••
العودة   منتدى وندر لاند > القصص والروايات > روايات مكتملة.


براعم زهرة الكرز.. الجزء الأول

روايات مكتملة.


إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 05-01-2020, 01:02 AM   #21
آدِيت~Edith
https://www.anime-tooon.com/up/uploads/at165286508456371.png


الصورة الرمزية آدِيت~Edith
آدِيت~Edith غير متواجد حالياً



مرحباااااا
واخيرا جئتك ياغالية وقريبا ستنتهي الفصول الاخيرة من الجزء الاول
ردك كالعادة يحميني عالبارت تصد قي ههههههه
بحب شوف حدا هيك عم يتعايش مع الاحداث بتفاعل

فلورنس اخذ من امه كثير بس كمان اله شخصيته الخاصة اللي تخليه افضل
بس مثل ماحكيتي ماخذ من اهله الانانية هههههه
كوني على مقربة
شاكرة لك جميل تفاعلك وردودك الصادقة المحبة
سعيدة جدا بوجودك وتشجيعك
انت متابعة راقية من الدرجة الاولى


 
 توقيع : آدِيت~Edith

مواضيع : آدِيت~Edith


التعديل الأخير تم بواسطة آدِيت~Edith ; 05-01-2020 الساعة 01:58 AM

رد مع اقتباس
قديم 05-01-2020, 02:04 AM   #22
آدِيت~Edith
https://www.anime-tooon.com/up/uploads/at165286508456371.png


الصورة الرمزية آدِيت~Edith
آدِيت~Edith غير متواجد حالياً






الفصل الحادي عشر : وداعاً ياربيعي الأجمل " الجزء 1 "

السماء التي امتد مداها عبر هذا الكون الفسيح

كانت ترافق كلينا ترسل رسائلنا المحملة شوقاً وعتاباً وحنيناً

وزهور الكرز التي ذبلت كما ذكرياتنا الجميلة

رحلت كأنما لاتريد أن تشهد فراقنا

فأي مستقبلٍ ينتظرنا بعد هذا .. وماذا تحمل الأيام لنا أكثر




أوائل الشتاء بدت وهيمنت على الأرجاء بلونها الأبيض الذي كسا القرية خلال مساءٍ واحد !

سكون سيطر على تلك الظلمة الحالكة

وأنين قطعه ليكمل موسيقى الشتاء الحزينة



فتحت عينيها اللتان لم تذوقا طعم النوم والرخاء طوال اليومين السالفين

كابوس آخر يهاجمها كلما حاولت أن تغفو بسلام

حتى وجودهما بجانبها لم يستطع أن يزيل عن كاهلها همومها الثقيلة

نهضت من الفراش بحذر لكيلا توقظهما

وارتدت وشاحها البني ذو النقوش الحمراء الباهتة

دون أن تبالي بحبات القطن التي أمطرتها السماء في تلك الليلة الباردة العاصفة

خرجت من المنزل ووقفت أمام بابه تنتظر شيئاً ما .. شخصاً ما

كان ينقص ذلك المنزل منذ رحيله

ككل ليلة أخذت تنتظره دون يأس .. حتى تمكن البرد منها فأخذت تفرك ذراعيها بيديها وتعود أدراجها الى منزلها الدافيء

وقبل أن تدخل .. هذه المرة وجدت ما استوقفها وأقلق سكينتها

ذلك الطيف الصغير الذي كان يجلس قبالة باب منزله

وقد غطته الثلوج ورغم هذا لم يحرك ساكناً

هرولت نحوه بقلق وماان وقفت أمامه حتى انحنت عليه تتفقده وهي تبعد الثلج عن كتفيه وشعره
- تاتسو مالذي تفعله هنا .. آه ياالهي لاتبدو بخيرٍ البتة

غطته بسرعة بوشاحها بينما كان ينظر للأمام بجمود وقد تجمعت الدموع في عينيه

بدا في عالم آخر تماماً لايسمع شيئاً مما تقوله آرياكو

بينما كانت الأخيرة تحاول تدفئته قدر ماتستطيع

نظرت لباب المنزل ثم أسندت الفتى بسرعة وهي تقول بقلق : يجب أن ندخل .. ستموت لو بقيت هنا

نهضت محاولة رفعه معها لكنه أمسك ذراعها بقوة وقد انهمرت دموعه

نظرت له بدهشة بينما أومأ برأسه نفياً وهو لايزال ينظر للفراغ

ضم رأسه لساقيه بعدها وشرع في البكاء المرير بصمت ما زاد من حيرتها وقلقها

فما كان منها الا أن انحنت عليه وضمته بحنان محاولة التخفيف عنه


همساتهم بدت كالضجيج لأذنيه اللتان استفاقتا تواً

فتح عينيه الذابلتين شيئاً يسيراً ونظر نحو تلك المرأة التي بدت حزينة تتحدث مع جارتها بأسى : أرجو أن يكون بخير.. لابد أن الأمر كان قاسياً عليه

- لايزال طفلاً أي مستقبل ينتظر هذا المسكين

- مسكينة ساتوشي كانت سيدة رائعة عطوفة

- أنتِ محقة .. لكم من المؤلم أن ترحل بهذا العمر المبكر

منع أذنيه من سماع المزيد والألم قد بات يزداد بقلبه وهو يتذكر تفاصيل ذلك المساء المؤلم

**********

كعادته كان يغفو في أحضانها الدافئة

والتي بدأت تبرد شيئاً فشيئاً مما جعله يستفيق بقلق

ويدثرها بغطاءٍ ثقيل عله يدفئها .. غفى مجدداً بجوارها فالتعب قد أنهك قواه

ولكن السكون الذي حل بجسدها وأنفاسها الخامدة جعلا الرعب يدب بقلبه الصغير

- أمي .. أأنتِ بخير .. استفيقي أرجوكِ .. لايمكن ليس الآن .. وعدتني أن تكوني معي كيف سأكمل حياتي وحيداً كيف لكِ أن تهجريني .. ليس الآن أرجوكِ

دموعه المنهارة على صحن خديه وأنفاسه المتلاحقة كانت سبيله الوحيد للتنفيس عما بداخله من خوف

بينما كان يحاول جاهداً ايقاظ ذلك الجسد الخاوي والذي صار بلا حياة

خرج مسرعاً محاولاً ايجاد من ينجده من مصيبته تلك

لكن عقله الذي بدا يائساً وقدماه اللتان لم تتمكنا من حمله أكثر

ارتختا ليقع أمام باب منزله .. يائساَ وحيداً فقد الرغبة في الحياة

ذلك الشخص الذي من أجله ألزم نفسه أن يكون قوياً .. لقد رحل الآن

رحل وتركه يصارع عواصف قلبه قبل عواصف الشتاء

يواجه قسوة الحياة بمفرده .. وحيداً فقط !


- أيها الفتى أأنت بخير

استيقظ من شروده اثر ذلك الصوت الطفولي البريء

والتفت ليرى تلكما الصغيرتين تنظران اليه بقلق

بينما استدرك تواً أنه ينام على فراش و غطاء دافيء يدثره

أعادت تلك الجميلة الصغيرة سؤالها بفضول : مابك ؟ بما تفكر ؟ ومن أنت أظنني رأيتك من قبل صحيح ؟ أنت لاتعرفني أليس كذلك ؟ أنا مشهورة جداً ان لم تعرفني تكن أحمقاً

- هيي هارو الفتى مريض لايجب أن تتحدثي هكذا معه

- مريض ؟ انه بخير انظري يفتح عينيه أيضاً المريض لايفتح عينيه

- هارو الميت وحده من لايفتح عينيه

- لا المريض كذلك ياحمقاء

- كفا عن الجدال أمامه واخرجا من الغرفة

كلتاهما أجابتا معاً : هي بدأت أولاً

نظرت كلاً منهما للأخرى بتذمر واستياء بينما تنهدت آرياكو بيأس وهي تجلس بجوار تاتسو وتستبدل الخرقة البيضاء المبللة على جبينه

نهضت هارو بسرعة وهي تقول : ماما أنا سأفعل

بذات اللهفة قالت هانا : ماما سأحضر وسادة مريحة أفضل من هذه

ابتسمت آرياكو بحنان لهما ومالبثت أن قالت : مارأيكما بدلاً من هذا أن تحضرا الإفطار انه على الطاولة هناك

أجابتها كلتاهما بحماس : حاضر !

