" تذهَب ريمان إلى جبال الخيال بعد قبولها لدعوة صديقتها لقضاء الإجازة في كوخ عائلتها الرائع الواقع في أعلى قِمم تلكَ الجِبال.....ولكن تلك الإجازة لم تسر وفق خطط ريمان....فـ هُناك ما عكّر صفو إجازتها وأقدم على تشويه تلك الطبيعة الساحرة..!
وهو حُدوث جرائم ومحاولات قتل في ذلك الكوخ الجبلـــــي و........."
تثاءبت وهي تُغلق الرواية التّي أنهت للتو من قراءتها ...
وضعت يدها تحت خدّها وهي تتأمل المباني من خلال نافذة القطار...
،
" عجوز تستحق الموت ! "
هذا ما تبادر إلى ذهنها...وهي تفكّر في رواية أغاثا ( الموعد الدامي )...
بررت لـ نفسها قائلة : حسناً..اتّفق أن القتل خطيئة كبيرة..!!!
ولكن تلك العجوز حقاً لا تُحتمل...يا إلهــي لقد كانت فظيعة جداً...
لا أعلم كيف تحمّلها أبنائها طوال تلك السنين..ههه أنا القارئة تمنيت قتلها كي أريح الناس من شرّها..
" تنهّدت براحة " أول مرة أتّفق مع أغاثا في اختيارها للضحية..!
،
" تثاءبت ثانيةً" نظرت إلى معصمها...بقي ساعتان على وصولهما إلى جبال الخيال أو كما يسميها البعض ( أرض الخيال | The Imagination Land)..!
كم هي متحمسة لأقصى درجة كـي تراها على الحقيقة بدلاً من الصور التي ترسلها لها صديقتها سوزان..
نظرت إلى زوجها المستغرق في النوم من دون أن يشعر بالضيق بسبب وضعية نومه أو بصوت عجلات القطار الملتحمة مع سكّة الحديد..!!
تمنّت لو أنها تتمكن من النوم لـ بضع دقائق...
فـ هي لم تغمض عينيها منذ البارحة..بسبب تجهيزات الرحلة..!
،
وضعت رأسها ع كتفه متمنية أن يداعب النوم جفونها وتأخذ قسط من الراحة قبل أن يصلوا إلى الجبال...فـ هي لن تفوّت ثانية واحدة من دون أن تستمتع..!
//
فتحت عيناها على هزّات خفيفة...
همس بـلطف : ريمان...ريمــــــان..؟
رفعت رأسها بسرعة ..فـ على ما يبدو أنها غفت..
مسحت على وجهها ...وسألته: هل وصلنا.؟
أجابها : ليس بعد عزيزتي..بعد دقائق سيتوقف القطار في المحطّة..
وقف وأنزل الحقائب الموضوعة على رفّ القطار العلوي..
،
وبعد دقائق...توقّف القطار..
خرجا منه ومن المحطّة وهما يجرّان حقائب السفر..
أوقف عادل سائق أجرة وصعدوا للسيارة..
عادل : إلى جبال الخيال إذا سمحت..
تحرك السائق إلى جهة الجبال..بعد أن أعطاه عادل عنوان الكوخ..
أمامها ساعتان ونصف للوصول...
ابتسمت ريمان وهي تتحرق شوقاً للوصول...
هل سيكون كما في الصور.؟
هل سيكون أروع من مراعي و جبال هايدي..؟
أم سينافس الطبيعة المحيطة ببرج رابنزل..؟
..
سوزان...هي صديقة ريمان المقرّبة...قامت بدعوتها هي و عادل لـقضاء الإجازة في كوخ عائلتها الواقع في أعلى قمم جبال الخيّال..!
ولأنها دائما ما كانت تسمع عن هذا المكان الأسطوري ذو الطبيعة الساحرة والجبال الشاهقة..قبلت الدعوة على الفور..وأقنعت زوجها فيما بعد..لأنها تعلم أنه سيرفض الدعوة...بما أنها من " سوزان "..
