••
العودة   منتدى وندر لاند > القصص والروايات > روايات مكتملة.


سِحر كَوني || الصحوة؛ المتنفسُ بداخِلي

روايات مكتملة.


إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 05-03-2020, 03:40 PM   #1
Relena
عضو لا مثيل له


الصورة الرمزية Relena
Relena غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 324
 تاريخ التسجيل :  Apr 2020
 المشاركات : 2,850 [ + ]
 التقييم :  677
 الدولهـ
Oman
 الجنس ~
Female
لوني المفضل : Blue
شكراً: 0
تم شكره 0 مرة في 0 مشاركة

مشاهدة أوسمتي

الذهبي




كريس

بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كيف حالكِ عزيزتي
لا أعلم هل علي معاتبتكِ لانكِ لم تخبريني عن الرواية من البداية
أم أشكركِ لأنكِ على أقل أرسلتي لي دعوة
لأكون صادقة مر وقت طويل جداََ منذُ أن قرأت رواية بهذه الروعة
أعجز عن وصف روايتكِ عزيزتي فلا أظن أن هناك كلمات قد تعبر عما فعلته روايتكِ بي
أنا كلماتكِ أخذتني لعالم أخر
العنوان: حقاً رائع و جذب جعلني أتعجب من المقصود فيه
التصميم:لا أعلم لما لا يظهر معي ولكن متأكدة بأنه جميل
القصة: أحببتها وأدمتنها أيضاً
الشخصيات: بيرت فيالبداية ظننت أنه سيكون مغروراً و متفاخر بنفسه لكني بدأت أعجب بشخصيته الآن هو يشبهني نوع ما
ايرس مسكينة لماذا يعاملها والدها بهذه القسوة وأعتقد بأن لها دوراً هاماً في صحوة بيرت
أما عن نيو و آني و أليكس أحببتهم فهم مرحيين و أذكياء أيضاً أتمنى لو لدي أصدقاء مثلهم
الأسلوب: عزيزتي لديكِِ سحر رائع في انتقاء الكلمات المؤثر
أتمنى أن لا تحرميننا من إبداعكِ هذا
ولا تنسي أن ترسلي لي في كل مرة كما تعلمين الزهايمر وما يفعل
أتمنى لك دوام التوفيق و الإبداع
دمتِ بود
في حفظ الرحمن ورعايته
وفقكِ الله


 
التعديل الأخير تم بواسطة darҚ MooЙ ; 05-17-2020 الساعة 09:08 PM

رد مع اقتباس
قديم 05-07-2020, 07:55 PM   #2
فِريـال
مشرفة طلبات التصميم ومعارض الأعضاء
-ORILINAD


الصورة الرمزية فِريـال
فِريـال غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 15
 تاريخ التسجيل :  Feb 2020
 العمر : 28
 المشاركات : 26,691 [ + ]
 التقييم :  38050
 الدولهـ
Iran
 الجنس ~
Female
 MMS ~
MMS ~
 SMS ~
إبتسِمـ
لوني المفضل : Black
شكراً: 0
تم شكره 0 مرة في 0 مشاركة

مشاهدة أوسمتي








الفصل 3: أريد أن اعرف...!


-:" هل أنت بخير يا صديقي؟"
التفت لمصدر الصوت خلفه متفاجئاً، تنهد بملل وهو يردف مُجيبًا:" بخير!"
استنكر اجابته فقد رآه مجفلًا وعاجزا عن التنفس قبل أن ينسحب بهدوء...
اقترب بحذر وهو يضع يده على كتفه:" أنت تعرف أنك تستطيع الإعتماد علي؟!"
تنهدوهو يعيد نظره لخارج النافذة متكئاً بكوعيه ويحني جسده
لمستواها المتدني مبتعدًا عن نيو...
-:" ولما عليّ ذلك؟"
أمسكه من كتفه من جديد وهو يديره نحوه بسرعة ليقول بشيء من الشك والإنزعاج
:" ولما وجد الأصدقاء بحق السماء؟!"
تسمر الأخير عاجزًا عن الرد سوى بدمعة صغيرة تمردت وعصت سجانها....
ولم يجد نيو غير الحملقة مستنكرًا للموقف.
أهو بذلك الحزن؟!
أبعد يده بانزعاج وانسحب هاربًا من سيل الأسئلة المحتملة والتي لايملك الإجابة لها!
تقدم خلفه ببضع خطوات ليوقفه، توقف فجأة وقد قرر منحه حريته!
ففي اعتقاد بيرت نيو ليس صديقه بعد! هذا مافكر نيو به.

توجه نحو المدرسة حيث حضر صفوفه غائب الذهن طوال الوقت، يحاول تذكر تلك
السيدة الشابة شديدة الجمال ببشرتها الناصعة وشفتيها المطلية بأحمر شفاء داكن،
تبتسم بعفوية وزرقاوتاها تبرق بتحدٍ مثيرٌ للإهتمام! في عقدها الثاني
وتسدل شعرها الأشقر والمصبوغ بالبصلي خلفها بحرية.
تنهد بيرت بملل بعد أن شرد بملامحها طويلًا، تناول مفكرته ليدون المزيد من
الملاحظات قبل أن تتحرر ذكرى أخرى استنكرها بشدة! نظر نحو المفكرة
لتتلاشى الكلمات والحروف من أمامه ولم يعد يرى سوى ابتسامتها!
كان يجلس وحده في غرفة واسعة ذات تصميم طفولي وهو يلعب
بالسيارة الزرقاء ... لم يغب عن بيرت تذكر ذلك الشعور الموحش بالألم
كونه وحيدًا وحزينًا للغاية يستفقد وجود أحدهم!
مسح عينيه بطرف يسراه الخارجي ليستعيد شتاته مبصرًا فإذا بالذكرى تكتمل،
دخلت تلك السيدة الشابة وهي ترتدي فستانًا أسود أنيق يصل لمنتصف فخذيها
وتحمل معطف فرو أبيض وحقيبة يد سوداء...
أبعدت نظاراتها الشمسية وتركتها من يدها وهي تجثو على ركبتيها تاركة
المعطف وحقيبتها من يسراها وفتحت يدها له، تقدم بسعادة بالغة
بخطوات قدميه الصغيرتين ليحتضنها، فتبدد شعور الألم والإستفقاد
وحل مكانه السعادة الغامرة في الحضن الدافئ الذي احتواه بحب...
مررت يدها على رأسه وحملته على جنبها وهيّ تخلع حذائها الأسود العالي
لتسير بحرية في الأرجاء وتوجهت نحو الأريكة ذات التصميم الطفولي لأحد
الشخصيات الكرتونية بدى كَـمكوين... أبقته جالسًا على ساقيها وتحتضنه لفترة...
قالت وهي تملئ أنفها بعبق رائحته بشوق:" اشتقت اليك كثيرًا!"
ثم قبلت وجنتاه المتوردتان بعشوائية تروي شوقها
أردف بنبرة طفولية وقد اجتهد ليخفي دموعه:" لقد انتظرتك طويلًا!"
احتوت وجهه بكفيها لتقول بدلال:" لم تنزعج مني لإنشغالي بالعمل أليس كذلك؟"
تمتم معاتبًا بعبوس:" أنتي وأبي تعملان طوال الوقت ولاتمتلكان وقتاً لي!"
ابتسمت بألم لتردف بحنان:" ولكن ذلك لا يقلل من حبنا لك! لابد أنك
كُنت تشعر بالوحدة في غيابنا، أنا آسفة ياصغيري!"
عدل جسده ليبتعد قليلًا ليحرك قدميه بطفولية يعبس مُضيقًا عيناه:" لاأحد يلعب معي!
أجلس في غرفة اللعب طوال الوقت لكنني لاأستمتع حقًا!"
ابتسمت لبساطة تفكيره وهي تمرر أصابعها بين خصلاته وتعبث بشعره الأسود:
"حين تكبر يابيرت ستعذر انشغالاتي، في الوقت الراهن عليك أن تدرك أمر واحد فقط..."
قربته لصدرها وهيّ تردف بحبور:" أنا أحبكَ كثيرًا!"
ابتسم يقول بحماسة جلية:" حقًا؟!"
رفعت وجهه بكفيها وقبلت جبينه مجيبة:" حقًا.... حقًا...... حقًا!"
استفسر بسعادة محافظًا على حماسه:" وكم تحبينني!"
حملته على خصرها تتجه نحو النافذة وتشير بيسراها:" اكثر من وسعة السماء!"

ولم يشعر بنفسه فاغرا فاهه مصدومًا وقد أوقع قلم الحبر الأزرق من يده ثم تبعه
المفكرة... وقد لفت انتباه الفتاة التي تجلس أمامه والشابين الذين يجلسان في كلا جانبيه...
استولى الحزن عليه مرافقًا الفراق وحنين مع شيء من السعادة في الوقت ذاته...
استعاد شتاته مُبصرًا لينحني ملتقطًا المفكرة والقلم مستنكرًا لخليج المشاعر الذي احتواه...
ازداد فضوله نحوى هوية السيدة التي بدت شخصًا عزيز لم يعد له وجود
في حاضره... من تكون صاحبة الإبتسامة الحانية؟ كيف لايتذكرها جيدًا؟
كيف لشخص كان يدعي يومًا أنه يُحبه بحجم السماء بل وأكثر،
أن يختفي من حاضره؟



