّا الجـّو البّارد كّقلب نايت تماماّ أماّ الأمرّ الوحيدّ الذيّ يّقلصّ من وحدّتهاّ هوّ أنهماّ
تحتّ نفسّ السمـّاء لكنّ المنـّاظر تّختلفّ فقطّ ،
تقّدم فرانسواّ منهاّ بخـطّوات هـّادئة و وضـعّ غطاّءا على كتفيها لّيقيها منّ الإصّابة بالّرشح بينماّ لمّ تظهرّ أيّ ردّة فعلّ
بلّ إكتفتّ بّالنـظرّ صّامتةّ نـّاحية الأفّق ، ليتنهدّ فرانسواّ بّقلة حيلةّ إذّ أنهّ قدّ مر أسّبوع على وصّولهماّ لباريسّ و هماّ الآن
يقّطنانّ بهـذاّ المـّستشفى فيّ الجـّناح الخاصّ حيثّ يّعتبر فرانسوا مّرافقاّ لهاّ ، تّحدث بنبّرة عـّملية بّها قّليل من الحـّنان
ـ سيدتيّ يجدرّ بك الـدّخول للغـّرفة هـذاّ أفضّل لصّحتك
لمّ تتحركّ قيدّ أنملةّ فّعـّاد فرانسواّ لّيتنهد بّيأسّ أينّ تلكّ الفتاة التيّ كانتّ تودع نايتّ بإبتسامةّ و ضحكاّتها تّملأ المطّار ؟
لكنّه سّرعان ماّ تفهمّ حزنهاّ و قدّ إنهالتّ إلىّ مسامعه كلمّات البّروفيسورّ المعـّالج لماريّ ، لقدّ قّال بّوضوحّ تامّ أنّ أملهاّ فيّ
استعادة قّدرتها على السيّر ضئيل جدا أيضّا لقدّ أخبرتهاّ طّبيبة النفّسانيةّ أنّ صدّمة التيّ تلقتها إثرّ الحريقّ هوّ العـّامل الأسّاسيّ
فيّ جّعلها تفقدّ السيرّ لذلّك يجبّ عليها أن تبذلّ جهدّها لّتتخلى عنّ حزنهاّ هـذاّ ، حكّ جبينه بقّلة حيّلة إذّ أن الأمرّ يسترعي الكثيٍّر
من العـملّ الجـّاد و الكثيرّ من الوقت أيضّا لكنّ كلاهماّ لا يمتلكّان الاثنين معـّا فّفرانسوا بالـرغم منّ أن مهمته الأسّاسية هي
حرّاسة ماريّ لكنه قّلق علىّ نايتّ و ماريّ بالّرغم منّ أنّ الأمرّ كله لأجّلها لكنهاّ لا تستطيّع أنّ تعيشّ بدّونهمّ ، إنهّم المصدرّ
الذيّ تستمدّ منهّ قّوتهاّ ،
فتحتّ الممـّرضة بّاب غـّرفتها بكلّ هدوء ثمّ تّقدمت منهاّ بّخطّواتّ رشيّقة ، وضـعتّ حبّة الدواءّ أمامّ ماريّ و طـّلبت بّلهجةّ شديدةّ
التهـذيبّ فيّ غـّاية الحـذرّ أنّ تشّربها لكنّ ماريّ تجاّهلتها و هيّ تراقبّ الضّوضاء بّلا مبّالاة ، حينهاّ أخذّها فرانسواّ و شكرّها
ليّضع الدّواء أمامّ ماريّ قـّائلاّ بّتأنيبّ
ـ سيدّتي لقدّ احترمتّ الممرضةّ حزنكّ و لمّ تطلبّ منكّ العودةّ للغـّرفة لكنّ أنّ لا تأخذيّ الدواءّ هذّا أمرّ مبّالغّ فيه، أرجّوك كافحيّ
كّي نعـّود بّسرعة إلىّ لندن
تنهـدتّ ماريّ بأسىّ هذاّ ليسّ منصّفا بحقّ فرانسواّ أيضّا إذّ حتىّ هوّ لمّ يرغبّ فيّ أنّ يأتيّ إلىّ فرنساّ ، لذّلك أمسكتّ بكأسّ الماءّ
بكلّ غـّيض رافّضة أنّ يتمّ معّاملتها كالعـّاجزة و وضعتّ حبةّ الدواءّ بّفمها لترتشفّه فيّ ظرفّ ثّانية فجأةّ رنّ هاتفّ فرانسواّ كاسّرا
ذلكّ الصمتّ الموحشّ لتستديرّ ماريّ ناحيّته بّسرعةّ و قدّ ظهرت علىّ ملامحّها الحزينةّ ابتسّامة مشّرقة مليّئة بالشّوق و الحماسّ
بينماّ ترددّ فرانسواّ فيّ الردّ حالماّ رأىّ ردّة فعلهاّ المبالّغ بهاّ لذلّكّ مد الهاتفّ ناحيّتها قّائلاّ بّتردد
ـ سيدتيّ يمكنكّ الردّ إنّ أردتّ
اتسعتّ ابتسامتهاّ إشّراقاّ لماّ لمحتّ إسمّ نايتّ يّعلوا شّاشته فاستنشقتّ أكبرّ كميّة من الهّواء تستطيعّ رئتيها أخذّها و وضعتّ يدّها
علىّ قلبهاّ بّمحاولة فّاشّلة فيّ تخفيفّ دقّاته المسّرعة قدّ حدثّ كلّ هـذاّ أمامّ أنـظارّ فرانسواّ الذيّ كتمّ ضحـّكاته بينماّ أجّابت الأخيرّة بسّعادة