ثم أسرعتا وأحضرتاه معاً من على تلك الطاولة الصغيرة

بينما كان تاتسو يراقب كل ذلك بدهشة ارتسمت على ملامحه الهادئة

- ماما هل خرجت تلك الثرثارة اخيراً

- هذا معيب هارو إنها سيدة كبيرة وعليكِ احترامها

- دائماً تشد أذني وتؤلمني لما لاتعاقبيها

- ذلك لأنكِ تتطاولين عليها فاستحققتِ العقاب

- مامااّ

- عليكِ التزام الهدوء بحضرة المريض كي لاتتعبيه أكثر

صمتت مجبرة باستياء وقد نفخت خديها

بينما أسندت آرياكو تاتسو وعدلت من وضعيته

- والآن صغيري كل شيئاً من هذا الحساء .. هيا افتح فمك

أومأ لها بالنفي : شكراً .. لا أشعر بالجوع

بحنان أجابته وهي تقرب الملعقة والمنديل من فمه : هيا عزيزي يجب أن تأكل لتشفى ليس من الجيد أن تظل هكذا

صمت حينها مفكراً .. ومالبثت أن قال بهدوء وأسى : ماذا حدث .. لأمي ؟

ارتسم الحزن على ملامحها بينما تعيد بهدوء الملعقة لطبق الحساء

وبعد برهة أجابته : آسفة لما حل لها .. انما عليك أن تكون قوياً لأجلها

- ماذا حدث لأمي ؟

قالها وقد علا صوته بينما تجمعت الدموع بعينيه مجدداً

نظرت آرياكو له بدهشة سرعان مااختفت مع تعابيرٍ أكثر حزناً وحيرة

ربتت على يده وهي تقول : انها ترقد بسلام الآن في مكانها المناسب

أبعد يدها بقوة وقد انهمرت دموعه بحرقة

حاول النهوض لكن الدوار عاوده حتى كاد يسقط لولا أمسكته آرياكو وأعادته للفراش

- رجاءاً لاتفعل بنفسك هذا .. لن يسرها أن تكون بهذه الحال .. أرجوك كن بخير لأجلها

صمت وقد استدار مواجهاً لها بظهره بينما كان يبكي بصمت وحرقة

غطته بهدوء وأسفٍ ثم نهضت وهي تشير لطفلتيها بالخروج معها

ففعلتا طائعتين والقلق قد غزا وجههما الطفولي .. بينما ألقت هانا بنظرة عميقة له قبل أن تخرج تماماً .. وكأنما كانت ترغب بالحديث معه .. لكنها لم تكن لتجروء على فعل ذلك .. فما كان منها الا إن تبعتهما بصمت





في مكان آخر .. حيث كانت السماء قد هدأت أخيراً وبزغت بعض خيوط شمسها الذهبية محاولة بث قليل من الدفء لتلك البقعة الهادئة

فتح عيناه المثقلتين إثر نومٍ عميق لايعلم كم كان مقداره

نظر حوله فوجد أنه ينام على فراش تقليدي مريح أبيضٌ ذو زخارف ذهبية اللون أنيقة المظهر

بدا منظر تلك الغرفة الجميلة المرتبة بعناية غريباً عليه .. فقد اعتاد النوم في غرفته العتيقة ذات الأثاث البسيط

رغم الاختلاف الكبير بين المكانين .. الا أن تلك الغرفة أيقظت الحنين بداخله

الحنين لقصره الكبير في بريطانيا .. لكم اشتاق للنوم بهذا القدر وبطمئنينة كتلك التي شعر بها حالما استفاق

ابتسم بلا شعور وقد أعاد رأسه للوسادة .. وذكرياته لم تفارقه للحظة .. ذكريات امتزجت بين ماضيه العتيق في بريطانيا .. وبين سنيه الثمانية في اليابان

بين عالميه المختلفين والبعيدين كل البعد عن بعضهما !

أيقظه من بحر أفكاره صوت الباب الذي فتح وأطلت منه فتاة جميلة ببشرة بيضاء موردة .. وشعر طويل أسود حريري ربطته بشريط ذهبي أنيق

وعيناها السوداوان تتلئلئان مع الشمس التي أطلت خجلة من نوافذ تلك الغرفة

بابتسامة خاطبته : استفقت أخيراً أيها الغريب ؟

اعتدل جالساً وهو يبتسم بلطف : أجل .. أعتذر لازعاجكم ..نمت طويلاً أليس كذلك؟

اقتربت منه وهي تضع الأغطية التي كانت تحملها بجانب الفراش

- لاتقل هذا .. كان من دواعي سرورنا استضافتك .. كما أنه واجبنا

ابتسم دون أن يعقب على حديثها بينما أردفت بنبرتها المريحة : استبدل ملابسك ريثما أبدل الأغطية والفراش .. آه حقاً كيف تشعر الآن ؟

قالت ذلك وهي تضع يدها على جبينه ثم تتنهد بارتياح : جيد تبدو بحال أفضل

بتعجبٍ أجابها : لما مالذي حدث لي ؟

ابتسمت ضاحكة بمرح : أنت لاتتذكر شيئاً على مايبدو .. توقعت أن تُدهش حالما تجد أنك في منزل غريب ٍ عنك

بدت الحيرة عليه بينما يقول بتردد : أولست من جاء الى هنا ؟ أقصد ألم آتي وأطلب المبيت لليلة معكم ؟

أومأت بالنفي وهي تنهض وتبدأ بترتيب الفراش الجديد

- لقد وجدك أبي وقد كنت بحال يرثى لها تنام في العراء .. كان من الجنون أن تفعل هذا .. كما أنك مصاب ومن الخطر أن تبقى في الخارج هكذا !

- آه .. هكذا اذاً

- ام هكذا .. انما أين وجهتك أيها السيد ؟

- آه كنت أريد الذهاب الى منزل عمي يفترض أنه في هذه المنطقة

بتعجب قالت : عمك ؟ شقيق والدك ؟ لما قد يسكن هنا ؟

- آه لا انه والد زوجتي

- زوجتك ؟! متزوج ؟ وزوجتك تعيش هنا ؟

نظر لها بتساؤل : لما يبدو هذا غريباً .. أليس من الواضح أني متزوج

بنفي أجابته وهي تضع الغطاء على الفراش الجديد بعد أن استلقى عليه

- في الواقع تبدو أصغر من أن تكون زوجاً .. كما أن من الواضح أنك أجنبي الأصل فمن الغريب أن تعيش هنا و تترك بلادك أنت وزوجتك .. وهل تقبلت هي هذا الوضع ؟

- زوجتي يابانية الأصل .. أحببنا بعضنا البعض وتزوجنا هل من مشكلة في ذلك ؟

أومأت بالنفي بحيرة وقد بدأت ترتب الفراش القديم وهي تقول : أتمنى لكما السعادة .. بقدر ماهو غريب أمركما .. الا أنها قصة تثير فضولي

التفتت اليه مبتسمة بمرح : أحضرنا حقيبتك كذلك .. بدل ملابسك بأخرى دافئة ونادني بعدها لأحضر الافطار لك

بكسل قال وهو يدثر نفسه : الجو بارد أحضريها لي رجاءاً

قطبت حاجبيها باستنكار : رجل مدلل

توجهت بعدها لحقيبته وفتحتها بهدوء .. مدت يدها والتقطت تلك البدلة الخريفية الدافئة

وماان رفعتها حتى تناثرت أوراق نقدية قد التصقت بها مما جعلها تجثم ذاهلة اثر ذلك المشهد .. وما البث فلورنس أن استدرك الموقف الذي أجفله لثوانٍ لم يتمكن فيها من استيعاب ماحدث

أسرع بعدها نحوها وخاطبها مهدداً بنظراتٍ مخيفة شيطانية وهو يمسك يدها بقوة : إن تفوهتِ بأي كلمة فمصيركِ سيكون الموت !!






- هذا جيد لقد تناولت كمية مناسبة حقاً .. أحسنت أنا فخورة بك حقاً

بهدوء قال دون أن يبدي أية مشاعر : شكراً لاهتمامكِ سيدتي

نهض بعدها وسط ذهول آرياكو وطفلتيها

- آه الى أين تاتسو ؟ لاتزال مريضاً !