فهما لا يطيقان بعضهما البعض...ولكن هذه الرحلة بالذات لن تفوّتها بسببهما...
،
بعد ساعتين كانوا قد ابتعدوا عن صخب المدينة وأجوائها...
و سلكوا طريق المراعي الخضراء والجبال..
..
توقّف السائق فجأة في منتصف الطريق الجبلي..
رفعت هي وزوجها رأسيهما...ونظرا حولهما..
عادل : ما الذي حدث..؟
سائق الأجرة : تفضّلوا بالنزول.
ريمان باستغراب : ولكن كوخ السيّد سمير ليس هنا..! إنه في قمّة هذا الجبل..
ردّ السائق : أعلم ذلك..فـ ليس هنالك كوخاً غيره....ولكن الطريق ليس معبّداُ لمرور السيارات...فقط العربات الصغيرة من تستطيع المرور والصعود لأعلى القمّة..
يجدر بكما مواصلة الطريق سيراً ...!
عقد عادل حاجبيه ونظر إلى ريمان : هل أخبرتكِ سوزان عن هذا..؟
هزّت رأسها بـ ( لا )..
سأل عادل السائق : وكم المسافة المتبقية حتى نصل.؟
السائق بتفكير : حوالي 4 أو 5 كيلو متر..." باعتذار " أنا متأسف لأجلكما..ولكن حقاً لا أستطيع المواصلة....اسلكا هذا الطريق وستصلان إلى الكوخ..
شكره عادل..ودفع إليه أجرته...
وبعدها أنزل الحقائب من صندوق السيارة..
..
وبعد أن رحل سائق الأجرة...وقفا فـي منتصف الطريق..
قال لها ساخراً : وهكذا انتهى بنا الأمر في منتصف الظهيرة....!
لم تشعر ريمان بالإحباط...بل على العكس فقد راق لها أن تكمل الطريق سيراً..بين الجبال والجوّ المنعش..!
أمسكت بمقبض حقيبتها وقالت محاولة ان تدبّ فيه الحماس : هيّا عادل..سنرى من سيصل اولاً.!
جرّت حقيبتها بابتسامة سعيدة عبر الطريق الجبلي الوعر...وتبعها هو باستسلام..!
،
( ريمـــــان 23 سنة )
طالبة جامعية في السنة الرابعة – قسم الجنايات.
حالتها الاجتماعية متزوجة من طبيب شرعي " عادل 28 سنة "
تعرّفت عليه قبل سنتين بينما هو طالب في الجامعة..
وهو شخص لطيف ، خلوق وحنون..!
يعيشان معاً في شقّة متواضعة في العاصمة.
،
التفت إلى الوراء...لـترى زوجها يحاول إخراج عجلات حقيبته العالقة في صخرة صغيرة..
" ضحِكَت بخّفة " فـ هي متأكدة من أنّه يشتم سوزان بـ داخله..
تابعت سيرها وهي تنظر إلى الجبال الساحرة التّي يكسوها الثوب الأخضر بـ خيلاء..وترفرف على قممها قطعة صوفية ناصعة البياض لـ تعطيها لمسة رائعة في لوحة فنّية..!
" حقاً كأنني أعيش الآن في مخيّلة رســـّام..! " هذا ما همست به في داخلها..
//
ابتسمت بلهفة عندما رأت القمة..
التفت لـزوجها وقالت له باستعجال : عادل..لقد كدنا نصل..! أســـــــرع....!!!
أسرعت بخطواتها نحو الأعلى.........حتى وصلت إلى القمة..!
..
تنهّدت بانشراح عندما رأت الكوخ الخشبي الكبيـــــــــــــر متربّع وسط القمّة..!
كوخ كبير يتوسّط القمّة و مطّوق بـسور خشبي حول القمة ..
،
هو كما في الصور...بل أجمل بـكثير..!!!
وقف عادل بجانبها وعلى ملامحه التعب..يبدوا أن الحقيبة أتعبته..
" أووه " للتّو أدركت أنه كان يحمل حقيبتها الثقيلة..بينما هي تحمل حقيبته الخفيفة..!