استعاد شيء من وعيه ومارتن يسأله عن وجهته، ليُجيب بشرود:"الشركة كالعادة!"
استقر في الردهة الواسعة مُتقابلًا مع المصعد وهو غير قادر على فهم التناقض
بين الذكرى ومشاعره في الماضي وحاضره الذي لا يضم هذه السيدة في
أي رُكنٍ من زوايا حياته... تمتم بشرود:" أيعقل بأنه لم يعد لها وجود؟!"
كسر قصر أفكاره الزجاجي صوت متسائل بجانبه:" من التي لم يعد لها وجود؟"
جفل للصوت الذي هز جسده فزعًا ونظر نحوه بفتور:" ألا يفترض أن تكون في
المختبر تعمل على أداء وظيفتك ما الذي تفعله هُنا يانيو؟"
رفع علبة مُتوسطة الحجم مُتململًا:" انهُ وقت الإستراحة، سنعود للعمل بعد ساعة
ونعمل حتى المساء... طلبت آني أن أحضر الدونات لها!"
نظر نحو نيو ثم للعلبة بملامح فارغة.... ليردف بملل:" في المرة السابقة كُنت
تحمل علبة مماثلة، أكانت لآني أيضًا؟!"
تنهد بقلة حيلة مجيبًا:" قصة حياتي! فآني تكره البائع في محل الدونات هذا،
ولكنها تفضل طعمهم على أي محل آخر!... لذا تطلب مني شرائها لها!"
ابتسم بيرت بسخرية مردفًا:" يالها من مأساة!"
أيد نيو الذي لم يدرك قصد بيرت بالإستخفاف بمشاكله بإيماء، فبالنسبة لبيرت
وجدها قطرة في عالمه كما لوكانت حشرة في الجو وآخرهمه!
اردف نيو بتمسكن:" وتغضب على كل مزحة تلطف الجو كما لو كُنت
سبب مشاكل الكون!"
نظر بيرت نحو المصعد الذي يُفتح بابه:" ربما يزعجها شكل وجهك وحسب!"
بقي محملقًا بالمصعد بتردد ليدفعه نيو قائلًا:" لا تقلق... لن يحدث شيء سأكون معك!"
وقف جانبًا وهو يكتف يديه بانزعاج متمتمًا:" لا استبعد أن تكون جالب لسوء الحظ، فيتكرر الأمر!"
قال نيو وقد وضع يمناه على صدره بتمثيل:" أوتش! لقد كُسر شيءٍ ما!"
ابتسم بيرت وهو يطلب القبو بدل الطابق السادس بلا شعور:" قلبك في الجهة الأخرى!"
ليس كأن النزول للقبو يتطلب مصعد! انما حضور نيو جعله ينسى سبب انتظاره
الحقيقي! وجد نفسه يتجه مع نيو بلا وعي نحو تلك الغرفة التي وجدها دافئة
ومريحة، مكان يتمنى التواجد به بلا شعور!.
وصلا للقبو وتجاوزا بضعة أبواب التي تضم دعمًا لأقسام الشركة ووقفوا بجانب
الإستراحة الخاصة، كان يحمل معه حقيبة سوداء مختلفة عن التي تخص كتبه
المدرسية، يحمل فيها لوحه الإلكتروني وحاسوب محمول للطوارئ ومفكرته السوداء
التي يدون فيها افكاره المستقبلية وخططه للشركة... وبعض الأقراص المدمجة
والتصاميم المنوعة ...
دخلا حيث كان اليكس الهادئ بطبعه يدلك اصابع يديها ولم يخف عن بيرت الإرهاق
البادي على ملامحها، لم يكن تعب وحسب بل الأعصاب تالفة وبشدة!
فقد كانت تتذمر كثيرًا وعيونها تبرق بيأس وانهاك شديد...
نظر له نيو ليقول بنبرة غير مسموعة للآخرين:" لقد تشاجرت مع مصمم لعبة حرب الزونو!"
تمتم بيرت بنفس النبرة :" مع من كان الحق؟!"
تنهد نيو وهو يأخذ نفساً عميقاً ويزفره ببطء:" حين يحدث موقف مشابه يكون
الحق مع آني مع أن أسلوبها بإبداء موقفها متغطرس! مع أنه لايبدو عليها ذلك،
لكنها أذكى واحدة بيننا! وحين يتعلق بتقييم الألعاب فهي دائمًا على حق!"
شرد بيرت يحدث نفسه:" اذا كان نيو يقول ذلك... فلابد أن يكون كذلك!؟
لدي فضول لرؤية ملف انجازاتها بكل تفاصيلها."
تقدم نيو يبتسم ببلاهة:" وصلت الدونات!" لحق بيرت به بخطى بطيئة في
حين كانت آني تنظر للأعلى بسعادة وهي تتمدد على ظهرها تعطي قدميها
لأليكس الذي يدلكهما لها بملامح هادئة...
اردفت متناسية انزعاجها:" وصل دواء آني!"
مدت يديها تأخذ العلبة في الهواء وفتحتها مباشرة وتناولت أحدها مبتسمة...
توجه بيرت نحو الثلاجة الصغيرة وأخذ عبوة ماء وارتشف منها عدة جرعات قبل أن
ينتبه لنفسه أخيرًا... اختنق ببعض الماء الذي دخل في أنفه وبدأ يسعل متداركًا
نفسه! حدث نفسه بشك:" ما الذي أتى بي لهذا المكان بحق السماء؟!"
أخرج منديل مطرز الحواف ومسح الماء من على وجهه بنظرة مستائة...
اغلق العبوة واتجه نحو الأريكة المدورة بلا حيلة وجلس في الزاوية الأبعد
عن الباب بعد أن استقر نيو بجانب اليكس...
جلس بصمت كما الجميع يعبث بالعبوة بعشوائية في حين لم يدرك النظرات
الموجهه لة باستفهام مستنكرين سبب حضوره! الإجتماع غدًا! تركه للعطلة
لتتناسب مع اوقات فراغهم جميعًا وعلى رأسهم هو!

كسر نيو الصمت حين قال هازئا:"اذا استمريت بأكل الحلوى بشراهة
فسيأتي يومٌ تصبحين هكذا...."
قال الأخيرة وهو يشدُ وجهه... وعلى عكس توقعه فهيّ لم تغضب أو تنزعج
من مزاحه كالعادة بل عدلت وضع جلوسها تأخذ قطعة أخرى من العلبة تجيبه بتبرم:
"الذين يستعملون عقولهم كما ينبغي... لا يقلقون من نسبة النشويات وشكل
أجسامهم مستقبلاً! هذا شيء كان عليك أن تدركه من بين الجميع أيها المتحاذق!"
ابتسم اليكس الذي توقع رد مماثل وهو يومأ مؤيدًا وهو يغلق عينيه في حين
تنهد نيو بملل:" ممل! هذا أسوء رد فعل على الإطلاق."
أجابه اليكس بسخرية ممازحًا:" أتفضل الركل والرفس؟!"
أدخل بيرت نفسه بالحديث بلاشعور وهو شارد بجهازه اللوحي:" يبدو كذلك!"
نظروا نحوه لتبتسم آني وهي تقترب منه متجاوزة اليكس ونيو ولاحقًا بيرت
لتجلس يساره تراقب مايفعله على جهازه اللوحي وعكس التوقعات كان يلعب!
في حين يظن من حوله أنه يعمل على شيء بجهازه، يستغل الفرصة ليلعب
بأحد العاب الشركة المفضلة لديه!... شيئاً فشيئاً اندمجت آني تردد وهي تراقب
لعِبَه...:" اعلى... اقفز... استدر... سيهاجمك من اليسار!... اركله بقوة.....
تابع الضغط.... لا..... لقد نال منك!"
كان بيرت ينفذ تعليماتها مندمجًا بلاوعي، وما ان خسر حتى بان شيء من
الإستياء على وجهه!:" انهُ يُخسِرُني في نفس النقطة في كل مرة!"
حركت آني أصابعها على اللوح وهي تعيد ترتيب بعض الإعدادات لتقول بعد انتهاءها:" جرب الآن.."
وبالفعل... ولأول مرة نجح بيرت وتجاوز العقبة بل وأكمل بضعة مراحل
بسرعة غير متوقعة بدعم آني له...
ترك الجهاز من يده مستعيدًا انتباهه ليردف بذهول:" كيف يعقل لشخص بمثل
مهارتك أن يبقى مجرد مختبر ألعاب؟!... لا اقصد الإهانة ولكن،
انا مُنذهل من قدراتكِ!"
ابتسمت آني متوردة لمديح بيرت وأغمضت عينيها مردفة:" لاداعي للمبالغة!"
استنكر بيرت تواضعها ليشرد بلوحه الإلكتروني مفكرًا بعمق قبل أن يردف:
" بل الأمر طبيعي!"
لفت انتباه الجميع ليكمل وهو على حاله:" فأنتِ بارعة في هذه الوظيفة لدرجة
أن تركك لها سيسيء لجودة الألعاب التي تتخطى الاختبار ليتم نشرها!"
توردت آني حتى اذنيها لما قاله... فقد كانت دائمًا تتسائل لماذا لا يُغيرونها في
الفريق! جائت مع اليكس قبل سنتين ومع ذلك تلقى اليكس عروض للإنضمام لفريق
التصميم، لكنه رفضها دائمًا وفي آخر مرة أفصح عن سبب رفضه بعد الحاح آني
المستمر لقبول العرض، قائلًا بانزعاج:" لن أترك عملي كمختبر ألعاب قبل أن
تصبحي مصممة! وأناعاجز عن تقبل الوضع... لا أفهم لما يُعاملونك
بهذه الطريقة المزرية! كأنهم ينكرون جهودك ومهاراتك المتميزة!"
هو لن يحقق حلمه اذا تابع التنازل أكثر، وآني تعرف ذلك....
تغير الشاب الذي كان قبل نيو السنة الماضية ودخل قسم برمجة الألعاب،
وهذا أزعج آني التي وجدت نفسها تستحق الترقية!

كان اليكس مستغربًا لتحليل بيرت الذي وصل لهذه النتيجة المذهلة،
همس بعدم تصديق:" لا يريدون التخلي عن أفضل مختبريهم!"
في حين اتكئ نيو على الأريكة وهو يشبك أصابعه خلف رأسه:" يبدوا ذلك منطقيًا!"
بقيت آني المتوردة تعبث بأصابعها منذهلة، لقد ظنت ولفتره طويلة
أن سرعة غضبها، اسلوب كلامها ومعاملتها للآخرين هي سبب عدم ترقيتها كمصممة...
فقد كان هدفها حين انضمت للشركة!
حمل الصمت كُلٌ في أفكاره الخاصة... قطعها قدوم مُشرف الإختبار يحمل لوحة
بيانات ليستفسر:" هل يمكنكم العودة للمختبر؟!"
استغرب وجود رابعهم الذي نهض يحمل حقيبته بعد أن وضع اللوح الإلكتروني فيها...
وتزامن ذلك مع نهوض آني مردفة:" فريق الاختبار يرفض متابعة العمل وتضييع
وقت الشركة على لعبة حرب الزونو! سأجهز تقرير يضم الأخطاء والخلل التقني
للتصميم وانتاج اللعبة، بنفسي وأرسله لقسم التصميم، وقسم الانتاج أيضًا!"
توتر المشرف وهو يدون كلامها على ورقة التقرير الخاصة لمشرف الإختبار،
يوضح اصرار فريق الاختبار على النتيجة نفسها... سأل مستنكرًا:
" أهذا رأيكِ النهائي؟!"
تنهدت آني ليجيب بيرت المشرف بوضوح وهو يقترب ويضع يده على كتفه:
" نفذ ماتقوله ولاتجادلها..... هذا أمر!"
تجاوزه وغادر تاركًا اياه بصدمة ودوامة افكار متزاحمة عن من يكون ليأمره!...
نهض نيو يلتقط هاتفه والذي تتدلى السماعات منه ولحق ببيرت، في حين توجهت
آني نحو خزانتها لتخرج ملابس ومنشفة وتتوجه نحو الحمام تحت مرأى المشرف
ليسأل اليكس بعدم فهم:" من كان ذلك الشاب؟"
نهض اليكس يمدد جسده مجيبًا بتعب:" السيد بيرت جوليان كينت!"
توسعت حدقتاه غير مصدق ليردف مستنكرًا:" مدير الشركة التنفيذي... هو ذلك الفتى؟!"
ابتسم اليكس ليجيب وهو يرفع كتفيه:" وان يكُن؟!"