أومأ لها بالنفي : لاتقلقي .. اعتدت هذا .. أنا بحال أفضل الآن .. يجب أن أعود لمنزلي

نظرت لعينيه الذابلتين بأسفٍ شديد : عزيزي هذا منزلك كذلك .. كم سأكون سعيدة لو عشت بيننا

- هذا مستحيل .. لدي منزلي و .. لايمكنني العيش في مكان آخر

قالها وأشاح بوجهه بألم .. بينما حاولت آرياكو ألا تظهر تعاطفها وأن تخاطبه بعفوية بعيداً عن مشاعر الشفقة

- حسناً أتفهم هذا .. انما ألا ترى أن من الخاطيء بقائك هناك بمفردك .. فلورنس مسافر هذه الأيام لما لاتكن رجلنا حتى حين عودته .. منزلك فارغ وبقائك فيه لن يجلب لك سوى التعاسة .. أضف الى ذلك أنك حينما تحتاج شيئاً ما لن تجد معك من يساندك

- عشت هكذا دائماً ولم أكن بحاجة أيٍ كان .. أمي حتى رغم وجودها معي ماكانت قادرة على الحراك أو فعل شيءٍ ما من أجلي أنا لست بحاجةٍ لأحد

بابتسامة متفهمة أجابته : لكن وجودها كان يكفي لتشعر بالدفء والأمان .. أليس كذلك

نظر لها بذهول سرعان ماتبدل لحزنٍ عميق .. تمتم بعدها بأسى : لكنها رحلت .. كان وجودها سيكفيني حتى لو لم تكن قادرة على فعل شيء .. رحلت وتركتني وحدي لترتاح وحدها لأمت لن يهتم أحد بذلك .. لاشيء يربطني بهذا العالم بعد اليوم

أغمض عينيه بشدة عله يحتجز دموعه بمقلتيه وقد قبض يديه بشدة

بينما امتدت يد آريا لتلامس كفه بحنان وهي تهمس بلطف : أفهم كم كان هذا قاسياً ..انما ثق أنها لم تتركك وحيداً ولن تفعل .. جسدها فقط ارتحل لمكانه المناسب .. وروحها لاتزال هنا .. في قلبك .. ترعاك وتحرسك أينما ذهبت

ضمته بأحضانها وأخذت تمسح على شعره وهي تكمل وسط ذهوله وخجله :حينما رحلت أمي .. شعرت بأن العالم قد ضاق كثيراً ولم يعد لي مكان فيه .. تمنيت الموت كثيراً خصوصاً بعد رحيل أخي وانضمامه للجيش .. والدي كان الوحيد الذي تبقى لي .. لم أكن أملك الأصدقاء .. منزوية تماماً عن العالم كنت .. لكني وجدت عالمي هناك .. مع أبي .. والذي جعلني أستكشفه بكل تفاصيله الممتعة وروائعه التي أيقظتني من يأسي .. حينها .. أردت فقط أن أعيش لأكتشف كل الجوانب الخفية له .. أن أقدم مايمكنني تقديمه للطبيعة المحيطة بي .. والتي ألهمتني الكثير .. شعرت بالقوة تتسلل الى داخلي .. وأدركت .. أنه حتى لو فقدنا من نحب .. سيظل هناك من يحبنا ويحتاج وجودنا معه .. تاتسو .. ابتسم للحياة .. فلا زال هناك من يعني له وجودك الكثير

أبعدته قليلاً عنها وهي تبتسم ابتسامة دافئة مشرقة بثت الطمئنينة بقلبه بينما اكتسى خديه بالحمرة وقد نكس طرفيه خجلاً

- اذاً أيها الصغير الوسيم ماذا تريد أن تفعل الآن ؟

بتردد أجاب : المنزل .. سأذهب له

- آآه يالك من عنيد بعد كل هذا لا شيء تغير

ابتسم ضاحكاً بلطف وهو ينظر لها بامتنان برق في عينه السوداوين اللطيفتين

- شكراً لكل شيء سيدة آريا .. لن أنسى معروفكِ هذا أبداً .. وأعدكِ أني سأكون بخير .. سأبذل جهدي لأعيش كما أستحق

اتسعت ابتسامتها وقد ترقرقت الدموع في عينيها : حمداً لله .. يسعدني حقاً سماع هذا منك .. أشعر بالاطمئنان هكذا .. انتبه لنفسك رجاءاً

أومأ لها بالايجاب وغادر وهو يودعهم بابتسامة مشرقة متفائلة

بينما صرخت هارو وهي تتبعه : لاتنسى أن تأتي للعب معي كل يوم تاسيو

- تاتسو

- حسناً تاسيو أنا أيضاً سآتي لزيارتك كل يوم

ابتسم لها بلطف : بكل سرور .. سأرحب بكِ دائماً

- آه أتعرف الآن من أنا هل حفظت اسمي

وضع يده على رأسها وهو يبتسم بهدوء : هارو .. وشقيقتكِ هي هانا

قال ذلك وهو ينظر لهانا التي وقفت بعيداً عنهم قليلاً بخجل بدا جلياً على وجهها البريء

- أهناك خطب ما هانا ؟

أومأت بالنفي بخجل وسرعان ماهرولت نحو منزلها لتختبأ خلف والدتها

بدت عليه الدهشة لوهلة ثم ابتسم بهدوء : تبدو شقيقتكِ خجولة للغاية

- من ؟ هانا ؟ انها أكبر طفلة في هذا العالم .. طفلة مدللة

- ها .. كيف تكون أكبر طفلة ؟ ثم أولستما توأمتين اذاً هي ليست الطفلة الوحيدة هنا

- لا أنا لست طفلة أنا أكبر منها بكثير

- وكم هو الفرق بينكما ؟

- خمسة عشر دقيقة تخيل !

- آه هذا كثير حقاً

قالها ممازحاً بابتسامة جميلة ارتسمت على شفتيه بينما يسير لمنزله ترافقه هارو التي لم تكف عن أحاديثها التي بدت له شيقة ممتعة



نظراتها الخائفة المترقبة كانت تطالعه بذهول أجفلها بينما قال هامساً بتحذير وهو يضغط على يدها : لم تري شيئاً

رددت خلفه بخوف شديد : لم .. أر ... شيئاً

أخذ ملابسه من يدها وأدخلها في الحقيبة بسرعة

ثم التفت يميناً يساراً ونظر مجدداً لها : أخرجيني بسرعة من هنا

أومأت ايجاباً ويدها على قلبها ثم سارت تتقدمه مرتعبة

تبعها ولم يكن بأحسن حالٍ منها اذ كان الخوف والهواجس يسيطران عليه

أخرجته دون أن يلحظهم أحدٌ من سكان المنزل

وقبل أن يخرج قالت له بتردد : ماذا أقول لو سألني عنك أبي

نظر لها بهدوء مفكراً ... ومالبث أن أجاب : أخبريه أنكِ لم تريني حينما غادرت

- لكن .. أنا لم أفهم لما تصرفت بهذه الطريقة حتى الآن

وضع يده على فمها وقال محذراً من جديد : إياكِ وذكر هذا الأمر لأيٍ كان فهمتِ

أومأت ايجاباً بحيرة وخوف وسرعان ماجرى بعيداً عن ذلك المكان

أخذ يركض بأقصى مايستطيع متجاهلاً الألم الذي داهمه بجسده إثر الجروح التي لم تشفى بعد

بين الحشود الغفيرة في تلك أسواق القرية سار يزاحمهم ليبتعد قدر مايستطيع عن ذلك المنزل

حتى توقف أخيراً وهو يلهث بتعب في أحد الأزقة

تنفس الصعداء وجلس يحتضن حقيبته وهو يفكر بأسى

" تباً .. يالحماقتي .. ماكانت لتعرف شيئاً لو أني لم اخف لو أني تصرفت بطريقة أخرى .. لو أنني ... آه تباً لي يالي من جبان .. لاأستطيع الهرب من وحشك تشين .. أيها اللعين لما أدخلتني الى عالمك المظلم .. كيف لي أن أهرب الآن وأتخلص من كل هذا .. أريد أن أعيش بسعادة لقد اكتفيت من كل هذا حقاً "

تنهد بثقل ونهض من جديد ينظر حوله عله يجد المخرج الذي يخلصه

واذا بصوت خطواتٍ تقترب منه !!

التفت بسرعة ليفاجيء بذلك الشخص الذي ماتوقع أن يصادفه في ذلك المكان أبداً

لتبدأ معمعة جديدة في كيانه .. تحسباً للمستقبل المخيف الذي ينتظره !




 
 توقيع : آدِيت~Edith

مواضيع : آدِيت~Edith


التعديل الأخير تم بواسطة آدِيت~Edith ; 05-03-2020 الساعة 10:30 AM

رد مع اقتباس
قديم 05-01-2020, 01:50 PM   #23
آدِيت~Edith
https://www.anime-tooon.com/up/uploads/at165286508456371.png


الصورة الرمزية آدِيت~Edith
آدِيت~Edith غير متواجد حالياً



]

.