ـ نـّايت ، لقدّ اشتقتّ إليكّ ..
ثمّ صمتتّ بإحراجّ عندّما تذّكرت ماّ فّعلته آخر مّرة فيّ المطاّر و لمّ تستطعّ أنّ تتفوهّ بأكثرّ من هـذّه الكلّمات ، بينماّ وضـعّ نايت نّظاراته
جاّنباّ فّلعلمه بّشخصية ماريّ منّ المستحيلّ أنّ تصمتّ الآنّ لذّلك تّوقف عنّ التركيزّ فيّ أوراّقه الموجودّة أمامهّ بمكتّبه و أجـّابهاّ بنبرةّ هـّادئة
ـ حسناّ ، أعـلمّ .. ماّ الذيّ قـّاله الأخصّائيّ عنّ حالتكّ ؟
لدىّ سماّعها لّصوته الهـّادئ المخّمليّ شّعـّرت بّقطّرات حاّرة تّنهمر علىّ وجّنتيهاّ لقّد مرّ هذاّ الأسبوعّ عليهاّ كّدهر بدّونه ، مجردّ فكرّة
تّركه بّعد إنهائهاّ لدورهاّ تحطمّ قلبهاّ لأشلاءّ فّحبّها نـّحوه لاّ يستطيعّ أحدّ تّقديره لاّ حملّه بالّرغم منّ دموعهاّ إلاّ أنّ ابتسّامة رقيّقة علتّ
شفتيهاّ فقدّ سّألهاّ نايتّ و لأولّ مرةّ منذّ رحلّتهما معاّ عنّ حالّتها ألاّ يستحقّ الأمرّ الثّناء ؟ صّمتت لوهلةّ ثمّ أجـّابته بنبرةّ مرحةّ
ـ لقدّ أخبرنيّ أنّ سببّ عدمّ قدرتي على السيرّ لاّ يعود لّخلل بجسديّ بلّ لصّدمة أثرّ الحرقّ لذلّك سّوف لذّلك يجبّ علي الحصّول على استشارة
نفسيّة أو شيءّ من هذاّ القبيلّ ، يمكننيّ العودةّ إلى لندنّ
قطبّ نايت حاّجبيه غيرّ قّادر على استيعابّ كلامهاّ فأيّ علاجّ هذاّ يدوم لغاّية أسبوعّ و ماذاّ عن تلكّ الحّروق الخطيرّة التيّ أصيبت بّها ؟
فقدّ سقطّ الفولاذّ على قدّميها ، بينماّ ضحكّ فرانسوا بخفّوت فقدّ حرفتّ ماريّ جميعّ أقواّل الأخصائيّ قبلّ أن تحاولّ بثّ الأملّ فيّ نايت
يجدرّ بهاّ أن تبثّ الأمل فيّ قلبها فيّ حين تحدثّ نايت بّإستنكارّ
ـ ما هذاّ الذيّ تقولينه ؟ أعطيّ السّماعة لفرانسوا
زمتّ ماريّ شفتيهاّ بّإنزعاجّ منّ ردّه المفحمّ بّشتى أنواعّ البّرود كأنهاّ لّم تغّادر جاّنبه قطّ ، كأنّ هذاّ الأسبوعّ لمّ يّمضي عليه أبداّ
لذلّك علاّ ملامحّها عبوسّ و يأسّ منّ شخصّيته السّاكنة فتّرددتّ كثيراّ قبلّ أنّ تتحدثّ لكنهاّ قّاومت ضّعفها قـّائلة بنّبرة خجلة
ـ نـّايت أريدّ فقطّ أنّ أخبـّرك .. أنـّا أحـ
قّاطعهاّ نايتّ و هو يّعيدّ جّملته بكلّ برودّ طالبّا منهاّ إعطاءّ السّماعة لفرانسواّ فمدتّ الهاتفّ ناحيّة فرانسواّ بّهدوء حينّ سمعّ صّوت
ناّيت كادّ أنّ يسقطّ الهاتف من بينّ يدّيه لولاّ أنهّ تداّرك نفسهّ ، تحدثّ بنبرةّ مرتبكةّ
ـ أهـلاّ سيديّ ، .. أجـّل أناّ أسمـعكّ .. حسناّ
ثمّ سّار بخـطّوات سريعـةّ مغـّادراّ الغـّرفة بينماّ اتجّهت ماريّ إلىّ سريرّها و بـّعد محاّولات عـّديدةّ استطاعتّ أخيـراّ أنّ تضّع جسّدها عليهّ ،
أسندتّ رأسها على وسّادتها و أغّلقت عينيهاّ بّشدة رافّضة أنّ تسبحّ فيّ بحرّ دموعهاّ مجـدداّ ، بالّرغم منّ أنّ نايتّ لمّ يقلّ شيئاّ جّعلها تّبكيّ
لكنّ فقطّ الضّغط الذيّ تتعرضّ إليهّ يّضعها فيّ حزنّ دائّم ، إنهاّ تّرغبّ أنّ يّخبرهاّ نايتّ كلمةّ لطيّفة رقيقّة لعلهاّ تستعيدّ ثّقتها بنفسهاّ حتىّ فلورّا
أختهاّ لم تقمّ بمراسلتهاّ أو الاتصال بهاّ للاطمئنان عنهاّ ، ويّليامّ كذلّك و أيضّا السيدّة فرانسيسّ .. الوحيدّ الذيّ اتصلّ هو نايتّ بّعد مرور أسّبوع
علىّ وصولهاّ لفرنسّا ليسّ للاطمئنان على حالّتها و إنماّ مجردّ أعمالّ ، هـذاّ يجّعلها تعتقدّ أنهاّ لاّ تعنيّ شيئاّ لهمّ ،