توجه بيرت نحو المصعد وطلبه ليأتي اسرع من العادة لخلو الشركة من الموظفين...
في حين استدركه نيو يقول مُلحًا:" بيرت اريد التحدث معكَ!"
رمقه بانزعاج ليردف باصرار:" ارجوك!"
دخل المصعد وطلب الطابق السادس:" لاوقت لدي لأضيعه!"
دخل نيو معه وهو يلح اكثر:" لابأس يمكننا الحديث وأنت تعمل!"
تنهد الأخير بملل وهو يردف منزعجًا:" يالك من لصاقة!"
لم ينزعج لوصف بيرت بل اكتفى يبتسم منتصرًا:" لن أخذ الكثير من وقتك الثمين!"
بعد بضعة دقائق وصل المصعد للطابق المرجو فتبعه نيو نحو الممر يسارًا
وتوجه نحو الباب الذي استقر بقربه مكتب متوسط وقفت بجانبه سيدة في الثلاثينيات
وهيّ تحمل مجموعة ملفات ملونة بين يديها، تتبع بيرت الذي دخل وهويُمسيها...
توجه بيرت نحو مكتبه لتتبعه السيدة وتقف بجانبه تقدم الملفات وتوضح له بعض الأمور
وبيرت ينصت باهتمام مستفيدًا من خبرتها... في حين أخذ نيو يحدق بجمال تصميم المكتب
الراقي الذي يخص صديقه... طغى البني بتدرجاته على تصميمه وقد توسط طاولة المكتب
رفوف ملفات على جانبي الغرفة.... انهت السيدة شرح العمل المُخصص لليوم وهي تنظر
نحو نيو الذي جلس على أحد الأرائك الفردية ولاتزال
علامات الإعجاب بادية على ملامحه.... ثم نظرت لبيرت متسائلة بعينيها وهيّ ترفع أحد
حاجبيها، ليردف الأخير بقلة حيله:" تجاهليه! شكرًا لجهودك سيدة سلون... يمكنك العودة، سأتدبر أمر ماتبقى!"....
تنهدت السيدة وقالت مبتسمة:" لابأس... اعتذر عن المغادرة سيد بيرت ولكن ابنتي......"
ابتسم ينفي بيده:" لاتشغلي بالك، أنا شاكر لبقاءك رغم انتهاء الدوام الرسمي...
لم يبق الكثير، حين اتخرج من المدرسة سأجد وقتًا اكثر فالجامعة لن تكون يومية
حينها! اقدر لك صبرك ووقوفك بجانبي فالخبرة التي اكتسبها منك لاتُعوض سيدتي..."
أشعرتها كلماته بطاقة ايجابية فخرجت مودعة بيرت بابتسامة...
فالجهود التي يتم تقديرها تُنسي المرء كل اتعابه.
بادله نيو الابتسامات طوال الوقت، بدأ بالعمل وهويُدون ملاحظات في دفتره
الأسود ويقوم بالعمل في مراجعة للتقارير والمشاريع الواحد تلو الآخر،
ظأمسك الملف الأصفر وهو يُحملق بشرود متذكرًا بلا مناسبة:
" لطالما أحببت الأصفر!"
مرر انامل يسراه على الملف وهو يضغط بأصابع يمناه على جبينه، تنهد بتعب
ورفع نظره على الجالس الذي لم يتوقف عن اللعب بهاتفه وهو يضع السماعات
في اذنيه.. تمتم بيرت بتململ:" مع انه من قال، اريد التحدث معك!"
فتح الملف ليقرأه بتمعن ثم تركه جانبًا وأخذ ورقة ملاحظات برتقالية ودوّن عليها
(بحاجة لمزيد من المعلومات عن المصدر والمساهمين!)... لصق الورقة بالملف
وترك القلم من يسراه وهو يدلك أصابعه بعدمت حمل القلم واستعمله لفتره طويلة...
اتكئ على كرسيه ثم أداره للخلف يحدق بالسماء عبر النافذة خلفه شاردًا بأفكاره
توقف نيو عن اللعب حين لاحظ انتهاء بيرت من عمله على الملفات التي أحضرتها
السيدة سوان... سمعه يتمتم وهو يعطيه ظهرِه:" أكثر من وسعة السماء!؟"
تنهد قبل أن يضيف بسخرية:" ولكن من أنتِ؟ وأين رست بك الأيام يا من ادعت أ
نها تحبني أكثر من وسعة السماء؟
صمت مجددًا قبل أن يكمل بشيء من الألم:" لما أنا متضايق؟ لما أشعر بالفراغ؟....
أنا حتى لا اذكر من كانت، لما أشعر بأني أعرفها؟... شعور الألم والشوق،
السعادة والحب للقائها مازال يراودني!"
بقيّ نيو يجلس مكانه يستمع لكلامه الذي بدا كالأحاجي، طامعًا بسماع المزيد من
صديقه... وأي تحدي يجذب نيو أكثر من حل الأحاجي؟ لكن خاب ظنه...
فبيرت لم يبح بالمزيد، بل وبعد صمت طويل اردف بانزعاج وهو يدير الكرسي:
" سحقًا!"
صدم بملامح نيو الشاردة والفارغة ... كانت تلك أول مرة يراه بملامح جادة وقد
مسح تعبير المبتسم والمرح، نظر نحو بيرت وقد انزعج يسأل:
" لقد سمعت ما كنت أهذي به؟!"
مرر يده على شعره وهو يجيب بهدوء:" كان التوقيت سيئاً لأنزع سماعاتي اليس كذلك؟!"
تحرك بيرت نحو نيو وهو يقول:" مارأيك أنت؟"
رفع حاجبيه باستنكار قبل أن يكمل بيرت وقد جلس على الأريكة البنية متقابلًا
لنيو مردفًا:" أتتخلى عن شخص، تحبه بحجم السماء وأكثر؟!"
توسعت حدقتاه وهو يستوعب ما يقوله الآخر مستنكرًا:" مستحيل!"
زم شفتيه قبل أن يتجرأ على السؤال بحذر:" من كانت؟!"
قهقه بيرت بسخرية قبل أن يجيب بألم:" واذا قلت لك أني لا أعرف!؟"
زفر نيو بيأس:" كن معقولًا يارجل! كيف يعقل ذلك؟!"
اتكئ بجسده وهو يضع يديه على مسند الأريكة ينظُر للسقف مردفًا:
" لا ادري منذ متى ولكنني واثقُ أنني استعيد ذكريات من وقت كُنت طفلًا!"
-:" واثقٌ بكونها ذكرى! كيف ذلك؟!"
-:" لأنني... استعيد معها مشاعر مختلطة تخص الذكرى!"
استغرب يهمس بعدم تصديق :" تستعيد المشاعر أيضًا؟!"
ابتسم بقلة حيلة يحرك كتفيه ليردف ساخرًا من وضعه:" وبوضوح غير طبيعي!"
-:" وماذا تذكرت حتى الآن؟" سأله باهتمام...
رفع قدمه اليسرى ووضعها على الأخرى يفكر وهو يمسك ذقنه بتفكير:
" عن وقت كنت فيه طفلًا في الخامسة! واخرى في السابعة تقريبًا..."
نظر نحو نيو الذي انحنى بجسده نحو الأمام وهو يشبك يديه متسمرًا به فأكمل
مردفًا:" تلك المرأة هي نقطة الاشتراك الوحيدة في الذكرى! سيدة شقراء
ذات عيونٍ زرقاء قاتمة تستخدم أحمر شفاء قاتم... كما لو كانت نجمة افلام مشهورة!
اتذكر لطفها وصوتها الذي ينطق باسمي بحب شديد..."
نظر نيو نحو الأرض يفكر بشرود، ليقول وهو غارق بالتفكير بعد صمت بيرت الطويل:
" ماذا لو كانت والدتك؟!"
توسعت حدقتاه وهو ينكر بشدة:" قيل لي أنني اشبه أبي... من يدري
خاصةً أنني لا املك صورة لها!"
عبس مضيفًا بضعة خيارات عشوائية:" او ربما خالتك؟ عمتك؟
أوربما حبيبة والدك في ذلك الوقت!"
قطب بيرت حاجبيه بغضب وهو يهتف به:" تجاوزت حدودك في الأخيرة فهذا مستحيل!"
ضغط بين حاجبيه وهو ينهي الحديث:" الصداع! لننزل ونشرب شيئاً ساخنًا
فقد وصلت حدي لليوم..."
نهض ليرتب الملفات وترك ملاحظة مزق ورقتها من العلاقة وأخذها معه
ليترُكها على مكتب السيدة سلون...
نزلا الطوابق بالسلالم بعد توقف المصعد كما يحدث كل ليلة بعد السابعة،
وهو وقت لايبقى سوى من يرغب باستثمار وقته بالعمل الأضافي أو الحرس
وفريق آني! فهُم يعيشون في تلك الإستراحة المرفهة! كانت الأضواء خافتة
وصادفوا حارسين وهم ينزلون...
توجها للقبو واتصل بيرت بمارتن وهو يقول:" سأذهب للبيت بعد ربع ساعة...
جهز السيارة لحينها!"
التقطت مسامعهما اصوات جدال استنكره نيو بشدة... ليس كأن آني ستتشاجر
مع اليكس ولو بعد ألف عام! ركضا نحو الباب ووجدوا شاب في بداية عقده الثالث
يصرخ بآني وهي لم تقصر مع أنها كانت تقف خلف اليكس الذي اتخذ
وضعية الحماية لصديقته حادة الطباع...
كسر جدالهم صوت بيرت الذي سأل بحدة:" ما الذي يحدث هُنا بحق السماء؟!"
التفت الشاب للخلف وبراكينه بدأت تثور مردفًا بحنق:" ومن تكون لتسأل؟...
هذا ليس من شأنك!"
انزعج بيرت الذي نظر نحو نيو متسائلًا:" أتعرفه؟!"
أجاب نيو بحذر...:" انه كيرت نايت... مصمم لعبة حرب الزونو! لقد حدث موقف
مشابه ظهر اليوم قبل وقت الإستراحة... انه مصر أن...."
قاطعه صراخ المدعو كيرت نايت يصرخ متهمًا آني:" اعرف بأنك تعمدت رفض لعبتي
الرائعة فقط لتجعليني افشل في عملي مجددًا أيتها الطفلة المزعجة...
فلتذهبي أنت وتقييمك لجهودي للجحيم!"
احتدت ملامح آني تجيب بانزعاج:" مشكلتُكَ مع نفسك فحلها بنفسك....
ليس كأنني أملك الوقت للتفكير بحشرة مثلك لأتعمد تقييم اللعبة سلبًا...
أنا والفريق اتفقنا في رأينا، ثم نحن نجرب لعبة في كل يوم ولاوقت
لنتحقق من خلفية العاملين!"
استمر تبادل الكلمات بحدة بينهما مطولًا، كان نيو يمسك كيرت الثائر من الخلف
ليُهدئه واقترب بيرت لآني يحاول تهدئتها قائلًا:" لابأس... لاتهتمي لما يقول!
تجاهليه وحسب!"
تخلص كيرت من نيو بعد أن دفعه بقوة، وحاول الإمساك بآني ليمسكه بيرت
من يده منزعجًا ولوى ذراعه للخلف مجبرًا الآخر على التوقف واليكس يخفي آني
متوسعة الأحداق خلفه بغية حمايتها.. في اللحظة نفسها دخل مارتن الذي سمع
معظم الحديث عبر الهاتف النقال لبيرت، وقد جاء ليتأكد سلامة سيده مع حارسين...
أمسك الحارسان كيرت نايت بقوة وهما يحاولان تهدئته...