.
الفصل الثاني عشر : وداعاً ياربيعي الأجمل 2

- حتى لقاءٍ آخر .. أرجو أن يكون ذلك الطفل الذي يسكنك .. قد كبر

- لاشأن لك بي اتركني و شأني أيها المغرور المتخلف

- يسرني أن أكون كذلك بالنسبة لك .. أخي الطفل

- ارحل أنت مثلهم تماماً أكرهك جيلبرت





- يبدو أنك لم تكبر بعد .. كما ظننت .. أخي الصغير .. غير أن كل هذه السنين غيرت هيئتك المدللة تماماً

اقترب خطواتٍ من ذلك المتصنم مكانه بذهول ومشاعر امتزجت مشكلة خليطاً بركانياً قد ينفجر بأي لحظة في كيانه

ربت على رأسه موقظاً اياه من حربٍ خاضها عنيفة مع ذكرياته وكبريائه

هامساً بابتسامته التي لاتزال كما رسمت مذكرته صافية غامضة

- لقد أصبحت نحيفاً وشاحباً حقاً

- لما .. أنت هنا ؟

سؤال نطق به لسانه بعد أن تحرر من سطوة مشاعره القاتلة التي كادت تسجنه طويلاً لولا أن قاوم لتحرير نفسه منها .. فجائه الجواب .. مؤلماً بائساً يثبت له كم أنه فشل رغم كل ماكان يصبو اليه .. أن كبريائه تحطم أكثر مما كان يتوقع !!

- لأعيدك إلى أرض الوطن .. الى حيث تنتمي .. أخي الطفل

- ماذا لو رفضت ؟

- لاأظنك بوضعٍ يسمح لك بالعناد أكثر .. أعرف جيداً كم تعاني هنا . وكم تنتظر الخلاص كهدية معجزة من السماء .. وهاقد أتتك الفرصة فلا تضيعها

- لاتتصنع معرفتي أكثر مني أنت لاتفقه شيئاً بي لاأحد منكم يفهمني

صرخ بذلك محاولاً تكذيب تلكما العينين العسليتين الصادقتين اللتان تغلبتا عليه ببضع كلمات

وأكمل في محاولة عقيمة لاكمال دوره المسرحي الذي ماعاد يتقنه

- ثم كيف أذن سمو كلاود بأن يعود اليه الخائن التافه الذي حط من قدره

بابتسامة معهودة أجاب : بفضل جهود سمو والدتك !

- لاتكن وقحاً .. هي أمٌ لكلينا .. سئمت تكرارك لهذه الكلمة هل لك أن تخبرني لما هي بالتحديد تعاملها هكذا ؟؟ ثم لما لم تستيقظ أمومتها الا الآن لما لم تستيقظ قبل ثمان سنوات لما لم تشعر بي وأنا ابنها لما لم تحاول حمايتي وتحقيق أبسط أمنياتي لما تحاول أن تبدو أماً الآن هذا لايناسبها البتة ليس بعد أن وافقت على طردي ليس بعد أن رمتني كالكلب الضال إلى حيث لا أنتمي !!

ضحكة مستمتعة سبقت قوله ملتفتاً لشقيقه بكل بساطة ومرح :تبدو متعباً .. أنت تهذي بالكثير المتناقض وهذا يمتعني حقاً .. تارة تعترف بأنك تريد الخلاص و بأن هذا ليس عالمك .. وتارة تنكر وتتجاهل رغباتك في محاولة لإثبات أنك قوي .. وأن كبريائك ذو حضور سامي .. سمو الأمير الطفل !

- لاتنادني بالطفل توقف عن هذا أيها الأخ المتعجرف السخيف الـ...

توقف واضعاً يده على رأسه بتعبٍ وكأنما كان يوشك على السقوط لولا أن اتكأ على الجدار بيده الأخرى محاولاً الحفاظ على قواه مستيقظة

- متعب جداً على مايبدو .. اسمح لي أن أصطحبك معي لبعضك الوقت علك ترتاح وتفرغ بعدها مابداخلك .. حتى لو أردت ضربي وأعلم أنك تريد هذا .. ستفعل حالما تأخذ قسطاً كافياً من الراحة

لم يجب واكتفى بنظرة مستاءة متذمرة رغم الارهاق الذي طغى ملامح وجهه الشاحب

وسرعان ما أسند جيلبرت شقيقه الذي قال بصوتٍ متعب متحشرج : حقيبتي

- آه حسناً سأحملها

أمسكها وأرخى حزامها على كتفه بينما كتفه الآخر يحمل ذلك الأشقر متجهم الوجه

سار معه حتى وصل الى فندقٍ شعبي قريب قررا الاقامة فيه

وماان استرخى جسده المتعب على الفراش والتمس دفئه حتى تدثر جيداً طالباً المزيد من الدفء ليغفو بتعبٍ وارهاق..

بينما جلس الآخر بجواره يتأمله بابتسامة هادئة غامضة




صوت الباب القديم كان عالياً حالما فتحته مما جعل جسدها يرتعش خوفاً

وبالفعل ماكانت تخشاه او بالأحرى من كانت تخشاه قد ظهر أمامها غاضباً يلوح الشر في محياه

مبررة قالت بسرعة : كنت سآتي لكنه ماإن دخل المنزل بدا تعيساً .. لذا قلت أني سأرفه عنه

لم تلحظ تغييراً في ملامحها المتجهمة لذا ماكان منها إلا أن تطرق برأسها وهي تعبث بأصابعها بتوتر واضح .. واذا بضحكاتها الناعمة تداعب أسماعها مما جعلها ترفع طرفها نحوها بسرعة مذهولة بينما نظرت الأخرى لها بحنو وربتت على رأسها قائلة بابتسامة جميلة : ألهذه الدرجة أبدو مخيفة

بخجل قالت : حين تغضبين .. نعم مخيفة جداً

بدت الدهشة عليها حالما تغيرت ابتسامة والدتها تلك إلى البؤس وعيناها شاردتان للبعيد

وبينما هي في تعجبها وتساؤلها إذ انحنت آرياكو معانقة إياها بحنين وأسى

كأنما تعوض في ذلك حرمانها من ذلك الشخص .. الذي ورثت طفلتها جل طباعه وتصرفاته

بتعجب وحيرة ظلت تراقبها وهي تصب الطعام في الأطباق .. وعيون أخرى كانت تراقبها هي .. التفتت بضجر بعدما ملت ذلك قائلة لها : مابكِ هانا أنتِ تربكينني لما تحدقين بي هكذا ؟

ببراءة أجابت : ولما تحدقين بأمي هكذا ؟

عقدت حاجبيها باستنكار : هي أمي كذلك أراقبها كيفما يحلو لي

- وأنتِ أختي يحق لي مراقبتكِ كيفما يحلو لي

هزت رأسها بالنفي بتملل وعادت تراقب والدتها فحل الصمت قليلاً على كلتيهما .. حتى قطعته هانا بتردد قائلة : ماذا فعلتِ هناك ؟ لقد اطلتِ المكوث عنده

- آها هذا مايشغل ذهنكِ الصغير اذاً .. هه لتحترقي غيظاً لعبنا كثيراً

نظرت نحوها بصمت بينما اتضح البؤس والاستياء على وجهها الطفولي وكأنما ترغب بسماع المزيد رغم معرفتها أنه سيزعجها .. وذلك ماحث هارو على استكمال لعبتها الاستفزازية فجلست متكئة على الطاولة وجلست هانا على اثرها ..

استقبلت كلٌ منهما الأخرى وقد بدأ الفضول يسيطر على هانا التي مااستطاعت اخفائه بينما قالت هارو باستمتاع : حين وصلنا للمنزل وجدته مبتئساً كان الوضع مزعجاً في البداية فقد بقي صامتاً يتأمل كل شيء بينما جلست أراقبه .. حتى خطرت لي فكرة !

اقتربت منها هانا بحركة لا ارادية وقد قطبت حاجبيها وأغلقت فمها بإحكام بينما قبضتيها الصغيرتين تشدان على ثوبها الزهري مما جعل هارو تدهش بدئاً بفضول شقيقتها الذي اشتعل فجأة لكنها آثرت الإستمتاع قدر الامكان بذلك واستفزازها فأكملت قائلة :

قررت أن نلعب لعبة .. اكتشف حقيقة هانا الغبية !

- ها .. ماهذه أيضاً ولما أنا ؟

قالت ذلك ببؤس وأسى فانفجرت هارو ضاحكة وهي تقول بين ضحكاتها : قلت .. له قصتكِ .. مع الشبح ههه .. وكيف .. بللتِ فراشكِ ههه

توقفت عن الضحك فجأة بدهشة حالما رأت دموع شقيقتها تجتمع في عينيها .. وسرعان ماانهمرت بغزارة بينما نهضت وأسرعت خارجة من المنزل وسط ذهول هارو وحيرتها !