/

بينّ ثّناياّ فسّتانهاّ الأسودّ المخمليّ قدّ انسّدل بّانسجامّ متناغّما معّ تفاصيلّ جسدّها النحيلّ المثّاليّ تنـظرّ بعينيهاّ الواسعتينّ الّساحرتين
نـّاحية ذلّك الإسمّ الذيّ له مكانةّ مميزةّ بداّخل قّلبها الصّغيرّ فرّسمت علىّ شفتيهاّ المثيرتينّ ابتسـّامة رقيقةّ لطيّفة لتضغطّ علىّ زرّ الإرسّال
كأنهاّ مراّهقة فيّ السّادسة عشرّ من العمرّ ، إنهاّ تلكّ المرأةّ الذيّ عشقهاّ يجريّ كسّريان الدماءّ فيّ عـّروقه ، المرأةّ نفسهاّ التيّ أخذتّ روحه
و كيّانه معهاّ ، عنـدّما لمحّ ضحكاّتها الخافتةّ رسمّ على شفتيهّ دونّ إدراكّ ابتسّامة وله و حبّ شديدّ متناسياّ خيانتهاّ العظيمةّ لهّ ، فجـأةّ تداركّ
نفسهّ فّسارع بّإخفاءّ مشاعرهّ الواضحةّ بقناعّ منّ الجمودّ و منّ أحسنّ تمثيلاّ للبرودّ أكثرّ منّ عـّائلة لبيّر ؟
نـّزع أنـّظاره عنهاّ مرغماّ علىّ تجاّهلهاّ و رفعّ ملفّا أحمرّ اللونّ كانّ قدّ وجدّه بداّخل مكتّبه اليومّ صّباحاّ ، كمّ هـذاّ غريبّ فّقد أخبرهّ سكرتيرهّ
أنّ هـذاّ الملفّ عندّ قدومه كانّ موجوداّ و لمّ يرى أحداّ يدّخله كماّ أنّ الكاميراّ لمّ تلتقطّ شيئاّ ، فتحـّه بكلّ فضولّ لتتسّع عينيهّ بصّدمة
لاّ مثيلّ لهاّ كيفّ لاّ و قدّ أحتل الملفّ مقاّلات عديدّة عنّ نايتّ ، رفّع الورقةّ الأولىّ ليجدّ صورةّ لنايتّ بّعمرّ الثّامنة عشرّ قدّ كانّ محتوى
المقّالة بّلغةّ غيرّ الإنجليزيةّ و ليستّ حتماّ فرنسيةّ لكنّ ما هـذاّ الذيّ يّراه أمامه ؟
كيفّ استطاع أحدّ أنّ يجلبّ معّلومات فيّ غاّية السّرية عنّ نايتّ ؟ و الأهمّ منّ أيّ بلدّ هذّه المقّالاّت ؟ ركزّ كايلّ نـظرّه و قدّ علتّ ملامحـّه
الجديّة و التصميمّ عندّما سقطتّ قطعّة ورقّ صّغيرة حمّراء اللونّ ألتقطها بّإستغرابّ ليّجدّ ملاحظة كتبّ عليهاّ بلونّ أسودّ [ إنّ كنتّ تّري
د خلعّ نايتّ منّ سلطّة لبيّر بّأكملها فّأناّ أملكّ المزيدّ ، معّ تحياتيّ صديقكّ ] شعـّر كايلّ بالصّدمة أشدّ عمقاّ ، ما هذاّ ؟ يبدواّ أنهاّ وثائقّ تّمنعّ
نايتّ من أخذّ منصبّ رئيسّ شركـاتّ لبيرّ لكنّ من هذاّ الرجلّ الذيّ يملكّ شيئاّ كهذاّ ؟ و لماذاّ يّساعدّه هوّ ؟ أيعقلّ أنّ لنايتّ أعداءّ غيرّه ؟
زفرّ كايلّ بّعدم استيعاّب هـذّه الوثائقّ الموجودّة بينّ يدّيه و باّلرغم من أنهّ الآن غيّر قّادر على قّراءة محتواهاّ إلاّ أنهاّ النقطّة الفاّصلة بينه
و بينّ نايتّ بّهذا الملفّ يستطيعّ أنّ يبعد نايتّ عنّ طريّقه دونّ أيّ عناءّ ، يّمكنه القّول رسمياّ أنهّ قدّ ضمنّ منصبّ شركّة لبيرّ ، يمكنهّ القولّ
دونّ أيّ خوفّ أنّه سوفّ يصبحّ مديراّ بعدّ جدّه ، هـذاّ .. هـذاّ لاّ يصدقّ، رفـعّ الملفّ بّسرعة و بخـطّوات متوترةّ قطعّ مسّافة جناحّه خلالّ دقيّقة،
اتجـهّ إلىّ مكتبّ جدّه مسّرعا ثمّ فتحّ البابّ بأقصى قّوته ، دّخلّ ليجدّ بيترّ يّحتل مكتبهّ بهدوء و بينّ يدّيه ملفاتّ عدةّ يستعدّ لتوقيعهاّ لماّ رأىّ
تـّصرف كايلّ الغريبّ توقفّ عنّ ما كانّ يّفعله لينـظرّ إلىّ حفيدّه و علاماتّ الاستغرابّ تعّـلوا وجههّ فمنذّ حادثةّ فلادميرّ لمّ يّأتيّ أحدّهما لهّ
، كادّ أنّ يسأله لولاّ أنّ كايّل دفّع بكومةّ المقاّلاتّ تلكّ إلىّ جـدّه واضعاّ إيّاها أمامّه قـّال بّنبرة حـّادة
ـ ما هـذاّ جديّ ؟
رفعّ الجدّ حاجبه بّإستنكارّ ثمّ أمسكّ بّمقالة ماّ بينّ يديّه لكيّ يشحبّ وجههّ تماماّ فّيصبحّ كأنهّ خاليّ منّ أيّ دماءّ ، أمسكّ بّقلبه الضّعيفّ غيرّ
قادرّ على احتمال الأمرّ و أخـذّ يّستنشقّ كميةّ معتبرةّ من الهواءّ كيّ يّهدأ نفسهّ عنـدّما عـّاد كايلّ يتحدثّ بكلّ غضبّ
ـ لقدّ سألتكّ عنّ محتوى هـذّه الأوراقّ ؟ ما هذه اللغة ؟ جديّ يستحسن بكّ أن تخبرني بالحقيّقة
نـظرّ الجـدّ بّصّدمة واضحـّة إلىّ تلكّ المقّالة التيّ احتوتّ على صّورة لنايتّ و هو بالّثامنة عشرّ من العمرّ ، شّعر أسودّ حريريّ و بشّرة
بيضّاء صّافية مـعّ عينينّ حـّادتينّ ذاّت فّطنة و ذّكاءّ تعّلوا شّفتيه ابتسّامة سّاخرة ، حينهاّ كادّ أنّ يغمى علىّ بيترّ فّكيف وصّلت أخبارّ مثلّ
هذه إلىّ كايلّ ؟ لمحّ تلكّ الرسّالة الحمراءّ الصّغيرة ليّقرأهاّ بعدم استيعاب ، ما هـذاّ ؟ هلّ هناكّ شخصّ يستهدفّ نايت ؟ فكـّاد كايلّ أنّ
يصيّح مجدداّ معرباّ عنّ انزعاجه عنـدّما قّال الجدّ بعصبية باّلغةّ
ـ منّ أعطاكّ هذاّ الملفّ كايّل؟ أخبرنيّ فوراّ ،
زفّر كايلّ بكلّ غيضّ ثمّ هز كتفّيه دّلالة علىّ عدمّ المعّرفة ليمسكّ الجدّ رأسه بّقلة حيّلة و آثارّ الدّهشة لاّ تزالّ على محيّاه ، إنّه الوحيدّ
الذيّ بجاّنب نايتّ يّعلم مدىّ خطورة هـذّه المقاّلاتّ فلو انتشرت هناّ بإنجلترا لرّبما قدّ تنتهيّ سيّرته المهنيةّ فيّ ظرفّ ثّانية ، هلّ يعلمّ نايتّ