لتقول آني بنبرة غاضبة ومعاتبة:" بدل الغضب من نتيجة التقييم، كان عليك
أن تعمل على الملاحظات وتطور اللعبة قبل نهاية السنة!"
هدأ كيرت يولي اهتمامه للأخرى، فأردفت بهدوء غريب:" لم يبق سوى شهرين...
كان عليك أن تبذل القليل من الجهد وحسب! لقد كانت أفكارك للعبة مذهلة بحق...
أقليلٌ من العمل الإضافي جعلك تحكم على نفسك بالفشل؟"

وقف كيرت يرخي جسده مذهولًا لكلامها الأخير وقد ادرك ما فعله...
لقد مدحت لعبته!
كانت ملاحظاتها لتساعده على النجاح وحسب.. لكنه اسرع بالحكم عليها منفعلًا!
خرج بهدوء وقد رافقه الحارسان فقال بيرت بشيء من الانزعاج:" سنعمل غدًا
على طرح افكارنا لمشروعنا المشترك!.. خذوا استراحة وانفضوا تعبكم ...
تصبحون على خير."
خرج وتبعه مارتن ينحني باحترام للثلاثة ...
وقبل أن يتجاوز كيرت الذي استعاد هدوئه ناداه ليلتفت نحوه مستغربًا...
احتدت عينا بيرت ليقول مهددًا:" العمل في هذه الشركة لايشمل المستهترين!
لقد منحتك آني فرصة لتنجح في طرح لعبتك وفي المستقبل القريب، بدل الفشل
ورمي اتعابك في القمامة! كن شاكرًا لكلماتها الأخيرة والا
لم أكن لأتردد بطردك نهائيًا عن هذا المجال!"
استنكر كيرت مستفسرًا:" ومن تكون أنت... وما الذي تهذي به؟!"
اغمض مارتن عيناه ليهدأ نفسه كي لايهشم وجه هذا المخبول الذي لايعرف
ما يقوله ليردف بيرت بتهديد:" أتعرف ماذا يعني أن يتم طردك من قبل مديرك
بشكل مباشر ومن شركة ذات اسم وفخر كشركة كينت للألعاب؟! "
اكمل مارتن بحدة:" لن تستطيع العمل في أية شركة العاب أخرى بسبب
وصمة العار في ملفك المُشرف!"
توسعت حدقتاه وهو يتمتم بعد أن فهمَ من يكون هذا الذي يُحدثه :
" أنتَ هو المدير بيرت!"
تجاوزه فتبعه مارتن الذي اردف بحدة:" لاتكرر خطأ كهذا مجددًا!"



الصداع! كان الشيء الوحيد الذي منع بيرت من النهوض من سريره!
نظر للساعة التي تشير نحو الثامنة مستنكرًا نومه الطويل فقد خلد للنوم
في التاسعة وبعد وصوله مباشرةً... حمل نفسه بصعوبة ونزل السلالم
لتكسر خطواته الهدوء القاتل الذي يعج في البيت الواسع... كان مايزال
ببيجامة النوم... طلب من الخادمة التي ظهرت من خلف احد الأبواب فجأة
مناداة مارتن وتوجه لغرفة الطعام يتناول فطوره والصدفة الجمته!
كان والده يجلس يشربُ الشاي وتبدو ملامحه مسترخية جدًا...
اخذ نفسًا عميقا زفره ببطء كمن يُجهز نفسه لحرب الكلمات!:" صباح الخير أبي.."
نظر جوليان العجوز مجيبًا:" بيرت! لم أرك منذ يومين!
مع أننا نعيش في البيت نفسه لكن بالكاد اراك كل فترة وفترة!"
زفر بملل:" العمل، الدراسة، والمزيد من الواجبات... الأمر ليس بيدي!"
ابتسم والده بمرح وهو يجيب:" هذا يشبه ذلك الوقت الذي بدأت مسيرتي المهنية
لبناء الشركة! عدى أني كنت اكبر منك بأربع سنوات حينها! لم أكن اجد الوقت
بين الجامعة والشركة فانهالت علي الحياة لتشغلني عن عائلتي وزوجتي و...
حتى عمتك كانت تشكو مني لغيابي الدائم عن البيت بعد وفاة امي! رحمهما الله!"
ابتسم بيرت الذي وجد نفسه قد تذكر جملة تذكرها مؤخرًا بسخرية...
(تمتم معاتبًا بعبوس:" أنت وأبي تعملان طوال الوقت ولاتمتلكان وقتًا لي!"
ابتسمت بألم لتردف بحنان:" ولكن ذلك لا يقلل من حبنا لك! لابد أنك كُنت تشعر
بالوحدة في غيابنا، أنا آسفة ياصغيري!")
سأل بتردد وهو يطمع بإجابة تشبع فضوله:" أبي؟.... هل... كان لديك اختٌ صغرى!؟"
حملق به مستغربًا لينفي مُحركًا رأسه فاردف بيرت بعد أن رطب شفتيه مترددًا:
" اذًا حين كُنت صغيرًا.... هل كان لدي مربية شابة؟!"
فكر بشرود وهو يجيب محاولًا تذكر:" كان لك مربية بالفعل لكنها كانت
سيدة في الخمسينيات حينها... أنت لاتتذكرها، لأنها تركت العمل حين بلغت
الثامنة بسبب ظروفها الصحية وكانت السيدة فيكي تعمل في بيت أختي الكبيرة..
ارسلتها اختي رحمها الله لتعتني بك... لما تسأل يا بُني؟!"
ابتسم بيرت ليردف مخفضًا زرقاوتاه:" كُنت افكر بمن اعتنى بي وانا صغير...
اردت تكريمها بهدية بمناسبة عيد الأم القادم!"
لم يدرك متى تعلم المراوغة وكيف لفكرة كهذه أن تتفعل بعقله بلا شعور...
ابتسم لنفسه على قدرته العالية في تدارك المواقف! وجه والده حديثه
للخادمة التي سكبت له كوب شاي آخر بعد أن أشار لها بذلك :" ارتمي...
هلا أحضرتِ لي ورقة وقلم ياعزيزتي؟!"
ابتسمت الخادمة المسماة بآرتميس للعجوز وقد اعتادت هي والخادمات ان
يلقبهن بعزيزتي وهو يتحدث معهن... وتوجهت تنفذ طلب سيدها...
وقعت ملعقة المربى قبل وصولها لخبز التوست من يدي بيرت الذي تردد صدى
جملة نيو في رأسه (خالتك؟ عمتك؟ أوربما حبيبة والدك في ذلك الوقت!)...
سرت القشعريرة في جسده وهو يرمق والده بشك، حدث نفسه وهويحملق
بوجه والده بحذر:" أيعقل أن يكون هذا العجوز كان يواعد تلك المرأة حقًا؟!"
نفض افكاره وهو يقنع نفسه باستحالة الموضوع... قد يكون والده معتادا على
معاملة النساء بلطف لاحترامه لهن ولكنه لن يواعد احداهن بعد فترة قصيرة
من طلاقه ولديه ابن في المهد!
عادت الخادمة وقد حملت مفكرة صغيرة وقلم أسود أنيق ووضعتهما على الطاولة...
شكرها وبادر بالكتابة على الورقة ثم مزقها وقدمها للخادمة.... أخذت الورقة
والتفت حول الطاولة للجهة اليمنى حيث كان بيرت يجلس متقابلًا مع النافذة التي
تستاد على الجهة اليسرى لقاعة الطعام ووضعت الورقة بجانبه، حملق الأخير
بعدم استيعاب فرفع زرقاوتاه بتسائل فاردف والده مُهمهمًا:
" عنوان بيت السيدة فيكي....!"
اتسعت زرقاوتاه واخذ يحملق بالعنوان، ليس كأنه كان يقصد ماقاله
ولكنه تورط نوعًا ما! دخل مارتن الغرفة متزامنًا مع نهوض والده...
استنكر بيرت هذا الحديث العادي والعاري من المشاحنات والكلمات
اللاذعة عن اتهامات التقصير وقلة المسؤولية! غادرت الخادمة ارتيمس
وهي تساند جوليان العجوز على المُضي وتجاوزا مارتن الذي القى
التحية لسيد القصر باحترام...
تقدم مارتن ووقف بجانب بيرت الذي يحملق بالعنوان بملل، مرر الورقة
لمارتن مردفًا:" ابقه معك... اريد أن تحتفظ به لحين احتاجه..."
حملق الأخير بالعنوان ليقول باستنكار:" لكن هذا عنوان السيدة فيكي!"
نظر بيرت له مقطبًا حاجبيه بتركيز ليكمل مردفًا:
" لقد حصلت على هذه الوظيفة بتوصية منها!"
همهم متفهمًا ليردف:" سأذهب لرؤية ايرس... ثم سنذهب لمقهى الوران قرب المكتبة العامة...
هلا تتصل بغرفة الاستراحة وتطلبت من آني والأخرين أن يوافونا هُناك؟!"
تذكر الآن بأنه لا يملك رقم جوال أي واحد منهم! هو لم يهتم ليطلبهُ أيضًا!
نهض مُتجهًا نحو غُرفته وخلال دقائق خرج ليتوجه للمشفى...
بعد وصوله توجه لغرفتها وهو يحمل زهرة السوسن ويحركها بفرك اصبعي
السبابة والإبهام حركة دائرية.... صدم بخلو الغرفة من المعنية بل
وثلاثة ازواج من العيون المستغربة تحملق بمن دخل... مط شفتيه باستياء
وزفر بنفاذ صبر...:" هل أصبح هذا المكان كالمغناطيس لفضولكم؟!"
ابتسم نيو ببلاهة متجاهلًا كلامه في حين اردفت آني بقلق:" اين ايرس؟!
هل يعقل بأنها خرجت من المشفى؟!"
وجه نظره نحوة السرير الفارغ والمرتب بعناية ثم فتح الخزانة في زاوية الغرفة
قرب السرير مجيبًا:" هذا مستحيل! فهيّ لن تخرج من المشفى قبل الأسبوع المقبل!"
كان واثقًا فقد كان من طلب من الطبيب عدم اخراجها بغير اعلامه ريثما تُشفى تمامًا...
تحركت زرقاوتاه تؤكدان ذلك وقد وجد ملابسها واشياءها الخاصة ماتزال في مكانها...
خرج ولحقوا به وقد كانت آني الوحيدة القلقة بينهم وقد ارتخت ملامحها حين سمعت
اجابة الممرضة في استقبال القسم تجيب:" لقد خرجت للحديقة الخلفية لتستنشق
الهواء... لقد سمح الطبيب لها بالحركة بما أنها خلعت جبيرة ساقها اليسرى...."
وجهت حديثها تكلم بيرت بعد أن مررت ورقة نحوه تردف مكملة:" سيد بيرت...
هذه الورقة التي طلبت تجهيزها!"
نظرت آني بفضول وهي ترفع نفسها على رؤوس أصابعها تجتهد لرؤية ماتحويه
الورقة، ليُجيبها بيرت بعد أن عجزت عن الوصول لمُستوى طوله:
" هذه الورقة لأجل مدرسة آيرس! كي يسمح لها بحضور الاختبارات النصفية
الشهر القادم! فقد غابت عن الحصص مايزيد عن شهرين حتى الآن!"
أخذ الورقة وتوجه للطابق السفلي مع الجميع وجد مارتن يجلس في الردهة
الواسعة على احد مقاعد الانتظار.. اشار له من بعيد فتقدم الأخير مستفسرًا:" ستغادر بهذه السرعة سيد بيرت؟!"
نفى برأسه وناوله الورقة قائلًا:" جد عنوان المدرسة وقم بكل مايجب لتعود
ايرس لدروسها قبل فصل الاختبارات النصفية!"
مد يده في جيبه ليكمل بعد اخراج ورقة متوسطة الحجم مطوية بعناية مضيفًا:
" ودبر لها معلمة خاصة جيدة لتدرسها مافاتها بعد المدرسة حين تخرج من المشفى!"
أومأ مارتن بانصياع وقد فهم ما يجب فعله، قرر أن يعود لاحقًا حين يذهب
سيده للمقهي مع الثلاثة الذين يتابعون بصمت.. ليسأل المعنية عن عناوينها
ويدبر أمورها تمهيدًا لحين تخرج...
توجهت آني مُسرعة تتجاوز بيرت للبحث عن ايرس وعلى شفتيها ابتسامة عريضة،
فلحق اليكس بها ثم بيرت ونيو الذي فتح حديثًا حمل الأخيرعلى السير ببطء...
-:" هل من جديد؟!"
اردف متمتمًا:" بشأن ماذا؟!"
مرر يده يبعثر شعره الأشقر عابثًا به ليبعده عن وجهه فيعود كما كان...:
" السيدة الشقراء الجميلة!؟"
انزعج بيرت يبعد وجهه عن نيو ينظر أمامه حيث يتقدم اليكس وآني:
" لقد سألت أبي بشكلٍ غير مُباشرولم أحصل على نتيجة!"
رفع نيو حاجبه الأيسر مستنكرًا:" يارجل، لما لم تسأله مباشرةً؟! اي منطق هذا
الذي لديك (سألت أبي بشكلٍ غير مباشر!؟) لما تصعب الأمور السهلة؟!"
ابتسم الأخير باستفزاز:" لقد فكرت... لن يكون حل اللغز ممتعًا اذا غششت! "
نظر له نيو وهو يقطب حاجبيه مستغربًا ليردف بيرت ببرود:" اذا كان الأمر سهلًا،
اخترع الحواجز! الست تعتقد ذلك أيضًا؟!"
أومأ نيو موافقًا لينكر بعدها باضطداد:" لكن هذه ليست لعبة!"
ظهر شبح ابتسامة قبل أن تتلاشى مع الموقف الذي لمحه من بعيد وتوسعت
حدقتاه بجحود يحرك رأسه للطرفين ينكر ما يراه... التفت نيو لحيث ينظر...
أبعد من المكان الذي يقف فيه آني واليكس متجمدين!
شهق بغير تصديق ينكر ما يشاهده... هناك حيث تقف سمراء البشرة
بعينيها الثعلبيتين اللتين تتأوهان لألم جرها من شعرها البندقي الطويل
والمربوط على جانبها الأيسر..... اردف نيو بعدم تصديق:" ماهذا بحق الجح...."
لم يكمل قفد تحرك بيرت مُندفعًا تحركه ساقيه قبل عقله يعدو نحوها متجاوزًا
رفيقيه الآخرين...
" ثانيةً؟! كيف تجرأ على ذلك...؟"