- كنت أمازحها فقط لما تأخذ الأمر بهذه الجدية ؟!

قاطع أفكارها صوت والدتها التي قالت بينما تحكم إغلاق العلبة : هارو هانا تعاليا وأوصلا هذا الى تاتسو

نهضت وتوجهت لوالدتها بسرعة : سأحمله أنا وآخذه اليه

- تستطيعين هذا ؟

- أجل ليس ثقيلاً

- حسناً انما لاتتأخري كعادتكِ

- حاضر ماما

أسرعت نحو الخارج وارتدت حذائها وقبل أن تخرج من الباب جائها صوت والدتها المتسائل : أين شقيقتكِ هارو ؟

أجابتها بينما ترتدي معطفها وتحمل علبة الغذاء مجدداً : ربما في الحديقة .. الى اللقاء

قالت ذلك وأسرعت الى منزل تاتسو قبل أن تبدأ والدتها في استجوابها المعتاد


فتح عينيه بعد غفوة قصيرة لم ترحمه الكوابيس فيها ليهنأ بقليلها

ذلك الشيء البارد الذي لامس جبينه الساخن أشعره بالراحة قليلاً فآثر البقاء مغمض العينين مستشعراً تلك البرودة المريحة

بعد حين بدأت تلك البرودة تقل شيئاً فشيئاً مما جعله يقطب حاجبيه باستياء وتعب .. ففتح عينيه مجبراً واذا به يرى يداً تمتد لتستبدل الكمادات من على جبينه بأخرى باردة

نظر نحوه بذبول متأملاً تقاسيم وجهه التي لم تتغير كثيراً خلال سنواتٍ ثمانٍ فارقه فيها

بنية جسده النحيلة ووجهه ذو التقاسيم الهادئة المشعة بهالةٍ تبعث الاطمئنان

عيناه العسليتان الناعستان وشعره الكستنائي الناعم الذي انسدل على كتفيه

لاحت على شفتيه ابتسامة هادئة قصيرة : لما تتأملني هكذا .. أتغيرت كثيراً ؟

بتساؤل وتعب قال : منذ متى وأنت تطيل شعرك ؟

- ههه .. لم أطله كثيراً .. كان هذا منذ ستة أعوامٍ فقط .. ألايبدو مناسباً ؟

- هو يناسبك في الواقع .. طوله يبدو جيداً لاتطله أكثر ولاتقصره أيضاُ

ابتسم مجدداً بينما يأخذ كوب القهوة من على الطاولة : لاتقلق فكلما ناهز طوله أعلى كتفيّ فالمقص جاهز لايقافه

نظر له بدهشة : تفعل ذلك بنفسك ؟

بابتسامة حانية أجابه : أجل .. في الآونة الأخيرة وحسب

لم يفهم ماقصده بجملته الأخيرة إنما آثر الصمت والتفكير بعدها بأمور شتى

كبريائه ألح عليه أن لايعترف ! وإلا فإن شوقه لهم كاد يطغى على عناده

وبالتحديد شوقه لشقيقه المتعجرف سليط اللسان

- لا أحب صمتك .. ربما لأني لم أعتده .. ولكني فعلاً مشتاق لحديثك فلورنس

نظر نحو شقيقه الذي تفوه للتو بكلمات بدت صادقة حقيقية تنبع من أعماقه .. أبهذا القدر اشتاق له .. لما كان يحسبه يكرهه اذاً .. بل لايزال يرى هذا

- سؤال لطالما هاجمني كلما فكرت بك

- هم ؟! وأي سؤالٍ هذا .. ماأعرفه أنك لاتنتظر الإذن لتسألني

- بأي قدرٍ تكرهني .. جيلبرت!

بدا عليه الذهول والاستنكار لسؤاله الغريب .. وبعد صمتٍ وتفكير حاول خلاله استعادة تلك الأفكار الجنونية التي طرأت على عقله : لما تعتقد أني أكرهك ؟ أمرك عجيب حقاً !

- لما يجب أن أعتقد أنك تحبني .. حين غادرت لم تحاول منعي أبداً .. وفي كل مرة تحدث فيها مشكلة ما تنسحب بكل هدوء دائماً .. لطالما سمعت والدينا يوبخانك وحالما تروني يصمت الجميع وتبتسم لي تلك الابتسامة الحمقاء التي تظن أنك ستخدعني بها .. خلفها وخلف نظراتك تلك كنت أرى الكثير من الكراهية .. رغبة بتمزيقي أو ربما .. بأن أختفي للأبد !

-

ظل صامتاً بدهشة وحيرة عقدت لسانه وعقله ..

حاول استرجاع ماقاله في ذهنه مراراً لكي يجد الجواب المناسب .. ومالبث أن ابتسم ساخراً وقد رفع رأسه إليه بنظراتٍ غامضة : رغم كل محاولاتي لإخفائه فقد كنت تراه اذاً ..ياللسخرية .. يبدو أن أخي الطفل أذكى مماظننت .. أجل أنا أكرهك ولازلت لاأفهم كيف عرفت هذا .. أكرهك أكثر مما تتصور أيها الطفل المدلل .. الكل يحبك ويمقتني ويراك الأفضل ويعاملني كالخادم الشخصي لك .. كل شيء يعود لك وحدك وكأنني لا أنتمي لهذه العائلة .. حتى الهوية ! .. بريطاني حقيقي كامل تشعر بالوطن يسري في عروقك وأنا ماذا ؟ لست أشعر بالانتماء لموطني حتى .. أكرهك وأتمنى دائماً لو أنك لم تولد .. حينها فقط كنت سأكون الأول بكل شيء !

تنفس بعمق حالما أنهى حديثه وألقى بنظراتٍ باردة خالية من المشاعر نحو شقيقه الذي كان يطالعه بذهول وانكسار .. وسرعان ماارتدى قناع الكبرياء مجيباً اياه : كل هذا ؟ فقت توقعاتي كلها حقاً .. رغم أني لم أفهم معظم حديثك الا أنني أخيراً عرفت سبب كراهيتك لي .. وتأكدت من حقيقة مشاعرك نحوي .. كي لاأعيش واهماً أكثر !

صمت ثقيل قطعه جيلبرت بتنهيدة مستاءة التفت بعدها له وضربه على جبينه ثم نهض يقول متهكماً : أخٌ غبي .. أنت لاتفهم شيئاً .. ولاأعلم حقاً لما استنتجت أني أكرهك .. كيف تصدق أموراً غبية كهذه .. كف عن التفكير بهذه الطريقة الساذجة لما أكرهك أيها الطفل الأبله

أضاف بابتسامة وهو يملأ كوباً آخر بالقهوة الساخنة : لاأحد يحبك مثلي أخي الطفل المدلل .. أرح عقلك المتحجر قليلاً فعلى مايبدو لم تستعد وعيك تماماً بعد

قالها وخرج من الغرفة تاركاً فلورنس تعصف الحيرة به والحرب بين الحقيقة والكذب تشد أوزارها في عقله


- مرحباً مجدداً تايسو

- آه مرحباً بكِ هارو .. عدتِ مبكراً .. أيضاً اسمي تاتسو عليكِ حفظ اسمي جيداً

بلا مبالاة دخلت وخلعت حذائها لترتدي الآخر الخاص بالمنزل والذي كان كبيراً على قدميها الصغيرتين .. أسرعت للداخل وجلست أمام المائدة الخشبية الصغيرة القديمة ونفضت الغبار عنها ثم وضعت علبة الغذاء عليها وبدأت برصف أجزائها بسرعة

- هيا أسرع دعنا نأكل أنا جائعة

بتعجب كان ينظر لها وماان جلس أمامها حتى وجدها قد بدأت تأكل بشراهة غير آبهة به .. أخذ أعواد الطعام الخشبية وبدأ يأكل بهدوء حيناً ويراقبها بتعجبٍ حيناً آخر .. ومامضى الا القليل من الوقت حتى التهمت كل شيء بينما تناول تاتسو القليل وقضى بقية الوقت في مراقبتها ..