نظر عادل إلى الكوخ بذهول وإعجاب..!
أعادت نظرها إلى الكوخ وقالت بحالمية : إنّه أجمل بكثيــــــــــر مما في الصور.!
..
لم تستطع كبح حماسها...خلعت حذائها..
و انطلقت تجري بسعادة على العُشب الأخضر...
راحت تجري نحو السور الخشبي...نحو المنظر الأكثر جمالاً.!
..
عندما اقتربت من السور أبطأت من خطواتها...
أغمضت عيناها.. مدّت ذراعها و أمسكت بحافة السور بعد أن تحسسته..
..
فتحت عينيها بـلهفة..لـيصدم نظرها بأجمل بقعة رأتها فـي حياتها...بل حتى في خيالها..!
كتمت أنفاسها وهي ترى تلك المياه العذبة الندية التي تتقافز بمرح نحو الأسفل..
نحو الوادي الكبيـــــــــر الأخضر..!
..
وضعت قدمها على خشبة السور ووقفت عليها وهي تنظر بسعادة غامرة..
لم تتخيل قطّ أنه يوجد مثل هذا المكان في هذا العالم..!
أو ربما اعتقدت أن هذه الأماكن قد انقرضت منذ زمن بفعل الكوارث التي أحدثتها القرون الأخيرة...
،
راودتها الرغبة في الصراخ وهي بين هذه المناظر الساحرية..!
التقت عيناها بعين عادل الذي طوقّها من الخلف...
وكأنّه فهم ما يدور بداخلها..
ضحك بخفّة وقال : لا تندفعي كثيراً و إلا سقطتِ..!
ضحكت على تعليقه..
: ريمـــــــــــــــــــــــان..!!!
نظرت بلهفة إلى مصدر الصوت..
إنها سوزان..!
رأت ملامح عادل تتبدل إلى الجمود..
وكزته بخفّة لكي يبتسم...فـ رسم على وجهه ابتسامة مجاملة..
..
اقتربت منها سوزان مسرعه وعانقتها بشدّة وهي تضحك بفرح..
ابتعدت عنها ونظرت إلى وجه ريمان..
سوزان : ريمــــــان حبيبتــــــــي..!! اشتقتُ لكِ كثيرا كثيرا كثيراًً..!!
ضحكت ريمان بخفّة : أيتها الماكرة..! لم يمضِ على فراقنا سوى أسبوعان..!
قرصتها سوزان بمزاح : أسبوعان بالنسبة لي قرنان...! " نظرت إلى عادل " اوووه..! دكتور عادل هُنا..!! اهلااً بك كيف حالك..!!
ابتسم بهدوء : أهلا سوزان..بخير..وأنتي.؟
سوزان : بخير الحمد الله..." قالت برضا وهي تنظر لعادل " شكراً لكَ لأنك قبلت الدعوة...وأحضرت ريمان لي..هههه لم أتوقع أبدا انك ستوافق...ولم أصدق ذلك حتى رأيت ريمان الآن أمامي.." ابتسمت " على العموم..أتمنى أن تقضي إجازة ممتعة فـي كوخنا..
تأبطّت ذراع ريمان بمرح : هيّا بنا للداخل..سأقدّمكم للجميع..
نظرت سوزان إلى قدم ريمان...ثمّ ضحكت : لا عَليكِ...تصرّفي هنا كما يحلو لكِ..فـ نحن لسنا في المدينة..
لم تعارض ريمان ذلك..فـكما قالت لها سوزان ستفعل ما تشاء هنا من دون أن ينتقد احد تصرفاتها...!
دخلوا إلى الكوخ الكبير..قادتهما سوزان عبر الممر الأنيق إلى غرفة الجلوس الواسعة..
ابتسمت لهما : استريحا هنا ريثما أخبر الجميع بوصولكما...." سكتت عندما تذكّرت شي " صحيــح..!! لقد أكملتما الطريق سيراً أليس كذلك..!!!