بهذاّ ؟ حاولّ أن يتمالكّ أعصّابه فالتزم الصمتّ لعدةّ دقّائق ، ثمّ تـحدثّ بنبرةّ هـّادئة خافّتة
ـ كـّايلّ عدنيّ أنهّ و مهماّ تطلّب الأمرّ فإنكّ لن تستخدمّ أبداّ هذّه الوثائقّ ، أنـّا أعلمّ أنكّ لست علىّ وفاق معّ نايتّ لكنّ أرجوكّ مهماّ حدثّ
فّلاّ تستخدّمها لأنكّ لو فّعلتّ .. أرجوكّ
اتسعتّ عينايّ كايلّ بّعدم تصديقّ فجدّه بّوقاره بّكرامته العّالية و بّفّطنته السّريعةّ يترجاه هوّ فقطّ لأجلّ نايتّ ؟ هـذاّ يجّعله يّسعى لمعّرفة ما تّخبأه
هذّه الوثائّق أكثرّ و أكثرّ فإصّراره الشديدّ علىّ إخفاءّ الأمرّ أيقضّ شيئاّ كانّ كايلّ دوماّ ما يتّجاهله لطّبيعته اللامبّالية ، مـاضيّ الذيّ يّقبع خلفّ
نايتّ أسّراره كلّها لاّ يعلمهاّ غيرّ أنهّ ابن سكارليتّ عمته أيضّا أنّ والدّه قدّ توفيّ فّلا شيءّ آخرّ ، لذلّك جذبّ كايلّ كرسياّ إلىّ الأمامّ و جلسّ عليه
واضّعا قدّما على الآخرى لتعلواّ الجديّة مّحياه ، أسندّ ذّراعيه علىّ ركبتيه و قـّال بّنبرة بّاردة
ـ جديّ إنّ لم تقّنعني فّسوف أكونّ أناّ من ينشرّ هذه المقّالات على الانترنيتّ فوراّ ،
عـّاد الصّمت يّعم المكانّ إذّ أنّ تّردد الجد بدى واضحاّ فّتنهدّ بّقلة حـيّلة مجدداّ إذّ أنه لا يملك خياراّ آخراّ ، ليناديّ بّصوته على سوزي فإقتربتّ
الآخيرة و أغلقتّ بابّ المكتب خلفهماّ لتقفّ أمامهّ فيّ الرواقّ مراّقبة بعينينّ فّطنتين الخـدّم ، حكّ الجدّ جبهته ثمّ قّال بّأسى
ـ فقطّ عدنيّ كايلّ أنكّ ستكونّ إلىّ جانبّه إنّ وافتنيّ المنيةّ، أرجوكّ سوفّ يحتاجّ إلىّ الكثيرّ من الأشخاصّ لجانبهّ إنّ أرادّ أنّ يمضي بّمستقبلّه ..
تّردد كايلّ فيّ إبداّء موافقتّه لكنّ تلكّ النـظرّة اليّائسة و الحـّزينة التيّ علتّ ملامحّ وجّه جدّه أجبّرته علىّ الموافقّة ، فّتنهدّ بيترّ بّآهةّ مليئّة بشّتى
أنواعّ الألمّ ثمّ ألقىّ بّعينيهّ علىّ نـّافذته الواسّعة التيّ احتلت الجدارّ بأكمله ، لمّ يكنّ ليتخيلّ أبداّ أنهّ و فيّ هـذاّ العمرّ سّوف يجبرّ علىّ محـّاربة
مجدداّ .. لمّ تعدّ يدّيه تقوى علىّ حملّ أيّ شيءّ فكيفّ له أنّ يحميّ حفـّيده العّزيزّ ؟
بينماّ و خلفّ ذلّك الباّب كانتّ سوزي تّقف بّكل صّرامة فيّ حينّ أنهاّ تراقبّ الرّواق بّعينينّ حادتّين عندّما لمحتّ إليزابيثّ بطّلتها السّاحرة
كعاّدتها تّقدمتّ نحوهاّ فكشرتّ سوزيّ معربةّ عنّ عدمّ رضاهاّ لتّتحدثّ إليزابيثّ بنبرةّ متكبرةّ كونهاّ الآنّ تتكلمّ معّ شخصّ أقلّ مستوى عنهاّ
ـ ابتعدي دعيني أمرّ ..
نظرتّ إليهاّ سوزي مّن أسفلّ قدميهاّ إلىّ أعلى رأسهاّ بنظراتّ مستفزةّ مثيرّة للأعصابّ ثمّ ابتسمتّ بكلّ سخريةّ لتثبتّ قدميهاّ أكثرّ على الأرضّ
كأنهاّ لمّ تسمعّ كلماتّ إليزابيثّ منذّ قليلّ مماّ جعلّ الأخيرّة تشعرّ بالإهانةّ العّميقة فكشرتّ عنّ أسنانهاّ لتـظهرّ شخصيّتها الحادةّ قّائلة بّكل عصبيةّ
ـ أيتهاّ السّافلة لقدّ أمرتّك بالإبتعادّ لذاّ غادريّ قبلّ أنّ أطرّدك
تجاّهلتهاّ سوزيّ فّرفعت إليزابيثّ يدّها لتصّفعها عنـدّما أمسكتّها سوزيّ بكلّ خفةّ ثمّ أداّرتها لخلفّ ظهرهاّ بّعدها ثّبتتها علىّ الجـداّر فّصّرخت
إليزابيثّ بّألم و هي تشعرّ بذّراعها تطّحن تحتّ آثرّ ضغطّ سوزيّ التيّ اقتربتّ منهاّ أكثرّ لتهمسّ فيّ أذنهاّ بّنبرةّ بّاردة
ـ أنـّا أيتهاّ السّافلة لاّ أخضعّ لأوامرّ غيرّ تلكّ التيّ يطلّبها سيدّ نايتّ أوّ السيدّ لبيرّ لذّلك لاّ تحاوليّ تهديديّ فّأناّ و كماّ ترينّ
الآن أناّ أفقدّ أعصابيّ بسّهولة .
دّفعتهاّ جاّنبا و عـّادت تقفّ أمامّ الباّب كماّ لو كأنّ شيئا لمّ يكنّ مما جّعل إليزابيثّ تندهش لذّلك ابتعدتّ قّليلاّ إلىّ الخلفّ و عـّادت أدّراجّها بالفّعل
فّسوزي لاّ تخضّع لأوامرّها و كذلّك فرانسواّ لكنّ أن تّقدم علىّ تّصرف مثّل هـذاّ يجعلها تتسّاءل إن كانتّ سوزي بالفعلّ مجردّ خادمة أمّ أكثرّ من هذاّ ؟
توقفّت فجأةّ مترددةّ إذّ أنهاّ إنّ لم تدخل الآن إلىّ مكتب الجدّ فربماّ لن تّعلم ماّ الأسّرارّ التيّ تخبأهاّ تلكّ المقّالات لكن تواجدّ سوزيّ هناكّ يمنعهاّ
، زفرتّ بّعصبيةّ و غـّادرت مسّرعة لا بأسّ سوفّ تلحّ على كايلّ ليخبرهاّ عنّ تلكّ الأسّرار ماّ إن يّعود .. ابتسمتّ بكلّ غرورّ بالطّبع فّهو لنّ
يرفّض لهاّ أيّ طلبّ، إنهاّ ملكـّته
بّعد رّحيلها زمتّ سوزيّ شّفتيها بّكل غيضّ كم تمنتّ أنّ تكسرّ ذّراعها فيّ تلكّ اللحـّظة منّ الجيدّ فعلاّ أنهاّ تمالكتّ أعصّابها ، حكتّ جبّهتهاّ بّتوترّ إذّ
ماّ علم فرانسواّ فسوفّ يّصرخ و يصّرخ حتىّ تّصابّ بالصممّ إذّ أنهما الحـّرس لاّ يسمح لهمّ بّممارسةّ أيّ حركةّ عنيفّة ضدّ أيّ شخصّ إلاّ لغّاية
الضّرورة أوّ لحمايةّ سيدّهم ، هزتّ كتفيهاّ بلا مبّالاة فلاّ بأسّ لنّ يعلم لأنهّ ليسّ هناّ ..