* يُتبع *



 
 توقيع : فِريـال


التعديل الأخير تم بواسطة فِريـال ; 06-16-2020 الساعة 01:47 PM

رد مع اقتباس
قديم 05-10-2020, 02:10 AM   #3
سيـرَان.
ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلاً.


الصورة الرمزية سيـرَان.
سيـرَان. غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 7
 تاريخ التسجيل :  Feb 2020
 المشاركات : 197,955 [ + ]
 التقييم :  484656
 الدولهـ
Iran
 SMS ~
وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى•
لوني المفضل : Black
شكراً: 391
تم شكره 503 مرة في 402 مشاركة

مشاهدة أوسمتي

الفضي





السلام عليكم ورحمة الله وبركاتهـ.
حان دوري، خلصت قراءة الفصل وااااه كان ممتع وشيّق للغاية.
كان معاج حق لما قلتيلي كلما تقرأين اكثر تصير اسرع.
حاولت اتوقع حوادث بس كل شيء اخاول اتوقعه يطلع غلط وتفاجئيني. °^°
صدقاً رهيييييب.*^* حبيت هالسالفة.*^*
الفصل ممتع والجميل، كل فصل اجمل مما سبقه.°^°
شخصية آني بكل فصل تعجبني اكثر ماانكر. وانتي مو مقصرة،
مسلطة الضوء عليها بأعتناء. طلعت اذكى مما توقعت،
حلوة كونها لها شخصية رافسة ونكدية وفوق كل ذا عبقرية.
عقبال تسلطين الضوء اكثر على هالدب الكيوت$:
صدق حبيت اليكس، حاسة ان مستقبلاً مع تقدم الأحداث والفصول لقدام لقدام
راح يكون له دور فخم، يارب يصدق حدسي.
بالحديث عن اليكس، شخصيته فخمة وغامضة، ديشو؟
بهالفصل ضحى بفرصة عشانها، ياترى وش جالس يصير.xDD
ليش حاسة ان فيه قنبلة بالفصل الرابع؟*-*
آخر لحظات من الفصل ما كنت مطمئنة بنوب.
اعتذر عن قصر الرد بس ماعرفت ايش ازيد اكثر.
طريقة السرد كالمعتاد جميلة، استمري، بترقب الفصول القادمة.
نزلي الفصل الجاي بأسرع وقت ممكن.:')
سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم، لا إله الا الله.


 
 توقيع : سيـرَان.




أنا المتسائلة التي تبحث عن أجوبتها بين أروقة هذا العالم
مدونة أنيماوية | مدونتـي | طريق جانبي | معرضـي | أخبرنـي | طلباتكم هنا



التعديل الأخير تم بواسطة جلنار | Gulnar ; 05-21-2020 الساعة 09:35 PM

رد مع اقتباس
قديم 05-11-2020, 05:33 PM   #4
فِريـال
مشرفة طلبات التصميم ومعارض الأعضاء
-ORILINAD


الصورة الرمزية فِريـال
فِريـال غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 15
 تاريخ التسجيل :  Feb 2020
 العمر : 28
 المشاركات : 26,691 [ + ]
 التقييم :  38050
 الدولهـ
Iran
 الجنس ~
Female
 MMS ~
MMS ~
 SMS ~
إبتسِمـ
لوني المفضل : Black
شكراً: 0
تم شكره 0 مرة في 0 مشاركة

مشاهدة أوسمتي






الفصل 4: السيدة...!


ظهر شبح ابتسامة قبل أن تتلاشى مع الموقف الذي لمحه من بعيد
وتوسعت حدقتاه بجحود يحرك رأسه للطرفين ينكر ما يراه...
التفت نيو لحيث ينظر... أبعد من المكان الذي يقف فيه آني واليكس متجمدين!
شهق بغير تصديق ينكر ما يشاهده... هناك حيث تقف سمراء البشرة
بعينيها الثعلبيتين اللتين تتأوهان لألم جرها من شعرها البندقي الطويل
والمربوط على جانبها الأيمن..... "ماهذا بحق الجح...."
لم يكمل قفد تحرك بيرت مُندفعًا تحركه ساقيه قبل عقله يعدو نحوها
متجاوزًا رفيقيه الآخرين...
-:" ثانيةً؟! كيف تجرؤ على ذلك...؟"
قال وقد سحب يد آيرس ووجدت نفسها تحررت من يدي المعني في اللُحيظة
التي ارخى فيها شعرها البندقي، لم يتوقع ذلك ونظر نحو بيرت الذي اخفى ايرس
خلفه يخاطبه بحنق...:" توقف عن ذلك لوسمحت! أنت تؤذيها بتصرفك هذا!"
تمتم بسخرية ينتشل نفسه من الصدمة:" لوسمحت؟!" صمت ليكمل له بمكر
شيطاني:" من تكون يا هذا؟ هل أنت ذلك الفتى الذي تكفل بعلاج ابنتي السافلة؟!"
كورت ايرس يدها على قميصُ بيرت الرمادي وهي تخفي وجهها مُحرجة
من تصرفات والدها الوقحة! مع أنها اعتادت تجاهل طريقة تصرفهُ معها
بعد أن تعايشت معه طوال حياتها!
وصل نيو واليكس ووقفوا بجانبي بيرت يحاولون فهم الموقف واني توجهت نحو
ايرس تهدأ بكائها الذي بات ملحوظاً... رمقه بيرت بحذر ليكمل الأخير:
" أجل فلابد أن يكون أنت... فرائحة المال تفوح منك!"
عض بيرت شفتيه بمضض وهو يهدأ نفسه، فمهما كان سيء الطباع فسيبقى والدها!
اردف بحذر:" توقف عن قول ذلك لوسمحت!... أنت تسيء لابنتك بحديثك عنها بهذه الطريقة!"