هزّت ريمان رأسها موافقة..
ضربت سوزان رأسها بخفّة : اوووه....! إنني متأسفة حقاً لأنني لم أعلمكما بذلك مسبقاً..! لقد خططت لأرسل لكما عربة تقّلكما إلى هنا...ولكنني لم أعلم متى ستصلان تحديداً...وأيضاً شبكات الاتصال لا تصل إلى هنا...فلم أستطع التواصل معكما...إنني حقاُ أعتذر..
ابتسمت لها ريمان بحيوية : اوو حبيبتي سوزان لا داعي للاعتذار.! فلقد استمتعنا كثيراً بمنظر الجبال ونحن نسير.....أليس كذلك يا عزيزي..؟
نظر إليها بتعجّب...! ولكن في النهاية ابتسم مجاملة ..
بعدها استأذنت سوزان لـ تُعلم الجميع بوصولهما..
،
جلست ريمان على الأريكة المخملية وهي تتأمل المكان بإنبهار..
إنّه مختلف تماماً كما تخيلته..!
كانت تظنّ أن الأكواخ الخشبية هي مجرّد مسكن بسيط ...
ذو جدران خشبية شاحبة...تعلّق عليها بنادق الصيد..وعلاّقة معاطف..!
هزّ رأسه بإيجاب : ليس غريبا على عائلة ثرية مثل عائلة شاكر..!
،
دخلت سوزان و على ملامحها الضجر..
قالت بحنق : لا أعلم أين ذهب الجميع..! كنتُ متلهفة لأقدم لكِ مفاجأة لن تتوقعيها.." سكتت قليلاُ..ثم أكلمت بحماس " لا بأس...سأقدمها لكِ في حفل عشاء الليلة..!
ريمان باستغراب : حفل عشاء.؟؟ لم تخبريني بذلك..!
ابتسمت أكثر : إنّه حفل بسيط بمناسبة قدومكما انتم وبعض الأصدقاء والأقارب الذين دعوتهم..
ريمان تبتسم بهدوء: كم تعشقين الحفلات..!
سوزان : بالطبع هههه و يستحيل أن أستغني عنها..! " نظرت إلى معصمها " حسناً عزيزتي...سأترك الخادمة توصلكما لغرفة الضيوف كي تستريحا....لا تخجلا من طلب أي شي....أستأذن الآن..سأراكما على العشاء..
تركتهما سوزان...
بعد ذلك ذهبا وراء الخادمة التي أوصلتهم إلى غرفة الضيوف..
وما إن رأت سوزان السرير...حتى ارتمت بثقل عليه..
أحسّت بتعب شديد من عناء السفر..
قالت لـ عادل بكسل : عزيزي....أغلق الستائر..
خلع معطفه ..ثمّ توجّه لإغلاق الستائر..
عادل : بدّلي ملابس السفر..بملابس مريحه..
لم تنفّذ نصيحته لأنها أحسّت أن طاقتها كلها قد نفذت...
خلعت حجابها ببطيء..ووضعته جانباً...
تكوّرت تحت غطاء السرير ولذّة النوم قد داعبت جفونها...
فتحت عينيها لتجد نفسها وسط الظلام الدامس..
جلست فزعه..وأضاءت المصباح الموضوع بجانب السرير..
وما إن رأت الساعة..حتى همست بحسْرة : الصّـــــلاة...!
..
نظرت إلى عادل المستغرق فـي النوم..
هزّته برفق : عــــــادل...عَادل....لقد فوّتنا صلاة العصر.....عـــــادل..!
علمت أنّه لن يستيقظ بهذه السهولة..!
فقررت أن تصلي المغرب قبل أن تفوتها أيضاً وبعدها ستتفرغ لإيقاظه..
،
بعد أن أنهى كل منهما صلاته...طرقت الخادمة الباب...
سمحت لها ريمان بالدخول..
قدّمت لهما بعض الأكلات الخفيفة..وأكدت لهما على حفل عشاء اللّيلة..
،
ريمــــان : أتمنى أن يكون عدد المدعوين قليل.!