/

كـّانت فلورا روبرتّ تجلسّ بكلّ هدوء علىّ الكرسيّ بينّ يدّيها يوجدّ كتـّاب ماّ باللغـّة الفّرنسيةّ يتحدثّ عنّ الشـعرّ و أنواّعه إذّ كـّان
ملكاّ لّماريّ أختهاّ أمـّامها سيدةّ فرانسيسّ التيّ تحضرّ القـّهوة بّنوع من الهدوءّ حينماّ رنّ جرسّ شّقتهاّ لكيّ تتقدّم الآخيرةّ ببطّء شديدّ نحـّوه ،
وضّعت يدّها على المقبضّ و أداّرته لتجدّ كليرّ تّقف بأنـّاقتها و شّعرهاّ الأشقرّ الطّويل مموجّ مرّفوع علىّ شكلّ ذيلّ حصّان فّأثّار الأمرّ استغرابّ
فلورّ إذّ أنّ كليرّ دوماّ ما تفادت مواجّهتها لكنّ هاهي الآن تقفّ أمامهاّ دونّ مبالاّة لذّلك اعتقدتّ أنّها هناّ للبحثّ عنّ أخيهاّ فقـّالت بّنبرة جـّافة
ـ أنـّا لاّ أعلمّ مكانّ آرثرّ فّلا فائّدة من سّؤاليّ ،
ثمّ تركتهاّ بّكل بّرود لتعـّود كيّ تجلسّ علىّ الأريكـّة حينّ دّخلت كليرّ منّ بّحلتها البّهية و حـّضورها الطاّغي المشٍّرق تّضع نـّظارتين و سـّاعة
رولكسّ غـّالية الثّمن فّزمتّ فلورا شّفتيها بّتعاسّة مفكرّة لوّ أن كليرّ تّعطيّ القليل من المالّ لأخيهاّ لكان هـذاّ أفضلّ لهم جميعاّ و لّعله كان قدّ
استطاعّ أنّ يّبدأ مشروعه ، لماّ رمقتها كليرّ ببرودّ لولاّ أنها توقفت لوهلة حيثّ بدى عليهاّ الترددّ الشديدّ ، بّعد فترةّ تحدثتّ بنبرةّ متوترةّ مرتبكّة
ـ هـذاّ ليسّ من عـّادتيّ و أناّ لاّ أهتمّ فيّ الكثيرّ من الأحيّان لكنّ فجأةّ وجدتّ نفسيّ قّلقة لذاّ أرجواّ..
أخـذتّ نفسّا عميقاّ حيثّ قدّ إحمرتّ وجنتيهاّ من الخـجلّ لتشعرّ فلورّ بّقليل من الدّهشة فّإعتدلتّ فيّ جلستهاّ محاولةّ الإنتباهّ لحديثّ كليرّ
و أشـّارت لهاّ أنّ تجلسّ مقّابلة لهاّ بينماّ كانتّ فرانسيسّ تّراقبهماّ بكلّ حذرّ بطرفّ عينهاّ ، تحـدّثت كليرّ بّإحراجّ
ـ أنـّا أعلمّ أنهّ لا يحقّ ليّ أنّ أسّأل لكّن.. هلّ ماريّ بخيرّ ؟ فهيّ لمّ تعدّ تأتيّ للمحاضّرات و الكثيرّ من الأساتذّة يّتساءلون عنّ حالتهّا بعدّ
حفّلة فلادميرّ ،
نـظرتّ إليهاّ فلورّ بّحدةّ حالماّ ذّكرت إسمّ ماريّ على لسانهاّ لكنّ سّرعان ماّ ارتسمتّ صّفات الحزنّ و الألمّ عليهاّ إذّ تذّكرت أنهّ لم يتسنى لهاّ
وداعّ أختهاّ تمنتّ لوّ رأتّها لّثانية فقطّ لكنّ يبدواّ أنهاّ دوماّ متأخرّة خـطّوات للخلفّ ، لماّ لاحظتّ أنهاّ تأخرتّ فيّ الـردّ سّارعت
بالإجاّبة بّنبرة هـّادئة مبحوحةّ
ـ ليسّ تماماّ، إنهاّ مقعدةّ لا تستطيعّ السيرّ فكيفّ لها أنّ تكون بخيرّ ؟ و أعتقدّ أنهاّ سّوف تّدرس عنّ بـعدّ بطّريقة المرّاسلة أوّ شيءّ من
هذاّ القـّبيلّ لكنّ لماذاّ تسألين ؟
أومـأّت كليرّ بالإيجـاّب دّلالة على أنهاّ تتفهمّ سببّ عدمّ رغبة ماريّ فيّ الـعودةّ لمقـّاعد الدّراسة ، هيّ مقعدةّ فيّ النهـّاية و أنّ ترى نفسهاّ
عـّاجزة أمامّ جميـعّ زملاّئهم شيءّ مثيّر لشّفقة فّهزت كتفيهاّ و قـّالت
ـ هـكذاّ فقطّ ، لقدّ سمعتّ أنكّ قمتّ ببيعّ منزلكمّ لأخيّ ؟ هلّ هـذاّ صحيحّ ؟
زفـّرت فلّور بّحدةّ إذّ أنهاّ تكرّه أنّ يتدّخل أحدّ فّشؤونهاّ و بهـذّه الفّترة يوجدّ العديدّ من الأشخاصّ الذّين يحشّرون أنوفهمّ فيّ حيّاتهاّ كّويليام
مثّـلاّ و آرثرّ أيضاّ إلىّ جـّانب أخـّته كليرّ ، لكّن بالّرغم منّ ذلكّ أومأتّ بالإيجـّاب علىّ سّؤالهاّ و حـّملت آلة التحكمّ عنّ بعدّ بين أناّملها لتديرّ
القنواتّ بكلّ مللّ فّتّقدمت كليرّ أكثرّ و جـّلست بجّانبهاّ ، تنحنتّ لوهلةّ من الزمنّ غيرّ قاّدرة على التخلّص منّ خجلّها ثمّ قـاّلت بّتردد
ـ فلورّ ، أنـّا لاّ أعلمّ كيفّ أخبركّ بهذّا لكـنّ ..
نـظرتّ إليهّا فّلورا بّنظرّاتها النـّارية المشّهورة التيّ تنبّأ بّإقترابها الشديدّ من فقّدانها لأعصّابها فّحـّاولت جاّهدةّ أنّ تّحافظّ على هدوئهاّ و