كان نيو متوسع الأحداق لفهمه الوضع تمامًا، كما الآخرين... فهذا الجزء من حياة
آيرس ود بيرت بطمسه وعدم اظهاره لرفاقه!
حرك مايك رأسه بيأس وقلة صبر ليجيب بعدوانية يُشير لها بدونية:
" اسمع... هذه الفتاة ابنتي!... وأنا من يقررُ كيف يُعاملها!.... سواء دللتها بحب،
أو مسحت الأرض بوجهها المُنرفز هذا!"
هتف نيو بغضب وكأنه قرأ الكلمات التي لم يردف بها بيرت احتراماً لكونه
والدها وحسب:" اخرس يا هذا!...."
كان الشرر يتطاير من عينيه! اختفى نيو اللطيف، المرح والمبتهج دومًا وحل محله
شخص استنكر بيرت أنه يعرفه! اردف وهو يسحب مايك من ياقة قميصه الكحلي
بعنف وهو يصك على أسنانه ثائر الأعصاب:" وتُسمي نفسك أب؟!
امثالك من الرجال لايستحقون أن يكون لهم ابنة بجمال وذكاء آيرس!"
دفعه ليفقد توازنه ويترنح محاولًا عدم الوقوع مستنكرًا ملامح الواقف أمامه
كأنه شيطان تلبس لطيف الملامح! بصق نيو جانبًا ما بفمه من لُعاب
قبل أن يُضيف مُكملًا:" حثالة المجتمع!"
كانت المعنية بالحديث تبكي بصمت وتوسعت حدقتيه على آخر ما قاله نيو....
استنكرت تصرفه بعدوانية في حين وجد بيرت كل ما ود لويقوله لوالد آيرس...
لكنه تراجع احتراماً لآيرس فحسب!
تقدم مايك يجرب حظه الأخير ليقف اليكس بجسده الضخم بينه وبين بيرت
وكذلك آيرس وآني التي ماتزال تحاول مواساة غزيرة الدموع!
قال بنفاذ صبر وببرود في الوقت ذاته:" يكفي يا سيد!... غادر رجاءً ولاتُرغمنا
على التصرف بطريقة نسيء بها لك! اذا كُنّا لانزال نُحافظ على هدوء اعصابنا
فذلك احترامًا لصديقتنا التي اهنتها كفاية خلال التسعين ثانية التي مرت!"
ركل العُشب تحت قدميه وهو يشتم آيرس شتيمة سيئة جدًا وغادر متوعدًا لها
بالأسوء:" سنرى كيف ستهربين من العقاب حين لاتكون عصابتُكِ بجوارك!... سافلة!"
تنفس بيرت الصعداء لابتعاده... في حين بقي نيو يرفس الشجرة القريبة بغضب
يُحاول السيطرة على نفسه ويهدأ شياطينه لكي لا يلحق به ويتهور بفعل لا تُحمد عُقباه!
وقعت آيرس بعد عجزِ ساقيها الطويلتان عن حملها اثر الصدمة وأخفت وجهها
مُحرجة من الجميع مُتمنية الهرب لأي مكان لايعرفها أحد!
جلست آني بجانبها تلقائيًا...
نظر بيرت نحو نيو الذي لايزال غاضبًا واليكس يحاول تهدئته عبثًا...
-ما الذي جعله يغضب الى هذه الدرجة؟!
ثم نظر للمنهارة التي تبكي بحرقة وصوتُ شهقاتها لم يزد نيو سوى جنوناً...
ابتعد هاربًا وهو يضغط قدميه على العشب الأخضر مفرغا غضبه،
فلحق به اليكس ليُطمئن عنه بعد أن خطف نظرة نحو الفتاتان.
جثى بيرت على رُكبتيه ووضع يده على رأسها حين لم يعرف كيف يتصرف معها!
موقف كهذا، شيء لم يألفه، فكيف له أن يدرك الخبرة المطلوبة الآن؟!
رتب شعرها بأنامل يسراه، رفعت رأسها لتنظر نحوه بتوجس من بين دموعها
وصورته القلقة تغشيها الدموع الغزيرة...
قالت آني وهي توجه كلامها لآيرس:" توقفي عن البكاء! لاشيء في هذه الحياة
يستحقُ دموعكِ هذه، فليذهب هو وأمثاله للجحيم! الم تعديني أن تكوني أقوى؟!
هش... لابأس... لابأس...."
استنزفت آني الكثير من المحاولات وشلال الأخرى مايزال يتدفق بلاتوقف!
رفعت نظرها نحو بيرت بشيء من الأسى وقلة الحيلة ليُشير لها الأخير برأسه أن تغادر!
توسعت حدقتاها مستغربة وقطبت حاجبيها بعدم فهم، لكنها نهضت
من جانبها على مضض تلبي رغبتهُ.... وملامحه الباردة حركتها لتبتعد عنهما...
-يبدو منزعجًا!
بالفعل كان كذلك فقد حدث امر نوي اخفائه لحمايتها من ابيها الذي كانت
تصرفاتهُ غير انسانية فاذا بها ابوية!
أمسك برأسها بحركة سريعة قربها له بخفة في لحظة لم تستوعبها آيرس التي
وجدت نفسها مُحتضنة من قبل بيرت الذي همس لها:" بالله عليكِ توقفي عن البكاء!..
الم تسمعي ماقالتهُ آني قبل قليل؟! لاشيء في هذه الحياة يستحقُ دموعكِ!
احتفظي بها لمن يستحق!"
رفعت رأسها متوسعة الأحداق تجف سحابة حزنها تدريجيًا...بقيت تواجهه
وملامحه تتضح بعدما توقفت عن البكاء تمامًا، أخرج منديلهُ المُطرز من حوافه
ومسح اثر دموعها السابقة وبحركة غير ارادية تناولت المنديل منه لتمسح وجنتاها
وتختفي شهقاتها تدريجيًا...
قال فجأة:" لنذهب ونجمع اغراضكِ! اعتقد لقد حان وقت خروجك من المشفى!"
بقيت متجمدة تحاول استيعاب قصده لتردف مستفسرة :" حقًا؟!... هل سيسمح الطبيب؟!"
ابتسم بقلة حيلة لبساطتها أحقًا لم تدرك الى الآن أنهُ سبب ملازمتها
المشفى حتى الآن؟! اردف وهو يسحبها من يمناها شابكًا اياها بيسراه:
"سيفعل... سيفعل!"

وبالفعل، ماهي الا بضعة اجراءات روتينية وتوقيع الطبيب المسؤول
حتى وجدت نفسها تخرج من المشفى الذي لازمته مايزيد عن شهرين....
كانت مستغربة فسابقًا كان الطبيب يقول لها، يجب أن تُشفى تمامًا
تجنبًا لمخاطر الكسور الخطيرة وماشابه!
حمل بيرت الحقيبة الصغيرة وهو يضع يسراه على ظهرها كما لو كانت طفلة
ويخشى أن تتوه! كان اليكس ونيو يقفان بجانب السيارة وكان مارتن يجلس خلف
المقود منتظرًا عودة سيده.... وحين وصل بيرت كان الثلاث مستغربين
لحضور آيرس غير المُترقب! كان مارتن اشدهم ليترجل متجهًا نحو بيرت
لِيأخذ الحقيبة عنه هاتفًا باستغراب:" ماذا حدث؟...
الم يكُن يُفترض أن تخرج بعد خلعها لجبيرة يسراها؟!"
حرك بيرت رأسه يُنفي متنهدًا:" لم يعد لذلك حاجة! ستعود لفتح الجبيرة الأسبوع القادم!"
فتح مارتن الباب لآيرس، حنت جسدها لتجلس في السيارة متوترة للموقف
ولم تكن معتادة على أن تتم معاملتها كسيدة! بقيت تنظر نحو ساقيها
تشد على طرف تنورتها الحمراء، التفت بيرت نحو اليكس ونيو الذي هدأ
هدوءً غريب بعد أن ثار غضبه سابقًا.... سأل مستنكرًا:" أين الآنسة آني؟!"
ترجلت في نفس الوقت من المقعد الأمامي لتظهر لهُ وقد بدت هادئة بشكل غريب!
تجاهل ذلك وأردف مخاطبًا بثقة الجميع:" كُنتُ أنوي الإجتماع معكم لأجل
طرح أفكارنا للعبة في المقهى قرب المكتبة ولكن...."
صمت لبعض الوقت مُفكرًا بعمق، اكمل وهو يزم شفتيه بحذر:
" لنذهب الى هُناك ونبدأ فقد أضعنا الكثير من الوقت!"
ضغط بالسبابة والإبهام بين عينيه قبل أن يخاطب آني:" يُمكنكِ الجلوس
بجانب آيرس في الخلف! اعتني بها رجاءً!"
نظر للآخرين في حين اتجهت الى الجهة الأخرى خلف مقود السائق
مُبتسمة بتفهم... ليقول اليكس:" سنلحق بكم بسيارة اجرة!"
أومأ بيرت وهو يتمتم بعبارات اعتذار.... نظر نحو مارتن الذي وقف بجانبه
ليفتح الباب الأمامي، خاطبه بيرت بنبرة مُنخفظة:
" اذهب للمدرسة وجهز أوراق نقل آيرس!"
قطب مارتن حاجبيه مستنكرًا:" ما الذي يجول في بالك سيدي؟!"
كان ينظر نحو اليكس ونيو الذين استقرا في سيارة أجرة وتحركا مبتعدين مردفًا:
" سأدخلها للمدرسة التي ادرس بها! ذلكَ الرجُل... أنا لا أثق به!
سأبقيها بالقرب مني ومن أصدقائي في المدرسة والعمل...
سأبقيها في الشركة لبعض الوقت ريثما أقنع أبي بادخالها للبيت
حيث ستكون في أمان بفضل الحراسة المشددة..."
-اتسائل، ألاحظ... لقد دعاهم اصدقائي!
سأل مارتن بغير اعتراض على نواياه كما يفعل دائمًا:
" مِن مَن سنحميها بالضبط؟!"
اردف بيرت وهو يربت على كتفه الأيسر:" ثق بي كما تفعل دائمًا!
ستعرف حين نمسي وحدنا!"
فهم مارتن أن سيده لايريد لفت انتباه الفتاتان أكثر وهذا المُوضوع سيُأجل
لوقت عودتهُ للبيت.... ركب بيرت على المقعد المجاور للسائق
وكم كان الموقع غريباً له! فهذه المرة الأولى التي يجلس بجانب مارتن!
خاطب مارتن بشرود:" لا تنسى ما طلبته منك في الردهة قبل قليل..
دبر الموضوع بأسرع وقت!
تمتم مارتن بانصياع:" حاضر سيدي! لا داعي لتشغل بالك بالموضوع!"
كانت الأخرتين مستغربتين من الحديث الذي بدا مرمزًا وبحاجة للفهم
في حين صمت الاثنان ولم يتحدثا مُجددًا الى أن وصلوا للمقهى المنشود
فنزل بيرت لحظة وقوف السيارة وفتح الباب الخلفي، بقيت تحدق به مستغربة
الى أن وجه نظره مُنحنيًا:" ما الذي تنتظرينه؟!"
أجابتهُ ببلاهة:" الى أين سنذهب الآن؟!"
رطب شفتيه ليُجيب بملامح فارغة كأنه عاد لشخصيته السابقة:
" لدينا عمل نتحدث به... لابأس بأن تنضمي الينا!"
نفت بيدها اليُمنى لتقول بتوتر واضح:" لا...لابأس سأنتظر هُنا ريثما تُنهي عملك!"
قالت ذلك وهي لاتعرف طبيعة عمل بيرت بعد... اقتربت آني بعد أن فتح مارتن
الباب لها وأخذ يراقبها وهي تدور وتقف بجانب بيرت لتسحب آيرس
من ذراعها اليسرى تُرغمها على النزول": هيا سنستمتع!"
كانت كلمة -نستمتع- لاتتوافق مع كلمة بيرت حين قال لدينا عمل نتحدث به...
رسم ابتسامة صغيرة بالكاد تُسمى ابتسامة وهو يشكرُ نفسه على اللحظة
التي ادخل آني معه في السيارة فقد أخرجت آيرس من احتمال انطوائها
على نفسها وبعفوية! فهو يعرف أن بقائها وحدها يعطيها الوقت للتفكير
والاكتئاب لشهودهم طريقة معاملة والدها المزرية لها!
لم تشكو يومًا بل تحملت الوضع تواسي نفسها دائمًا
-سيكون كُل شيءٍ بخير!
دخلوا للمقهى الذي بدا لآيرس راقيً جدًا لتوزع الطاولات المتباعد
وتصميمه الفني والمنسق بألوان الخشب والذهبي والأصفر...
واللوحات لحلوياتٍ منوعة والقهوة بإطار وحجم موحد موزع بطريقة جميلة
كأنه معرضٍ ما... منحت الموسيقى الهادئة شيء من الراحة النفسية...
انساها جو المقهى العام، توترها والكآبة التي تملكتها منذ حادثة الصباح...
جلسوا في زاوية هادئة وبعيدة حيث كان اليكس ونيو يجلسون بهدوء
وعادت البهجة لشخصية نيو وهذا ما لاحظه بيرت فزفر براحة!
آخر ما يحتاجه أن يزيد صمتهُ الثقل على الأخيرة!
جلست آني يسار اليكس بعد ترك يد آيرس، ليحل بينها وبين نيو...
سحب بيرت الكرسي وجلس على الآخر متقابلًا مع نيو، استقرت آيرس بجانبه
وماتزال تنظر للمكان باعجاب!