ابتسم عادل بسخرية : قليــــل..! لا أظن ذلك..!! توقعي أن ترَي جميع أصدقاءها في الجامعة هنا..
ضحكت ريمان بـخفة : اووه..عادل..إنك تبالغ كثيراً بشأنها..
عادل : هههههه..حسناً..هي فتاة تحب الصخب كثيراُ...فـلن يكون ذلك مستحيلاً..!
لحظات من الصمت..
بعدها قالت ريمان : عادل...إن سوزان فتاة في منتهى الأدب والذوق..لا أعلم حقاً لما لا تُطيقها..!
هزّ عادل كتفيه :...لأنها لا تَروقُ لـــي..!
قوّست حاجبيها : لقد قلت لك مسبقاً...هذا السبب لا يكفي..! إنها ليست بهذا السوء..!! امنح نفسك فرصة للتعرف عليها ...وأنا متأكدة أنك ستجدها مختلفة تماماً عما تظن..
لم يعلّق .....فـ هي لا تروقُ له وكفى...!
تصرفاتها الطائشة ..وتفكيرها المتحرر لا يُعجبه..
ولو أن ريمان تتأثّر بها لما سمح لها بمقابلتها أبداً..
،
بعد تفكير طويل...ارتدت ريمان لباس محتشم ومناسب لحفل عشاء بسيط..
و ارتدى عادل بذلة سوداء أنيقة ..
..
بعدها أتت الخادمة لاصطحابهما إلى الغرفة الكبيرة حيث الجميع هناك...
دخل كل من عادل وريمان إلى الغرفة..
..
رأت ريمان فستان سوزان القصير والضيّق..!
أحسّت بالخجل من عادل...فـ هو لهذا السبب أيضاً لا يستسيغُها..!
سوزان للجميع بحماس : هذه هي صديقة الطفولة.........ريمان.." أشارت إلى عادل " وهذا الدكتور عادل زوجها..
أومَئ الجميع لهما بتحيّة..
سوزان : ريمان انظري من هنـــــا...." أشارت إلى فتاة تنظر إليها بابتسامة "
نظرت إليها ريمان...
لحظات مرّت وهي تحاول أن تتعرف عليها..
ريمان بمفاجأة : رُوبــــــــي..!!!
تقدّمت الفتاة الجميلة إلى ريمان وعانقتها ضاحكة..
..
روبــي : مفاجأة...أليس كذلك..! لم أصدق عندما قالت لي سوزان أنك ستأتين إلى هناك..!! أخيراً رأيتُكِ بعد هذه السنوات..!
ضحكت ريمان : أووه روبــــــــي...لقد تغيّرتِ كثيراً..!!
ابتعدت عنها روبي ونظرت إلى عادل : وأنتي تزوجتِ..! لم أعرف ذلك إلا قريباً من سوزان..!
سوزان تقاطع حديثهما : حسناً لتؤجلا الحديث عن الأخبار فيما بعد....! لنكمل ريمان..." أشارت إلى امرأة " هذه هي الخالة سُعاد وهي صديقة جدّتي لأمي .." أشارت لـ فتاة بجانبها " أما هذه فـ هي ابنة عم رُوبي ....عَبير..." أشارت لـ شاب في الجهة المقابلة " و هذا أخوها مهنّد....والذي بجانبه هو قريب رُوبي من الأم..وليد
ابتسمت ريمان لهم جميعاً...
..
جلس عادل بجانب الشابّين...أما ريمان فـ جلست بجانب روبي..
..
قالت روبي بابتسامة واسعة : لم تتغيري مطلقاً...ريمان...!
ريمان بصدق : أما أنتي فـ تغيّرتِ كثيراُ..! لم أتعرف عليكِ في البداية..
غمزت روبي : و بالتأكيد أصبحتُ أجمل..!
ضحكت ريمان...فلا تزال روبي كما عرفتها...واثقة ومغرورة..!
..