هي تستمعّ لحديثّ كليرّ التيّ تجرأتّ بالّرغم من العدّاوة التيّ بينهماّ إلىّ طلبّ المسّاعدةّ بلّ حتىّ أنّ تظهرّ أمامهاّ ، هلّ نستّ من تكون
فلوراّ روبرت ؟ هزتّ فلور رأسهاّ نفياّ لتطرّد هذه الأفكارّ السوداءّ و حـّاولت التركيزّ لتقولّ كليرّ بّنبرة مرتبكةّ
ـ أنتّ تذّكرين أنكّ قلتّ بأنكّ سوفّ تساعدّين آخي على العودةّ للمنزلّ من أجلّ معرفّة مكان والدّتك ؟ و بماّ أنّك قدّ نـفذتّ وعدّك و قدّ صّار
آرثرّ جاّهزا للعـّودة إلىّ المنـزلّ أريدّ أنّا أيضاّ أنّ أفيّ بوعديّ ..
وضـعّت فرانسيس صّينية الشّاي علىّ المـّائدة و قدّمت واحدّا لكليرّ إذّ أنهاّ شعرتّ بمدى توترّ الجوّ حالما ذّكرت كليرّ على لسانهاّ والدّة
فلوراّ فّجلست بجانبهاّ مسّتعدة لسماعّ الاسوءّ عنـدماّ قـّالت كليرّ بّتردد أكبرّ
ـ فلورّا ربـماّ سوفّ تكذّبين مّا أتفوه بهّ لكنّني أقسمّ أننيّ أقولّ الحـّقيقة و لاّ شيءّ غيرّ الصدّق ، فـّلورا والدّتك سيليا يبدوا أنهاّ كانتّ تعيشّ
طّوال فّترة تركهّا لكماّ هنا لكنّ و بـعدّ أنّ إنتهى زفافّ ماريّ غـّادرت إنجلترا نهاّئياّ و بّصّراحة نحنّ لا نعلمّ أين هيّ
رفـعتّ فلور حاجبّها بسخريةّ فلاّ أحدّ يفوقّ والدّتهما أنانّية بلّ غباء كيفّ لها أنّ تتركهماّ بّهذه المحنةّ ؟ بالتفكيرّ في الأمرّ فحتىّ بّعد أنّ
احتلّ خبرّ عدّم قدرةّ ماري على سيرّ و الحروقّ التيّ أصابتّ قدّميها الجّرائدّ إلاّ أنهاّ لمّ تّقم بالإتصال لذاّ هي تّوقفت عنّ البحثّ عنها منذّ مدةّ
ليسّ لأنهاّ استسلمتّ بلّ تيقنتّ إذّ كانتّ والدّتهما تحبّهما فّعلا فلنّ تتركّ جانبّ والدّهما منذّ البدّاية فّهزت فلورا كّتفيهاّ دلالة على عدمّ الإهتمامّ
و هي تتحدثّ بكلّ تهكم و نبرةّ جـّافة
ـ منّ يهتمّ ؟ و إنّ كانتّ وجّهتهاّ هي الجحيمّ نفسهّ فلن أهتمّ ، حسناّ شكراّ على إخباريّ لكن كماّ تريّن لقدّ توقفتّ منذّ زمنّ عنّ محاولةّ البحثّ عنهاّ ،
هيّ لا تستحقّ قطّرة من تعبيّ
نـظرتّ إليهاّ كليرّ بدّهشة لكنهاّ تمالكتّ نفسهاّ ثمّ وقفتّ لتّشكر سيدّة فرانسيسّ على الشايّ و لإستقبالهاّ أيضاّ بّعد ذلّك غـّادرت بّخـطّوات هـّادئة
مـطّمئنة الآنّ نفذتّ دّين فلوراّ نحوهمّ و الآن فقط تستطيعّ أن تطّمئن على مسّتقبلّ عـّائلتها فّآرثر سوفّ يعودّ بالّرغم منّ أنها تشعرّ بالقليلّ من
الشّفقة نحوّ عـّائلة روبرتّ التيّ و طـّوال فترةّ عّيشها لمّ تعرفّ السّعادةّ فمنّ تّرك سيلياّ لهمّ إلىّ غـّاية إصّابة جوناثانّ بسرطاّن الدمّ و محاولتهّ
اليائّسة فيّ تأمين مسّتقبلّ ابنتيه ثمّ و أخيراّ عجزّ ماريّ و فقدّانهم لمنزلهمّ الذيّ لطالماّ احتواهم ،
فيّ حينّ زفّرت فلورّ بكلّ غيضّ لتّغـّادر هيّ الأخرى المبنى و قدّ وضعتّ سماعاتّ على أذّنيهاّ مشّغلة الموسيقىّ دونّ أن تـأبهّ لكميةّ المّعلومات
التيّ قدّمتها كليرّ لهاّ عنّ والدّتهاّ سيليا ، أخذتّ تسيرّ في الطـّرقاتّ دونّ مبّالاة و يديّها فيّ جيّبها مفكرّة .. لاّ تصدقّ أنهاّ قامتّ ببيع منزلّ والدّهم إلى
آرثرّ الـرجلّ الذيّ تـكرّهه ، لكنّها تّحاول مّواساة نفسهاّ و ذلكّ بّجعلها تّظن أنّ آرثرّ قدّ عـّاد لّشخصيته القّديمة ، ذلكّ الـرجّل اللطيفّ المحبّ
لعـّائلته الذيّ كانّ صديقاّ لها فيّما مضى لكنّ و بالّرغم منّ أنهاّ تصدقّ تغيّره إلا أنّ هناكّ شيءّ يثيرّ قّلقهاّ ، أيّعقلّ أن كلّ هـذاّ الألمّ و القلقّ الذيّ
تشعرّ به فقطّ لأنه لم يتسنى لهاّ وداعّ ماري ؟
شّتمتّ بنـّبرة حـّادة محدّثة نفّسها فكيفّ لها أن تكونّ بهاّ الضـّعف ؟ أيّن اختفت فلوراّ المرأةّ الصّلبة التيّ تدافعّ عنّ عـّائلتها دون كلّل أو مللّ ؟
فجأةّ لمحتّ سيّارة ويّليامّ قـّادمة فوقفتّ أمامّه ملّوحة لهّ ليّضغط على الفّرامل بّكل قّوة ، وضـعّ ويّليام يدّه على قّلبه بكلّ ذّعر بينماّ تمسكّ أوسكارّ