طلبت آني النادل ليقترب مبتسمًا لتطلب وهيّ تركز على لائحة المقهى.
بابتسامة طفولية:" اريد كوب شوكولا ساخنة مع قالب كعكة الموز الصغيرة!"
ابتسم اليكس وهو يُخفي وجهه بكفه.... هذه الفتاة! لاتقل لي أنها
تحمست لأجل الكعك والحلويات! طلب البقية كوب قهوة حسب تفضيلهم
وكانت آني الوحيدة التي طلبت الكعك! وبعد أن وصلت طلباتهم،
قال نيو وقد عاد مزاجه كما عهدوه مستفزًا آني!
-:" أوي... هل القالب كلهُ لكِ؟"
في حين ابتسمت آني تقطعه وتجيب مبتسمة:" ليس تمامًا!
لكنك بالذات لن تحصل على شيء منه!"
قطعت قطعة صغيرة لتقربها نحو بيرت:" لكنني سأمنح بيرت اللطيف منه!"
أبعد وجهه وهو يرفع ويده بينه وبين الشوكة المعلقة قُرب فمه مُردفًا:
" أعتذر للرفض... أنا لاأحب الحلويات!"
بدا على وجهه شيء من الإشمئزاز! في حين استنكرت آني كلامه:
" لم أسمع من قبل عن شخص لايحب الحلويات! كيف ترفض كرم
فتاةٍ جميلة ولطيفة مثلي!"
قالت الأخيرة وهي تغمز ثم تتصنع الحزن! ليقترب المعني يأكل ما في الشوكة
على مضض عاجزًا عن التهرب، ضمت نفسها تقول بتمثيل:" لاتزالُ آني رائعة!"
ابتلع بيرت القطعة وشرب من قهوته التي طلبها مُرة كالعادة...
بدت ملامح الضيق على ملامحه فسأل نيو بفضول:" أنت حقًا لاتحبُ الحلوى
ظننتك تتهرب منها وحسب!"
نظر بيرت جانبًا حيث تجلس آيرس وهو يُجيب مبعدًا نظرهُ عن نيو:
" يمكنك القول أني كبرت ولا يُسمح لي بالحلويات الا في المناسبات!
فاعتدت بدوري عن تجنب أكلها! لما لم تطلبي غير القهوة؟!"
قال وهو يقصد آيرس فارتبكت تُجيب متلعثمة:" حسنًا... لاأدري!"
رفع بيرت يده يطلب النادل وهو يقول:" ما نكهتكِ المفضلة؟!"
قالت ببلاهة:" نكهتي؟!... أعتقد الشوكولا والفراولة!"
قال موجهًا حديثه للنادل:" هلا تُحضر قطعة كعك بالشوكولا والفراولة للآنسة؟!"
أومأ النادل وغادر يُلبي الطلب في حين قالت آيرس:" لم يكُن لذلك داعي!"
قال ببرود:" لقد خرجت من المشفى لتوك! يحق لك أن تحضي ولو
بقطعة واحدة من الكعك احتفالًا لخروجك!"
ابتسمت بخجل....
وبعد قليل وضع النادل الصحن الأبيض يقدم ما طلب لها... نظر بيرت نحو الأمام
ليبادر قائلًا:" أي تصنيف كبداية؟!"
رفعت آني الشوكة تفكر قليلًا قبل أن تبدأ:" أهم شيء أن لايكون بناتي!"
قال اليكس مُغمض العينين:" قتالي أو رياضي!"
وضع نيو كوعه على الطاولة ليتكئ على قبضته المكورة مردفًا:
" أن يكون الغاز، ملحمي ومُلهم!"
اضاف بيرت وقد أخرج ورقة مطوية من جيبه وأخذ يكتب فيها ما قالوه مزيدًا:
" لكُل الأعمار ويجذب كلا الجنسين!"
كانت آيرس تُتابعهم غير مدركة عما يتحدثون بالضبط وما يقصدونه -بالتصنيف- تحديدًا...
بقيت تُتابع لتفهم ما يتكلمون عنه وهي تتذكر كلام آني التي قالت قبل
دخول المقهى (سنستمتع!)...
اضافت آني:" ليكون في عالم يضم مخلوقات مُنوعة كالجان والغيلان
والأقزام والعمالقة.... أه والحوريات أيضًا!"
أومأ اليكس مؤيدًا وهويزيد:" والبطل فارس يسعى للبحث عن غرضٍ سحري
ويُقاتل الشياطين التي تسيطر على مُعظم المخلوقات السحرية!"
نظر نيو لبيرت الذي يكتُب ما يقولونه بسرعة مذهلة لم تؤثر على جمال خطه ليزيد:
" ويلتقي الفارس النبيل والملعون الذي فقد شجاعته بسبب ساحرة تعمل
مع الشياطين، بأصدقاء يمُنحونه قوى سحرية! ويُبطلون مفعول اللعنة
بقوة ترابطهم به!"
ابتسمت آيرس للفكرة لتفهم وتدخلُ جو نقاشهم المُمتع مُضيفة:
" لتكون له صديقة تقاتل الى جانبه بالقوس والسهم وتملك قوى سحرية!
وهي من الجان أو حورية متحولة!"
كان بيرت يكتُب كُل كلمة مُلحقة باسم ملقيها، وحين صمت الجميع
لاحظ آخر مادونه، رفع رأسه مُستغربًا ولم يكون المتقابلين له أقل منه...
نظر نحوها لتتوتر تلقائيًا قائلة:" أهي فكرة سيئة؟!"
نفى برأسه مردفًا:" لنجعلها أونلاين وتتمركز على جمع القطع الذهبية والكؤوس..."
وضع القلم على ذقنه مردفًا بتفكير:" فُرادى أم جماعة؟!"
سبق نيو الجميع ليُجيب مُتحمسًا:" جماعة... جماعة!"
دون بيرت ذلك أيضًا ليُكمل نيو مشيرًا لنفسه، ثُم لكُلٍ في دوره:
"وحين نكمل اللعبة سنُكون فريقًا... وسأكون صديق الفارس البشري!
وستكون آني القزمة! واليكس يكون العملاق.... وسيلعب بيرت بالفارس النبيل!
وأيرس ستكون الجنية الجميلة والطويلة! و...."
تمتم مُفكرًا:"على هذه الحال سننقص حورية!"
رفع بيرت حاجبهُ الأيسر يردف بسخرية:" وغول أيضًا! ثم لما يجب أن
تكون الصديق البشري عديم الفائدة؟ لتكُن الغول المرعب مُتعطش االدماء!
لن نُبرمج الصديق البشري."
أومأ اليكس وآني موافقين ليزيد نيو بانزعاج:" كيف تطلبون من فتى وسيم
وساحر الجمال مثلي أن يكون غولًا؟!"
ضحكت آيرس مستمتعة للموقف وهي تُردف:" الصديق البشري لا يملك قوىً سحرية!
سيكون عائقً للفريق! فمن سيلعب به؟"
أوقع نيو فاهه وقد تلقى صفعة غير مباشرة وهو يقول:
" اذا لن أرضى أن أكون العائق! أنا الغول الذي يحمل مطرقة عملاقة
ذات مقبض طويل كالمنجل! ويتحمل الضربات القوية ليدافع عن اصدقائه!"
دون بيرت ذلك قائلًا:" أجل لانُريد عديمي الفائدة! على هذه الوتيرة،
لنصنع شخصيات اللعبة حسب توزيع نيو! الجنية ستكون مقاتلة السهم والقوس...
والغول صاحب المطرقة غريبة الشكل التي وصفها نيو... ماذا عنكما؟"
قال ذلك قاصدً آني واليكس ليردف اليكس:" العملاق يُقاتل بقوة جسده!
ويملك يدين كبيرتين وقويتين كالفولاد!"
أعجبت آني بالفكرة لتمدح اليكس:" سيكون العملاق فخم المظهر بيديه العملاقتين
أحسنت الأختيار اليكس!" أشارت لنفسها مردفة:" القزم يصنع تعويذات لحماية
الفريق ويقاتل بالسيف عند الحاجة!"
انبهرت آيرس لأفكارهما لتردف مفكرة:" ماذا عن الفارس؟! هل يُقاتل
بالدرع والسيف أيضًا؟!"
نظر الجميع نحو بيرت ليقول بملل:" وماذا توقعون!؟
انه بشري في عالم سحري قديم الطابع!... أكيد لن يُقاتل بالبازوكا!"
ضحكوا جميعًا لآخر ماقاله بيرت بوجه جامد... فدون آخر ملاحظة
وهو يرفع الورقة التي ملئ طرفيها بافكارهم مردفًا:" لم يبق مكان آخر!
كان علي أن أحضر المزيد من الأوراق! فنحن لم نقرر الأسماء وطبيعة العالم السحري
ومراحل اللعبة وشخصيات الأعداء من الشياطين والسحرة!"
أخذ نيو الورقة بهدوء ينظر بتمعن...:" لابأس سنُكمل التخطيط لبقية الأجزاء في الشركة!
لقد أحرزنا تقدمًا جيدًا!"
أيدت آني وهي تأكل آخر قطعة من القالب الذي طلبته لوحدها!
بقيت آيرس متجمدة غير غادرة على تصديق أنها أكلت كُل القالب لوحدها مفكرة:
-كان ما يقارب كيلٍ من الكعك! هذه الفتاة مجنونة حقًا!
نهض كُلً من نيو وبيرت في نفس الوقت متمتمين:" سأذهب للمغسلة!"
كان الموقف غريبًا ومحرجًا لكليهما! تجاهلا ذلك وتوجها نحو المغسلة
التي يعرف بيرت زاويتها عكس نيو الذي يزور المقهى لأول مرة...
كسر بيرت توقع نيو بسؤاله الغير المترغب:" أنت كنت غاضباً على نحو مفاجئ!"
توسع بؤبؤيه للحظة وسرعان ما استعاد ابتسامته البلهاء:" فاجئت نفسي ايضًا!"
صمت بيرت ولم يسأل عن الأمر فأردف نيو من تلقاء نفسه:
" اولائك الآباء الذين يسيئون لأولادهم.... اكرههم بشدة!"
تنهد بيرت بملل:" لم يكن ذلك كُرهًا! بل غضب...."
اتكئ على المغسلة بشرود...:" في المكان الذي نشأت به،
كانت المشرفة انسانة لطيفة وعطوفة للغاية، لكن والدها كان مزعجًا
لم يتوقف عن معاملتها بازدراء...."
التفت نحوه وهو يقطب حاجبيه بعدم فهم:" المكان الذي نشأت به؟!"
أومأ الأخير موضحًا:" الميتم!"
توسعت حدقتا بيرت ليكمل الأخير:" أجل.... اتعرف، وصلتني رسالة من الميتم
يوم بلغت الثامنة عشر لم اجرأ على فتحها لأنها قد تحمل هوية والداي الحقيقيان!
وكيف وصلت اليه، لم أشأ معرفتهم ولكن بداعي الفضول قرأتها....
يبدو أن والدتي قد توفيت بعد ولادتي وقد تعرضت للتعنيف الشديد،
ولم تتحدد هويتها! هذا عزز كرهي نحو المعنفين للنساء اكثر."
رطب بيرت شفتيه متوترًا! هو عادةً لا يعرف كيف يتصرف في مواقف مماثلة،
وكان نيو قد لاحظ هذا الجانب من شخصية...
قال نيو بحماس محولًا دفة الحديث:"بيرت... لنجد عنوان تلك السيدة
ونسألها من كانت السيدة الشقراء التي تذكرتها مؤخرًا فقط لسخرية القدر!"
نُقر الطبل الصيني مُجمدًا بيرت الذي لم يفكر بذلك! بل ولم يهتم بالعنوان
الذي قدمه والده على طبق من ذهب! ارتخت ملامحهُ وهو يُفكر بصدمة،
وبعد وقت ملحوظ تحررت اساريره مُردفًا بثقة:
" اذا ذهبت لرؤيتها ستُخبرني بالتأكيد!"
تجاوزه نيو مبتسمًا:" لنبحث عن عنوانها وأرجو أن تكون حيّة!"
تبعه بيرت مردفًا بارتياح:" لاتزال حية! وقد حصلت على العنوان من والدي هذا الصباح!"
توقف نيو يلتفت للخلف ينظر بشك:" ولما لم تذهب لرؤيتها بعد؟! ماذا لو قرر
حاصد الأرواح تسفيرها للعالم الآخر الليلة من بين كُل الليالي السابقة
في السنوات الماضية! الم تقل أنها كانت عجوز حين كُنت في الثامنة؟!"
تمتم بيرت بملل :" كفاك سُخفًا! كانت في الخمسين حينها...
فلابد أن تكون في بداية السبعين الآن!... ليست بذاك الكُبر!"
صمت للحظة قبل ان يزيد مسنكرًا:" معك حق! علي أن اسرع بلقائها اليوم!"
اقترب هو ونيو نحو الصندوق فدفع الحساب ليتوجهوا نحو الطاولة،
تناول بيرت هاتفه الذي أبقاه على الطاولة وطلب مارتن مسرعًا...
لم يخف عن البقية توتر بيرت ونيو الذي اصبح جادًا يضغط على الآخر نفسيًا
وعن عمد كي لايؤجل هذا اللقاء فيذهب بيرت وحده ويخفي الحقائق عنه!
-:" نعم سيدي؟"
-:" أين أنت؟ تعال لأخذنا بسرعة!"
-:" لقد ذهبت لأغير السيارة! أحضرت سيارة تكفيكم كي لا تُحرَج أو تُحرِج أصدقائك!"
-:" خيرًا فعلت! هيا أسرع يجب أن نذهب لرؤية السيدة فيكي الآن وحالًا!"
-:" السيدة فيكي؟! خمس دقائق وتجدني عن المدخل المقهى! أنا قريب جدًا!"
قطع الخط لينظر للساعة وهو يٌجيب نيو الذي لم يتوقف عن القاء سيل أسئلته
ممارسًا المزيد من الضغط على بيرت وفي سره ابتسامة انتصار!:
" خمس دقائق! سيصل بعد خمس دقائق!"
سألت آيرس بفضول:" من السيدة فيكي؟!"
ركز الآخرين منتظرين الاجابة ليجيب نيو مدعياً القلق:" سيدة سبعينية
نخشى أن يزورها ملاك الموت الليلة من دون كل الليالي حين عزم بيرت لقائها!"
قالت آني مقطبة حاجبيها:" لاتكُن سخيفًا!"
تزامن ذلكَ مع حركة بيرت الواقف مكانه يحدق بالساعة وضرب نيو
بطرف يده الخارجي منزعجًا....
خرج بيرت مُتوترًا ليقف بجانب المدخل فتبعوه بفضول وخلال لحظات قليلة
وقفت سيارة عائلية حليبية اللون وبالكاد ترجل مارتن حتى وجد الجميع استقروا
في السيارة بسرعة فعاد لمكانه وحرك السيارة متجهًا في طرق طويلة
ومُكتضة عابرًا عدة اشارات ليبدأ الجو يقل صخبًا وازدحامًا...
كان اليكس يجلس بجانب مارتن وخلفهم آيرس وآني اللتين انشغلتا بالحديث
عن طلاء اظافر آني المميز... وخلفهم نيو وبيرت الذي بدأت حركت قدمه
اليسرى المتوترة تهدأ تدريجيًا!
كسرت آني الصمت تتجه بجسدها للخلف وهي تخاطب بيرت:
" لقد خرجنا من المدينة! هل المكان بذاك البُعد؟!"
انضمت آيرس تنظر للخلف منتظرة الجواب ليأتيه ما لم تتوقعه:
" لا أعلم! مارتن يعرف العنوان وليس أنا!"
توجهت آني نحو مارتن الذي تجلس خلفه توجه له سؤالها بعفوية:
" مارتن... أين يقع المكان الذي تأخذنا له؟!"
نظر لها من النافذة الأمامية مُجيبًا:" تقع في قرية ريفية تبعد نصف ساعة
لبوابة المدينة! سنصل بعد عشرين دقيقة أوأقل!"