روبــي....هي زميلتها في سنوات دراستها فـي الثانوية..وبعد أن تخرجّت من الثانوية..التحقت بجامعة غير جامعتها هي وسوزان...
وهي ابنة خال سوزان..
..
نظرت ريمان إلى عادل...
قوّست حاجبيها عندما رأت ملامح الضيق على وجهه..
وقد انتبهت للتّو أنه لم يلتفت لها أبداً طوال فترة جلوسهما...
نظرت إلى روبي..و ما إن انتبهت إلى ما ترتاديه..حتى أحسّت بالحرج أكثر والندم لأنها أحضرت عادل إلى هُنا..!
تنهّدت بضيق..لم تتوقع أن تقيم سوزان حفل عشاء هنا..حتى ولو كان بسيطاً...فـ هي تعلم أنه بالتأكيد لن يُعجب عادل..
..
التقت عيناها بنظرات تنظر إليها بحدّه...
أو هذا ما تخيّلته..!
لم تستطع أن تُبعد نظرها عن تلك العجوز التي تنظر إليها..
لـوهلة تخيّلت أنها نفس العجوز التي في رواية آغاثا..!
..
حركّت الخادمة كرسي العجوز المتحرّك..باتجاه ( سُعاد )
بعدها ساعدت العجوز على النهوض..والجلوس على الأريكة بعدما وضعت خلف ظهرها بعض الوسادات..
همست روبي : هذه جدّتــي..
ضحكت سوزان : وجدّتي..
عبير التي سمعت سوزان.. ابتسمت وقالت : وجدّتي..!
..
لم تستطع ريمان أن تتحدّث إلى الجدّة أو على الأقل أن تسألها عن حالها..
فـ نظراتها تبدو لها مرعبة وغامضة..!
..
روبي بابتسامة : هذه هي جدّتي التي أعيش معها
تذكّرت ريمان أن روبي تعيش عند جدتها لأبيها بعدما توفيّ والداها في حادث عندما كانت صغيرة..
..
سوزان للجدّة : جدتــــي...هذه هي ريمان صديقتي التي أخبرتكِ عنها..
الجدّة بجمود : المحققة..؟
ابتسمت ريمان ولم يفُتها جمود الجدّة : كلا لستُ محققة.. فأنا لا زلتُ في مقاعد الدراسة..
لم تعلّق الجدّة...بل اكتفت بالنظر إلى ريمان...
ارتبكت ريمان من نظراتها...فـ صرفت نظرها إلى عادل المندمج بالحديث مع الشابّين..
انتبهت روبي لنظرات جدتها فقالت لـريمان : اووه ريمان..! هههه هل اربكتكِ نظراتها..! يبدو أنّها أُعجبت بكِ..
عَبير : نعم..يبدو أن جدتي معجبة حقاً بها..!
ريمان : حقاً.؟ لا أعلم لما تخيّلت أنها غاضبة منّي..أو ليست مرتاحة لوجودي..
سوزان : هههه روُبـــي يجب أن تخبريها عن طباع جدتي لكي لا تتفاجىء فيما بعد !
روبي : هههه هذا صحيح...لا تقلقِ ِ فـ هي هكذا دائماً.....عصبية المزاج وصعبة الإرضاء..
سوزان : الأغلبية لا يختلطون بها كثيراً بسبب حدّة أسلوبها ..إلا من يكسب قلبها..فـ سيرى مدى حنانها..
لم تعلّق ريمان..واكتفت بتأمّل العجوز..
الهرم واضح فيها..رغم ذلك فـهي تظهر الهيبة التي تهزّ من حولها ..
شامخة الرأس رغم انحناء ظهرها..وعين ثاقبة بإطار تجاعيد الزمن..!
،
شعرت ريمان بالراحة عندما رأت عادل يضحك مع ( وليد )..
وسرعان ما اندمجت هي بحماس مع روبي وسوزان وعبير..
..
وبعد تلك الأمسية الممتعة للجميع..
توجّه الجميع إلى غرفهم..على أن يلتقوا في الصباح للذهاب إلى رحلة استكشاف بين الجبال..