الذيّ كان يجلسّ بجانبه بالكرسيّ و ملامحـّه كّانت لا تّقدر بثمنّ ، حينّ تقدّمت فّلورا منهماّ فتحتّ البّاب بلا مبّالاة و حّيته قـائلة
ـ ويلّ لقدّ أتيتّ فيّ الوقت المناسبّ ، أريدّ منكّ أن توصّلني إلىّ مقّر عـمليّ
لفترة من الزمن بّقي ويليام على حاله ممسكا بّقلبه و وجـهه شّاحب جداّ حتىّ استدارّ ناحيّتها راسمّا على شّفتيه ابتسـّامة مرتبـكّة
لكنهاّ جـذّابة فيّ نفسّ الوقتّ ، أشـّار على المقعدّ الخلفيّ بّإصبعّ مرتجف و قالّ
ـ بالطـّبع تفضلّي
بينماّ وضـعتّ فلورا ذّراعها علىّ سقف السّيارة بحركةّ صبياّنية لا مبّالية و هي ترمقّ أوسكارّ المندّهش بّنـظرّات حـاّدة نارّية ، أيـعقلّ أن يتعرفّ
ويليام على أشخاصّ مثلهاّ ؟ إنهاّ مجنونة بالكاّمل فقدّ رمتّ نفسهاّ أمامّ سيّارة ؟ لكنّ و من النـظرّ إليهاّ فّهيّ لا تّبدوا عـّاقلة تماماّ ، أيضاّ كيفّ
لوليامّ أن يتعاملّ معها بهـذّه الطرّيقة ؟ كماّ لو كأنّ شيئا لمّ يكن ؟ فتحدثّت فلور بحدةّ
ـ يّا رجلّ ماذاّ بك تتصرفّ مثلّ الفتيات ؟
قطبّ أوسكارّ حاجبّيه بغيرّ رضا و كادّ أنّ يردّ عليهاّ لولاّ أنّ ويّليام أمسكّ بمّعصمهاّ لّيقودّها ناّحية المقعدّ الخلفيّ مثلّما أشّار سابقاّ فدّفعهاّ
و أغلقّ البابّ خلفهاّ ليّعودّ إلىّ مكانه ، أدارّ السّيارة متجهاّ إلىّ مقرّ عملهاّ عندّما توسطتّ فلورّ المقاعّد و جذبّت أوسكارّ منّ حلقّه الموجودّ فيّ
أذنه فصّرخ متّألماّ و إلتفت ناحيّتها صّارخاّ بّقهر
ـ ماذا تّريدين ؟
أخذّ ويليامّ يقودّ بكل تّوتر فّتصرفاتّ فلورّ غـّريبة منذّ أنّ غاّدرت ماريّ و هي على هـذّه الحـّال ، حينماّ اقتربتّ فلورّ من وجـهّ أوسكارّ أكثرّ
و رسمتّ على شفتيهاّ ابتسامة حـّاقدة
ـ ذلّك مكاني الذيّ تجلسّ عليه، إنه ملكي
استنكرّ أوسكارّ ردّة فعلها و نـظرّ إلىّ ويليامّ الذيّ يشيرّ له بأنّ لاّ يأخذّ كلامها على محملّ الجـدّ فّيبدوا واضحاّ له أنّ فلور تّبحثّ عنّ الشجـّار
لاّ غـيرّ ، إنهاّ تّريد الحـّصول علىّ شيءّ تفرغّ فيهّ حزنها و ألمهاّ حيثّ و خـّلال هـذاّ الأسبوعّ صّارتّ فلور تّعود متأخرةّ للمبنى تّدخل إلىّ شقته
بلاّ مبالاةّ ، بلّ حتىّ أنهاّ قامتّ بلكمّ موصلّ البريدّ لإزعاجّها فيّ الصباحّ الباكرّ و لو لمّ تكن فرانسيسّ هناكّ لّصار الحيّ حلبّة مصّارعة ،
بعّد مرورّ نصفّ سّاعة تّوقفّ ويّليام أمامّ مقّر عملّ فّلورا فّنزلتّ الأخيرّة منّ السيّارة بملامحّ بّاردة ، نـظرتّ إلىّ أوسكارّ الذيّ لاّ يزالّ
يّرمقهاّ بّكل حدةّ فّرفعّت حاجبهاّ دلاّلة علىّ رغّبتها الشديدةّ فّلكمه لّيديرّ أوسكارّ رأسهّ متأفّفا ، اقتربت فلوراّ من ويّليام و ربتتّ على كتفه
بكلّ سخرية قّائلة
ـ اعتني بّحبيبتكّ جيداّ قّبل أنّ تنقضّ عليناّ حسناّ ،
ثمّ استـدارتّ راحـّلة غيرّ مبّالية بينماّ تنهدّ ويليّام بأسىّ ، متىّ سوفّ تعودّ إلىّ رشدّها؟ متىّ ستكفّ عنّ إثاّرة الصخبّ فيّ كل مكان تذّهب إليه ؟
نـظرّ إليهاّ لوهلةّ من الزمنّ و هي تعبرّ الطريقّ بّبرودّ فجأةّ استدارت ناحيّته لتّرمقـّه بنظراتّ غّامضة لمّ يستطعّ أنّ يجدّ لهاّ تفسيراّ ثمّ
رفعـتّ يدّها ملوحـّة له بّالوداعّ ،
بينماّ شـعرّ ويليامّ بّيأسّ شديدّ تنهدّ ويليامّ بأسى حالماّ إختفتّ فلوراّ من مرمى عينيهّ ليّضع رأسه علىّ المقودّ بّقلة حيّلة ، فتاتيّ روبرتّ تثيرّان
جنونهّ فـّأحدّهما ضّعيفة لدرجّة الهشـّاشة يّخافّ عليهاّ منّ ملمسّ القطّن الناّعم بينماّ الآخرى مجنونةّ تّفقدّه عقّله مندّفعة بكلّ ما أوتيتّ من قوةّ
لاّ تأبه منّ عدوهاّ حتىّ لو كانّ رئيسا و بالّرغم منّ قوتهاّ المثيرّة للإعجابّ إلاّ أنه يجدّ نفسّه قّلقاّ عليهاّ ، ماّ الأمرّ معّ عـّائلة روبرتّ ،
ما الذيّ يتوجبّ عليه فعله ؟ لإنقاّذهما ؟