- أنتِ مدهشة .. تأكلين الكثير إنما لاتسرعي فقد يضر هذا بصحتكِ

مسحت فمها بكم ثوبها وقد اتسخ وجهها بتلك الصلصة الحمراء الممتزجة مع حبات الأرز وسرعان مابدأت تحتسي الشاي الذي وضعه أمامها

- رويدكِ هارو

- لاتقلق مابك ليست المرة الأولى التي أتناول فيها طعاماً لكنك محظوظ ماما صنعت لك أطباقاً شهية لاتصنعها لنا في العادة سوى يوماً واحداً كل أسبوع

عادت تحتسي الشاي تارة وتلعق ماتبقى في الأطباق تارة أخرى ودهشته كانت تزداد مع مراقبته لحركاتها الفوضوية ومالبثت أن التهمت حتى البقايا الصغيرة وارتمت على الأرض باسترخاء

- شبعت كان طعاماً شهياً

اعتدلت بعدها وأخذت تلملم أجزاء علبة الطعام وترصفها فوق بعضها البعض ثم وضعتها بكيسها ونهضت وهي تقول : الى اللقاء الآن أراك حالما يحين موعد العشاء

ودون انتظارٍ لجوابه ابتعدت متجهة الى الباب الخارجي وسط نظراته الذاهلة المتعجبة

واستبدلت حذائها وخرجت ببرود كأن لم تفعل شيئاً !!

- طفلة غريبة الأطوار !

قال ذلك وهو لايزال يحملق حيث غادرت بذهول شديد ثم تنهد بعمق ورفع كتفيه بحيرة




- لقد عدت

قالت ذلك وهي تدلف لداخل المنزل مغلقة الباب خلفها .. بدا المنزل هادئاً جداً إنما ذلك لم يكن ليقلق فتاة بطباعها اللامبالية ..

دخلت ووضعت العلبة على الطاولة واذا بها ترى أطباق الطعام كما هي مرصوفة عليها دون أن يُأكل منها شيء !

نظرت لذلك بتعجب ثم التفتت حولها بتساؤل : أين ذهبت أمي وهانا ياترى ؟

بلا مبالاة رفعت الغطاء عن الطبق : إنه يوم حظي

اتسعت ابتسامتها وعادت تأكل وتلتهم ما أمامها واذا بباب المنزل يفتح بقوة مما جعل جسدها يرتعش فزعاً !

التفتت خلفها لترى والدتها تدخل بسرعة والقلق يغلف تعابير وجهها ومن خلفها كان تاتسو بملامحه الهادئة ممتزجة بقلق خفي : هارو !!

هكذا نادت والدتها ومالبثت أن أسرعت لتجلس امامها وتضع يديها على كتفيها وهي تقول بخوف : هارو أين شقيقتكِ أتعرفين شيئاً ؟ أخبريني أتعرفين أين ذهبت وتخفين ذلك عني ؟

بتعجب أجابت : لا كانت هنا .. آه

فجأة استعادت ذاكرتها صوراً لماحدث منذ نصف ساعة !

وكيف أن شقيقتها غادرت غاضبة حزينة بعدما صدقت مزحتها تلك

بدا عليها التوتر والخوف فهي لاتستطيع اخبار والدتها بما جرى وبالتحديد بحضور تاتسو

فآثرت الصمت مما جعل آرياكو تصيح بوجهها غضباً و خوفاً : تحدثي هارو أين شقيقتكِ ؟

نظرت نحو تاتسو ملياً برجاءٍ أن ينقذها بينما ظل صامتاً يستحثها بنظراته على الكلام

فقالت بترددٍ وهي تنظر لوالدتها : لن .. تغضبي ؟

- قلت لكِ تحدثي ماذا حدث لشقيقتكِ أين هانا ؟؟

قالت ذلك صارخة بغضب امتزج بخوفها الذي بدأ بالازدياد مما جعل الصغيرة ترتعش خوفاً وتوتراً .. أجابت بعد قليلٍ من الصمت بذعر : تشا..جرنا.. أنا لم أقصد .. كنت .. أمازحها فقط .. هي صدقت .. وخرجت .. غاضبة

بدا أن قلق آرياكو قد ازداد وقد بقيت تفكر بخوف ٍ لثوانٍ قليلة ثم نهضت مسرعة وهي تقول : تاتسو ابق معها سأكمل بحثي .. لست مطمئنة أشعر أن مكروهاً أصابها

- أود البحث معكِ رجاءاً

قال ذلك وقد اعتراه القلق هو الآخر فأومأت ايجاباً بتردد .. أما هارو فقد نكست رأسها بتذمر وأسى وما إن خرجت والدتها حتى توجه تاتسو لها وأمسك بيدها : هارو يجب أن تساعديني .. أنتِ حتماً أكثر من يعرف هانا ويستطيع تخمين أين يمكن أن تكون .. سترافقيني حسناً ؟

نظرت له بقلق وحزن : أنا لم أقصد .. كنت أمازحها فقط .. لكنها غبية تصدق كل شيء

وضع يده على رأسها وربت عليه بينما يبتسم ابتسامة دافئة جميلة

- أفهم هذا .. أنتِ كذلك قلقة عليها صحيح .. هو ليس خطئكِ وليس خطأ هانا .. لذا كل ماعلينا الآن هو ايجادها والاعتذار حسناً ؟

- لكن لما أعتذر إن لم أكن مخطئة ؟

- ليس خطئكِ أنها اختفت فلم تتعمدي ذلك ولم تعرفي أنها قد تحزن مما ستتفوهين به .. لكن الآن وقد عرفتِ توجب عليكِ الإعتذار وعدم تكرار هذا .. حسناً ؟

أومأت إيجاباً باقتناع ثم نهضت معه : اذاً لنسرع بايجادها

ابتسم بلطف وأمسك يدها ثم خرجا سوياً ليبحثا عنها .. مبتدئين بحثهم بالجسر


السماء قد أظلمت قبل أن يحل المساء .. فتلك الغيوم تراكمت مجدداً متأهبة لعاصفة ثلجية جديدة ..

وقف يطالع السماء من خلف النافذة الأبنوسية ذات الستائر البيضاء

حرك أنامله لتلامس سطحها المبلل بذرات الثلج المتراكمة على الوجه الخارجي منها

بشرود كان يطالع ذلك البياض الممتزج بسواد الخشب الأبنوسي المشابه للون شعر من سكنت عقله وكل أفكاره

ابتسم دون إدراكٍ بحنين اعتصر لبه .. حتى قاطع خلوته بنفسه صوت الباب الذي فُتح ليطل منه ذلك الشاب ذو الابتسامة الملائكية التي لطالما أغاضته

نظر له قليلاً وسرعان ماأعاد ناظريه نحو النافذة وماخلفها

بينما اقترب الآخر منه وهو يحمل طبقاً من الطعام وضعه على الطاولة القريبة

- ألن تأكل شيئاً .. تعال وتناول طعام العشاء أخي .. أنت لم تأكل مايذكر منذ الصباح

- لست جائعاً

- كف عن هذا الآن .. هيا تعال وكل شيئاً

صمت وكأنما مل الحديث معه فتنهد الآخر بعمق ووضع يده على كتفه وما إن هم أن يتحدث حتى ضربت كف شقيقه يده مبعدة إياه عن ذراعها بينما ينظر له بغضب : قلت لك لاأريد شيئاً هلا بقيت بعيداً عني .. عد من حيث أتيت وأخبرهم أني لن أرافقك لأي مكان

قالها وعاد لفراشه بانزعاج بينما انتظر جيلبرت أن يهدأ شقيقه قليلاً ثم ابتسم مجدداً وتبعه حتى جلس بجواره .. أطلق تنهيدة عميقة ثم وضع يده على يد فلورنس وخاطبه بتفهم

- أعلم كم هذا صعب .. فأنت ستخلف ورائك أكثر الأشخاص أهمية .. وماكنت لأؤيدك على هذا مهما كان من طلب ذلك مني ولو كنت أنت حتى ! .. لكني أطلب ذلك منك الآن بجدية بغض النظر عما يريده والداك .. لأن مخاطر بقائك هنا أكثر بكثير من رحيلك .. ستجلب المصائب لعائلتك إن ظللت معهم فجريمتك ليست سهلة البتة !

نظر له بدهشة وخوف وقد تسارعت دقات قلبه بجنون .. تمتم بصعوبة : كيف .. عرفت ؟

بابتسامته ذاتها أجابه : عيناي لم تتخليا عن حراسة أخي الصغير ولو للحظة !

ازدرى ريقه وقال بعد تردد : وهل .. يعلم ..

قاطعه مطمئناً : لاأحد يعلم بالأمر سواي .. اطمئن لم ولن أخبر أحداً

- تكذب .. انها فرصتك للتخلص مني

- لما تعتقد أني أكرهك .. فلورنس هذا يكفي كف عن التفكير بي بهذه الطريقة أنت أخي أم أنك ستحرمني التفكير بهذا حتى ؟!

نظر له بحيرة وقلق : في كل مرة يثير حديثك بي الريبة ورغم هذا أنت لاتجيبني عن أيٍ من تساؤلاتي .. كيف لي أن أثق بأخٍ لاأعرف عنه سوى سطورٍ كتبت بهويته ؟!