وبالفعل! وقف أمام بيتٍ ريفي ذا طابع هادئ والأزهار المنوعة مزروعة
حول ساحة البيت الخضراء وتتوسطها طاولة ذات طابع كلاسيكي وحولها
عدة كراسي بنفس التصميم... اقتربت السيدة وهي تحاول التعرف على
زوارها غير المترقبين، وكان مارتن أول من تعرفت به اذ اقتربت
وهيّ تنادي باسمه لتتأكد أنها لم تخطئ به!
اقترب مارتن بعد أن ترجل الجميع بهدوء، ابتسم نيو وقد توقع أن تكون
-السيدة فيكي- التي قد تملك اجابة على أسئلة صديقه! القوا التحية عليها
في حين نطقت بفرحة غريبة:" مارتن! لقد كبرت كثيرًا عن آخر مرة رأيتكَ فيها!
أصبحت رجُلًا حسنُ المظهر و..."
بترت كلامها وهي تنظر متسمرة بوجه بيرت، اقتربت لتتأكد أنها لم تُخطئ،
لتردف بعدم تصديق:" صغيري بيرت! أنت هو بيرت اليس كذلك؟!"
أومأ برأسه مؤيدًا لتكمل مبتسمة:" لابد أن تكون! لم تتغير كثيرًا عن آخر مرة
رأيتُكَ فيها! لقد كبرت لتُصبح شابً وسيماً! كيف حال والدك؟! وكيف حال تيردا؟!
لم أراهما منذ زمنٍ طويل!"
كانت تتكلم بسعادة وهي تمسك وجهه تطبع تفاصيل وجهه بذاكرتها،
أمسك يدها وهو يسأل مستغربًا:" تيردا؟!"


* يُتبع *




 
 توقيع : فِريـال



رد مع اقتباس
قديم 05-05-2020, 05:32 PM   #5
شَفَق.
عضو مُميز


الصورة الرمزية شَفَق.
شَفَق. غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 57
 تاريخ التسجيل :  Feb 2020
 المشاركات : 25,589 [ + ]
 التقييم :  63932
 MMS ~
MMS ~
لوني المفضل : Lightgrey
شكراً: 6
تم شكره 22 مرة في 19 مشاركة

مشاهدة أوسمتي

الفضي




كريس
مرحباً فريّ، غومين عالتأخير
الفصل كان ممتع بحق
ايرس تشبهني اكثر وأحببتها أكثر
بس ملكة الفصل أني بييس2
صدقاً تعطي للرواية جو خاص ملكو الرفسات ذي
حبيت لما بيرت عمل مثلها
ومسكين نيو
اللحظة الي قالت فيها اني عليكِ أن تصبحي أقوى انا كنت اتأمل فعلا كلامها قوي هنا ويعطي. دافع
بس ما اتوقعت ابداً بيرت يسمح لهم يجوا معه لايرس !
وحبيت جو الحفل الصغير بفك جبيرة ايرس
اتمنى تشفى بسرعة احس الاجواء بتصير احلى
وصحيح لمحنا شيء عن بصلية الشعر الاشقر
اذا هو ابن الزوجة الثانية?
متحمسة لشغلهم عاللعبة
اسفة مرة ةانية عالتأخير، شكراً لأنك تعطينا جزء من وقتكم لكتابة هالمشاعر الحلوة


 
 توقيع : شَفَق.



أركض وأسقط، وأتحمل ألماً لا يذهب..

التعديل الأخير تم بواسطة darҚ MooЙ ; 05-17-2020 الساعة 09:12 PM

رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
سِحر كَوني || ● أعِدها لَنـا ! لارِي. روايات الانمي_ روايات طويلة 14 05-20-2020 01:12 AM

شرح حديث

علف


الساعة الآن 05:32 PM