 

رد مع اقتباس
قديم 03-10-2020, 12:58 AM   #55
JAN
مِرأة وٓاحدة … إنعِكاسات شٓتى !

الصورة الرمزية JAN
JAN غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 115
 تاريخ التسجيل :  Mar 2020
 العمر : 23
 المشاركات : 9,849 [ + ]
 التقييم :  23316
لوني المفضل : Black
شكراً: 0
تم شكره 6 مرة في 6 مشاركة

مشاهدة أوسمتي





/

بّعد مرورّ أسبوعّ آخرّ كانّ ذلكّ الرجلّ ذّو الملامحّ الحـّادة و الابتسّامة السّاخرة ممسكاّ بين يديّه بّجريدّة اليومّ قدّ عـّلاهاّ عـّنوان واضحّ
واحدّ حازّ على إهتمامّ جميعّ رجالّ الأعمالّ فيّ كل أنحاءّ العّالم ، اليـّوم تماماّ سيّقوم مجلسّ الإداّرة باستدعاء جميعّ مدراءّ فّروع لبيرّ بّخارجّ
لندنّ لإجّراء لمحةّ مستقبليةّ عنّ رئيسّ القاّدم الذيّ سيّقود فـّروع لبيرّ بأكملهاّ ، ضحكّ بكلّ قوةّ عندّما دّخل أوسكـارّ إلى الغـّرفة نـظرّ إليهّ بّقلة
حيّلة ثمّ هزّ رأسه نفياّ على حالّة ديميتري الذيّ قدّ أصيبّ بالجنونّ و تـّركه وحـدّه كيّ يّغادرّ فوراّ ، عنـدماّ تحدثّ ديميتري بّضحكة
ـ أوسكارّ ، متّى ستقاّم حفلتكّ الخاصّة و أينّ ؟
تنهـدّ أوسكارّ و عـّاد أدّراجه ليجلسّ بكلّ هدوء أمـّام ديميتريّ الذيّ لاّ يزالّ مبتسماّ بّسعادةّ ، للمرةّ الأولى يحدثّ شيءّ جيدّ لهّ كمّ يتمنىّ أنّ يرى
ملامحّ نايتّ الآنّ ، سوفّ ينتـظرّ دّقائق آخرى ثمّ سيضغطّ على زرّ الإرسّال و حينهاّ سيدمرّ نايتّ بكلّ تأكيدّ ، قّال أوسكارّ بهدوء
ـ فيّ لوس أنجلوس على ماّ أظن و بّعد يومينّ من الآنّ لكنّ ديميتريّ ألاّ تظنّ أنك تتسّرع فيّ قّراراتكّ ؟ دعّ نايتّ و شـأنهّ لهذه الفترةّ
رمـّقه ديميتريّ بّحدةّ دّلالة على أنّ كلامه لمّ ينلّ إعجـّابه فّكيفّ له أنّ يتركّ نايت الآن بّعد أنّ أصبحّ فيّ قبضته ، كلّ ماّ عـّليه فعـّله هوّ إخراجّ
أوراقه إلىّ العـّلن و حينهاّ ستنتهيّ حـّياة نايتّ حرفّيا و بكلّ ما تحملّه منّ معنىّ خصوصاّ أنّ كايلّ ّ يّريد أنّ يّأخذّ منصّب مديرّ لبيرّ بجّانبه ،
زوجـّته مقـعدةّ لا ّتقدر على الحـرّكة و حتىّ صدّيقه ويليّام لنّ يّقدر على فّعل شيءّ ليمنعه منّ تدميرّ نايتّ هـذّه هيّ اللحـظةّ المناسّبة الذيّ
أنتظرهاّ منذّ أمدّ بعيدّ ، بينمـّا حدقّ أوسكاّر بّه دونّ رغـّبة فيّ الاستمرار بالحـديثّ معه إذّ أنّ ديميتريّ عـنيدّ و لاّ يصّغي لهّ لكنّه بالّرغم منّ
ذلكّ تكلمّ بنبرةّ جـّافة ،
ـ حسناّ قدّ تكونّ محقّا ، قدّ تدمرّ نايتّ بّضغطكّ على هـذاّ زرّ لكنّ هلّ فعلا ستدمرهّ ؟ كأنكّ لاّ تعلمّ من هوّ لذّلك دّعني أنعشّ ذاّكرتكّ قّليلاّ ، نايتّ
لاّ يباليّ بّعائلته فّعلا و لاّ يهتمّ للأشخاصّ الذّين حولهّ إنهّ فقطّ يريدّ الوصول إلىّ هدفه مهماّ بّلغ الأمرّ من تّضحياتّ هلّ نسيتّ أنهّ الوحيدّ الذيّ
استطاعّ اختلاس أموالّ ماكاروفّ ، تدميرّ سّمعتهاّ و قّـتلّ ..
قـاّطعه ديميتريّ بّنبرة عـّاليةّ هـزتّ أركانّ الـمنزلّ بأكمله ، كيفّ لاّ و هو يهينه بّهذه الطرّيقة السّخيفة ؟ هلّ يظنّ أن نايتّ يّقارنه ؟ هـذاّ مستحيلّ ، ..
ـ قّلها و صدّقني أوسكارّ سّوف أضّع نصّب عينايّ
رّمقه أوسكار بنظرات بّاردة غيرّ مبالّية لّعصبيته المفّرطة كلماّ تمّ ذّكر إسمّ نايتّ و أفعاله علّى لسانه هوّ لكّنه تجاّهل غّضبه الغيرّ مبرّر بالنسبّة
لهّ لأنهّ لمّ يقلّ شيئاّ يستحقّ كل هذّه العصبيّة فيّ نظره ثمّ وضعّ ذرّاعه علىّ ركبّتيه بّهدوءّ ليتحدّث مجدداّ
ـ أستمع إليّ ديميتري أناّ لا أقصدّ الإسّاءة إليكّ إذّ أنكّ تعلمّ جيداّ أننيّ بجانبكّ لكنّ ألاّ ترى أن نايتّ غريبّ نوعاّ ما ؟ فّهو بالّرغم منّ أنكّ حاولتّ
قّتل ماريّ عدةّ مراتّ و جّعلتها مقعدةّ بلّ هاجمته عبرّ شركةّ جونسونّ لكنه يبدواّ غيرّ مبالياّ و حتىّ الآنّ لمّ يّبادر بّهجومه المضّاد ، أليسّ هذاّ غريباّ ؟
قطبّ ديميتريّ حاجبّيه بعبوسّ مخيفّ بعدّ تمعنّ فيّ كلامّ أوسكارّ يبدواّ محقاّ إذّ أن نايتّ لمّ يبدأ التحركّ حتىّ الآنّ و هـذاّ على غيرّ عـّادته فّهوّ
دوماّ ما كانّ يردّ الصّاع صّاعين ما دامّ الحديدّ حامياّ لكنهّ صّامتّ و ساكنّ لا حـّركة لهّ ، أهـذا ّفعلا نايتّ ؟ ربماّ صّار ضّعيفاّ .
تنهدّ و نـظرّ إلىّ النـّافذة ثمّ رمىّ بّهاتفه النّقال علىّ مكتبه ، حسناّ سوفّ يؤجلّ خطّوته القّادمة فقطّ ليرى ما الذيّ سيفعله نايتّ ليتصّدى لهّ لذلّك
و حاليّا فقطّ سيكتفيّ بتهديدّه ، عـّاد يّتنهدّ بكلّ كرهّ إذّ أنه يحتاجّ إلىّ محفزّ قّوي يثيرّ أعصابّ نايتّ و يّجعله يّنقادّ إلىّ لعبته هو ، لذّلك همسّ
ديميتري مجدداّ بّهدوء
ـ أقلتّ أنّ رحلتكّ بـّعد أسّبوعين ؟ جيدّ
لينهيّ كلامهّ بإبتسامةّ خبيثّة ماكرةّ ، خـّلال هـّذين الأسبوعينّ سيكشفّ أوراقّه الضّروريةّ علىّ الطـّاولة و لسوفّ دونّ رغبته سيتحركّ
ذلكّ الشابّ الجليديّ ، سيكسرّ فّولاذّ أعصّابه الباّردة . فقطّ لينتظرّ و يرّى كيفّ سوفّ تقلبّ حيّاته رأسّا على عقبّ ،

آنتـهىّ ـ






 

رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

شرح حديث

علف


الساعة الآن 10:22 PM