،
ريمان لـ عادل : هل قضيت وقتاً ممتعاً.؟
عادل بابتسامة : نعم.! لقد استمتعت كثيراً بالحديث مع وليد ومهنّد...وبالأخص وليد..فـ نحن نتّفق في العديد من الآراء..هههه بعكس مهنّد..
ابتسمت له ريمان..
أكمل عادل بحماسة : اسمعي ..غداً في رحلة الاستكشاف لن تري وجهي...فأنا سأكون برفقتهما..
رفعت حاجبيها بتعجّب : من الذي قال أنه لن يتركني أبداً بعيدة عن ناظريه..؟
ضحك عادل بخفّة..ووضع رأسه على الوسادة : حسناً لقد غيرت خططي الآن.!...سأكون مع وليد ومهنّد طوال اليوم ....." أغمض عينيه " عزيزتي هلاّ أطفأتِ النور..؟
..
أطفأت النور ووضعت رأسها على الوسادة وهي تشعر بالراحة..
كانت قلقة من أن عادل لن يتأقلم هنا..ولكنه تأقلم بسرعة..
أغمضت عينيها ... و نامت وهي تفكّر في رحلة الغد المشوّقة..!
//
في الصباح الباكر وبعد أن تناول الجميع وجبة الفطور..
انطلقوا لرحلة الاستكشاف بين الجبال..
..
سوزان : حسناً...الآن سننقسم إلى فريقين..فريق للشبّان وفريق للفتيات....و سنجري مسابقة من يصل أولاً إلى الوادي الأخضر في الأسفل..!
وليد بتعجّب : إلى الوادي..! إذاً لن نعود نحن إلا على الغروب..؟
سوزان : هذا صحيح..سنقضي اليوم بكامله في الأسفل..
روبي بمرح : سيكون ذلك ممتعاً..!
عبير : هذه أول مرة آتي بها إلى هنا..ومنذ أن رأيت الوادي وأنا أتحرّق شوقاً للنزول إليه..
مهنّد : صحيح..! إنّه مكان خيالي..
سوزان تصفّق لتنبيههم: هيّــــــا إذن خذوا حذركم ووو......لننطلق..!
..
وبعد قضاء يوم طويــــــــــل وممتع في التسلّق بين جبال الخيّال..
والتمتّع بالمناظر الخلاّبة..والاستمتاع بالصيّد والتخييم في الوادي الأخضر..
.
عاد الجميع إلى الكوخ منهكين من التعب..بعد هذه الرحلة الرائعة..
،
وبعد تناول العشاء..
تفرّق الجميع ..
عبير ومهنّد ذهبا للجلوس مع الجدّة..
وليد و ريمان وعادل توجّهوا إلى غرفهم ..
سوزان و رُوبي .. يحضّران التجهيزات من أجل خطط الغد..
،
بعد أن اطفأت النور...استلقت على السرير..وهي تفكّر في انطباعاتها عن الجميع..
..
روبــي...لا تزالُ كما عرفتها....مرحة , جذّابة , ولا يزال فيها قليل من الغرور..
عَبير..طيّبة..شفافة..هادئة..
مهنّد...مغرور..واثق..ويحب لفت الانتباه..
وليـد..هادئ..يحب مناقشة الآراء..كما انّه مرح..
الجدّة.....مُخيفة..!
أصابتها قشعريرة عندما تذكّرت العينان الرماديتين التي تحيطاهما التجاعيد..تنظر إليها..
تمتمت : إنها حقاً مخيفة..!
عادل وهو مغمض عينيه : من هي..؟
ريمان : الجدّة..!
عادل : ما بِها..؟
أغمضت عينيها : نظرتها تُخيفني..!
ضحك بخفّه : تُخيفك.!
لا تعلم بالتحديد لماذا تفكّر بها..؟ ولما نظرتها علقت فـي ذهنها..!
دائم تقول أن للعجائز نفس النظرة و التفكير و الطباع..
لكن هذه مختلفة......نعم مُختلفة...إنّها غـــــــامضة...!