ابتسم بشحوب مجيباً اياه : ليس مهماً أن تعرف عني ماهو أكثر .. المهم أن تثق بي .. أخي

تنهد فلورنس بحيرة وأسى وعاد ينظر للفراغ مفكراً ..

حل الصمت طويلاً ليعشعش في تلك الغرفة الباردة قلوب سكانها

حتى انقطع أخيراً حينما قال فلورنس : اذاً .. ماهو الحل الذي أوجدته لي ؟

نظر جيلبرت نحوه بهدوء وأسف : ستعود لبريطانيا .. بعد أن تسوي الأمور هنا

نظر نحوه بألم : وعائلتي ؟

بابتسامة هادئة متفهمة : سيكون ذلك قاسياً .. إنما عليك أن تضحي لأجلهم .. فرحيل قد لايطول .. أفضل من الرحيل للأبد .. ان ظللت فعقابك الموت .. لن تظل القضية طي النسيان طويلا وستكشف يوماً ما .. لكن هناك .. ستضمن لهم حياتاً أفضل وأكثر أماناً ان اتبعت خطتي جيداً بحذافيرها !

بألم أكبر : لا أستطيع .. آرياكو .. هارو وهانا .. جميعهم كيف أتخلى عنهم .. كنت أحلم بالكثير .. كيف أمضي حياتي بعيداً عنهم .. أنت لم تجرب هذا الشعور أخي .. انها عائلتي الحقيقية .. بنيتها بنفسي حتى منزلي ذاك صنعته بيديّ كيف أترك كل شيء

بدا على جيلبرت ألم وأسى عميق لم يستطع اخفائه .. واكتفى بأن أجبر نفسه على الابتسام بينما يقول بهدوء وهو يربت على كف شقيقه : أفهم ماتشعر به .. صدقني إني أفهمك

أرخى فلورنس رأسه على كتف شقيقه وقد تجمعت الدموع في عينيه بينما كان يتمتم باختناق : أحبهم .. أحبهم كثيراً .. لا أستطيع .. كيف لك أن تفهمني وأنت لم تجرب الحب حتى .. لم تجرب معنى أن تكون أباً !

رفع جيلبرت يده ليمسح على شعر شقيقه ويربت عليه مواسياً رغم ماكان يصارع من ألم : أفهم هذا .. لكنها تضحية لابد منها .. أعدك بأن أعيدك لهم مجدداً .. أعدك .. أخي الطفل




الفصل القادم " الجزء الأخير من

وداعاً ياربيعي الأجمل "

ونهاية الجزء الأول من براعم زهرة الكرز

المرحلة الأولى من حياتهم .. ستنتهي فكيف ستغدو نهاية فصولهم الأخيرة

وكيف ستبدأ حياتهم الجديدة

والتي ستبدأ مع تفتح أوائل براعم الكرز

مجدداً ستنمو بحلة جديدة "

يتبـــــــــــع





وبالطبع لن ننسى المهمات أو التحقيق XD





- جيلبرت في دخول غريب وشخصية غامضة تحير فلورنس .. ماهي أسراره وماحقيقته ومالذي يخفيه خلف قناعه الملائكي

- فلورنس في صراع بين خيارين أحلاهما مر .. فعلاما سيستقر وماسيكون مستقبله ؟

- تختفي هانا وتبدأ مشكلة جديدة تقض مضجع آرياكو .. مامصيرها وماذا تخفي هي الأخرى خلف مشاعرها الخفية ؟

- تاتسو وهارو .. صداقة هل يكتب لها البقاء ؟

- وأخيراً .. رأيكم في البارت + نصائحكم التي لاغنى لي عنها



مقتطفات للفصل القادم والأخير من الجزء الأول

- إن ماتت هانا سأكون السبب صحيح .. وستكرهني أمي

- لاأحد يحبني !

- فلورنس كيف تختفي حينما أحتاج وجودك .. اشتقت لك .. أنا أفتقدك بشدة

- لقد بتِ مصدر ازعاجٍ كبير .. أريحيني من وجودكِ الدائم بقربي

- لاأستطيع فعل هذا .. إنه أكثر مما أستطيع تحمله

- لن أسمح لك بالعودة قبل أن تغدو رجلاً

- لما تقولين هذا .. لطالما أحببتكِ .. لكني أبٌ سيء .. لايستطيع أن يعبر عن مشاعره لطفلته

- أنت كاذب أنا أكرهك

- خذني معك اذاً

- انه السبب أليس كذلك الموت له هو من أراد تفريقنا

- وداعاً .. ياربيعي الأجمل !

هووه المقتطفات كتير وهون نخلص

افتقدت في الآونة الأخيرة الكثير من المتابعين

بتمنى شوفكم هالمرة من كل قلبي


أفتقد اطلالتكم المفرحة حقاً

يالله اتمنى لكم متابعة ممتعة

سلام ^^


.


.
[/]


 
 توقيع : آدِيت~Edith

مواضيع : آدِيت~Edith



رد مع اقتباس
قديم 05-01-2020, 01:52 PM   #24
آدِيت~Edith
https://www.anime-tooon.com/up/uploads/at165286508456371.png


الصورة الرمزية آدِيت~Edith
آدِيت~Edith غير متواجد حالياً



.












.
[color=rgb(139, 0, 0)]


رحلة الحياة طويـــــلة بكل ماتحويه الكلمة من معنى

تحمل في طياتها العديد من المفاجئات والأسرار

منها ماقد يبهجنا .. وكثير ماقد يصدمنا يؤلمنا يكسرنا ويهشم بقايا أحلامنا

ويظل الأمل رغم ذلك كله

يفرض نفسه على كل تلك الصعوبات ليحولها الى نور يتغلغل بالظلمة فيحيي البسيطة

في لحظات كان اليأس حاكمها فتمردت عليه

لهذا السبب فقط .. ظللت أحمل الأمل في قلبي

آملة أن ينير قلبي المظلم

ويعيد الحياة بعروقي التي ماعادت تنبض منذ فراقهم






براعــم زهرة الكـــرز

الفصل الأخيــــــر \ الجزء الأول

" وداعاً ياربيعي الأجمل "


أين أنا

وقد وأدتني الذكريات

وساقتني لمتاهات القبور المظلمة

حيث الوحدة والظلمة

حيث لاوقت للحنين

فقط .. تلك الحرية المستحيلة

ستخرجني من مقبرتي



سارت تثقلها أعباء الحياة .. حائرة تائهة
عيناها تسافران بين الحقول والسهول .. وقلبها يصارع الوحشة والغربة
ودونما ادراكٍ لسانها كان يتمتم بضياع
" أين أجدها .. رباه ساعدني .. فلورنس طفلتنا فقدتها .. أين أنتِ صغيرتي "



دارت حول نفسها ببطء تنظر حولها بعدما يئست البحث

من أين تبدأ وأين تنتهي ..؟!

جلست على الأرض بجسد متعب أنهكته الصعاب ودموعها متحجرة بمقلتيها

تبحث عن السبيل للخلاص .. الخلاص من حاضرها الذي يأبى أن يرحمها

بينما قلبها يهتف وقد غلفته الوحدة وهاجمه الحين
" فلورنس كيف تختفي حينما أحتاج وجودك .. اشتقت لك .. أنا أفتقدك بشدة "

صوبت ناظريها نحو السماء ترسل دعواتٍ صادقة علها تخلصها من محنتها

وقد تحررت دموعها وعادت تبحر على وجنتيها كما لو كانت قد اعتادت ذلك

فبات البكاء .. مؤنسها !



- هانا تحب النهر دائماً تأتيه .. وكذا الينبوع الدافيء هناك
- حسناً لنبحث ونرى
- ام
قالت ذلك بخوف وتبعته بينما كان يبحث بجد عن أي أثر لها دونما جدوى
وكأنما هي ابرة ضائعة بكومةٍ من القش

أسرعت ماإن شاهدت بعض الرجال يسيرون قريباً منهم لتسأل بلهفة وقلق : عمي عمي هل رأيت شقيقتي هانا ؟

نظر نحوها ذلك العجوز بنظراتٍ حانية بينما يفكر : كيف تبدو ؟

- لها شعر قصير وهي قصيرة وبلهاء
- ليس هكذا هارو
قال ذلك تاتسو مؤنباً بلطف وسرعان مالتفت للعجوز يصفها بهدوء :
عيناها بندقيتان صغيرتان ذات بشرة موردة وشعر قصير ترتدي ثوباً زهرياً

أخذ العجوز يفكر قليلاً حتى قال وكأنما تذكر شيئاً ما : أظنني رأيتها .. انها ابنة فلورنس صحيح ؟ كانت تسير بمحاذاة النهر منذ نصف ساعة أظن

صرخت هارو بانفعال : رأيت قلت لك انها تحب النهر

ابتسم بهدوء وهو يومأ ايجاباً : شكراً لك سيدي

أسرع كلاً منهما لبدأ البحث بعدما شكرا العجوز بلباقة

آملان أنها لم تبتعد أكثر بعد !

