أسبَقَ لكَ وأن رأيتَ شَخصاً غريباً بَينَ جُموع البَشر؟ يجذِبُ انتِباهكَ؟ ثُمَّ فجأة...يَختفي؟
رأيتُهُ أكثَرَ مِن مرّة... وفي اللّحظة التي أضعُ فيها عينيّ عليه، يَضمحلُ ويتلاشى.
أتساءل؛ أهوَ عملُ مُخيّلتي؟ شيءٌ ما صَنعهُ عَقلي؟ فأنا فِي الفَترةِ الأخيرَةِ، لمْ أعُد أنا...بِطريقةٍ ما.
شُعوري بالفرَاغ وبِشيءٍ يتساقطُ على قلبيَ يزداد، أهذَا بِسببِ موتِها، مُونيكا؟
أم لرُبّما الضّغط الزّائد عليّ مِن كُلِّ الجهات؟أو مُشاجراتُ والديّ التي لا تَنتهي؟
في كُلّ ليلة يَطرقُ رأسي سُؤال؛ أحقّاً لِلنّهاياتِ السّعيدة وُجود؟
-أحمَد؛
رأيتُكَ اليوم في خُلمي، رايلي.
أُريدُ أن أستَفسِرَ مِنك، كيفَ هو شُعور أن تكونَ شَخصاً سيّئاً؟ تؤرِقُ النّاسَ وتُسببُ نبو مَضجعهم؟ كيفَ هو شُعور الأفضليّة؟
أن تكونَ في بلدِك؛ بلدكَ الآمن من كُلّ حَرب، وسطَ ناسكَ وأهلِكَ؟ أن تكون بِلونِ بشرةٍ أبيض؟
بِديانةٍ لا يُلقّبون مُعنتقيها بِـ' إرهابيين'؟ لا أحدَ ينعتُكَ بألفاظٍ مُسيئةٍ أو يتقصّدُ إسقاطكَ في المَمرات؟
أمّكَ لا تَظُنّكَ مَجنوناً لأنّك ترى شَخصاً كُلّ مرّةٍ ثُمّ يختفي؟
عِندَما أُفكرُ في كلّ شيءٍ مررتُ به في بَلديَ الأمّ، وما أُلاقيه هُنا مِن كُرهٍ،
يدنو تَفكيري مِن سؤالٍ واحد، أحقّاً لِلنّهايات السّعيدة وجود؟
- مَآرلين؛
يَومٌ سعيدٌ مُجدداً!
اشتريتُ رِوايةً جديدة، وفي طَريقِ خُروجي من المَكتبة، لمحتُ ذاكَ الشّخص العَجوز مَرّة أُخرى
وسُرعان ما اضمحَل ، يرتَفِعُ منسوب الأدرينالين داخلي، هَذا مُشوّق!
أحثّ الخُطا إلى المَنزل بَينما أتخيّلُ العَجوز قصّة خياليّة وراءه.
أدخُلُ المَنزل، أقبّلُ أمّي، وأكمِلُ ما تبقى مِن النّهارِ بسرُور، أذكُرُ كلامَ صديقةٍ لي، بِأنّه لا وجودَ لشيء يُدعى بِـ'السّعادة'.
كيفَ لِشخصٍ ما أن يظُنّ أنّ النّهايات السّعيدة لا وجودَ لها؟
- رايلي؛
مرّة، مرّتين، ثَلاث، أربَع.
رأيتُ ذاكَ الرّجل القَبيح أربعَ مَرّاتٍ حَتّى الآن، أكادُ أُهشّمُ وَجهَهُ من شدّة حَنقي، إنّه يُغضبُني؛ بِحركاتِهِ السّريعة تلك
انظُروا أنا السّيّد خَفيّ! فَليُسلمني أحدٌ ما رَأسه!
أمشي نَاحية مَكانيَ السّرّيّ أنا وأصدِقائي، مُبتلِعاً رَغبتي في قَتلِ أحدِهم.
يقولُ أحدُ الأصحابِ نُكتة، فَيتحسّنُ مَزاجي.
هذهِ هي الحياةُ السّعيدة؛ القوّة، لِتتغلبَ على الضُّعفاء كذاكَ العربيّ أحمَد، أصدِقاءٌ معكَ أينَما ذَهبت
رفاهيةٌ ولا شيء لِتقلقً لِأجلِهِ أو تَخافَ منه.
كيفَ للحياة أن لا تَكونَ جَميلة والنّهايات سَعيدة؟
- ناومي؛
أُحدّقُ بِالمرآةِ مُنذ وقتٍ طَويل، هَذهِ ليستْ أنا، لا تَمُتُ لناومي بِأيّ شكلٍ من الأشكال.
من هَذهِ في المِرآة؟ إنّي لا أرى سِوى شَبحاً بِهالاتٍَ سَوداء تحتَ عينيه السّوداويتين، شَعره الأسوَد مُبعثراً بِلا هُدى،
شًفتاهُ مُتشققتان، ويدُه؟ الجُروحُ حَولَ المِعصم تملأُ المَكان.
-أحمَد؛
دَخلتُ الحَمّام مُسرِعاً، أُمي وأبي في العَمل، مَع هذا لا أعرِفُ لمَ أختَبئ، أخرَجتُ الدّواءَ من جَيبي
لَرُبّما أنا خائفٌ مِن نَفسي، مِن ربّي، لرُبّما أنا لا أريدُ فعلَ هذا بعدَ كلّ شيء.
نَظرتُ إلى مرآةِ الحَمّام، بشرةٌ سمراء، لِمَ أنا ذو بشرةٍ سَمراء؟ لا بَأس، لا بَأس.
أتلّمس الجُرحَ المُمتد مِن عيني إلى ذَقني، لا أُريدُ التّذكر كيفَ حصلتُ عليه حتّى، أنا بِالفِعلِ عالقٌ في المُنتَصف
لا أريدُ الرّحيلَ عن هُنا ولا أريدُ البقاء، لا أريدُ العودة إلى بلدِ الحربُ فيه مُستعرة، حصلتُ فيه عَلى علامةٍ سَتُرافقُني إلى اللّحد
ولا أُريدُ البَقاء في مَكانٍ لسْتُ مَرغوباً فيه، يعايرونني مِمّا أنا عليه، مِن البلدِ الّذي جِئتُ منه، من لَونِ بشرتي وقُبحي ونَدبتي.
أودّ المَوت، بعدَ التّفكير، أنا سَأشربُ هذهِ الحُبيبات الدّوائيّة.