بينما كانت هارو تهتف وهي تسرع خلف تاتسو: إن ماتت هانا سأكون السبب صحيح .. وستكرهني أمي

التفت لها تاتسو وقد رفع حاجبيه متعجباً : لما تتفوهين بمثل هذه الحماقات ؟

أجابت بطريقتها الدرامية : ماذا لو أنها شعرت باليأس لأنني كذبت وظنت أني افتضحتها حين بللت ملابسها ثم ذهبت للنهر لتغرق نفسها لذلك لم نجدها بجانب النهر هي ألقت بنفسها في داخله صحيح هانا ماتت أليس كذلك .. آه أختي المسكينة ماتت بسببي بسببي أنا وأمي ستكرهني وأبي ليس هنا ليحميني

لحظاتٍ حاول فيها استيعاب ماقالت الا أنها بدأت تبكي وتصرخ بتحسر وندم

- أأنتِ جادة ؟ خيالية للغاية أنتِ
تنهد بعمق حالما أدرك أنها لاتسمعه واقترب منها مربتاً على رأسها

- كفى .. لن يحدث لها شيء ثقي بي .. هانا بخير انها تلعب لعبة الاختباء وحسب
نظرت له بسرعة قائلة بين شهقاتها : أصحيح هذا ؟

أومأ لها بالايجاب بثقة فتنهدت بارتياح : إن كان الأمر هكذا فسأضربها

ابتسم ضاحكاً وأعقب بلطف : فلنجدها أولاً اذاً

بعزم هتفت وهي تسبقه بخطواتٍ واسعة : سأبدأ أنا

بينما شيعتها نظراته الهادئة وابتسامته تزين شفتيه ثم تبعها بسرعة





[/color]


 
 توقيع : آدِيت~Edith

مواضيع : آدِيت~Edith



رد مع اقتباس
قديم 05-01-2020, 01:53 PM   #25
آدِيت~Edith
https://www.anime-tooon.com/up/uploads/at165286508456371.png


الصورة الرمزية آدِيت~Edith
آدِيت~Edith غير متواجد حالياً





دموعٌ لامست ذلك العشب الندي .. وشهقاتٌ اخترقت سكون الطبيعة

صوتٌ جذب ذلك القروي لتلك البقعة الصغيرة .. ليكشف طفلةً اختبئت فيها خلف شجرة أرْزٍ ضخمة

اقترب منها خطواتٍ ينظر بحيرة وتساؤل .. وسرعان ماعرفها ماإن وقف أمامها

- مالذي تفعلينه هنا ياصغيرة ؟

بفزع نظرت له وهي تعيد ظهرها للخلف محاولة الهرب الا أنه أمسك كتفيها برفق مطمئناً

- لن أؤذيكِ صغيرتي .. أولستِ ابنة آرياكو ؟ لما تختبين هنا ؟

ظلت تبكي بلا انقطاع وقد غطت عينيها بكفيها فتنهد بيأس ضجراً

- ألا تملين البكاء ؟

بصوت متقطع متحشرجٍ قالت : لا أحد .. يحبني

حدق بها ملياً مستفهماً متسائلاً .. وانحنى ليتخذ مكانه بجوارها جالساً

- مشكلة مع أمكِ ؟

أومأت بالنفي ولما تزال تبكي فأعاد السؤال مستخدماً متهماً آخر : اذاً شقيقتكِ ؟

أومأت مجدداً بالنفي ثم أنزلت كفيها وأسدلتهما على ثوبها وهي منكسة طرفها محاولة أن تستوقف دموعها

بينما هدأ ليستمع لها فهاهي ذا تجد الخلاص أخيراً لتبث مابداخلها لذلك الغريب الذي لن يفتضحها




-امم هذا الطبق يبدو مألوفاً .. أستطيع تمييز السمك فيه

- إنه السوشيمي .. وهناك أنواع أخرى منه ... يزداد سعره ارتفاعاً بحسب جودة السمك المستخدم فيه وحجمه

سرد تلك المعلومات بفتور وهو يمسك أعواد الطعام وينظر لطبقه الذي لم يأكل منه شيئاً بعد

بينما همهم الآخر بفهم وهو يتذوق لقمة أخرى من ذلك الطبق الغريب عنه

وماإن ابتلعها حتى التفت لشقيقه مجدداً وهو يقول : يجب أن تأكل لتشفى سريعاً فلا وقت نملكه لنضيعه

جحده بنظرةٍ ساخطة وهم بالنهوض لولا أن أمسك جيلبرت يده بسرعة

- كف عن هذه التصرفات الطفولية .. أوكأنني أتحدث من أجلك ؟

- لم أطلب منك الاهتمام بي

- أظننا اتفقنا على كل شيء لما تكابر الآن وتتذمر ؟

- هذا يكفي .. أرجوك أنا بحاجة لأن أبقى بمفردي

- وكم من الوقت ستحتاج لهذا ؟ ظللت صامتاً بمفردك لوقتٍ طويل .. مالفائدة التي جنيتها من ذلك

- يكفي يكفي

صرخ بذلك غاضباً وقد أبعد يده وسار نحو النافذة ليفتحها بقوة ويفرغ ثقل قلبه بتنهيدة قوية عميقة

ثم اتكأ بيديه على سور النافذة متأملاً السماء المتلبدة المظلمة

بينما نظر جيلبرت نحوه يائساً حائراً يبحث عن طريقة تمكنه من اقناع شقيقه العنيد

هيمن الصمت على الأرجاء لفترة حتى أنهى جيلبرت طبقه ونهض بهدوء متجهاً صوب أخيه

والذي ماان شعر بدنوه حتى مسح تلك القطرات التي بللت وجنتيه

- اوه رباه .. أتبكي ؟

أشاح بوجهه للناحية الأخرى فاقترب منه أكثر ونظر له ملياً بصمت

واذا به يباغته بلكمة توقعه أرضاً بينما هو في ذهولٍ شديد

والآخر استكمل صارخاً به :

أتعلم ؟! لو كنت مكانها لما وافقت على طفل مثلك ليكون رباً لعائلتي

لما ائتمنته على صغاري ولما سلمته نفسي .. تبكي ؟!

بدلاً من أن تبحث عن حلٍ جذري لمشكلتك أنت تبكي و تكتئب وحسب

لن أظل أربت على رأسك وأخفف أوجاعك التي بنيتها بنفسك

ولن يتمكن أحدهم من محو جروح صنعتها بسكينك

إن كنت رجلاً وإن كنت متعلقاً بهم الى هذا الحد اذهب واصرخ بالجميع أنك القاتل

اعترف وأخبرهم بأسبابك وتحمل نتائج أفعالك الطائشة ولحظات جنونك !

ظل فلورنس مطأطأً برأسه ويده على موضع الصفعة يستمع بصمت بينما أكمل جيلبرت بحدة :

كنت أحمقاً حين أضعت وقتي من أجل شخصٍ لايستحق ..
كل ماينتظره هو ان يجيئه الخلاص على طبقٍ من ذهب دون أن يبذل أدني مجهود ..
الحياة ليست هكذا ولم تكن يوماً هكذا .. إن لم تسعى لإسعاد نفسك فلا حق لأحدٍ بفعل ذلك نيابة عنك

توجه للباب فاتحاً اياه وقبل أن يخرج أدار طرفه لشقيقه ليقول : حينما تقرر ماتريد فعله أخبرني ..
سأكون في الغرفة المجاورة .. مساء الغد سأعود لبريطانيا لذا قرر بسرعة ماإذا كنت ستلحق بي أو ستبقى


استدار بعدها خارجاً مغلقاً الباب من خلفه بينما ظل فلورنس بصمته يفكر بذلك القرار المصيري
الذي سيقلب حياته رأساً على عقب!




]


 
 توقيع : آدِيت~Edith

مواضيع : آدِيت~Edith



رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
إفيلا، الظلام والنُّور الجزء الثاني lazary قصص قصيرة 4 06-03-2020 11:42 PM
الأثر الأول لنا darҚ MooЙ مسابقات وندر لاند 48 03-07-2020 11:38 PM

شرح حديث

علف


الساعة الآن 10:25 PM